ماكرون ولوبن يتأهلان للدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية

تأهّل الرئيس الفرنسيّ المنتهية ولايته، إيمانويل ماكرون، ومرشحة اليمين المتطرف، مارين لوبن، إلى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، بحسب ما أفادت وكالة "فرانس برس" للأنباء.

ماكرون ولوبن يتأهلان للدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية

صورتا لوبن وماكرون ("أ ب")

أظهرت التقديرات الأولى، تصدّر إيمانويل ماكرون، نتائج الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، الأحد، بفارق بضع نقاط مئوية عن منافسته اليمينية المتطرفة، مارين لوبن، وسيتواجه الاثنان في الدورة الثانية في 24 نيسان/ أبريل الجاري.

ووفق ثلاثة تقديرات من معاهد مختلفة، حلّ الرئيس المنتهية ولايته أولا، بحصوله على ما بين 27,6 و29,7 بالمئة من الأصوات، في نهاية حملة تعطلت بشكل كبير بسبب وباء كوفيد والحرب في أوكرانيا.

وجاءت مارين لوبن في المرتبة الثانية بنيلها 23,5 إلى 24,7 بالمئة من الأصوات، وفق تقديرات معاهد "أوبن واي" و"آي فوب" و"هاريس"، متقدمة على المرشح اليساري الراديكالي، جان لوك ميلانشون الذي حصد ما بين 19,8 بالمئة و20,5 بالمئة من أصوات الناخبين.

("أ ب")

ودُعي نحو 48,7 مليون فرنسي إلى مراكز الاقتراع للاختيار بين 12 مرشحا في الدورة الأولى في نهاية حملة خارجة عن المألوف طغى عليها وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19) أولا، ثم الحرب في أوكرانيا التي هيمنت على جزء من النقاشات.

وسجلت نسبة امتناع عن التصويت عالية راوحت بين 26,2 بالمئة و29,1 بالمئة وفق تقدير معهدين، ما يشير إلى نفور الفرنسيين المتزايد من نخبتهم السياسية. وتتجاوز هذه النسبة تلك المسجلة عام 2017 وبلغت حينها 22,2 بالمئة، في حين أن النسبة القياسية تبلغ 28,4 بالمئة وسجلت عام 2002.

وتبدو لوبن التي هزمها ماكرون في الدورة الثانية في انتخابات العام 2017، قريبة أكثر من أي وقت مضى من تحقيق النصر وفق استطلاعات الرأي التي أجريت قبل الانتخابات، وأظهرت تخلفها عن ماكرون بفارق ضئيل للغاية يقع ضمن هامش خطأ الاستطلاعات.

ولدى لوبن احتياطي أصوات منخفض نسبيا في الجولة الثانية في ضوء التقديرات التي منحت المرشح اليميني المتطرف الآخر إريك زمور بين 6,8 بالمئة و7 بالمئة من الأصوات في الدورة الأولى. لكنه يبقى أفضل من الانتخابات السابقة عندما لم يكن لها أي احتياطي أصوات محتملة.

وقد يكون لفوز لوبن تداعيات دولية مهمة، نظرا إلى مواقفها المعادية للتكامل الأوروبي ورغبتها مثلا في سحب فرنسا من القيادة المتكاملة لحلف شمال الأطلسي (الناتو).

ماكرون خلال كلمته بعد تصدّره الجولة الأولى ("أ ب")

وفوزها سيمثل سابقة مزدوجة، فلم يسبق أن حكمت فرنسا امرأة كما لم يحكم اليمين المتطرف البلاد قطّ.

وفي هذا الصدد، قال الخبير السياسي باسكال بيرينو عبر موقع "آرتي" إنه "في عام 2017، لم يكن لدى مارين لوبن احتياطي كبير، أما الآن فيمكنها الذهاب أبعد بكثير. سيتعين على ماكرون صيد الأصوات من جان لوك ميلانشون".

واعتبر لويس أليوت القيادي في "التجمع الوطني" حزب لوبن، على شاشة تلفزيون "فرانس 2" أن "انتخابات جديدة بدأت" داعيا إلى "تجمّع" من لا يريدون أن يفوز ماكرون بولاية ثانية.

وقالت لوبن في أول رد فعل لها بعد إعلان النتائج إن "ما سيحدد في 24 نيسان/ أبريل سيكون خيارا للمجتمع والحضارة"، متعهدة خصوصا "استعادة سيادة فرنسا" وإقرار إجراء استفتاءات بدعوة من المواطنين.

من جانبه، اعتبر وزير الاقتصاد والمالية برونو لومير أن "رؤيتين لفرنسا ستتواجهان".

وستكون المناظرة المتلفزة التقليدية في فرنسا بين دورتي الانتخابات، من المحطات الحاسمة في الحملة الجديدة التي تستمر أسبوعين اعتبارا من 20 نيسان/ أبريل.

وفي عام 2017، هيمن ماكرون على الساحة وباغت الكل، لكن هذه المرة تبدو ابنة جان ماري لوبن الذي كان أول من يقود اليمين المتطرف إلى الدورة الثانية للرئاسيات عام 2002، مستعدة أكثر.

وخاضت لوبن حملة ميدانية منذ البداية ركزت خلالها على القوة الشرائية التي تمثل الشاغل الرئيسي للناخبين، في حين أن ماكرون الذي انشغل بالحرب في أوكرانيا وربما كان واثقا جدا من استطلاعات الرأي، لم يشارك كثيرا في حملة الدورة الأولى.

المتطرفة لوبن ("أ ب")

وشهدت الحملة الانتخابية ظروفا غير مسبوقة، فقد تعطلت كثيرا بسبب جائحة كورونا والحرب.

وامتنع العديد من الفرنسيين عن التصويت أو ترددوا حتى اللحظة الأخيرة قبل اختيار أحد المرشحين الإثني عشر.

وسيكون الامتناع عن التصويت، إحدى القضايا الرئيسية في الدورة الثانية، بالإضافة إلى الحصول على أصوات ناخبي المرشحين المنهزمين في الدورة الأولى.

ودعا بعض المرشحين على الفور إلى قطع الطريق على مارين لوبن، مثل الشيوعي فابيان روسيل والاشتراكية آن هيدالغو ويانيك جادوت من الخُضر. أما مرشحة اليمين التقليدي، فاليري بيكريس، التي حصلت على 5 بالمئة من الأصوات، فقالت مساء الأحد، إنها ستصوت "عن وعي" لماكرون.

لكن إستراتيجية الاعتماد على ما يسمى "الجبهة الجمهورية" التي استخدمتها الأحزاب الحاكمة مدى عقود لمحاولة وقف تقدم أقصى اليمين، يبدو أنها لم تعد تحظى بثقة كبيرة لدى الناخبين.

وفي أوساط ماكرون، تعترف مصادر بأن "الجبهة الجمهورية" التي استفاد منها عندما انتخب في 2017، لم تعد أمرا بديهيا.

وإدراكا منه للخطر، دعا الرئيس المنتهية ولايته منذ بداية نيسان/ أبريل إلى "التعبئة" ضد اليمين المتطرف.

ووجد اليسار نفسه خارج الدورة الثانية للمرة الثانية على التوالي بعد عام 2017.

وكان المرشح اليساري الراديكالي جان لوك ميلانشون الذي جاء في المركز الثالث لكن بفارق واسع عن لوبن، قد حاول بلا جدوى توحيد أنصار اليسار المتنوعين بدعوتهم إلى "التصويت المفيد" لصالحه.

وحضّ ميلانشون أنصاره، مساء الأحد، على "عدم إعطاء صوت واحد لمارين لوبن" في الدورة الثانية في 24 نيسان/ أبريل.

في المقابل، دعا اليميني المتطرف إريك زمور الذي نال نحو سبعة في المئة من الأصوات في الدورة الأولى، مساء الأحد ناخبيه إلى التصويت للوبن في الدورة الثانية.

وقبل أسابيع، كانت استطلاعات الرأي تشير إلى فوز سهل لماكرون المؤيد للاتحاد الأوروبي والذي تعزز موقفه بفضل دبلوماسيته النشطة بشأن أوكرانيا والتعافي الاقتصادي القوي بالإضافة إلى ضعف المعارضة المتشرذمة. لكن شعبيته تراجعت بسبب دخوله المتأخر إلى الحملة الانتخابية إذ لم يعقد سوى تجمع انتخابي واحد كبير، وهو الأمر الذي اعتبره حتى أنصاره مخيبا للآمال، وتركيزه على خطة لا تحظى بالشعبية لزيادة سن التقاعد، إلى جانب الارتفاع الحاد في التضخم.

("أ ب")

في المقابل قامت لوبن المنتمية لليمين المتطرف والمتشككة في الاتحاد الأوروبي والمناهضة للهجرة بجولة في فرنسا تعلو وجهها الابتسامة والثقة وسط هتافات من أنصارها "سننتصر.. سننتصر".

وتعزَّز موقفها من خلال التركيز المستمر منذ شهور على تكاليف المعيشة والتراجع الكبير في الدعم لمنافسها في اليمين المتطرف إريك زيمور.

وكانت كل استطلاعات الرأي، قد أفادت بأن ماكرون ولوبن، اللذين سبق أن تواجها في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية عام 2017، هما الأوفر حظا للتأهل مجددا، اليوم، لكنها أشارت إلى تقلّص الفارق بينهما أكثر فأكثر.

التعليقات