الآثار الاقتصاديّة للأوبئة

تسبّب وباء كورونا في حدوث انكماش اقتصاديّ عالميّ، ممّا أدّى إلى ركود عالميّ، حيث نفّذت الحكومات عمليّات إغلاق وقيود على السفر لاحتواء انتشار الفيروس، ممّا أدّى إلى إغلاق الشركات، وتعطيل سلاسل التوريد، وخفض إنفاق المستهلكين

الآثار الاقتصاديّة للأوبئة

(Getty)

لطالما كان للأوبئة والأزمات العالميّة تأثير عميق على الاقتصادات في جميع أنحاء العالم، ممّا أدّى إلى تعطيل التجارة والاستثمار وأنماط التوظيف، وعلى مرّ التاريخ، شكّلت حالات تفشّي المرض المختلفة تحدّيات كبيرة للاستقرار الاقتصاديّ.

ولفّهم التأثير الاقتصاديّ للأوبئة العالميّة، من الأهمّيّة بمكان فحص الأمثلة التاريخيّة، مثل الموت الأسود في القرن الرابع عشر، والإنفلونزا الإسبانيّة في أوائل القرن العشرين، وتفشّي السارس الأخير في عام 2003، تداعيات اقتصاديّة كبيرة، وقد أظهرت الدراسات أنّ هذه الأوبئة أدّت إلى انخفاض في الناتج الاقتصاديّ، وتعطّل أسواق العمل، وتسبّبت في حدوث اضطرابات اقتصاديّة وسياسيّة واجتماعيّة.

ويمكن أن تؤدّي الأوبئة والأزمات إلى انخفاض الناتج الاقتصاديّ والإنتاجيّة. وفي بحث أجري عام 2018، قام بتحليل تأثير وباء السارس على مختلف القطاعات في هونغ كونغ، ووجدت الدراسة أنّ الوباء تسبّب في انخفاض كبير في الناتج الاقتصاديّ، وكان قطاعا الخدمات والتجزئة الأكثر تضرّرًا، وتسلّط هذه النتائج الضوء على كيف يمكن أن يؤدّي تفشّي المرض إلى تعطيل النشاط الاقتصاديّ، ممّا يؤدّي إلى انخفاض الإنتاجيّة والناتج في المناطق المتضرّرة.

ويمكن للأوبئة والأزمات العالميّة أن تعطّل التجارة الدوليّة وسلاسل التوريد العالميّة. حيث كشف بحث حديث صادر عام 2022، عن تراجع الصادرات والواردات في الدول المتضرّرة بسبب القيود المفروضة على التجارة والسفر، كما يمكن أن يكون للأوبئة والأزمات آثار كبيرة على التوظيف وأسواق العمل.

وفي عام 2006، أجري بحث حول التأثير الاقتصاديّ المحتمل لوباء أنفلونزا افتراضيّ، حيث قال الباحثون إنّ هذا الوباء يمكن أن يؤدّي إلى ركود اقتصاديّ عالميّ، وهو ما شهده العالم مع وباء كورونا لمدّة ثلاث سنوات، حيث تسبّب بانخفاض العمالة وارتفاع معدّلات البطالة.

وتعاني قطاعات الاقتصاد المختلفة من درجات متفاوتة من التأثير أثناء الأوبئة والأزمات. على سبيل المثال، تميل صناعة السياحة والضيافة إلى معاناة كبيرة، حيث أكّدت دراسة حديثة على وجود انخفاض كبير في وصول السيّاح ومعدّلات إشغال الفنادق بأرقام هائلة، وذلك نتيجة للتأثيرات الاقتصاديّة لتفشّي متلازمة الشرق الأوسط التنفّسيّة.

وتسبّب وباء كورونا في حدوث انكماش اقتصاديّ عالميّ، ممّا أدّى إلى ركود عالميّ، حيث نفّذت الحكومات عمليّات إغلاق وقيود على السفر لاحتواء انتشار الفيروس، ممّا أدّى إلى إغلاق الشركات، وتعطيل سلاسل التوريد، وخفض إنفاق المستهلكين، وأدّى هذا التوقّف المفاجئ في النشاط الاقتصاديّ إلى انكماش معدّلات نموّ الناتج المحلّيّ الإجماليّ على مستوى العالم، كما أدّى الوباء إلى فقدان الوظائف على نطاق واسع وتقليل ساعات العمل، واجهت العديد من الشركات تحدّيات ماليّة واضطرّت إلى تسريح موظّفين أو تنفيذ تخفيضات في الرواتب. تأثّرت قطاعات مثل الضيافة والسياحة وتجارة التجزئة والترفيه بشكل خاصّ بسبب قيود السفر وإجراءات التباعد الاجتماعيّ، كما شهدت الأسواق الماليّة مستويات عالية من التقلّب أثناء الوباء. شهدت أسواق الأسهم انخفاضًا حادًّا، ممّا أدّى إلى ذعر المستثمرين وعمليّات بيع واسعة النطاق. أدّت حالة عدم اليقين المحيطة بالفيروس وآثاره الاقتصاديّة إلى عدم الاستقرار في الأسواق الماليّة العالميّة، ممّا أثّر على ثقة المستثمرين وأدّى إلى حالة من عدم اليقين الاقتصاديّ.

التعليقات