رئيسة الوزراء البريطانيّة ليز تراس تستقيل من منصبها

استقالت رئيسة الوزراء البريطانية، ليز تراس من زعامة حزب المحافظين، بعديوم واحد من استقالة وزيرة داخليتها، في ذروة أزمة ثقة تعانيها تراس.

رئيسة الوزراء البريطانيّة ليز تراس تستقيل من منصبها

تراس خلال إعلان استقالتها (Getty Images)

أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية، ليز تراس، استقالتها من زعامة حزب المحافظين، وبالتالي من منصبها، في بيان ألقته من أمام مقرّ رئاسة الوزراء، اليوم الخميس، فيما دعا زعيم المعارضة البريطانية العماليّ، كير ستارمر إلى إجراء انتخابات عامة "الآن"، بينما أفاد مسؤول في حزب المحافظين بأنه سيتمّ اختيار رئيس وزراء جديد في البلاد، بحلول 28 تشرين الأول/ أكتوبر.

تابعوا تطبيق "عرب ٤٨"... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

يأتي ذلك بعد يوم واحد من استقالة وزيرة الداخلية، سويلا برايفرمان، من حكومة تراس، في ذروة أزمة ثقة تعانيها رئيسة الوزراء، التي أعلنت استقالتها بعد تولّيها رئاسة الوزراء، بـ45 يوما.

كما يأتي فيما كشف استطلاع للرأي، شمل نحو ثلاثة آلاف شخص، أن نصف الأسر البريطانية تخفض عدد الوجبات اليومية، بسبب غلاء المعيشة، ولا سيما ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي تسببت بتجاوز التضخم نسبة 10 % الشهر الماضي في البلاد.

تراس خلال إعلان استقالتها (Getty Images) (Getty Images)

وقالت تراس: "في ظل الوضع الحالي لا يمكنني إتمام المهمة التي انتخبني حزب المحافظين للقيام بها".

وذكرت أن "الحزب سيختار زعيما جديدا له خلال أسبوع"، مضيفة: "سأواصل أداء مهامي حتى اختيار زعيم جديد لحزب المحافظين".

وتابعت تراس: "أبلغت الملك (تشالرز الثالث)، قراري بالاستقالة من زعامة حزب المحافظين، وسأواصل أداء مهامي حتى اختيار زعيم جديد".

وفي وقت سابق اليوم، اعترفت تراس بأنها واجهت "يوما صعبا"، أمس الأربعاء، لكنّها شددت على وجوب أن تركّز الحكومة جهودها على أولوياتها. وقال المتحدث باسمها إنها تريد من الحكومة التركيز بنسبة أكبر على "إنجاز الأولويات" و"بنسبة أقل على السياسة".

وصباح اليوم التقت تراس برئيس "لجنة 1922" في الحزب المحافظ المكلّفة بالتنظيم الداخلي.

وبعيد إعلان استقالة تراس، عبر الرئيس الفرنسي، إيمانيول ماكرون، عن أمله في أن تستعيد بريطانيا استقرارها "بسرعة".

وفي موسكو، رأت وزارة الخارجية الروسية أن بريطانيا "لم تشهد مثل هذا العار من رئيس وزراء".

وكانت تراس قد اعتذرت أمس الأربعاء، لارتكابها أخطاء، بعد تراجعها عن خطة اقتصادية أثارت فوضى في الأسواق، لكنها في الوقت نفسه رفضت مطالبة المعارضة لها بالاستقالة من منصبها.

وقالت خلال جلسة لمجلس العموم شهدت سجالات حادة، يوم أمس، إنها في منصبها منذ أقل من شهرين، ونجحت في وضع سقف أسعار فواتير الطاقة، بحسب تعبيرها، مضيفة في خطابها: "أعتذر عن ارتكاب أخطاء في الماضي، لكن الصحيح فعله في هذه الظروف هو إجراء تغييرات".

متظاهر يرفع لافتة منازئة لتراس (Getty Images)

وردا على سؤال لزعيم حزب العمال المعارض كير ستامر، عن مبرر استمرارها في منصبها، أجابت رئيسة الوزراء بالقول إنها "مقاتلة ولا يمكن أن تتخلى من مسؤوليتها".

وتراجعت تراس عن معظم بنود برنامجها الاقتصادي الذي يشمل خفض ضرائب الشركات، وفي مواجهة الاضطرابات التي أثارتها الخطة في الأسواق، اضطرت لإقالة وزير الخزانة، كواسي كوارتنغ، وعيّنت مكانه وزير الخارجية والصحة السابق، جيريمي هانت.

وفي إشارة أخرى لتراجع شعبيتها، أظهر استطلاع جديد لمعهد "إبسوس" نشرت نتائجه أمس، أن 53% من الناخبين البريطانيين يعتقدون أن رئيسة الوزراء يجب أن تستقيل من منصب رئاسة الوزراء، كما اتهم 80% منهم حكومتها بأنها وراء ارتفاع تكلفة المعيشة.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته شركة "ريدفيلد آند ويلتون إستراتيجيز"، ونشرت نتائجه الإثنين الماضي، تقدم حزب العمال المعارض على حزب المحافظين الحاكم في بريطانيا بفارق 36 نقطة مئوية، حيث بلغت نسبة التأييد الشعبي لحزب العمال 56%، بينما حصل حزب المحافظين على 20% فقط.

وأدت أكبر قفزة لأسعار الغذاء في بريطانيا منذ عام 1980 إلى ارتفاع معدل التضخم إلى 10.1% في أيلول/ سبتمبر الماضي من 9.9% خلال آب/ أغسطس الماضي.

الصحف البريطانيّة: "فوضى" غداة جلسة تحوّلت إلى "سوق مزايدات"

وكانت عناوين الصحف الصادرة صباح اليوم الخميس، قد أجمعت على وصف الأوضاع بأنها "فوضى" غداة جلسة كارثية في وستمنستر تحوّلت إلى "سوق مزايدات".

واعتبرت صحيفة "ذا صن" أن ليز تراس باتت "محطمة"، و"سلطتها مهشمة بعد يوم سادته الفوضى العارمة"، مشيرة إلى "حكومة بصدد الانهيار أمام أعيننا".

من جهتها، اعتبرت صحيفة "ذا تايمز" اليمينية أن "رئيسة الوزراء تتمسك بالسلطة"، ونقلت عن مؤيد لتراس في الحكومة قوله إن "القرار نهائي".

تظاهرة تهدف إلى تسليط الضوء على التقاطُع بين أزمات المناخ وتكلفة المعيشة (Getty Images)

وقال عضو حزب المحافظين إد فايزي إن "السبيل الوحيد للخروج من هذه الفوضى هو بتنحي ليز تراس وتعيين النواب المحافظين، رئيسا جديدا للوزراء".

ومن شأن استقالتها أن تفتح المجال أمام تنافس داخل حزب المحافظين، يمكن اختصاره في حال توافق نواب الحزب على بديل لها، وإلا فإن النواب يمكنهم أن يرصوا الصفوف لطرح الثقة بها.

وقبيل إعلان استقالتها، جاءت الدعوات الجديدة إلى التنحي بعدما استقالت وزيرة الداخلية سويلا برايفرمان. كما كان وزير المالية، كواسي كوارتينغ المقرب من تراس، قد أقيل على خلفية خطة خفض الضرائب، واستبدل بجيريمي هانت، الذي سارع إلى إلغاء الخطة بشكل شبه كامل.

وأوردت صحيفة "ديلي تلغراف" أن برايفرمان استقالت بعد "سجال مباشر محتدم" مع تراس وهانت "على خلفية مطالبتهما إياها بتليين موقفها في ملف الهجرة".

وعيّنت تراس غرانت شابس خلفا لبرايفرمان، علما بأنها سبق أن أقالته من منصب سكرتير النقل لدى توليها رئاسة الحكومة. وكان شابس داعما لخصمها في الانتخابات التمهيدية للحزب ريشي سوناك.

وقالت برايفرمان المتشددة في ملف الهجرة إنها استقالت بسبب "مخالفة تقنية" لأنظمة الحكومة.

وجاء في كتاب استقالتها "ارتكبت خطأ وأتحمل المسؤولية، أنا أستقيل"، معربة من جهة ثانية عن "مخاوف جدية" حيال سياسة الحكومة التي تتخلى بحسب رأيها عن وعودها لا سيما في ملف الهجرة.

(Getty Images)

وواجهت تراس انتقادات لعدم تنحيها، بعدما حمّلت كوارتينغ مسؤولية خطة الموازنة الملغاة التي تسببت باضطراب في الأسواق.

وكتبت برايفرمان أن "الادعاء بعدم ارتكاب أخطاء والاستمرار وكأن أحدا لا يرى أننا ارتكبناها على أمل أن تستقيم الأمور بسحر ساحر، لا ينم عن جدية في العمل السياسي".

وجاءت استقالة برايفرمان بعد ساعات قليلة على جهود بذلتها تراس لتبديد الشكوك حول مصير ولايتها بتصديها للانتقادات في البرلمان.

ودافعت تراس عن نفسها في مواجهة دعوات للاستقالة من المعارضة، بعدما اضطرت للتراجع عن برنامجها الاقتصادي. وقالت بنبرة تحدٍّ: "أنا محاربة ولست شخصا ينسحب".

وتساءل زعيم المعارضة العمالية كير ستارمر: "ما فائدة رئيسة وزراء لا تصمد وعودها أسبوعا؟ معددا كل الإجراءات التي اضطرت تراس للتراجع عنها بضغط من الأسواق ومعسكرها.

ولاحقا، سادت الفوضى في البرلمان بعدما طرحت المعارضة مناقشة قرار مثير للجدل اتّخذته تراس بشأن استئناف التصديع، أي استخراج الغاز الصخري.

وقال نواب في حزب العمال إن صقور الحزب المحافظ، أجبروا نوابا محافظين على التصويت ضد المقترح العمالي، مشيرين إلى عشرات لم يتماشى تصويتهم مع التوجهات الحزبية.

والثلاثاء الماضي، أظهر استطلاع أجراه معهد "يوغوف" أن تراس هي الزعيمة الأقل شعبية للحزب على الإطلاق. وأظهر استطلاع آخر أن غالبية أعضاء الحزب يريدون رحيلها.

التعليقات