أوبك+ تتجه مجددا لخفض إنتاج النفط: ما هي دوافع القرار؟

قرر التحالف الذي يضم الدول الأعضاء بمنظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وحلفاء بقيادة روسيا، الأحد، بعد سبع ساعات من المحادثات، خفض إجمالي الإنتاج المستهدف لعام 2024 بواقع 1.4 مليون برميل إضافية يوميا.

أوبك+ تتجه مجددا لخفض إنتاج النفط: ما هي دوافع القرار؟

(أ.ب.)

قرر أعضاء في تحالف أوبك+، مساء الأحد، تنفيذ خفض طوعي في إنتاج النفط حتى نهاية 2024، مقارنة مع الموعد السابق المقرر في نهاية 2023، وذلك في اجتماع عقده وزراء منظمة الدول المصدرة للنفط وشركاؤهم في تكتل أوبك+، لمحاولة إيجاد حل لأسعار النفط المتراجعة بما في ذلك إمكانية خفض الإنتاج.

وأعلن نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك، للصحافيين، عقب الاجتماع إن التخفيضات التي قررتها منذ مطلع أيار/مايو تسع دول، بما فيها الرياض وموسكو، بمجموع 1,6 مليون برميل يوميا "تم تمديدها حتى نهاية العام 2024".

واستغرقت المفاوضات ساعات عدة، فيما أفادت وسائل إعلام بوجود خلافات بين المشاركين ال23 الذين يمثلون 60% من إنتاج النفط في العالم. وبعد مناقشات صعبة، حصلت الإمارات على زيادة في أساس حساب حصتها من إنتاج الخام، وفقا للجدول الجديد الذي نشرته أوبك.

وتأتي هذه القرارات في أعقاب اتفاق أوبك+، في الثاني من نيسان/ أبريل الماضي، على زيادة الخفض إلى 3.66 مليون برميل يوميا، وهو ما يعادل 3.7% من الطلب العالمي، بعدما تعهد عدة أعضاء بتخفيضات من جانب واحد.

وساعد هذا الإعلان المفاجئ على رفع الأسعار بنحو تسعة دولارات للبرميل إلى ما فوق 87 دولارا للبرميل في الأيام التي تلته، لكن أسعار خام برنت فقدت مكاسبها منذ ذلك الحين.

في ما يلي الأسباب الرئيسية وراء قرار أوبك+ بخفض الإنتاج:

تراجع الطلب العالمي على النفط

وقالت السعودية إن الخفض الطوعي للإنتاج بواقع 1.66 مليون برميل يوميا بالإضافة إلى التخفيضات الحالية البالغة مليوني برميل يوميا يأتي كإجراء احترازي لتحسين استقرار السوق.

وقال نائب رئيس الوزراء الروسي، نوفاك، إن من بين أسباب الخفض أزمة البنوك في الغرب وكذلك "التدخل في آليات السوق"، وهو تعبير تستخدمه موسكو للإشارة للحد الأقصى المفروض من الغرب على أسعار النفط الروسي.

وأدت المخاوف من حدوث أزمة مصرفية أخرى في الأشهر الأخيرة إلى قيام المستثمرين ببيع الأصول ذات المخاطر العالية، مثل السلع، في ظل انخفاض أسعار النفط إلى ما يقرب من 75 دولارا للبرميل من ذروة بلغت 139 دولارا في آذار/ مارس 2022.

وقد يؤدي حدوث ركود عالمي إلى انخفاض أسعار النفط. وفرضت المخاوف بشأن مفاوضات سقف الدين الأميركي والقلق من تخلف أكبر دولة مستهلكة للنفط في العالم عن سداد ديونها ضغوطا على أسعار النفط.

وأكد الخبراء أن "أي تخلف محتمل عن السداد سيكون له تداعيات اقتصادية كارثية على الصعيدين المحلي والعالمي، وبالتالي تأثير سلبي على الطلب على النفط".

معاقبة المراهنين في أسواق النفط

ويعاقب خفض إنتاج النفط البائعين على المكشوف، أي أولئك الذين يراهنون على انخفاض الأسعار.

وكان وزير الطاقة السعودي، عبد العزيز بن سلمان، قد حذر التجار في عام 2020 من زيادة المراهنات في سوق النفط، وقال إنه سيحاول جعل السوق متقلبة وتعهد بأن الذين يقامرون على سعر النفط سيتألمون.

وكرر تحذيره الأسبوع الماضي حين طلب من المضاربين توخي الحذر، وهو ما فسره العديد من مراقبي السوق والمستثمرين على أنه إشارة إلى أن أوبك+ قد تدرس زيادة خفض الإنتاج.

والبائعون على المكشوف هم أولئك الذين يهيئون أنفسهم للربح إذا انخفضت الأسعار، مثل بيع الأصول المقترضة على أمل شرائها مرة أخرى بسعر أرخص. فإذا تسبب خفض غير متوقع في إنتاج أوبك+ في ارتفاع النفط، فإنهم سيواجهون خسارة.

وقال محللون في بنك ستاندرد تشارترد، في تقرير صدر الأسبوع الماضي، إن اتجاه مراكز المضاربة قصيرة الأجل على سعر النفط الخام كانت هبوطيا في وقت سابق من الشهر الجاري، مثلما كان في بداية جائحة كورونا عام 2020 حين انهار الطلب على النفط وتراجعت الأسعار.

وفي هذا السياق، قال أولي هانسن من "ساكسو بنك" إن أحدث البيانات تظهر أن مديري الأموال زادوا من صافي المراكز طويلة الأجل في خام برنت بأكثر من 30 ألف عقد، وهي أكبر زيادة في شهرين تقريبا.

وأضاف أنه بالنسبة لخام غرب تكساس الوسيط، أدى التحرك في الاتجاه المعاكس إلى انخفاض بمقدار 17 ألف عقد إلى 143 ألفا.

توترات مع واشنطن

وقد يؤدي أي تخفيض إضافي من المجموعة إلى توترات مع الدول المستهلكة الرئيسية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي تحاول محاربة التضخم عن طريق زيادة تكاليف الاقتراض.

ووصفت واشنطن إجراء أوبك+ الشهر الماضي بأنه إجراء غير مناسب. وانتقد الغرب مرارا أوبك لتلاعبها بالأسعار وانحيازها لروسيا رغم الحرب في أوكرانيا.

وتدرس الولايات المتحدة إصدار تشريع، يعرف باسم نوبك، من شأنه أن يسمح بمصادرة أصول أوبك على الأراضي الأميركية إذا ثبت تواطؤها لزعزعة استقرار السوق.

وانتقدت أوبك+ وكالة الطاقة الدولية، وهي هيئة مراقبة الطاقة في الغرب وتعد الولايات المتحدة أكبر مانح مالي لها، لإفراجها عن مخزونات النفط العام الماضي، وقالت إن ذلك ضروري لخفض الأسعار في ظل مخاوف من أن تعطل العقوبات الإمدادات الروسية.

ولم تتحقق أبدا توقعات وكالة الطاقة الدولية بأن ترتفع الأسعار، مما دفع مصادر بأوبك+ إلى أن تقول إن الوكالة لها دوافع سياسية وتهدف إلى المساعدة في تعزيز مركز الرئيس الأميركي، جو بايدن.

وقالت الولايات المتحدة، التي أفرجت عن معظم المخزون، إنها ستعيد شراء بعض النفط في عام 2023، لكنها استبعدت القيام بذلك في وقت لاحق.

ويقول مراقبون في أوبك أيضا إن المجموعة بحاجة إلى زيادة أسعار النفط الاسمية لأن طباعة الغرب للنقود في السنوات الأخيرة أدت إلى خفض قيمة الدولار. وهذا يعني أن أوبك بحاجة إلى حماية إيراداتها من تصدير منتجها الرئيسي الذي يتم تداوله بالدولار.

التعليقات