ما هي التهديدات التي تفرضها العملات الرقميّة اللامركزيّة على الدولار واليورو؟

إحدى الطرق الرئيسيّة الّتي يمكن أن تؤثّر بها العملات المشفّرة على العملات التقليديّة هي من خلال قدرتها على تعطيل النظام النقديّ الحاليّ، إذ تقدّم العملات المشفّرة بديلًا جديدًا للعملات التقليديّة، وهو بديل لا يخضع لسيطرة أيّ سلطة مركزيّة أو حكومة

ما هي التهديدات التي تفرضها العملات الرقميّة اللامركزيّة على الدولار واليورو؟

(Getty)

خلال السنوات الماضية، أحدثت العملات الرقميّة اللامركزيّة، والمعروفة أيضًا باسم العملات المشفّرة، ثورة في طريقة تفكيرنا في المال والاقتصاد، وعلى عكس العملات التقليديّة مثل الدولار واليورو، لا يتمّ التحكّم في العملات المشفّرة من قبل أيّ سلطة مركزيّة، ولكنّها تعمل من خلال شبكة لا مركزيّة من المستخدمين، حيث أثار هذا تساؤلات حول تأثير العملات المشفّرة على العملات التقليديّة والاقتصاد العالميّ ككلّ، وفي حين أنّ العملات المشفّرة لديها القدرة على تعطيل الأنظمة النقديّة والمصرفيّة الحاليّة، فإنّها تواجه أيضًا تحدّيات كبيرة من حيث التبنّي والتنظيم. تقدّم العملات المستقرّة حلًّا محتملًا لهذه التحدّيات، ولكنّها تتطلّب أيضًا تنظيمًا واضحًا ومتّسقًا من أجل تحقيق النجاح، ومع استمرار تطوّر الاقتصاد العالميّ، سيكون من المهمّ مراقبة تأثير العملات المشفّرة والعملات المستقرّة عن كثب على العملات التقليديّة والنظام الماليّ العالميّ ككلّ.

وتعمل العملات المشفّرة من خلال شبكة لامركزيّة من المستخدمين الّذين يقومون بالتحقّق من المعاملات والتحقّق منها من خلال عمليّة تسمّى التعدين، وتتضمّن عمليّة التعدين هذه حلّ المعادلات الرياضيّة المعقّدة للتحقّق من المعاملات ومعالجتها، وفي المقابل، تتمّ مكافأة المستخدمين بوحدات جديدة من العملة المشفّرة، ونظرًا لأنّ هذه العمليّة لامركزيّة ومفتوحة لأيّ شخص لديه الأجهزة والبرامج اللازمة، فإنّ العملات المشفّرة لا تخضع لسيطرة أيّ سلطة مركزيّة.

وإحدى الطرق الرئيسيّة الّتي يمكن أن تؤثّر بها العملات المشفّرة على العملات التقليديّة هي من خلال قدرتها على تعطيل النظام النقديّ الحاليّ، إذ تقدّم العملات المشفّرة بديلًا جديدًا للعملات التقليديّة، وهو بديل لا يخضع لسيطرة أيّ سلطة مركزيّة أو حكومة، ما يعني أنّ العملات المشفّرة يمكن أن تتحدّى هيمنة العملات التقليديّة، مثل الدولار واليورو، بل وتحلّ محلّها كعملة مهيمنة في التجارة العالميّة، ويحذّر خبراء من أنّ ذلك سيكون له آثارًا كبيرة على الاقتصاد العالميّ، حيث إنّ النظام النقديّ الحاليّ مبنيّ حول هيمنة عدد قليل من العملات الرئيسيّة.

ووجدت دراسة أجراها باحثون في جامعة كامبريدج أنّ استخدام العملات المشفّرة قد زاد إلى حدّ بعيد خلال السنوات القليلة الماضية، حيث يقدّر إجماليّ عدد المستخدمين بحوالي 100 مليون مستخدم، ويشير هذا إلى أنّ العملات المشفّرة أصبحت مقبولة على نطاق واسع، وتستخدم كشكل من أشكال الدفع، ممّا قد يؤدّي إلى تآكل هيمنة العملات التقليديّة.

وهناك طريقة أخرى يمكن أن تؤثّر بها العملات المشفّرة على العملات التقليديّة وهي من خلال قدرتها على تعطيل النظام المصرفيّ الحاليّ، وتقدّم العملات المشفّرة طريقة جديدة لتخزين ونقل القيمة، لا تتطلّب استخدام الخدمات المصرفيّة التقليديّة، وهذا يعني أنّ العملات المشفّرة يمكن أن تتحدّى هيمنة البنوك التقليديّة، بل وتحلّ محلّها كمؤسّسات ماليّة مهيمنة.

وخلصت دراسة أجراها باحثون في جامعة زيورخ، إلى أنّ استخدام العملات المشفّرة قلّل من الطلب على الخدمات المصرفيّة التقليديّة، لا سيّما في البلدان ذات الأنظمة المصرفيّة الضعيفة، ويشير هذا بحسب الدراسة إلى أنّ العملات المشفّرة أصبحت مقبولة على نطاق واسع وتستخدم كشكل من أشكال الخدمات الماليّة، ممّا قد يؤدّي إلى تآكل هيمنة البنوك التقليديّة.

ومع ذلك، فإنّ تأثير العملات المشفّرة على العملات التقليديّة والاقتصاد العالميّ لم يتّضح بعد. بينما جادل بعض الباحثين بأنّ العملات المشفّرة لديها القدرة على تعطيل الأنظمة النقديّة والمصرفيّة الحاليّة، اقترح البعض الآخر أنّه قد يكون لها تأثير ضئيل على المدى الطويل. على سبيل المثال، وجدت دراسة أجراها باحثون في جامعة شيكاغو أنّ تأثير العملات المشفّرة على العملات التقليديّة كان محدودًا، وأنّه من غير المرجّح أن تحلّ محلّ العملات التقليديّة باعتبارها العملة المهيمنة في التجارة العالميّة.

التعليقات