لقاح "أوكسفورد" يظهر فاعلية في التجارب السريرية وسباق على اقتنائه

في الوقت الذي يشهد فيه العالم سباقا لتطوير والحصول على لقاح ضد فيروس كورونا المستجد، أظهر لقاح يعمل عليه باحثون في جامعة أوكسفورد البريطانية، فعالية ضد كورونا و"استجابة مناعية إيجابية" في التجارب السريرية الأولى.

لقاح

من المختبرات في جامعة أوكسفورد (أ ب)

في الوقت الذي يشهد فيه العالم سباقا لتطوير والحصول على لقاح ضد فيروس كورونا المستجد، أظهر لقاح يعمل عليه باحثون في جامعة "أوكسفورد" البريطانية، فعالية ضد كورونا، و"استجابة مناعية إيجابية" في التجارب السريرية الأولى.

وشرعت وزارة الصحة الإسرائيلية في "مباحثات" وصفها الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" بـ"المتقدمة" مع شركة "أسترازينيكا" المنتجة للقاح الذي يعمل على تطويره الباحثون في أوكسفورد، في محاولة لتوقيع اتفاق يُمكّنها من شراء اللقاح.

وكانت الحكومة الإسرائيلية قد وقعت اتفاقا مع شركة الأدوية الأميركية "موديرنا" لشراء لقاح ضد كورونا، وبموجب الاتفاق فإن الشركة ستوفر لإسرائيل لقاحا ضد الفيروس تعمل على إنتاجه حاليا وهي في مرحلة متقدمة جدا من اختباره، وذلك في حال أثبت نجاعته وفاعليته.

وأعلنت الحكومة البريطانية، اليوم الإثنين، عن توصلها لاتفاقات للحصول على 190 مليون جرعة لقاح ضد فيروس كورونا المستجد من تطوير جامعة أوكسفورد وائتلاف "بيونتيك/فايزر" الألماني الأميركي ومختبرات "فالنيفا" الفرنسية.

وتناولت الاتفاقات التي أبرمتها الحكومة البريطانية 30 مليون جرعة للائتلاف الألماني الأميركي و60 مليونا للمجموعة الفرنسية (مع إمكان إضافة 40 مليون جرعة)، تضاف إلى اتفاق مع مجموعة "أسترازينيكا" البريطانية على مئة مليون جرعة من لقاح تطوره جامعة أوكسفورد، ويصنف بين أكثر مشاريع اللقاحات الواعدة في العالم.

ويتخطى عدد هذه اللقاحات بفارق كبير عدد سكان بريطانيا البالغ 66 مليون نسمة، لكن لا يزال من غير المعلوم إذا ما كانت ستؤتي نتائج إيجابية، وفي الحالة الأخيرة ما سيكون عدد الجرعات اللازمة لتلقيح الشخص عينه.

وأشارت الحكومة البريطانية في بيان إلى أنها باتت مع هذه الاتفاقات الجديدة تملك "نفاذا آمنا إلى ثلاثة لقاحات ضد ‘كوفيد 19‘ يجري تطويرها هنا وحول العالم، ما يعطي المملكة المتحدة كل فرص الحصول على لقاح آمن وفعال في أسرع وقت".

وفي تغريدة على حسابه الرسمي بموقع "تويتر"، وصف رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، النتائج الأولية للتجارب السريرية على لقاح أوكسفورد بأنها "أنباء إيجابية للغاية"، وهنأ "أبرز علماء وباحثي العالم في جامعة أوكسفورد"؛ وأضاف "لا توجد ضمانات. لم نصل لهذه المرحلة بعد ولا بد من إجراء المزيد من التجارب، لكن هذه خطوة مهمة على الطريق الصحيح".

ولفت وزير الشركات البريطاني، ألوك شارما، إلى أن "هذه الشراكات الجديدة مع شركات صيدلانية من الصف الأول ستوفر لبريطانيا أفضل فرص للحصول على لقاح يحمي الأشخاص الأكثر عرضة".

كذلك فتحت الحكومة البريطانية سجلا مخصصا للمتطوعين الراغبين في المشاركة في تجارب سريرية لتطوير لقاح، آملة في استقطاب نصف مليون مشارك محتمل بحلول تشرين الأول/أكتوبر.

وعقدت الحكومة اتفاقا مع "أسترازينيكا" لتطوير علاج يحوي أجساما مضادة ضد فيروس كورونا لمن لا يمكن تلقيحهم، بينهم المصابون بالسرطان أو بنقص مناعي.

تجارب على لقاحين أظهرت وجود "استجابة مناعية"

وعلى صلة، أظهر كذلك لقاح صيني قيد التطوير ضد كورونا، استجابة مناعية جيدة، بحسب نتائج تجربة سريرة بينت أنه آمن للمرضى.

ونشرت اليوم الإثنين مجلة "ذي لانسيت" البريطانية الطبية، نتائج التجارب على اللقاحين الصيني وذلك الذي يعمل باحثو جامعة أوكسفورد على تطويره ضد كورونا.

وأنتج اللقاح الذي تطوره أوكسفورد بالشراكة مع "أسترازينيكا"، "استجابة مناعية قوية" في تجربة على أكثر من ألف مريض.

فيما حقق اللقاح الذي يطور بدعم من شركة "كانسينو بيولوجيكس" الصينية، نتيجة جيدة في مجال إنتاج الأجسام المضادة لدى الغالبية من بين 500 مريض في تجربة منفصلة.

ولفتت التقارير إلى أن "اللقاح الذي طورته جامعة أوكسفورد آمنًا ويدرب جهاز المناعة، حيث أظهرت التجارب التي شملت حوالي 1077 شخصًا أن الحقن أدى إلى إنتاج أجسام مضادة يمكن أن تحارب الفيروس".

وأشار تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، إلى أن "النتائج واعدة للغاية، ولكن لا يزال من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان هذا كافيًا لتوفير الحماية ضد كورونا"، وأشارت إلى "تجارب أكبر جارية".

ويأمل الباحثون في بدء تجارب مماثلة في الولايات المتحدة الأميركية في الأسابيع القادمة. وأوضحت النتائج أن "اللقاح ينتج أجسامًا مضادة قوية، واستجابات مناعية لمدة تصل إلى 56 يومًا في المرضى".

ولا تزال التجربتان في مرحلة أولية وسيتعين إثبات فاعليتهما في تجربة لاحقة على عدد أكبر من المشاركين قبل درس تسويقهما على نطاق واسع.

غير أن النتائج كانت تنتظر بترقب شديد وسط سباق محتدم يخوضه العديد من الباحثين والمختبرات في العالم سعيا لإنتاج لقاح آمن وفعال ضد فيروس كورونا المستجد.

ولم تسجل أي من التجربتين مفاعيل جانبية خطيرة. والتأثيرات السلبية الأكثر شيوعا هي الحمى والتعب والألم في موقع الحقنة.

مختبرات شركة "أسترازينيكا" التي تعمل بالشراكة مع أكسفورد

وحذر واضعو الدراسة من أنه ما زال ينبغي إجراء المزيد من الأبحاث ولا سيما لدى شريحة المسنين التي تعتبر أكثر عرضة للوفاة جراء الإصابة بالفيروس.

وقالت الباحثة في جامعة أوكسفورد، ساره غيلبرت، التي ساهمت في الدراسة، إن النتائج "واعدة"، وأضافت "إذا كان لقاحنا فعالا، فهذا خيار واعد إذ أن هذا النوع من اللقاحات يمكن تصنيعه بسهولة على نطاق واسع".

واستخدم باحثو جامعة أوكسفورد سلالة معدّلة جينيا من الإنفلونزا العادية التي تصيب قردة الشمبانزي. وعدّلوا الفيروس لتمكين الخلايا من التعرّف على البروتين الفيروسي، وهو ما يساعد النظام المناعي في التعرّف على كورونا.

وبالإضافة إلى تشكيل أجسام مضادة في الدم، تبيّن أن استجابة الخلايا التائية (مجموعة من الخلايا اللمفوية الموجودة بالدم والتي تؤدي دورا أساسيا في المناعة الخلوية) لدى المرضى الذين تمت تجربة اللقاح عليهم كانت قوية، وهو ما ساعد أجسامهم في التعرّف على الفيروس وتحييده.

وقال عضو الفريق البحثي في جامعة أوكسفورد آندرو بولارد، إن "النظام المناعي يستخدم وسيلتين للعثور على مسببات الأمراض ومهاجمتها هي الأجسام المضادة والخلايا التائية".

وتابع أن "هذا اللقاح مصمم لتحفيز هاتين الوسيلتين، لكي يتمكن من مهاجمة الفيروس خلال تحرّكه داخل الجسم، كما مهاجمة الخلايا المصابة".

وتبيّن لفريق باحثي جامعة أوكسفورد أن الاستجابة المناعية لدى نحو 500 مريض تلقوا جرعة واحدة من اللقاح بقيت في ذروتها على مدى نحو 14 يوما ثم تراجعت على نحو طفيف بحلول اليوم السادس والخمسين، مع انتهاء فترة الدراسة. وتم إعطاء المرضى الباقين دواء وهميا هو عبارة عن لقاح مضاد لالتهاب السحايا.

واستخدمت التجربة الثانية التي أجراها مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها في مقاطعة جيانغسو الصينية، نسخة من فيروس الزكام البشري تم إضعافه لتوفير مواد جينية تخوّل الخلايا التعرّف على فيروس كورونا المستجد.

وتم إعطاء قسم من المرضى جرعات كبيرة من اللقاح التجريبي فيما أعطي القسم الآخر جرعات صغيرة. وأظهر أكثر من 90% من مرضى القسمين استجابات عبر أجسام مضادة أو خلايا تائية بعد ما بين 14 و28 يوما من إعطائهم اللقاح التجريبي.

وقال بروفسور علم الفيروسات الجزيئية في جامعة نوتنغهام جوناثان بول إن نتائج التجارب مشجّعة لكنه حذّر بأن "الطريق لا يزال طويلا". وأوضح "لم يتّضح ما إذا كانت مستويات المناعة يمكن أن تحمي من الإصابة"، وتابع "هذا ما يفترض أن تبيّنه المرحلة الثالثة من التجارب".

وفي الوقت الذي يواصل فيروس المستجد تسجيل معدل إصابات ووفيات قياسي حول العالم، قالت روسيا إنها تقترب من التوصل إلى لقاح للفيروس.

وتأمل السلطات في روسيا أن تنتج مع شركائها حوالي مئتي مليون جرعة من لقاح ضد كورونا هذا العام في حال نجاح الاختبارات السريرية، على ما أعلن مسؤول روسي رفيع المستوى، اليوم الإثنين.

وقال رئيس الصندوق السيادي الروسي الذي يمول البحوث الرامية لتطوير لقاح لكورونا، كيريل ديمترييف، في مقابلة مع موقع "ستوب كورونا فيروس" إن المرحلة الأولى من التجارب السريرية في روسيا "انتهت على أن تنتهي المرحلة الثانية بحدود الثالث من آب/أغسطس".

ولفت إلى أن المرحلة الثالثة من التجارب ستحصل على الأراضي الروسية وفي بلدان أخرى عدة، بينها خصوصا الإمارات العربية المتحدة وتركيا وبلدان إفريقية، على أن تنتهي بشهادة توثيق في روسيا "اعتبارا من آب/أغسطس".

التعليقات