الجزائر: استقالة بوتفليقة رسميا

أخطر الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، مساء اليوم الثلاثاء، المجلس الدستوري، باستقالته الرسمية، وقراره إنهاء ولايته الرئاسية الرابعة. 

الجزائر: استقالة بوتفليقة رسميا

بوتفليقة وقايد صالح (أرشيفية - أ ب)

قدم الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، مساء اليوم الثلاثاء، استقالته رسميًا، وأخطر المجلس الدستوري، بقراره إنهاء ولايته الرئاسية الرابعة، بحسب وكالة الأنباء الجزائرية، وذلك بعد أسابيع من الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي تبعتها ضغوط سياسية.

وأفادت وسائل إعلام جزائرية بأن بوتفليقة أبلغ المجلس الدستوري قراره بإنهاء ولايته الرئاسية، مما يفسح المجال أمام إعلان حالة الشغور التي تنص عليها المادة 102 من الدستور والتي تنص على أنه " في حالة استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته، يجتمع المجلس الدستوري وجوبا ويُثبت الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية". 

جاء ذلك فور دعوة رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، مساء اليوم، إلى "التطبيق الفوري للحل الدستوري" الذي يتيح عزل بوتفليقة، حسب ما جاء في بيان صادر عن وزارة الدفاع.

وشدد صالح، على تمسك المؤسسة العسكرية بتطبيق مادة دستورية حول شغور منصب رئيس الجمهورية (المادة 102)، منتقدا ما أسماه "التعنت من قبل جهات لا تهمها سوى مصلحتها".

وأكد أن البيان الذي صدر الإثنين عن الرئاسة، معلنا استقالة الرئيس الجزائري قبل انتهاء ولايته في الثامن والعشرين من نيسان/ أبريل، "صدر عن جهات غير دستورية وغير مخولة"، وليس عن رئيس البلاد.

وأكد أن الجيش سيرفض أي قرار خارج الدستور، في إشارة إلى تعهد الرئاسة بقرارات هامة قبل رحيل بوتفليقة. وأضاف صالح: "بصفتي مجاهدًا ضد الاستعمار الفرنسي لا يمكنني السكوت عن ما يحاك ضد الشعب من مؤامرات".

وأشار إلى أنه "لا مجال للمزيد من تضييع الوقت وأنه يجب التطبيق الفوري للحل الدستوري المقترح المتمثل في تفعيل المواد 7 و8 و102، ومباشرة المسار الذي يضمن تسيير شؤون الدولة في إطار الشرعية الدستورية".

وتابع: "قرارنا واضح ولا رجعة فيه، إذ أننا نقف مع الشعب حتى تتحقق مطالبه كاملة غير منقوصة، وبصفتي ابن الشعب وبناء على المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقي، فلا يمكنني إلا أن أنحاز لهذا الشعب الذي صبر طويلا، وحان الوقت أن يسترجع حقوقه الدستورية المشروعة وسيادته الكاملة".

وشدد رئيس الأركان: "نؤكد مرة أخرى، أن مسعانا لإيجاد حل لهذه الأزمة ينبع حصرا من ولائنا للوطن وللوطن فحسب، لأننا على يقين بقدرة الشعب على تجاوز الأزمات، مهما كانت حدتها، ولأننا كذلك نؤمن يقينا أن الأشخاص مهما طال الأمد فمصيرها إلى الزوال، أما الوطن فهو باق للأبد".

وبعد أن عدد الفريق قايد صالح المساعي التي قام بها الجيش للخروج من الأزمة الحالية، أضاف "مع الأسف الشديد قوبل هذا المسعى بالمماطلة والتعنت وحتى بالتحايل من قبل أشخاص يعملون على إطالة عمر الأزمة وتعقيدها والذين لايهمهم سوى الحفاظ على مصالحهم الشخصية الضيقة غير مكترثين بمصالح الشعب وبمصير البلاد".

وأضاف أن المساعي التي يبذلها الجيش "تؤكد أن طموحه الوحيد هو ضمان امن واستقرار البلاد وحماية الشعب من العصابة التي استولت بغير حق على مقدرات الشعب الجزائري".

وحرص البيان على التشديد أنه صدر في ختام لقاء بين الفريق قايد صالح وقادة أسلحة الجو والبر والبحر وقادة المناطق. ولفت قايد صالح إن "عصابات تحاول تهريب أموال الشعب المنهوبة نحو الخارج"، دون أن يسمّ المقصود بكلامه.

ومنذ إعلان ترشحه لولاية خامسة في 10 شباط/ فبراير الماضي، بدأت احتجاجات شعبية في الجزائر غير مسبوقة في تاريخ البلاد، توسعت يوم 22 شباط/ فبراير إلى حراك شعبي ما زال متواصلًا إلى اليوم.

في ما يلي نصُّ رسالة الاستقالة التي قدّمها بوتفليقة للمجلس الدستوري للبلاد:

يشرفني أن أنهي رسميا إلى علمكم أني قررت إنهاء عهدتي بصفتي رئيسا للجمهورية، وذلك اعتبارا من تاريخ اليوم، الثلاثاء 26 رجب 1440 هجري، الموافق لـ2 نيسان/ أبريل 2019.

إن قصدي من اتخاذي هذا القرار إيمانا واحتسابا، هو الإسهام في تهدئة نفوس مواطني وعقولهم لكي يتأتى لهم الانتقال جماعيا بالجزائر إلى المستقبل الأفضل الذي يطمحون إليه طموحا مشروعا.

لقد أقدمت على هذا القرار حرصا مني على تفادي ودرء المهاترات اللفظية التي تشوب، للأسف، الوضع الراهن، واجتنابا (تجنبا) لأن تتحول إلى انزلاقات وخيمة المغبة على ضمان حماية الأشخاص والممتلكات، والذي يظل من الاختصاصات الجوهرية للدولة.

إن قراري هذا يأتي تعبيرا عن إيماني بجزائر عزيزة كريمة تتبوأ منزلتها وتضطلع بكل مسؤولياتها في حظيرة الأمم.

لقد اتخذت، في هذا المنظور، الإجراءات المواتية، عملا بصلاحياتي الدستورية، وفق ما تقتضيه ديمومة الدولة وسلامة سير مؤسساتها أثناء الفترة الانتقالية التي ستفضي إلى انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية.

يشهد الله جل جلاله على ما صدر مني من مبادرات وأعمال وجهود وتضحيات بذلتها لكي أكون في مستوى الثقة التي حباني بها أبناء وطني وبناته، إذ سعيت ما وسعني السعي من أجل تعزيز دعائم الوحدة الوطنية واستقلال وطننا المفدى وتنميته، وتحقيق المصالحة فيما بيننا ومع هويتنا وتاريخنا.

أتمنى الخير، كل الخير، للشعب الجزائري الأبي.

 

التعليقات