بيانات التضخّم في الولايات المتّحدة "فاقت التوقّعات"

الأسر ما زالت تشعر بضغط التضخّم الهائل، ويبدو أنّ برنامج بايدن الاقتصاديّ لم يجد صدى قويًّا رغم بيانات مشجّعة إلى حدّ كبير...

بيانات التضخّم في الولايات المتّحدة

(Getty)

أظهرت بيانات حكوميّة اليوم الخميس، أنّ التضخّم في الولايات المتّحدة في كانون الأوّل/ ديسمبر الماضي فاق التوقّعات.

وارتفع مؤشّر أسعار الموادّ الاستهلاكيّة الصادر عن وزارة العمل، وهو مقياس رئيسيّ للتضخّم، بنسبة 3,4 بالمئة مقارنة بالعام الماضي متجاوزًا أرقام تشرين الثاني/نوفمبر.

ويبدو أنّ الضغوط الأساسيّة تنحسر، مع انخفاض المقياس الّذي يستثني أسعار الموادّ الغذائيّة والطاقة المتقلّبة إلى 3,9 بالمئة في الشهر الأخير من عام 2023 - وهو أدنى مستوى منذ أيّار/مايو 2021.

غير أنّ ارتفاع أرقام التضخّم يعقّد المشهد بالنسبة لبايدن الّذي يستعدّ لخوض حملته للفوز بولاية رئاسيّة ثانية في مواجهة توقّعات سلبيّة بشأن الاقتصاد.

وقال بايدن في بيان الخميس إنّ "الاقتصاد خلق أكثر من 14 مليون وظيفة منذ تولّيت منصبي، فيما الثروات والأجور والتوظيفات الآن أعلى ممّا كانت عليه خلال عهد سلفيّ".

أضاف "لكن ينبغي القيام بمزيد من الجهد لخفض الأسعار بالنسبة للعائلات والعمّال الأميركيّين".

ولا يتوقّع محلّلون أن يستند مسؤولو الاحتياطيّ الفدراليّ في تحديد سعر الفائدة إلى بيانات شهر واحد، وإن كان التضخّم المتسارع قد يزيد الضغط على البنك المركزيّ لإبقاء معدّلات الفائدة عند مستويات مرتفعة.

وسارع الاحتياطيّ الفدراليّ لرفع معدّلات الفائدة في مطلع 2022 وأبقاها عند أعلى مستوى في 22 عامًا سعيًا لخفض الطلب وكبح جماح التضخّم.

ورغم ارتفاع مؤشّر أسعار الموادّ الاستهلاكيّة في كانون الأوّل/ديسمبر، انخفض التضخّم بشكل ملحوظ من ذروته البالغة 9,1% في حزيران/يونيو 2022 في حين حافظ الإنفاق الاستهلاكيّ وسوق الوظائف على مرونتهما.

وقد عزّز ذلك الآمال في ما يسمّى ب"الهبوط الناعم" لأكبر اقتصاد في العالم، أي عندما يهدأ التضخّم دون حدوث ركود مدمّر.

وفي الفترة من تشرين الثاني/نوفمبر إلى كانون الأوّل/ديسمبر، ارتفع مؤشّر أسعار المستهلك بنسبة 0,3%، مقارنة بالشهر السابق أيضًا.

وقالت وزارة العمل في تقريرها إنّ "مؤشّر الإسكان واصل الارتفاع في كانون الأوّل/ديسمبر".

وارتفع مؤشّر الطاقة بنسبة 0,4 بالمئة على أساس شهريّ على وقع زيادة أسعار الكهرباء والبنزين، فيما ارتفع مؤشّر السلع الغذائيّة 0,2 بالمئة وحافظ على استقراره.

وقال الخبير الاقتصاديّ روبرت فريك من الاتّحاد الائتمانيّ نيفي فدرال كريديت يونيون في وصفه معركة التضخّم بأنّها خطوتان للأمام وخطوة إلى الوراء، لافتًا إلى أنّ "كانون الأوّل/ديسمبر كان بمثابة خطوة واضحة إلى الوراء".

وأشار إلى أنّ أسعار المساكن شكّلت أكثر من نصف الزيادة، مع ارتياح لا يذكر في الأفق "إذ تبيّن أنّ الإيجارات ثابتة وتكاليف ملكيّة المنازل ترتفع".

وقال فريك إنّ المستهلكين "شعروا أيضًا بالاضرار الأولى المباشرة في كانون الأوّل/ديسمبر بسبب ارتفاع أسعار الموادّ الغذائيّة والطاقة، وهما السلعتان اللّتان أكثر ما يتأثّر بهما الأميركيّون".

وبينما يسعى بايدن لولاية أخرى يركّز على الترويج لإنجازات مثل نموّ الاقتصاد وانخفاض البطالة.

لكنّ الأسر ما زالت تشعر بضغط التضخّم الهائل، ويبدو أنّ برنامج بايدن الاقتصاديّ لم يجد صدى قويًّا رغم بيانات مشجّعة إلى حدّ كبير.

وتتّجه الأنظار نحو بنك الاحتياطيّ الفدراليّ. ويرى الخبير الاقتصاديّ مايكل بيرس من مؤسّسة أكسفورد إيكونوميكس أنّ تجاوز التضخّم للتوقّعات "سيقلّب مسار بعض الرهانات الأكثر جرأة لخفض أسعار الفائدة هذا العام".

ورغم أنّ الاحتياطيّ الفدراليّ أشار إلى أنّه يتوقّع ثلاثة تخفيضات لأسعار الفائدة هذا العام، إلّا أنّ الأسواق تراجع توقّعاتها عن بداية مبكّرة لتدابير الخفض.

لكنّ المحلّلين يؤكّدون أنّ المشهد العامّ لم يتغيّر.

وقال كبير الاقتصاديّين في بانثيون ماكروإيكونوميكس إيان شيفردسون إنّ "أسعار السلع الأساسيّة ثابتة أو آخذة في الانخفاض، وعائدات الإيجارات تتباطأ لكنّها تظلّ مرتفعة، وتضخّم الخدمات الأساسيّة لا يزال صعبًا".

وتوقّع أن ينتظر بنك الاحتياطيّ الفدراليّ ورود مزيد من البيانات في وقت يدرس مسار أسعار الفائدة.

وأورد الخبير الاقتصاديّ أورين كلاتشكين من نيشن وايد "من المرجّح أن ينظر مسؤولو الاحتياطيّ الفدراليّ في أيّ ارتفاع في التضخّم الرئيسيّ لمؤشّر أسعار المستهلك، خصوصًا إذا كان يأتي من المكوّنات الأكثر تقلّبًا".

وقال لوكالة فرانس برس إنّ ارتفاع التضخّم الأساسيّ "سيلفت انتباههم وخصوصًا إذا تواصل في كانون الثاني/يناير".

التعليقات