بوتين يعلن اعتراف روسيا بمنطقتي لوغانسك ودونيتسك الانفصاليتين شرقي أوكرانيا

اعترف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مساء الإثنين، باستقلال منطقتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا، وذلك خلال خطاب عاطفي بثّه التلفزيون الرسمي، رغم تحذيرات الغرب من أنّ الخطوة قد تعود على موسكو بعقوبات واسعة.

بوتين يعلن اعتراف روسيا بمنطقتي لوغانسك ودونيتسك الانفصاليتين شرقي أوكرانيا

(أ ب)

  • بوتين يأمر الجيش الروسي بالتوجه إلى المنطقتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا
  • الاتحاد الأوروبي يستعد لفرض عقوبات ردا على الاعتراف باستقلال المنطقتين
  • أوكرانيا والغرب في حالة تأهب تحسبا لاختلاق روسية ذريعة للغزو
  • واشنطن تفرض عقوبات على لوغانسك ودونيتسك الانفصاليتين
  • موسكو: عربات مدرعة أوكرانية حاولت دخول روسيا
  • كييف تصف المزاعم الروسية بالنبأ الكاذب

اعترف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مساء الإثنين، باستقلال منطقتين انفصاليتين في حوض دونباس شرق أوكرانيا، وذلك خلال خطاب عاطفي بثّه التلفزيون الرسمي، رغم تحذيرات الغرب من أنّ الخطوة قد تعود على موسكو بعقوبات واسعة.

وقال بوتين "أعتقد أنه من الضروري اتخاذ قرار تأخّر كثيرًا، بالاعتراف فورًا باستقلال وسيادة كلّ من جمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوغانسك الشعبية"، قبل أن يبثّ التلفزيون الرسمي لقطات لتوقيعه في الكرملين مع زعيمي المنطقتين الانفصاليتين على اتفاقيات للتعاون المشترك.

وأضاف الرئيس الروسي أنه واثق من أن المواطنين الروس يؤيدون هذا القرار، متجاهلا التحذيرات الغربية بأن مثل هذه الخطوة ستكون غير قانونية وستقضي على مفاوضات السلام؛ في حين طالب بوتين مجلس الدوما (البرلمان الروسي) بدعم هذا القرار.

وفي خطابه المطول الذي ركز على البعد التاريخي، قال بوتين إن أوكرانيا جزء لا يتجزأ من تاريخ روسيا، معتبرا أن "أوكرانيا الحديثة بشكلها الحالي شكلت من قبل روسيا بعد ثورة 1917 بالكامل"، مشددا على أن "منطقة دونباس (التي تضم منطقتي دونيتسك ولوغانسك) سُحبت من سيادة روسيا ونقلت إلى السيادة الأوكرانية".

واعتبر بوتين في خطابه أن أوكرانيا باتت مستعمرة أميركية ذات "نظام كالدمية". واتهم الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو) بتحويل أوكرانيا إلى "مسرح حرب"، وقال إن موسكو تخشى نشر قوات الحلف هناك وتشعر بالقلق من التجسس المتواصل للطائرات المُسيرة الأميركية عليها عبر أوكرانيا.

وأضاف بوتين أن "مراكز تدريب الحلف في أوكرانيا ترقى إلى مستوى القواعد العسكرية للحلف" وأن "موسكو تعتبر انضمام كييف المحتمل إلى الحلف تهديدا مباشرا لها". وكرر بوتين رفض روسيا القاطع لانضمام كييف إلى الناتو، وذكر أن "دستور أوكرانيا لا يسمح بإقامة قواعد عسكرية أجنبية على أراضيها".

وقال بوتين إنه "إذا حصلت أوكرانيا على أسلحة دمار شامل فإن الوضع العالمي سيتغير تغيرا جذريا ولا يسعنا تجاهل ذلك"، وأضاف أن "الأسلحة النووية تصل إلى حد الاستعداد لمهاجمة روسيا"، مشيرا إلى أن "أوكرانيا لديها المعرفة النووية السوفيتية".

وأضاف بوتين "لقد شاهدنا خمس موجات توسع للحلف في الآونة الأخيرة"، مشددا على أنه "لقد تلقينا وعودا بألا يتوسع حلف الأطلسي لكن ما حدث عكس ذلك"، وذلك في خطابه الذي جاء بعد ساعات من لقائه مسؤولين أمنيين وتأكيده بأنّه سيقرّر "اليوم" بشأن إن كان سيعترف بالمنطقتين الانفصاليتين.

وطالب بوتين أوكرانيا بوقف كل العمليات العسكرية ضد الموالين لموسكو في شرق البلاد "فورُا" تحت طائلة تحميلها المسؤولية عن أيّ سفك للدماء. وقال: "نطالب بوقف العمليات العسكرية فورًا... وإلا فإنّ المسؤولية عن استمرار سفك الدماء ستقع على ضمير النظام الحاكم في أوكرانيا بشكل كامل".

وأنهى بوتين خطابه بالإعلان عن الاعتراف باستقلال المنطقتين وعمد إلى الخوض في التاريخ بدءا من عهد الإمبراطورية العثمانية مرورا بالاتحاد السوفيتي وعهد ستالين وحتى الأيام الأخيرة التي تشهد توترا متصاعدا حول توسع حلف شمال الأطلسي شرقا، وهو مصدر إزعاج كبير لموسكو في الأزمة الحالية.

بوتين يأمر الجيش الروسي بالتوجه إلى في لوغانسك ودونيتسك

وسرعان ما أمر بوتين، الجيش الروسي بـ"حفظ السلام" في المنطقتين الانفصاليتين المواليتين لموسكو في شرق أوكرانيا اللتين اعترف لتوّه باستقلالهما.

ويأمر المرسومان اللذان وقعهما بوتين وزارة الدفاع الروسية بأن "تتولّى القوات المسلحة الروسية مهمة حفظ السلام على أراضي ‘الجمهوريتين الشعبيتين‘" دونيتسك ولوغانسك.

وأفادت الرئاسة الروسية (الكرملين) بأن بوتين وجه وزارة الخارجية الروسية بـ"إجراء محادثات" مع كل من سلطات دونيتسك ولوغانسك حول "إقامة علاقات دبلوماسية" و"تسجيل الاتفاقات التي سيتم التوصل إليها بهذا الشأن في وثائق مناسبة".

وذكر الكرملين أن توجيه الرئيس الروسي للجيش بـ"تنفيذ مهمات ضمان السلام" في ودونيتسك لوغانسك، تأتي استجابة لطلبات في هذا الشأن من قبل رئيسيهما، دينيس بوشيلين، ودينيس باسيتشنيك، وبموجب اتفاقي الصداقة والتعاون والمساعدة المتبادلة اللذين وقعهما بوتين خلال خطابه.

ونقلت شبكة "فوكس نيوز" الإخبارية الأميركية، أن تقديرات البنتاغون تشير إلى أن روسيا قد تتقدم نحو أوكرانيا الليلة، عبر إرسال قوات عسكرية إلى المناطق الانفصالية التي اعترف بها.

كما أفاد مسؤول أوروبي رفيع تحدث لصحيفة "ذي غارديان" (لم تسمه)، قوله إن "بوتين يريد كامل أوكرانيا وقد يكون الاعتراف بالمنطقتين الانفصاليتين مجرد نقطة بداية لتصعيد أكبر".

واشنطن تفرض عقوبات على المنطقتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا

وفور انتهاء خطاب الرئيس الروسي، أعلن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أنّه ناقش مع نظيره الأميركي، جو بايدن، اعتراف روسيا بالمنطقتين الانفصاليتين المواليتين لها في شرق بلاده.

فيما أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي، بايدن، سيصدر أمرا تنفيذيا قريبا يحظر "الاستثمار والتجارة والتمويل الجديد من قبل الأميركيين إلى أو من أو في" المنطقتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا، بعد اعتراف بوتين بهما كيانين مستقلين.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، في بيان، إن الأمر التنفيذي "سيخول أيضا سلطة فرض عقوبات على أي شخص يتبين أنه يعمل في هاتين المنطقتين من أوكرانيا".

وأضافت المتحدثة أن المزيد من الإجراءات وشيكة، وقالت إنها منفصلة عن العقوبات التي تستعد الولايات المتحدة وحلفاؤها لفرضها إذا غزت روسيا أوكرانيا.

وقبيل الخطاب أعلنت الرئاسة الروسية (الكرملين)، أن الرئيس بوتين، يعتزم الاعتراف باستقلال منطقتي دونيتسك ولوغانسك، وسط تحذيرات أوروبية من بالرد على الخطوة الروسية المرتقبة، واصفين الخطوة بأنها "انتهاك أحادي الجانب" لاتفاقات مينسك الموقعة في العام 2015.

وأفاد الكرملين أن الرئيس الروسي أبلغ المستشار الألماني، أولاف شولتس، والرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أنه بصدد توقيع مرسوم يعترف باستقلال دونيتسك ولوغانسك "قريبا". وجاء في بيان الكرملين أنه "في المستقبل القريب يعتزم الرئيس توقيع أمر" بالاعتراف باستقلال المنطقتين، مشيرًا إلى أن ماكرون وشولتس أعربا لبوتين عن "خيبة أملهما" إزاء القرار خلال محادثات هاتفية بينهما وبين بوتين.

الاتحاد الأوروبي يهدد في الرد "بحزم"

في المقابل، ندّد الاتحاد الأوروبي باعتراف الرئيس الروسي، بوتين، باستقلال المنطقتين الانفصاليتين المواليتين لموسكو في شرق أوكرانيا، واصفًا الخطوة بأنّها "انتهاك صارخ للقانون الدولي" ومتوعّدًا الكرملين بردّ "حازم" عليها.

وقال رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، ورئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، في تغريدتين منفصلتين إنّ "الاعتراف بالمنطقتين الانفصاليتين في أوكرانيا يشكّل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ولسلامة أراضي أوكرانيا ولاتفاقيات مينسك. الاتحاد الأوروبي وشركاؤه سيردّون بوحدة وحزم وتصميم بالتضامن مع أوكرانيا".

الناتو: روسيا تختلق ذريعة لغزو أوكرانيا

بدوره، أدان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، اعتراف بوتين بمنطقتين لوغانسك ودونيتسك في شرق أوكرانيا، قائلًا إن الخطوة تمثّل انتهاكًا لاتفاقيات وقّعت موسكو عليها، واتهم موسكو باختلاق ذريعة لغزو جديد.

وقال ستولتنبرغ في بيان "أدين قرار روسيا الاعتراف بــ‘جمهورية دونيتسك الشعبية‘ و‘جمهورية لوغانسك الشعبية‘ المعلنتين من جانب واحد. هذا يقوّض سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها ويضعف الجهود الرامية لحلّ النزاع وينتهك اتفاقيات مينسك التي تُعدّ روسيا طرفًا فيها".

واعتبر أن "موسكو تواصل تأجيج الصراع في شرق أوكرانيا من خلال تقديم الدعم المالي والعسكري للانفصاليين. كما تحاول اختلاق ذريعة لغزو أوكرانيا مرة أخرى".

لندن: الاعتراف الروسي "انتهاك لوحدة أراضي أوكرانيا"

من جهته، ندّد رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، باعتراف روسيا بالجمهوريتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا، معتبرًا إياه "انتهاكًا صارخًا لسيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها".

وقال جونسون خلال مؤتمر صحافي إنّ اعتراف الرئيس بوتين باستقلال لوغانسك ودونيتسك يعدّ "تنصّلًا من عملية واتفاقيات مينسك" التي أبرمت في 2015 لإحلال السلام في أوكرانيا.

بدورها، لفتت وزيرة الخارجية البريطانية، ليز تراس، إلى أنّ خطوة بوتين "تؤذن بنهاية عملية مينسك وتمثّل انتهاكًا لميثاق الأمم المتحدة". وأضافت "لن نسمح بأن يمرّ انتهاك روسيا لالتزاماتها الدولية من دون عقاب".

من جهته، أفاد جونسون في حديث للصحافيين في 10 داونينغ ستريت، "ستواصل المملكة المتحدة القيام بكل ما يمكن للوقوف إلى جانب الشعب الأوكراني مع حزمة عقوبات قوية للغاية".

وأكد أنّ لندن ستطلق العقوبات "مع أول خطوة توغّل أو غزو روسي. لكنّ كل ما حصل يُعدّ نبأ سيئًا للغاية". وأضاف "سنجري محادثات عاجلة مع أصدقائنا وحلفائنا حول العالم، علماً بأنهم جميعا يدعموننا في حزمة العقوبات هذه".

وتابع "بات من الواضح أنّنا سنحتاج لبدء ممارسة أكبر قدر ممكن من الضغط إذ إنّه من الصعب رؤية كيف يمكن لهذا الوضع أن يتحسن".

وقبيل خطاب الرئيس الروسي، أكد مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أنّ التكتل "على استعداد للردّ" في حال اعترف بوتين باستقلال المنطقتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا.

وقال بوريل، بعدما التقى وزراء خارجية الاتحاد في بروكسل، "ندعو الرئيس بوتين إلى احترام القانون الدولي واتفاقيات مينسك ونتوقع منه بألا يعترف باستقلال لوغانسك ودونيتسك". وأضاف "نحن على استعداد للرد عبر جبهة قوية وموحدة في حال قرر القيام بذلك".

من جانبه، اعتبر المستشار الألماني، شولتس، مساء اليوم، أنّ أيّ اعتراف روسي باستقلال مناطق انفصالية في أوكرانيا من شأنه أن يشكّل "انتهاكًا أحادي الجانب" لاتفاقات مينسك الموقعة في العام 2015، وذلك في أعقاب محادثات هاتفية أجراها مع بوتين.

وإزاء خطورة الأوضاع، يجري المستشار الألماني محادثات طارئة مع الرئيسين الفرنسي، ماكرون، والأوكراني فولوديمير زيلنسكي، و"الشركاء الأقرب" لألمانيا، وفق ما أعلن المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفان هيبيشترايت.

ودعا المتحدّث باسم الأمم المتحدة، مساء اليوم، "كلّ الأطراف المعنية للامتناع عن أيّ قرار أو عمل أحادي الجانب من شأنه أن يقوّض وحدة أراضي أوكرانيا"، وذلك في معرض ردّه على سؤال عن الاعتراف المحتمل لروسيا باستقلال الانفصاليين في شرق أوكرانيا.

وقال المتحدث، ستيفان دوجاريك، "نؤكد دعوتنا إلى وقف فوري للأعمال العدائية، ونناشد جميع الأطراف التزام أقصى درجات ضبط النفس من أجل تجنب أي عمل أو بيان من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم التوترات". وشدد على وجوب "معالجة جميع الخلافات عن طريق الدبلوماسية".

هذا وأعلن الرئيس الأوكراني، زيلينسكي، مساء اليوم، أنه عقد اجتماعا لكبار مساعديه العسكريين والأمنيين بعدما حضّ المسؤولون الروس الرئيس بوتين على الاعتراف باستقلال المنطقتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا.

وقال زيلينسكي على "تويتر": "نظرًا للتصريحات التي صدرت خلال اجتماع مجلس أمن روسيا الاتحادية، أجريت مشاورات عاجلة مع (الرئيس الفرنسي) ماكرون و(المستشار الألماني) شولتس وعقدت اجتماعًا لمجلس الأمن والدفاع القومي".

التعليقات