ما هي خيارات السياسة النقدية للفيدرالي الأميركي بعد الإبقاء على أسعار الفائدة؟

عادة ما يكون رفع أسعار الفائدة وتشديد السياسة النقدية بالأسواق المتقدمة، والتي تعتبر الولايات المتحدة أهمها، أمرا لا ينبئ بخير للأسواق الناشئة إذ يفضل المستثمرون العوائد الجذابة والمضمونة في أوقات عدم اليقين مما يدفعهم لسحب أموالهم من الدول الأقل نموا.

ما هي خيارات السياسة النقدية للفيدرالي الأميركي بعد الإبقاء على أسعار الفائدة؟

(Getty Images)

تشير توقعات المختصين إلى أن الاقتصاد الأميركي قد يتجمب الدخول في ركود خلال العام الجاري، زأن التضخم سيقترب من المستوى المستهدف، وهو ما ينطوي على "آفاق إيجابية لتدفقات رؤوس الأموال على الأسواق الناشئة".

ويتوقع معهد التمويل الدولي نمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 1% في 2023، وهو ما سيوفر، باقترانه مع توقعات أخرى، بأن يبلغ التضخم مستوى معتدلا نسبته 3.1% سنويا في نهاية العام، في أعقاب القرارات الأخيرة الصادرة عن البنك الفيدرالي.

أنهى البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الأربعاء الماضي، رابع اجتماعاته خلال العام الجاري، أعلن عقبه تثبيت أسعار الفائدة والإبقاء عليها دون تغيير عند نطاق 5% - 5.25%، وذلك بعد 10 زيادات متتالية بدأها في آذار/ مارس 2022.

ويعتبر قرار الإبقاء على أسعار الفائدة الصادر الأربعاء، الأول منذ كانون الأول/ ديسمبر 2021، بحسب بيانات تتبع الفائدة المنشورة على موقع الفيدرالي على الإنترنت.

وحتى نهاية 2023، يتبقى عقد 4 اجتماعات أخرى في تموز/ يوليو، وأيلول/ سبتمبر وتشرين ثاني/ نوفمبر، وكانون أول/ ديسمبر.

ورجح رئيس الفيدرالي الأميركي تنفيذ زيادتين على أسعار الفائدة في الاجتماعات الأربعة المقبلة، بمقدار 25 نقطة أساس في كل مرة، لكنه ربط ذلك بمجموعة ظروف.

انحسار التضخم

ومع فرضية مواصلة مؤشرات أسعار المستهلك الأميركي تراجعها المتواصل منذ تموز/ يوليو الماضي، فإن احتمالية الإبقاء على أسعار الفائدة قد تكون قائمة في اجتماع الشهر المقبل.

وبلغت نسبة التضخم في السوق الأميركية خلال أيار/ مايو الماضي 4%، في أدنى مستوى منذ آذار/ مارس 2021، نزولا من 4.9% في نيسان/ أبريل الماضي.

وقد يدفع تراجع مؤشر أسعار المستهلك إلى متوسط 3.5% أو أقل في تموز/ يوليو المقبل، البنك الفيدرالي، إلى اتخاذ قرار تنتظره أسواق الأسهم، وهو الإبقاء على أسعار الفائدة دون زيادة في الاجتماعين المقبلين على الأقل.

وفق تحليل لمكتب إحصاءات العمل الذي يصدر تقارير التضخم الأميركية شهريا، فإن آثار تغيير أسعار الفائدة، يحتاج نحو 5 شهور حتى تنعكس على الأسواق.

ويعني ذلك، أن ثلاث زيادات على أسعار الفائدة تمت فعليا منذ مطلع العام الجاري، بمقدار 25 نقطة أساس في كل مرة، ستظهر آثارها على الأسواق في النصف الثاني من عام 2023.

الأزمة المصرفية

وعلى الرغم من تراجع وتيرة الأزمة المصرفية الذي اندلعت في الولايات المتحدة خلال آذار/ مارس الماضي، وأدت لإغلاق 3 بنوك بودائع تتجاوز نصف تريليون دولار، إلا أن مخاوف تجددها قائمة.

وفي أكثر من مناسبة، قال الخبير الاقتصادي العالمي محمد العريان، ورئيس بنك جي بي مورغان، إن الأزمة المصرفية لم تنته، وقد تكشف عن نقاط ضعف جديدة في النظام المصرفي الأميركي.

ودفعت الأزمة المصرفية، البنوك في الولايات المتحدة، إلى تشديد الائتمان (القروض) للأسر والشركات، وهذا يعتبر أداة أخرى للحد من التضخم الجامح، وهو ما قد يقلل من احتمالية زيادات أسعار الفائدة.

وقد ينتج عن الأزمة المصرفية، تراجع اقتصادي والدخول في ركود فني اعتبارا من الربع الثالث من العام الجاري، ما يستدعي الحاجة إلى تحفيز الأسواق.

وقد لا يقدم الفيدرالي فورا على خفض أسعار الفائدة، إلا أن الإبقاء عليها عند النسب الحالية، قد يكون خيارا مفضلا للفيدرالي لما تبقى من العام الجاري.

أزمات عالمية

والتأثيرات السلبية للزيادات الحادة على أسعار الفائدة على الدولار، تركت أزمات متصاعدة في الأسواق العالمية، لأنها زادت من قوة الدولار، وبالتالي رفعت من كلفة الحصول عليه.

وهذا يعني أن البنوك المركزية حول العالم، امتثلت لزيادات الفيدرالي ونفذ معظمها زيادات على أسعار الفائدة على عملاتها، للحافظ على جاذبيتها، لكنها في المقابل، أدت إلى إبطاء الإقراض المصرفي.

كما أن قوة الدولار، هي إحدى أسباب التضخم، لأن الدول الأخرى ستحتاج إلى عملات محلية أكثر لشراء الدولار، وبالتالي نقل فروقات أسعار الصرف إلى المستهلك النهائية.

وتعاني غالبية دول العالم بسبب مشاكل سلاسل الإمدادات في 2021، فاقمتها الحرب الروسية الأوكرانية، ثم جاءت 10 زيادات على أسعار الفائدة لتضيف مزيدا من الأعباء على أسعار المستهلك.

التعليقات