صادرات الصين تتراجع بنسبة 7.5 بالمئة الشهر الماضي

أدّى ارتفاع معدّلات التضخّم حول العالم وشبح الركود في مناطق أخرى والتوتّر الجيوسياسيّ مع الولايات المتّحدة إلى تراجع الطلب على المنتجات الصينيّة.

صادرات الصين تتراجع بنسبة 7.5 بالمئة الشهر الماضي

(Getty)

تراجعت صادرات الصين في أيّار/مايو لأوّل مرّة منذ شباط/فبراير، وفق ما أظهرت بيانات الأربعاء، لتضع حدًّا لنموّ استمرّ شهرين مع تلاشي موجة انتعاش ما بعد كوفيد، وهو ما يعزّز التوقّعات بشأن إمكانيّة كشف المسؤولين عن تدابير جديدة لتحفيز الاقتصاد.

أدّى ارتفاع معدّلات التضخّم حول العالم وشبح الركود في مناطق أخرى والتوتّر الجيوسياسيّ مع الولايات المتّحدة إلى تراجع الطلب على المنتجات الصينيّة.

أسفر ذلك عن تراجع الشحنات الخارجيّة بنسبة 7,5 في المئة من عام لآخر الشهر الماضي، وفق ما أظهرت بيانات الجمارك، ما يمثّل تراجعًا حادًّا عن الزيادة البالغة نسبتها 8,5 في المئة في نيسان/أبريل وأكثر من نسبة 1,8 في المئة توقّعها استطلاع لبلومبرغ.

لكنّ الصادرات إلى روسيا ارتفعت بنسبة 75,6 في المئة في أيّار/مايو، وهو أعلى معدّل منذ الغزو الروسيّ لأوكرانيا، رغم تراجع التجارة مع معظم الأسواق الأوروبّيّة الكبرى والولايات المتّحدة.

وحافظت موسكو وبكين على علاقاتهما الاقتصاديّة رغم سلسلة عقوبات غربيّة على روسيا، بينما سجّلت التجارة الإجماليّة بين البلدين الجارين نموًّا بنسبة 41,3 في المئة في نيسان/أبريل، وهو الأعلى منذ بدء الحرب.

ونمت الصادرات الصينيّة في آذار/مارس ونيسان/أبريل، بعد تراجعها خمس مرّات متتالية عندما اضطرب الإنتاج بفعل تدابير الإغلاق واسعة النطاق والتأخيرات في الموانئ بينما كانت السلطات تفرض سياسة صفر كوفيد المشدّدة.

ونما الاقتصاد الصينيّ بنسبة 4,5 في المئة في الربع الأوّل من العام.

لكنّ هذا التعافي فقد بعض زخمه إذ يؤثّر قطاع العقارات المثقل بالديون على الاقتصاد ويثبّط بثقة المستهلكين فضلًا عن تباطؤ الاقتصاد العالميّ.

في الأثناء، تراجعت الواردات بنسبة 4,5 في المئة في أيّار/مايو، وهو تراجع أصغر من الانكماش المسجّل في نيسان/أبريل والبالغ 7,9 في المئة، لكنّه أفضل من التقديرات الّتي تحدّثت عن 8,0 في المئة.

تعدّ هذه آخر بيانات تسلّط الضوء على نقاط الضعف في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، مع تقلّص النشاط الصناعيّ في أيّار/مايو للشهر الثاني على التوالي.

وذكرت تقارير الأربعاء بأنّ السلطات طلبت من كبرى مصارف البلاد خفض أسعار الفائدة على الودائع من أجل تعزيز الاقتصاد.

وأفاد محلّلون بأنّ خطوة كهذه قد تدلّ على أنّ مصرف الصين الشعبيّ يفكّر في خفض معدّل الفائدة هذا الشهر على أقرب تقدير.

وقال كون غوّه من مجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفيّة إنّ الأرقام تمثّل "بيانات جديدة مخيّبة للآمال ستفاقم المخاوف المرتبطة بالنموّ وتعزّز التوقّعات بخطوات دعم إضافيّة".

تواجه الصين أيضًا تفشّيًا جديدًا لكوفيد-19، لكنّ البيانات الرسميّة بشأن نطاقه شحيحة بينما لا توجد مؤشّرات كثيرة على إمكانيّة إعادة فرض سياسات للسيطرة عليه.

ولفت المستشار الصحّيّ البارز جونغ نانشان إلى أنّ الموجة الحاليّة قد تبلغ ذروتها مع نحو 65 مليون إصابة أسبوعيًّا بحلول أواخر حزيران/يونيو، وفق ما أوردت منصّة "ذي بيبر" الإعلاميّة المدعومة من الدولة في شنغهاي.

وشهد قطاع العقارات الّذي يساهم مع البناء في حوالي ربع إجماليّ الناتج الداخليّ الصينيّ "أسوأ تراجع في تاريخه" العام الماضي، بحسب شركة الاستشارات الاقتصاديّة الّتي تتّخذ من بكين مقرًّا Gavekal-Dragonomics.

وعلى أمل إنعاش القطاع، ابتعدت الحكومة عن حملتها الأمنيّة المرتبطة بالديون لتتبنّى نهجًا أكثر تصالحيّة منذ تشرين الثاني/نوفمبر، مع إجراءات دعم محدّدة الأهداف للمطوّرين الأكثر عقلانيّة ماليًّا.

وجاء في مذكّرة لكبير خبراء الاقتصاد الصينيّ لدى "نومورا" تينغ لو هذا الأسبوع أنّ المحلّلين يتوقّعون "تساهلًا وإجراءات تحفيز إضافيّة".

وكتب لو "في ظلّ تدهور قطاع العقارات وتأثيره المدمّر في نهاية المطاف على الحكومة ماليًّا وازدياد خطر التراجع بأرقام عشريّة، لا نتوقّع بأن تقف بكين مكتوفة الأيدي".

وجاء في مذكّرة كتبها محلّلون من "كابيتال إيكونوميكس" الأربعاء أن تشير بيانات أيّار/مايو التجاريّة إلى "تراجع الطلب العالميّ على المنتجات الصينيّة وتدعم رؤيتنا بأنّ بيانات الصادرات القويّة المسجّلة في الأشهر الماضية تعكس تحويرًا لبيانات الجمارك بدلًا من تحوّل في الطلب الخارجيّ".

وتابعوا "نعتقد بأنّ الصادرات ستتراجع أكثر قبل أن تصل إلى أدنى مستوياتها في وقت لاحق هذا العام".

التعليقات