العفو الدولية تطالب بإطلاق سراح الأسير وليد دقّة فورًا وإنهاء الحرمان الممنهج من الرعاية الطبيّة

"لا ينبغي لوليد دقة وعائلته أن يشقوا طريقهم عبر متاهة قانونية في مثل هذه الأوقات المؤلمة" || "وفقًا للتقييمات الطبية، فإن أمام وليد عام أو عامان، وإن إبقاءه محتجزًا حتى 2025 هو عبارة عن قسوة مجانية". 

العفو الدولية تطالب بإطلاق سراح الأسير وليد دقّة فورًا وإنهاء الحرمان الممنهج من الرعاية الطبيّة

جانب من مسيرة إسنادية للأسير

طالبت منظمة العفو الدولية (أمنستي)، اليوم الأربعاء، بإطلاق سراح الأسير المريض وليد دقّة (62 عاما)، ابن مدينة باقة الغربية، بشكل فوريّ، كي يتمكن من تلقي رعاية طبية متخصصةـ وقضاء ما تبقى من حياته مع عائلته، مشددة على "مدى قسوة النظام القضائي الإسرائيلي في تعامله مع الفلسطينيين، بمن فيهم المصابون بمرض عضال أو مَن يُحتضرون".

يأتي ذلك فيما كانت المحكمة المركزية في اللد، قد رفضت في السابع من الشهر الجاري، الإفراج المبكر عن الأسير دقة، المعتقل منذ 38 عاما.

وذكرت "أمنستي" في بيان أصدرته اليوم، أن "عيادة سجن أيَلون الإسرائيلي (المعروف سابقًا باسم سجن الرملة)، تفتقر إلى التجهيزات اللازمة للتعامل مع حالته"، مؤكدة أنه "بعد تشخيص إصابته بالسرطان العام الماضي، منعته مصلحة السجون الإسرائيلية من إجراء عملية زرع نخاع عظمي كان من المحتمل أن تنقذ حياته بعد رفضها نقله إلى مستشفى مدني".

زوجة الاسير دقّة خلال مظاهرة مطالبة بإطلاق سراحه (أرشيفية)

وقالت مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، هبة مرايف، إن حالة الأسير دقّة "تُبرز مدى قسوة النظام القضائي الإسرائيلي في تعامله مع الفلسطينيين، بمن فيهم المصابون بمرض عضال أو مَن يُحتضرون. وتفاقمت حالة وليد الصحية أصلًا بسبب الإهمال الطبي من جانب مصلحة السجون الإسرائيلية، فعندما أصيب بجلطة في وقت سابق من هذا العام، رفضت نقله إلى مستشفى مناسب لمدة 11 يومًا، وهو تأخير أدى إلى مضاعفات هددت حياته. يواجه وليد دقة الآن احتمالية الموت المؤلم خلف القضبان".

وأضافت أن "حرمان السجناء من الحصول على الرعاية الطبية المناسبة، ينتهك المعايير الدولية لمعاملة السجناء، وقد يرقى إلى التعذيب"، لافتة إلى أنه "يجب على السلطات الإسرائيلية الإفراج عن وليد دقة لدواعٍ إنسانية في القريب العاجل، وضمان توفير الرعاية الطبية التي يحتاجها بصورة ماسة".

وقضى الأسير دقة حكمًا بالسجن مدته 37 عامًا. وأنهى مدة محكوميته هذه في آذار/ مارس 2023. وعلى الرغم من ذلك، فقد كان حُكم عليه بالسجن عامَيْن إضافيَيْن في 2018، بتهمة محاولة تهريب هواتف نقالة إلى أسرى فلسطينيين آخرين. ومن المنتظر الآن إطلاق سراحه في آذار/ مارس 2025، وهو موعد قد لا يعيش دقة ليراه.

وفي 26 حزيران/ يونيو 2023، رفضت لجنة خاصة معنية بالإفراج المشروط طلب وليد دقة بالإفراج المبكر عنه في ضوء وضعه الصحي. وفي 7 آب/ أغسطس 2023، رفضت المحكمة المركزية في اللد التماس وليد دقة ضد قرار اللجنة المذكورة.

ويوضح تقرير منظمة العفو الدولية حول نظام الفصل العنصري الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، والذي نُشرَ في 2022، التمييز الممنهج الذي يمارسه نظام القضاء العسكري الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، وحرمانهم من الحق في المحاكمة العادلة، والإجراءات القانونية الواجبة.

الإهمال الطبيّ

وفي عام 2022، شُخِّصَت إصابة الأسير وليد دقة بسرطان التليف النقوي، وهو نوع نادر من سرطان نخاع العظام. كما أنه مُصاب بمرض الانسداد الرئوي المزمن. وذكرت "أمسنتي" في بيانها اليوم، أنه "في أعقاب تأجيل مصلحة السجون الإسرائيلبة نقل وليد إلى المستشفى لتلقي العلاج الطارئ بعد الجلطة الدماغية التي ألمّت به في شباط/ فبراير، تعرّض لمجموعة من المضاعفات، بما فيها الالتهاب الرئوي والفشل الكلوي، واضطر إلى استئصال معظم رئته اليمنى".

جانب من مظاهرة قطرية نُظّمت في باقة، إسنادا للأسير دقة ("عرب 48")

وأوضحت المنظمة أنها "راجعت تقييمًا طبيًا لحالته، أجراه اختصاصي أمراض الدم الإسرائيلي موشيه غات، الذي طلبت مشورته منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان في إسرائيل في كانون الثاني/ يناير 2023"، مشددة على أنه "مع تدهور حالة وليد الصحية، واصلت مصلحة السجون تجاهل توصية د. غات، بضرورة نقله إلى بيئة نظيفة وصحية".

ولفتت إلى أن سناء سلامة، زوجة الأسير دقة، قد أبلغتها بأن زوجها تعرض لإهمال طبي منهجي ومطوّل في السجن.

كما "اطلعت المنظمة على تقييم طبي أجراه ديمتري كلوتزكي، أحد كبار المسؤولين الطبيين في مصلحة السجون الإسرائيلية، الذي قال إن تشخيص حالة وليد كان ’سيئًا للغاية’، وإنه بحاجة للعون لممارسة جميع الأنشطة اليومية".

ولطالما وثقت منظمات حقوق إنسان فلسطينية، مثل مؤسسة "الضمير"، السياسة الإسرائيلية المتمثلة بالإهمال الطبي ضد الأسرى الفلسطينيين. كما أثارت منظمة الصحة العالمية والمقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، مخاوف بشأن معاملة مصلحة السجون الإسرائيلية للأسرى الفلسطينيين المرضى.

وتنص قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء على أنه "ينبغي أن يحصل السجناء على نفس مستوى الرعاية الصحية المتاح في المجتمع، وينبغي أن يكون لهم الحق في الحصول على الخدمات الصحية الضرورية مجانًا ومن دون تمييز على أساس وضعهم القانوني".

الحبس الانفراديّ العقابيّ

وكتب وليد دقة في السجن العديد من المقالات حول تأثير السجن على المجتمع الفلسطيني، ونشر رواية لليافعين والعديد من الرسائل التي تصف الحياة في الأسر، حُوّلت إحداها إلى مسرحية. وبعد نشر روايته لليافعين، زجت مصلحة السجون الإسرائيلية بوليد في الحبس الانفرادي العقابي.

ورفضت السلطات الإسرائيلية التماسات وليد وزوجته سناء بالسماح بزيارة زوجية. ويُحرم جميع الأسرى الفلسطينيين المصنفين على أنهم "سجناء أمنيون" من هذا الحق، الذي يُمنح عادة للسجناء الإسرائيليين اليهود، الذين يحملون التصنيف ذاته.

وفي عام 2019، تمكن وليد وسناء من تهريب حيواناته المنوية إلى خارج السجن، وولدت ابنتهما ميلاد في 2020. وزُجّ بوليد في الحبس الانفرادي بعد ولادة طفلته ميلاد، ولم يُسمح له برؤيتها إلا بعد مرور 18 شهرًا.

الأسير وليد وزوجته سناء وابنتهما ميلاد

ويخطّط أفراد عائلة وليد دقة، لتقديم استئناف للمحكمة العليا الإسرائيلية، ولكنهم، كما أخبروا منظمة العفو الدولية: "لا نملك ترف الوقت".

وبخصوص ذلك، قالت مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، إنه "لا ينبغي لوليد دقة وعائلته أن يشقوا طريقهم عبر متاهة قانونية في مثل هذه الأوقات المؤلمة".

وذكرت أنه "وفقًا للتقييمات الطبية التي اطلعنا عليها، فإن أمام وليد عام أو عامان، وإن إبقاءه محتجزًا حتى 2025 هو عبارة عن قسوة مجانية".

وحثّت "السلطات الإسرائيلية على الإفراج عن وليد دقة، وإنهاء الحرمان الممنهج من الرعاية الطبية الكافية للأسرى الفلسطينيين المرضى، والتأكد من احترامها لجميع المعايير الدولية لمعاملة الأسرى".

التعليقات