واشنطن وطهران تتبادلان السجناء في صفقة تشمل تحويل أرصدة لإيران بمليارات الدولارات

ذكرت وكالة "تسنيم" أن "معتقلين إيرانيين، هما مهرداد معين أنصاري ورضا سرهنك بور، تم إطلاق سراحهما في عملية تبادل السجناء الأيرانيين والأميركيين". وقد وصلا الدوحة.

واشنطن وطهران تتبادلان السجناء في صفقة تشمل تحويل أرصدة لإيران بمليارات الدولارات

وصول محتجزين أميركيين سابقين إلى الدوحة (Getty Images)

وصل خمسة سجناء أميركيين سابقين إلى الدوحة، بعد مغادرتهم إيران، في طائرة قطرية، فيما وصل محتجزان إيرانيان سابقان في الولايات المتحدة إلى العاصمة القطريّة كذلك، في إطار عمليّة تبادل سجناء بين واشنطن وطهران، شملت تحويل أرصدة مجمّدة إلى إيران.

ونَصّ الاتفاق الذي أُعلن عنه في العاشر من آب/ أغسطس الماضي، على أن تطلق إيران سراح خمسة أميركيين، فيما تفرج الولايات المتحدة عن خمسة سجناء إيرانيين، بوساطة من قطر.

وبعد تحويل أموال إيرانية مجمدة من كوريا الجنوبية مقدارها ستة مليارات دولار، هبطت الطائرة القطرية على مدرج مطار الدوحة الدولي، مساء اليوم.

وتعهّد الرئيس الأميركي، جو بايدن، مساء اليوم، "الاستمرار في فرض عقوبات على إيران، بسبب أعمالها الاستفزازية في المنطقة"، بعد عملية تبادل السجناء.

وقال بايدن: "عاد أخيرا خمسة أميركيين أبرياء كانوا محتجزين في إيران إلى الوطن"، و"سيلتم شملهم قريبا مع أحبائهم، بعد سنوات من الألم وعدم اليقين والمعاناة".

وشكر الرئيس الأميركي الحكومات التي شاركت في المفاوضات وهي قطر وعُمان وسويسرا وكوريا الجنوبية لعملها "الدؤوب" إلى جانب الأميركيين من أجل التوصل إلى هذا الاتفاق مع إيران.

كما أعرب بايدن عن امتنانه "الخاص" لأمير قطر، وسلطان عمان، "اللذين ساعدا في التفاوض على هذا الاتفاق".

وحذّر بايدن "حاملي جوازات السفر الأميركية من عدم الذهاب" إلى إيران.

وأشار بايدن إلى أن "لم شمل الأميركيين المحتجزين بشكل غير قانوني في الخارج مع عائلاتهم، كان أولوية لحكومتي منذ اليوم الأول"، قائلا إنه أعاد "العشرات من مواطنيه".

ومن أحدث هؤلاء، لاعبة كرة السلة بريتني غراينر التي كانت محتجزة في روسيا، وأُطلق سراحها في كانون الأول/ ديسمبر 2022 في مقابل الإفراج عن تاجر الأسلحة الروسي فيكتور بوت الذي كان مسجونا في الولايات المتحدة.

وقبل وصولهم إلى الدوحة، قال مصدر مطّلع على الملف في الدوحة، إنّ "طائرة قطرية أقلعت وعلى متنها السجناء الخمسة واثنان من أقربائهم برفقة السفير القطري" لدى طهران، متجهة نحو العاصمة القطرية. وفي واشنطن، أكّد مسؤول أميركي أن الأميركيين المفرج عنهم في إيران غادروا طهران بالفعل، بحسب ما أفادت وكالة "فرانس برس" للأنباء.

في المقابل، وصل إيرانيان أفرجت عنهما الولايات المتحدة إلى الدوحة، حسبما ذكرت وكالة "تسنيم".

لحظة وصول المحتجزين الأميركيين السابقين (Getty Images)

وقالت وكالة "تسنيم" إن "معتقلين إيرانيين، هما مهرداد معين أنصاري ورضا سرهنك بور، تم إطلاق سراحهما في عملية تبادل السجناء الأيرانيين والأميركيين".

وأضافت أنهما "يعتزمان التوجه إلى إيران، وصلا إلى الدوحة"، مشيرة إلى إطلاق سراح السجناء الثلاثة الآخرين أيضا، غير أنهم لا يريدون الذهاب إلى إيران.

وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى، إن واشنطن فرضت عقوبات على وزارة الاستخبارات الإيرانية، والرئيس السابق أحمدي نجاد.

وقبل بدء عمليات التبادل، قال محافظ البنك المركزي الإيراني، محمد رضا فرزين، إنّ طهران تلقّت "رسالة رسمية من السلطات القطرية، تشير إلى تفعيل حسابات ستة بنوك إيرانية"، مضيفا أنه "تمّ اليوم إيداع ما يعادل 5,573,492,000 يورو في حسابات المصارف الإيرانية لدى مصرفين قطريين".

والأصول المفرج عنها من حسابات في سويسرا، أموال مستحقة لإيران، بموجب بيع نفط إلى كوريا الجنوبية. لكنّ سيول كانت قد جمّدتها مذ انسحبت الولايات المتحدة أحاديا عام 2018 من الاتفاق بشأن برنامج طهران النووي، وأعادت فرض عقوبات على إيران.

وأشار فرزين إلى أن هناك "دعوى من إيران ضد كوريا الجنوبية، لعدم إتاحة الوصول إلى هذه الأموال وانخفاض قيمتها (...)، من أجل الحصول على تعويضات".

في الدوحة، قالت مصادر مطّلعة على عملية التبادل إنّ المواطنين الأميركيين سيخضعون لفحص طبي في العاصمة القطرية قبل مغادرتهم قطر. ومن المقرّر أن يسافر أربعة من المفرج عنهم إلى واشنطن، بينما سيتوجه الخامس إلى دولة خليجية أخرى، وفق "فرانس برس".

ويتزامن تطبيق الاتفاق مع الزيارة المرتقبة للرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، إلى نيويورك للمشاركة في الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة.

ومن المفرج عنهم رجل الأعمال سياماك نمازي الذي يمضي منذ العام 2016، عقوبة بالسجن عشر سنوات، لإدانته بتهمة "التجسس" لحساب الولايات المتحدة.

وتشمل أيضًا قائمة المفرج عنهم رجل الأعمال عماد شرقي، المدان بالسجن عشرة أعوام، لإدانته بتهمة بالتجسس، ومراد طهباز الذي يحمل أيضا الجنسية البريطانية، وحُكم عليه بالسجن 10 أعوام أيضا، بتهمة "التآمر مع الولايات المتحدة".

وهؤلاء الثلاثة يحملون الجنسية المزدوجة. إلى ذلك، فضّل الاثنان الآخران عدم كشف هويتهما.

في المقابل، أكد القضاء الإيراني في آب/ أغسطس 2022، أن "عشرات" الإيرانيين محتجزون في الولايات المتحدة. ومعظم هؤلاء مزدوجو الجنسية ومتّهمون بمخالفة عقوبات واشنطن على طهران.

(Getty Images)

وتشمل قائمة الإيرانيين المسجونين في الولايات المتحدة كامبيز عطار كاشاني ورضا سرهنك بور، المتهمين بمخالفة العقوبات الاقتصادية.

وتشدّد إدارة الرئيس الأميركيّ، جو بايدن على أنه يمكن لإيران استخدام هذه الأموال، حصرا لشراء الأغذية والأدوية والسلع الإنسانية الأخرى، التي لا تشملها العقوبات الأميركية. إلا أن بعض المسؤولين في طهران ألمحوا إلى عدم وجود قيود على إنفاق هذه الأرصدة.

وحذّرت واشنطن من أنها قد تعيد تجميد الأصول في حال استخدمتها طهران لغير الغايات الإنسانية المحدّدة.

وسبق للطرفين أن أبرما اتفاقات لتبادل السجناء آخرها في حزيران/ يونيو 2020، بالرغم من التوتر بينهما، والخلافات بشأن ملفات متشعبة.

ورأى محلّلون أن الاتفاق الجديد الذي تم التوصل إليه بعد أشهر طويلة من المفاوضات في الكواليس، يؤذن بتخفيف حدة التوتر بين الخصمين، وقد يفضي إلى مزيد من الجهود الهادئة للتعامل مع مخاوف، منها ما يتعلق ببرنامج إيران النووي، وتسارع وتيرته منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي لعام 2015.

إلا أنهم استبعدوا أن يمهّد الاتفاق لتفاهمات أكبر خصوصا بشأن النووي، لاسيما مع اقتراب ولاية بايدن من نهايتها، واستعداد واشنطن للدخول في أجواء الانتخابات الرئاسية المقررة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024.

ويأتي اتفاق تبادل السجناء والإفراج عن الأصول بعد زهاء عام من انهيار مباحثات هدفت لإحياء الاتفاق النووي.

وأتاح الاتفاق بين إيران والقوى الكبرى تقييد الأنشطة النووية لإيران، في مقابل رفع عقوبات اقتصادية عنها. لكن واشنطن انسحبت أحاديا منه في 2018 وأعادت فرض العقوبات، ما دفع طهران للتراجع تدريجيا عن التزاماتها النووية، وبخاصة في مجال تخصيب اليورانيوم.

وأجرت إيران والقوى الكبرى، بتسهيل من الاتحاد الأوروبي ومشاركة الولايات المتحدة بشكل غير مباشر، مباحثات اعتبارا من نيسان/ أبريل 2021 لإحياء الاتفاق، من دون أن تؤدي إلى نتيجة.

وفي وقت سابق الإثنين، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، أن عملية تبادل للسجناء مع الولايات المتحدة ستتم اليوم، وتشمل خمسة سجناء إيرانيين وخمسة أميركيين، بالإضافة إلى تحرير ستة مليارات دولار من الأرصدة المجمّدة لطهران في كوريا الجنوبية.

وكان المتحدث الإيراني، قد أضاف أن الأموال المجمدة في كوريا الجنوبية ستكون في حوزة إيران اليوم؛ فيما نقلت وكالة "رويترز" عن مصدر مطلع أن قطر أكدت لواشنطن وطهران تحويل أموال إيرانية بقيمة 6 مليارات دولار، إلى حسابات مصرفية في الدوحة.

كما أفاد المصدر بأن طائرة قطرية وصلت إلى إيران وهي على أهبة الاستعداد لنقل خمسة أميركيين سيتم إطلاق سراحهم قريبا، واثنين من أقاربهم إلى الدوحة، في وقت لاحق، اليوم.

وقال كنعاني، في مؤتمر صحافي: "نأمل في أن نلحظ اليوم (الإثنين) الاستحواذ الكامل على الأصول الإيرانية". وأشار إلى أن "تبادل السجناء سيتمّ في اليوم نفسه، وسيتم الإفراج عن خمسة مواطنين إيرانيين مسجونين في الولايات المتحدة" مقابل خمسة أميركيين كانت تحتجزهم الجمهورية الإسلامية.

وبعد ذلك، أوضح مسؤولان إيرانيان أنه سيتم نقل خمسة أميركيين محتجزين في إيران إلى المطار قريبا، فيما أكد مسؤول إيراني مطلع على عملية تبادل السجناء، أن الأميركيين الخمسة "في صحة جيدة".

ويسمح اتفاق تبادل السجناء، الذي توسطت فيه قطر وأُعلن عنه في العاشر من آب/ أغسطس الماضي، بمغادرة خمسة مواطنين أميركيين محتجزين في إيران، مقابل تحويل الأموال إلى بنوك في قطر، وإطلاق سراح خمسة إيرانيين محتجزين في الولايات المتحدة.

وفي إطار الاتفاق، أكدت واشنطن أنها وافقت على نقل ستة مليارات دولار، هي أصول إيرانية كانت مجمّدة في كوريا الجنوبية، إلى حساب خاص في قطر. وهذه الأصول هي أموال مستحقة لإيران بموجب بيع النفط الى كوريا الجنوبية. لكنّ سيول جمّدتها مذ انسحبت الولايات المتحدة أحاديا عام 2018 من الاتفاق النووي.

التعليقات