العملات المشفّرة: ما هي أبرز المشاكل التي تدور حولها؟

هناك قلق ملح آخر يحيط بالعملات المشفّرة يتعلّق بالأمان والخصوصيّة. بينما تمّ تصميم تقنيّة بلوكشين الّتي تقوم عليها العملات المشفّرة لتكون آمنة، فهي ليست محصّنة ضدّ القرصنة والهجمات الإلكترونيّة

العملات المشفّرة: ما هي أبرز المشاكل التي تدور حولها؟

(Getty)

اكتسبت العملات الرقميّة شعبيّة كبيرة في السنوات الأخيرة، ممّا أحدث ثورة في المشهد الماليّ واعدًا بمستقبل لامركزيّ، ومع ذلك، فقد ظهرت العديد من المخاوف بشأن المخاطر والعيوب المحتملة للعملات المشفّرة.

وأحد أبرز المخاوف بشأن العملات المشفّرة هو التقلّب المتأصّل فيها، حيث يمكن أن تتقلّب أسعار السوق للعملات المشفّرة بشكل كبير خلال فترات قصيرة، ممّا يجعلها عرضة لفقّاعات المضاربة، ووفقًا للاقتصاديّ الشهير نورييل روبيني، فإنّ هذا التقلّب يعرّض المستثمرين لمخاطر كبيرة، ممّا قد يؤدّي إلى خسائر ماليّة فادحة، ويقول روبيني إنّ الافتقار إلى التنظيم في سوق العملات المشفّرة يؤدّي إلى تفاقم هذه المخاطر، لأنّه يسمح بممارسات التلاعب والتلاعب بالسوق.

وهناك قلق ملح آخر يحيط بالعملات المشفّرة يتعلّق بالأمان والخصوصيّة. بينما تمّ تصميم تقنيّة بلوكشين الّتي تقوم عليها العملات المشفّرة لتكون آمنة، فهي ليست محصّنة ضدّ القرصنة والهجمات الإلكترونيّة، ومن الأمثلة البارزة على ذلك الحوادث العديدة لاختراق التبادل، حيث تمّت سرقة كمّيّات كبيرة من العملات المشفّرة، ويحذّر الخبراء، بمن فيهم المتخصّص في الأمن السيبرانيّ جون مكافي، من أنّ الطبيعة اللامركزيّة للعملات المشفّرة تجعل من الصعب استرداد الأموال المسروقة، ممّا قد يترك الضحايا دون أيّ ملاذ، كما أثيرت مخاوف بشأن الخصوصيّة بسبب الطبيعة المستعارة لمعاملات العملة المشفّرة، وعلى الرغم من أنّ البلوكشين يوفّر الشفّافيّة، فإنّه يثير أيضًا قضايا تتعلّق بالأنشطة غير المشروعة مثل غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، ويقول المؤرّخ الاقتصاديّ نيال فيرجسون أنّ إخفاء الهويّة الّذي توفّره العملات المشفّرة يمكن أن يعيق قدرة تطبيق القانون على التحقيق في الأنشطة الإجراميّة ومنعها بشكل فعّال.

ويعدّ غياب اللوائح والرقابة الواضحة مصدر قلق كبير آخر في مجال العملات المشفّرة، ونظرًا لأنّ العملات المشفّرة تعمل خارج الحدود الوطنيّة، فإنّ طبيعتها العالميّة تشكّل تحدّيات للسلطات التنظيميّة، ولا تزال العديد من البلدان تكافح بشأن كيفيّة تنظيم العملات المشفّرة بشكل فعّال دون خنق الابتكار. يشير لورنس سمرز، وزير الخزانة السابق، إلى أنّ الافتقار إلى التنظيم يتيح إمكانيّة ممارسة أنشطة احتياليّة والتلاعب بالسوق، ممّا يجعل من الضروريّ إنشاء إطار تنظيميّ شامل.

وحظي التأثير البيئيّ للعملات المشفّرة، ولا سيّما بيتكوين، باهتمام متزايد، ويعدّ استهلاك الطاقة المطلوب لتعدين العملات المشفّرة كبيرًا، ممّا يؤدّي إلى مخاوف بشأن بصمتها الكربونيّة، كما انتقد الخبراء الطبيعة كثيفة الطاقة لتعدين البيتكوين، مسلّطين الضوء على الحاجة إلى بدائل أكثر استدامة. الحجّة هي أنّ العملات المشفّرة لا ينبغي أن تساهم في تغيّر المناخ بل تعزّز الممارسات الصديقة للبيئة، ويعدّ غياب تدابير حماية المستهلك مصدر قلق كبير في عالم العملات المشفّرة، حيث أنّ الأنظمة الماليّة التقليديّة لديها آليّات معمول بها لحماية المستهلكين، مثل التأمين على الودائع وعمليّات تسوية المنازعات، ومع ذلك، غالبًا ما تكون وسائل الحماية هذه غائبة في النظام البيئيّ للعملات المشفّرة، ونتيجة ذلك، يواجه المستهلكون مخاطر الاحتيال والاحتيال والسرقة دون أيّ وسيلة للطعن. يؤكّد الخبير الاقتصاديّ جوزيف ستيجليتز على الحاجة إلى لوائح قويّة لحماية المستهلك لغرس الثقة في العملات المشفّرة وتعزيز اعتمادها على نطاق أوسع.

التعليقات