سودانيون يتظاهرون رفضا للتطبيع... مسؤول حكوميّ: مرهون بتشكيل البرلمان

تظاهر عشرات السودانيين، قبيل انتصاف ليل الجمعة، في العاصمة الخرطوم، رفضا لاتفاق التطبيع مع إسرائيل *التظاهرة أول ردة فعل شعبية في السودان على إعلان الرئيس الأميركي أن الخرطوم وتل أبيب اتفقتا على تطبيع العلاقات

سودانيون يتظاهرون رفضا للتطبيع... مسؤول حكوميّ: مرهون بتشكيل البرلمان

محتج سوداني على الأوضاع المعيشية في البلاد (أ ب)

تظاهر عشرات السودانيين، قبيل انتصاف ليل الجمعة، رفضا لاتفاق التطبيع بين بلادهم مع إسرائيل، في شارع رئيسي شرقي الخرطوم. وهتف محتجون: "اسمع اسمع يا برهان (رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان)... لا تطبيع مع الكيان". كما رددوا "لا تفاوض ولا سلام... ولا صلح مع الكيان"، و"لا بنستسلم ولا بنلين.. نحن واقفين مع فلسطين".

والتظاهرة أول ردة فعل شعبية في السودان على إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في وقت سابق الجمعة، أن الخرطوم وتل أبيب اتفقتا على تطبيع العلاقات بينهما.

وأعلنت أحزاب سياسية سودانية، الجمعة، رفضها لاتفاق التطبيع بين بلادها وإسرائيل، وعزمها تشكيل جبهة لمناهضته في مقابل أحزاب أخرى تدعمه. وأعلن تكتل سياسي بالائتلاف الحكم بالسودان – قوى إعلان الحرية والتغيير – الجمعة عن رفضه للتطبيع بين بلاده وإسرائيل وكشف عن تشكيل جبهة مقاومة. جاء ذلك بحسب بيان لتحالف قوى الإجماع الوطني، وهو ثاني أبرز مكونات قوى إعلان الحرية والتغيير حمل عنوان "لا للتطبيع مع الكيان الصهيوني".

وذكر البيان أنه "نرى أن شعبنا، الذي يتم عزله وتهميشه، بطريقة منهجية، عبر الصفقات السرية، غير ملزم بما ينتهي إليه التطبيعيون من اتفاقيات، وسيلتزم شعبنا بمواقفه التاريخية، ويعمل من خلال جبهة عريضة لمقاومة التطبيع ودعم الشعب الفلسطيني من أجل الحصول على كامل حقوقه المشروعة".

والخميس، هدد رئيس حزب الأمة القومي، الصادق المهدي، أنه سيسحب تأييده للسلطات الانتقالية في البلاد، إذا أقدمت على التطبيع مع إسرائيل. وشدد المهدي – وهو من مكونات الحرية والتغيير - في بيان على أن العلاقات مع إسرائيل "لا صلة لها بالسلام، بل سوف تدفع نحو مزيد من المواجهات، لا سلام بلا عدالة".

وأضاف أن "مؤسسات الحكم الانتقالية غير مؤهلة لاتخاذ أية قرارات في القضايا الخلافية، مثل إقامة علاقات مع دولة الفصل العنصري إسرائيل". وعن موقف الحزب في حال التطبيع، قال المهدي: "نسحب تأييدنا لمؤسسات الحكم الانتقالي، إذا أقدمت على إقامة علاقات مع دولة الفصل العنصري والاحتلال".

وتتوافق أحزاب البعث والشيوعي والناصري في منظومة تحالف قوى الإجماع الوطني والأمة القومي – ضمن مكونات الحرية والتغيير - والمؤتمر الشعبي وحركة الإصلاح الآن – خارج التحالف الحاكم – على مناهضة أي علاقة بين الخرطوم وتل أبيب.

"التطبيع مرهون بتشكيل المجلس التشريعي"

إلى ذلك، نقلت وكالة "الأناضول" للأنباء عن مسؤول سوداني لم تسمّه، القول إن التطبيع مع إسرائيل مرهون بتشكيل المجلس التشريعي في البلاد للموافقة على القرار.

وأضاف المصدر: "خطوة التطبيع مع إسرائيل إجراءاتها معقدة وتتطلب توافق كامل بين أجهزة السلطة الانتقالية التي لم تستكمل بعد". وتابع أنه "لا بد من تشكيل المجلس التشريعي أولا للموافقة على قرار إقامة علاقات مع إسرائيل".

وقال وزير الخارجية السوداني، عمر قمر الدين، إن المصادقة على الاتفاق حتى يدخل حيز التنفيذ تظل من اختصاص الأجسام التشريعية في البلاد، وذلك في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السودانية الرسمية. وأكد أن الحكومة الانتقالية وافقت على اتفاق التطبيع.

وأوضح قمر الدين أن "كثيرًا من الأمور ستكون مرهونة بقيام المجلس التشريعي (لم يشكل بعد) والمهم أن الذي تم هو الاتفاق فقط على التطبيع". وأردف: "ستتم عملية التطبيع بعد اكتمال البناء الدستوري من خلال المجلس التشريعي الذي سيصادق على ذلك". وأشار إلى أن البلاد ستشهد خلال الأيام المقبلة زيارة شخصيات من مختلف دول العالم، دون تفاصيل.

وأضاف أنه "سوف نستفيد من التطبيع في التكنولوجيا المتقدمة، ومن ثم سيبدأ عمل اقتصادي واستثمار في الري والطاقة والبنى التحتية".

"موجة جديدة من القمع"

ويرى محللون أن اتفاق السودان مع إسرائيل وأميركا، سيفتح الباب أمام موجة جديدة من القمع في البلاد، باعتبار أن الحكومة وجدت لها سندا دوليا يمكنها من ممارسة القمع وكبت للحريات، لا سيما للرافضين للاتفاق أو معارضيها.

وقال الصحافي محمد عمر لوكالة "الأناضول"، إن "الموقف السياسي لحكومة السودان، الذي مثله مجلسا الوزراء والسيادي، بالموافقة على التطبيع مع إسرائيل، لا يخرج عن كونه بحث عن مصالحهم في حكم السودان وليس للشعب السوداني". وأضاف أن "المؤيدين للتطبيع مع إسرائيل من أحزاب سياسية وعسكر، يعبرون عن موقف سياسي واحد، يتمثل في مصالحهم وليس مصلحة السودان".

وكان اللافت، بحسب "الأناضول"، ترحيب العديد من المسؤولين السودانيين بخبر رفع العقوبات عبر صفحاتهم الرسمية على موقعي "تويتر" و"فيسبوك"، ثم صمتهم عن الحديث بعد إعلان التطبيع مع إسرائيل.

ويرى مراقبون، أن هذا الصمت من المسؤولين السودانيين، يظهر أن قرار التطبيع سيكون له عواقب داخلية واسعة، بسبب الاعتراضات المتوقعة، علاوة على أن السودان ليس مستقرا في الأساس، ويشهد حوادث أمنية ويعاني من أزمات اقتصادية طاحنة.

وفي 21 آب/ أغسطس 2019، بدأت في السودان، فترة انتقالية تستمر 39 شهرًا وتنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وتحالف "إعلان قوى الحرية والتغيير"، قائد الحراك الشعبي.

والخميس، قال مصدر سوداني، إن السلطة الانتقالية؛ مجلسا السيادة والوزراء، ليس لديهما أية مشكلة في إقامة علاقات مع إسرائيل ولا عداء له معها. وأوضح أن مسؤولين سودانيين لم يسمهم، أبلغوا وفدا إسرائيليا أميركيا زار الخرطوم، الأربعاء، أن الحوار بشأن العلاقات مع إسرائيل سيبدأ بعد إصدار الأمر التنفيذي من الرئيس الأميركي برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.

وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قد أعلن الجمعة، عن إنهاء "العداء" بين إسرائيل والسودان وعن إجراء رئيس الحكومة الإسرائيليّة، بنيامين نتنياهو، اتصالا هاتفيًا برئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء، عبد الله حمدوك.

وقال نتنياهو إنه "اليوم نعلن انفراجة دراماتيكية أخرى من أجل السلام، دولة عربية أخرى تنضم إلى دائرة السلام، وهذه المرة؛ تطبيع بين إسرائيل والسودان".

وأضاف نتنياهو في بيان أنه "تم إقرار اللاءات الثلاث لجامعة الدول العربية في الخرطوم عاصمة السودان عام 1967: لا سلام مع إسرائيل، لا للاعتراف بإسرائيل، ولا للمفاوضات مع إسرائيل، بينما الخرطوم اليوم تقول نعم للسلام مع إسرائيل".

التعليقات