في ظلّ مؤشرات اقتصاديّة مخيّبة: الصين تتوقّف عن نشر نسب البطالة

مع تزايد الأرقام الّتي تشير إلى تباطؤ محتمل في الاقتصاد، دعا العديد من الخبراء إلى خطّة تعاف واسعة النطاق لتعزيز الدورة الاقتصاديّة

في ظلّ مؤشرات اقتصاديّة مخيّبة: الصين تتوقّف عن نشر نسب البطالة

(Getty)

في ظلّ مؤشّرات اقتصاديّة مخيّبة للآمال، أعلنت الصين اليوم الثلاثاء، عن وقف نشر نسب البطالة المتزايدة في أوساط الشباب.

وتضاف المؤشّرات الجديدة إلى سلسلة من الأرقام الإحصائية في الأشهر الماضية، أظهرت معاناة اقتصاد الصين للتعافي من حقبة الجائحة. وسجّلت البطالة لدى الشباب الّذين تراوح أعمارهم بين 16 و24 عامًا نسبة قياسيّة بلغت 21,3 في المئة في حزيران/يونيو.

وقبيل نشر أحدث المؤشّرات الّتي جاءت ضعيفة كما كان متوقّعًا، قام المصرف المركزيّ الصينيّ بخفض معدّل للفائدة في محاولة لتعزيز النموّ الاقتصاديّ.

وأعلن المكتب الوطنيّ للاحصاءات الثلاثاء توقّفه عن نشر مؤشّرات البطالة للفئات العمريّة، معلّلًا ذلك بالحاجة "لتحسين إحصاءات مسح القوّة العاملة".

وقال المتحدّث باسم المكتب فو لينغهوي في مؤتمر صحافيّ "سيتمّ اعتبارًا من آب/أغسطس الحاليّ، تعليق نشر نسب البطالة الحضريّة للشباب والفئات العمريّة الأخرى على امتداد البلاد".

وأفاد المكتب بأنّ نسبة البطالة الإجمالية ارتفعت من 5,2 في المئة في حزيران/يونيو الى 5,3 في تمّوز/يوليو.

وبدأ تزايد البطالة في أوساط الشباب يثير قلق العديد منهم. وقالت الطالبة لي نيوجون لوكالة فرانس برس في بكّين إنّ نسب البطالة هذه "مقلقة للغاية".

أضافت ابنة الثامنة عشرة "عندما أفكّر بإيجاد وظيفة، ينتابني قلق شديد".

ومع تزايد الأرقام الّتي تشير إلى تباطؤ محتمل في الاقتصاد، دعا العديد من الخبراء إلى خطّة تعاف واسعة النطاق لتعزيز الدورة الاقتصاديّة.

وقال المحلّلان لدى مجموعة "سوسييتيه جنرال" واي ياو وميشيل لام في مذكّرة" بهدف إحياء الطلب سريعًا، نعتقد أنّ خيار السياسة الأكثر فاعليّة عند هذا التقاطع سيكون إطلاق خطّة استهلاك تحفيزيّة مركزيّة مدعومة من الحكومة".

إلا أنّ السلطات تبقي إلى الآن على إجراءات محدّدة الهدف وإعلانات عن دعمها القطاع الخاصّ، في ظلّ محدوديّة الإجراءات الملموسة المتّخذة من بكّين.

وترافق إعلان الثلاثاء بشأن وقف إصدار نسب البطالة لدى الشباب، مع نشر السلطات الصينيّة سلسلة من المؤشّرات الاقتصاديّة الضعيفة لتمّوز/يوليو.

وعرفت مبيعات التجزئة، المؤشّر الرئيسيّ لاستهلاك الأسر، في تمّوز/يوليو نموًّا سنويًّا بنسبة 2,5 في المئة، وفق مكتب الإحصاءات، أي بانخفاض عن نسبة 3,1% الّتي حقّقتها في حزيران/يونيو.

الى ذلك، حقّق الانتاج الصناعيّ نموًّا سنويًّا نسبته 3,7 في المئة في تمّوز/يوليو، بتراجع عن نسبة 4,4 الّتي حقّقها في الشهر الّذي سبقه.

وحذّر تينغ لو محلّل اقتصاد الصين لدى "نومورا" من أنّ تعليق نشر نسب بطالة الشباب "قد يضعف بشكل إضافيّ ثقة المستثمرين الدوليّين بالصين".

وقابل العديد من مستخدمي مواقع التواصل المحلّيّة التبرير الرسميّ للخطوة بمزيج من التشكيك والتهكّم.

وسعى القادة الصينيّون إلى تحفيز الاستهلاك المحلّيّ خلال الأسابيع الماضية.

وأصدر مجلس الدولة الشهر الفائت خطّة من 20 بندًا لتشجيع السكّان على زيادة الإنفاق في قطاعات اقتصاديّة عدّة مثل السيّارات والسياحة والأدوات المنزليّة.

وحذّر المكتب السياسيّ للحزب الشيوعيّ في اجتماع عقده أواخر تمّوز/يوليو برئاسة شي جينبينغ، من أنّ اقتصاد البلاد "يواجه صعوبات وتحدّيات جديدة".

وحدّدت الصين هدفًا لنموّ إجماليّ ناتجها المحلّيّ لهذه السنة عند مستوى 5 %. وعلى رغم أنّ هذه النسبة هي من الأدنى للبلاد خلال عقود، أقرّ رئيس الوزراء لي تشيانغ بأنّ تحقيقها سيكون صعبًا.

وتعزّز المؤشّرات هذه الصعوبة، اذ نما اقتصاد الصين بنسبة 0,8 في المئة فقط بين الربعين الأوّل والثاني لعام 2023.

وفي خطوة غير متوقّعة، عمد المصرف المركزيّ الصينيّ الثلاثاء إلى خفض معدّل الفائدة على تسهيلات الإقراض المتوسّطة الأجل، وهي قروض لسنة واحدة للمؤسّسات الماليّة، من 2,65 إلى 2,5 في المئة.

ويقلّص خفض هذه الفائدة كلفة التمويل على المصارف، ما يشجّعها على زيادة الاقراض؛ وبالتّالي إمكان تعزيز الإنفاق.

ورجّح تينغ بأنّ "الاقتصاد الصينيّ يواجه دوّامة انحداريّة وشيكة والأسوأ لم يأت بعد، والمساعدة المتأتّية عن خفض الفائدة ستكون محدودة".

وسجّلت الصين في تمّوز/يوليو انكماشًا في الأسعار للمرّة الأولى منذ أكثر من عامين تحت وطأة استهلاك داخليّ متباطئ.

وإن كان تراجع الأسعار يبدو من حيث المبدأ مفيدًا للقدرة الشرائيّة، إلّا أنّه يشكّل في الواقع خطرًا على الاقتصاد ككلّ إذ يحمل المستهلكين على إرجاء مشترياتهم بدل الإنفاق، على أمل الاستفادة من تراجع إضافيّ في الأسعار.

التعليقات