ما هي تداعيات استقلال أميركا في مجال الطاقة على الشرق الأوسط؟

تتوقّع إدارة معلومات الطاقة، أن ينخفض صافي واردات الولايات المتّحدة من النفط الخام إلى 3.4 مليون برميل يوميًّا عام 2023، مع زيادة إنتاج النفط الخام المحليّ إلى متوسّط سنويّ يقترب من أعلى مستوى شهري له على الإطلاق، وهو 13 مليون

ما هي تداعيات استقلال أميركا في مجال الطاقة على الشرق الأوسط؟

(getty)

أشار تقرير نشره موقع "أويل برايس"، المختصّ بالشؤون الاقتصاديّة فيما يتعلّق بقطاع النفط والطاقة، إلى أنّ استقلال الولايات المتّحدة بالكامل في مجال الطاقة، سيجلب تداعيات هائلة على العالم، والشرق الأوسط على وجه التحديد.

وجاء في التقرير، أنّه على الرغم من أنّ الولايات المتّحدة سجّلت تحوّلًا تاريخيًّا عام 2020 من خلال أن تصبح مصدرًا للطاقة، إلّا أنّها ظلّت مستوردًا للنفط الخام منذ الحرب العالميّة الثانية، وذلك وفقًا لبيانات إدارة معلومات الطاقة "EIA"، والذي يبدو أنّه يشمل المملكة العربيّة السعوديّة في أرقام إنتاج النفط.

وقال التقرير، إنّه ليس بعيدًا أن نشهد تقلّبات في أسواق النفط في عام 2023، إذ قد نشهد أنّ الولايات المتّحدة ستصبح مصدّرًا "صافيًا" للطاقة للمرّة الأولى منذ عام 1945، وقد تكون تداعيات ذلك ضخمة.

وتتوقّع إدارة معلومات الطاقة، أن ينخفض صافي واردات الولايات المتّحدة من النفط الخام إلى 3.4 مليون برميل يوميًّا عام 2023، مع زيادة إنتاج النفط الخام المحليّ إلى متوسّط سنويّ يقترب من أعلى مستوى شهري له على الإطلاق، وهو 13 مليون برميل يوميًّا.

وكانت الولايات المتّحدة تنتج أكثر من 11 مليون برميل يوميًّا من النفط الخام حتّى بداية 2022، ولكنّها أنتجت ما يقارب من 12 مليون برميل في مسار تصاعديّ.

ويشير خبراء إلى أنّ هذه الزيادة، تعود بسبب العقوبات المفروضة على صادرات النفط والغاز الروسيّ، ولكن الجزء الأكبر هو بسبب استخدام النفط الخام من احتياطي البترول الإستراتيجيّ الأميركيّ، وإلى زيادات الإنتاج في الربع الأخير من عام 2022.

وكانت وزيرة الطاقة الأميركيّة، جينيفر غرانهولم، قد صرّحت في آذار/ مارس الماضي، أنّ إدارة بايدن قد اتّخذت خطوات من شأنها إلى زيادات كبيرة في إمدادات الطاقة المحليّة. وتباطأ التقدّم في هذه الجهود، بسبب سلسلة الأحداث الأخرى التي كانت تحيط بالحرب الروسيّة على أوكرانيا.

ما الذي يعنيه فكّ الارتباط بالنسبة للدول المصدّرة للنفط؟

ترامب مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان (getty)

منذ بداية أزمة النفط عام 1973، والتي شهدت منع صادرات النفط إلى الولايات المتّحدة الأميركيّة والمملكة المتّحدة واليابان وكندا وهولندا، ردًّا على قيام الولايات المتّحدة بدعم إسرائيل في حرب 1973، كان ذلك مصدر قلق رئيسيّ للولايات المتّحدة، وتفاقم تأثير الارتفاع في أسعار النفط، حيث ارتفع سعر النفط من 3 دولارات أميركيّة إلى 11 دولار للبرميل الواحد، ثمّ أخذ المنحنى في الصعود.

في تلك الفترة، كانت الولايات الأميركيّة تفتقر إلى القدرة على إنتاج النفط الخام، وفي الوقت نفسه، كان الاقتصاد هو أساس قوّة الولايات المتّحدة الأميركيّة، ولذلك، كان واضحًا لكيسنجر حينها (الإستراتيجيّ الجيوسياسيّ الذي شغل منصب مستشار الأمن القوميّ ووزير الخارجيّة)، أن يتمّ وضع إستراتيجيّة، تمنع حدوث مثل هذا الحظر مرّة أخرى. وكانت إستراتيجيّته تعتمد على "الدبلوماسيّة الثلاثيّة" التي دعا إليها في تعاملات الولايات المتّحدة مع القوّتين الرئيسيّتين في ذلك الوقت، روسيا والصين.

حسب التقرير، فإنّ هذه الإستراتيجيّة كانت تقوم على مبدأ "فرّق تسد"، والذي مكّنت الولايات المتّحدة من تقويض خصومها، واستغلال الخصومات بين الدول وعلاقتها مع بعضها.

تدبير كيسنجر

هينري كيسنجر (getty)

كان كيسنجر يرى أنّ هذا التقسيم للدول المنتجة للنفط في الشرق الأوسط، يمكن أن يتمّ عبر عدّة خطوط، منها "معاهدة السلام المصريّة الإسرائيليّة عام 1979" في عهد الرئيس المصري السابق أنور السادات، والتي تسبّبت بفوضى عارمة في العالم العربيّ ككلّ، حيث اتُّبعت هذه المعاهدة باغتيال السادات لاحقًا عام 1981، بالإضافة إلى تأجيج التوترات الطائفيّة والدينيّة في البلدان المستهدفة، أهمّها "العراق وسوريا"، وما يحدث اليوم، هو أنّ السياسة ذاتها التي اتّبعها كيسنجر "الغموض البنّاء"، يتمّ الآن استخدامها من قبل روسيا والصين، من خلال زيادة الوصول إلى الإمداد والتوزيع، وبالتالي، السيطرة على الأسعار"، والتي ستؤدّي إلى حرف الشرق الأوسط ضدّ الولايات المتّحدة.

وحسب ما جاء في التقرير، فإنّ الولايات المتّحدة قد تكون التزمت بشكل كامل بفكّ الارتباط عن الشرق الأوسط، ويمكن اعتبار انسحابها من الاتّفاق النوويّ عام 2018، وسحب قوّاتها من روسيا عام 2019، وانسحابها الكامل من أفغانستان عام 2021، جزءًا من الابتعاد عن دور "شرطيّ العالم"، وهو ما أشار إليه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب حين تحدّث عن فكّ ارتباط الولايات المتّحدة، والابتعاد عن خوض حروب لا نهاية لها.

أمّا بالنسبة للصين، فإنّ هناك لاعبان أساسيّان في المنطقة، هما إيران والمملكة العربيّة السعوديّة. وحسب التقرير، فإنّ الصين تلعب في الملعبين بشكل جيّد للغاية، وعلى الرغم من الاضطرابات المدنيّة الأخيرة، فقد التزمت الصين ببرنامج التعاون الإيراني الصينيّ الذي تمّ التوقيع عليه لمدّة 25 عامًا، وبالطبع، لا يمكن إغفال العرض الذي قدّمته الصين للسعوديّة في 2017، بشأن خطّة الطرح العام لشركة أرامكو السعوديّة.

التعليقات