نشرت وكالة الأنباء الدوليّة "بلومبيرغ"، اليوم الثلاثاء، تقريرًا يوضّح أثر الانهيار في أسواق النفط أمس الاثنين، على السعودية، وأنها في مسارها نحو أكبر انكماش في العقدين الأخيرين، مع اقتراب عجز ميزانية الدولة من المستويات التي شوهدت آخر مرة بعد انهيار النفط الخام قبل أربع سنوات بسبب منتجي النفط الصخري الأميركي في عام 2016.
وتخضع أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، للإغلاق وإجراءات التباعد الاجتماعي لاحتواء انتشار وباء الفيروس التاجي، وتأثير مزدوج؛ من انهيار النفط، وخفض الإنتاج غير المسبوق وفق اتفاق "أوبك" وحلفاؤها مؤخرًا.
مع تداول خام برنت بما يقارب 20 دولارًا للبرميل، أو ما يقرب من ربع المستوى الذي تحتاجه السعودية لموازنة ميزانيتها، فإن تعويض الألم الاقتصادي الناجم عن الأزمة قد يزيد من ضغوط المالية العامة.
وقالت أهم الاقتصاديين في مصرف أبو ظبي التجاري، مونيكا مالك، إن "انهيار أسعار النفط، قد غيّر هذا كل شيء، بينما الانتعاش الأخير استند إلى حقيقة أن سعر النفط كان أعلى من 50 دولارًا إلى 60 دولارًا، مما يوفر الدعم للنشاط الاقتصادي، وقد انتهى ذلك للتو".
وقدم حدث انهيار أسعار النفط الأخير، خيارات صعبة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بما أن خطته للتحوّل الاقتصادي في السعوديّة على المحك، بخفض الميزانية حيث كانت الإيرادات الحكومية تعاني من الوباء وتراجع أسعار الطاقة.
وتواجه السعوديّة الآن تحديات متزايدة أخرى؛ يقوم الفيروس التاجي بإغلاق مساحات شاسعة من الاقتصاد البالغ 779 مليار دولار والبطالة على وشك الارتفاع حيث تكافح الشركات من أجل البقاء.
وقال محللون إنه "من الممكن أن يتقلص الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 3% هذا العام في ما سيكون أول انكماش منذ عام 2017".
وفي هذا الصدد، أفاد رئيس تحليل الاقتصاد الكلي في بنك الاستثمار -المجموعة المالية هيرميس- في القاهرة، محمد أبو باشا، أن "العجز في ميزانية الحكومة قد يتسع إلى 15% من الناتج الاقتصادي. وقد بلغ العجز المالي 4.5% العام الماضي بعد أن بلغ ذروته عند 17% في 2016، وفقًا لصندوق النقد الدولي".
ماذا يقول الاقتصاديين؟
ذكر الخبير الاقتصادي في "بلومبيرغ" زياد داود أن "السعودية تواجه ظروفًا استثنائية، الأمر الذي قد يستدعي إجراء 'شيك على بياض' لحماية الاقتصاد من الأضرار الدائمة". وتعتبر الديون عائق أساسي للسعوديّة، وقد تؤدي لتضخمّ وأزمات متتالية.
وانهيار سعر خام غربيّ تكساس دون الصفر، يوم الاثنين، له تأثير مباشر وضئيل على السعودية، حيث أنها لا تبيع سوى حوالي عُشر نفطها للولايات المتحدة. ولكن يرتبط مصير السعودية بشكل وثيق مع سعر خام برنت القياسي العالمي. والذي ينخفض أيضًا، جزئيًا بسبب انخفاض الأسعار الأمريكية".
وقال رئيس أبحاث السلع في "كوميرز بانك"، يوجين واينبرغ إن "انخفاض الأسعار بالأمس أمرًا مهمًا جدًا من الناحية النفسية، وهنالك احتمال أن يغير التصورات إلى الأبد".
علاوة على ذلك، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه "سيبحث حظر استيراد الخام من السعودية". ويمثل قطاع الطاقة ما يقرب من ثلثي إيراداته المالية.
ووصف الاقتصادي في جامعة هارفارد، ريكاردو هاوزمان، الحالة التي تواجه السعودية بـ "الحرب التي تخاض على جبهتين على الأقل"، وتعتبر الضربة المزدوجة من جائحة الفيروس التاجي وانخفاض أسعار النفط. وتابع هاوزمان أن "كل صدمة في حد ذاتها ضخمة وكلاهما في الوقت نفسهِ يجعل الأمور أكثر تعقيدًا".
اقرأ/ي أيضًا | ما التفسير لسعر برميل النفط في السالب؟
التعليقات