احتجاجات غاضبة في بيروت: قتيل وعشرات الإصابات واقتحام مقار حكومية

قمعت قوات الأمن في لبنان، الاحتجاجات الغاضبة التي خرجت عصر اليوم، السبت، بعد أربعة أيام من التفجير الضخم الذي ضرب بيروت، متسببًا بمقتل أكثر من 158 شخصًا وإصابة ستة آلاف آخرين.

احتجاجات غاضبة في بيروت: قتيل وعشرات الإصابات واقتحام مقار حكومية

من الاحتجاجات (أ ب)

قتل عنصر أمن وأصيب عشرات المتظاهرين في مواجهات بين عناصر الأمن ومحتجين، خلال قمع الاحتجاجات الغاضبة التي خرجت عصر السبت، في بيروت، وشهدت اقتحام مقار حكومية، وذلك بعد أربعة أيام من التفجير الضخم الذي ضرب العاصمة اللبنانية، متسببًا بمقتل أكثر من 158 شخصًا وإصابة ستة آلاف آخرين.

وتحول وسط العاصمة اللبنانية إلى ساحة مواجهات بين قوى الأمن ومتظاهرين ناقمين على السلطة السياسية في البلاد ومطالبين برحيلها، في حين قال رئيس الحكومة، حسان دياب، إنه سيقترح إجراء انتخابات نيابية مبكرة.

وأخرج عناصر الجيش اللبناني بالقوة في وقت متأخر مساء السبت، عشرات المتظاهرين من مقر وزارة الخارجية في بيروت، بعدما اقتحموها لساعات وأعلنوها "مقراً للثورة".

واستقدم الجيش تعزيزات إلى محيط الوزارة بعد نحو ثلاث ساعات من اقتحام المتظاهرين للمبنى الواقع في منطقة الأشرفية شرق بيروت ورفع شعار "بيروت عاصمة الثورة" على واجهته الخارجية.

ووقعت عمليات كرّ وفرّ واسعة في جميع أنحاء العاصمة، حيث رمى عدد من المحتجين الحجارة والمفرقعات باتجاه القوى الأمنية، التي ردت بإطلاق الغاز المسيل للدموع، ما أدى إلى إصابات بين الجانبين.

وفي وقت سابق، اقتحم محتجون من ضمنهم ضباط وعسكريون متقاعدون مبنى وزارة الخارجية اللبنانية في حي الأشرفية، ورفعوا لافتة كبيرة مكتوب عليها: "بيروت مدينة منزوعة السلاح"، وأخرى كتبوا عليها: "بيروت عاصمة الثورة".

وقال المتحدث باسم العسكريين المتقاعدين، العميد المتقاعد سامي رماح، في بيان تلاه من أمام المقر عقب اقتحامه: "من مقر وزارة الخارجية الذي اتخذناه مقرًا للثورة، نطلق النداء إلى الشعب اللبناني المقهور للنزول إلى الساحات والمطالبة بمحاكمة كل الفاسدين".

وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع ‎والرصاص المطاطي على محتجين في محيط البرلمان، في المقابل، دعا الجيش اللبناني، المحتجين إلى "الالتزام بسلمية التعبير والابتعاد عن قطع الطرق والتعدي على الأملاك".

وأفاد الصليب الأحمر اللبناني بإصابة 238 شخصا على الأقل من المحتجين والقوات الأمنية، ولفتت إلى نقل 63 إلى المستشفيات، في حن تلقى 175 مصابين العلاج الميداني؛ وأوضحت أن 13 فرقة تعمل على نقل الجرحى وإسعاف المصابين.

وأعلنت قوى الأمن الداخلي اللبنانية مقتل أحد عناصرها خلال الاشتباكات مع المتظاهرين وسط العاصمة اللبنانية، ونقلت وكالة "رويتز" عن مصدر في الشرطة اللبنانية، قوله إن أحد عناصر الشرطة قتل خلال اشتباكات مع المحتجين.

وأشارت تقارير ميدانية إلى أن عدد المصابين تجاوز الأرقام المعلنة، من جراء الاختناق بالغاز المدمع ونتيجة التدافع والإصابة بالحجارة ورصاص قوى الأمن المطاطي.

وانتشرت منذ ساعات الصباح، قوى الأمن الداخلي، وقوات مكافحة الشغب ودوريات التابعة لقوات الجيش اللبناني في محيط العاصمة اللبنانية، تزامنا مع التظاهرات احتجاجا على فساد النخبة الحاكمة.

كما اقتحم متظاهرون غاضبون مباني وزارتي الاقتصاد والبيئة وجمعية المصارف، وسط العاصمة بيروت، وأضرموا النيران في الطابق الأرضي من مبنى جمية المصارف، قبل أن يتدخل الجيش اللبناني لصدّهم، وفق شهود عيان.

وأفادت المصادر بأن عناصر الجيش دخلوا من باب خلفي وبادروا إلى إخماد النيران ودفع المتظاهرين الى الخارج، فيما كانوا يرددون هتاف "يسقط يسقط حكم المصرف".

وعملت قوى الأمن على فرض طوق أمني في محيط البرلمان، وسط إصرار المتظاهرين على التواجد في المنطقة حيث اندلعت اشتباكات مع قوى الأمن التي حاولت إجبار المتظاهرين على التراجع باتجاه ساحة الشهداء.

وفي بيان صدر عنها، قالت قوى الأمن الداخلي اللبناني: "نطلب من المتظاهرين عدم التعرض لعناصرنا الذين يقومون بواجبهم للحفاظ على الأمن"، ذكرت أنه "نتفهم غضب المتظاهرين ونطلب منهم ضبط النفس والتعبير بشكل سلمي".

وتوافد المتظاهرون تباعًا إلى وسط بيروت آتين من مناطق عدة وسط إجراءات أمنية مشددة. وانطلقت مسيرة حاشدة من شارع مار مخايل المتضرر بشدّة إلى وسط بيروت، رافعين لافتة كبيرة ضمّت أسماء قتلى الانفجار.

وسُرعان ما سُجلت مواجهات بين القوى الأمنية ومحتجين في طريق مؤد إلى مدخل البرلمان. وأطلق الشبان الحجارة على عناصر الأمن الذين ردوا بإطلاق القنابل المسيّلة للدموع في محاولة لتفريقهم.

وردّد المتظاهرون شعارات عدّة "بينها "الشعب يريد إسقاط النظام" و"انتقام انتقام حتى يسقط النظام"، و"بالروح بالدم نفديك يا بيروت". كما نصبت في مواقع عدة في وسط بيروت مشانق رمزية، دلالة على الرغبة في الاقتصاص من المسؤولين عن التفجير.

وأفادت المصادر بأن المتظاهرين الغاضبين "عمدوا إلى تحطيم زجاج رافعة تحمل حواجز إسمنتية لدعم الإجراءات الأمنيّة في محيط مجلس النواب". واستطاع المحتجون إزالة العائق الحديدي المؤدي إلى المجلس النيابي، فردّت القوى الأمنية بإطلاق القنابل المسيلة للدموع.

وذكرت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام (رسمية) أن "المواجهات ما زالت مستمرة عند نقطة فندق لوغراي بين المحتجين وعناصر مكافحة الشغب، في حين يشهد الطريق الممتد من الفندق حتى بيت الكتائب المركزي حشودا من المواطنين، بالإضافة إلى تجمعات كثيفة عند مسجد محمد الأمين".

وأضافت أن "جميع المنافذ الرئيسية وغير الرئيسية التي توصل إلى مجلس النواب في وسط بيروت من جهة ساحة الشهداء وشارع البلدية وساحة رياض الصلح، تشهد مواجهات ومحاولات اقتحامات من المحتجين".

وأثار الانفجار، الذي حوّل بيروت ساحة خراب كبيرة وشرّد نحو 300 ألف شخص من منازلهم، تعاطفًا دوليًا مع لبنان، الذي يصله مسؤولون غربيون وعرب تباعًا وتتدفق المساعدات الخارجية إليه عشيّة مؤتمر عبر تقنية الفيديو تنظمه فرنسا بالتعاون مع الأمم المتحدة، يوم غد الأحد، دعمًا للبنان، وأعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مشاركته فيه.

وأوقفت السلطات، التي تعهّدت بمحاسبة المسؤولين عن الانفجار وعن تخزين كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت منذ ست سنوات من دون إجراءات وقاية أو حماية، أكثر من 20 شخصًا على ذمّة التحقيق، بينهم مسؤولون في المرفأ والجمارك ومهندسون، على رأسهم رئيس مجلس إدارة المرفأ، حسن قريطم، ومدير عام الجمارك، بدري ضاهر، وفق مصدر أمني.

ولليوم الرابع على التوالي، تلملم بيروت جراحها ويعمل متطوعون وسكان أحيائها المتضررة على رفع الركام وشذرات الزجاج التي تطايرت في كل مكان وإصلاح ما يمكن إصلاحه في منازلهم المتضررة بشدة من الانفجار الذي يعد من بين الأضخم في التاريخ الحديث.

وشهدت منصات التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت، دعوات أطلقها ناشطون ومجموعات مدنية ممن شاركوا في التظاهرات التي شهدها لبنان منذ 17 تشرين الأول/ أكتوبر ضد الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد والعجز عن إيجاد حلول للأزمات المتعاقبة، إلى التظاهر في بيروت تحت شعارات عدة بينها "علّقوا المشانق" و"يوم الحساب".

إلى ذلك، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، مساء اليوم، ارتفاع حصيلة ضحايا الانفجار إلى 158 قتيلا وأكثر من 6 آلاف جريح، في حين أوضحت أن 21 شخصا لا يزالون في عداد المفقودين.

التعليقات