05/04/2009 - 16:31

الحوار الفلسطيني المبتور/ حسن عبد الحليم

-

الحوار الفلسطيني المبتور/ حسن عبد الحليم
ينتظر إعمار غزة نتائج الحوار الوطني الفلسطيني. وما زال أصحاب المنازل التي هدمتها آلة الحرب الإسرائيلية يتعرضون لشتى صنوف المعاناة، نتيجة ظلم تسبب به الأعداء ويتقاعس عن رفعه الأصدقاء والأهل. إن مشهد بعض تلك العائلات في الخيام تحت المطر الشديد والبرد القارس قبل أسابيع مؤلم إلى أبعد حد، ولكنه لم يحرك نخوة أحد من أصحاب القرار. ويبدو أن معاناتهم ستطول، وحصار غزة سيتواصل.

ليس هناك ما يدعو للتفاؤل من نتائج حوار القاهرة للمصالحة الوطنية الفلسطينية.
فالظروف لم تتهيأ بعد لتجاوز الانقسام، بل ويمكن القول أن الفشل هو نتيجة حتمية. وحتى لو خرج المجتمعون بصيغة ما لاتفاق فإنه سينهار عند أول امتحان. ولا يغير شيئا استبدال الوساطة المصرية المؤيدة لأحد شقي الخلاف بوساطة أخرى طالما هناك تنافر بين نقطتي انطلاق الجانبين.

إن الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل وشروط الرباعية الجائرة هي أساس الانقسام فكيف يراد لها ان تكون أساس الوفاق؟ هناك خطان نقيضان لا يلتقيان، لا تلتقي استراتيجية المفاوضات الاستجدائية بالشكل الذي هي عليه اليوم، مع استراتيجية المقاومة. ولا يلتقي التنسيق الأمني مع إسرائيل مع المبادئ الوطنية. ولا يلتقي من رهن وجوده بالمفاوضات مع إسرائيل مع من يرى تلك المفاوضات عبثية وتفريطية ومهينة. ولا تلتقي وجهتي سلاح متناقضتين.

حتى لو اتفق أطراف الحوار على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، مع بقاء الظروف على حالها، فالاحتمال الأول أن تنجح حماس ويعود الوضع إلى ما هو عليه من الانقسام والتشرذم والتصادم، أو تنجح فتح وتستمر في المفاوضات التي تقودها السلطة الفلسطينية ويستمر التنافر بين خيار المفاوضات، الذي تستغله إسرائيل لابتزاز تنازلات من الفلسطينيين وفي فرض حقائق على الأرض، وبين خيار الممانعة والرفض والمقاومة، ولن تتمكن السلطة من احتواء فصائل المقاومة وإلحاقها بركب المفاوضات المهينة.

لم يكن أولمرت أفضل حالا من نتنياهو، ولكن الأخير يبدو أكثر وضوحا في تنكره للحقوق الفلسطينية وعدائه هو وزمرته لكل ما هو عربي، لذلك لدى الفلسطينيين فرصة لتعرية تعنت إسرائيل وتنكرها لحقوق الشعب الفلسطيني وانتهاج سياسة نضال طويلة الأمد بعيدة عن المراهنة على كرم إسرائيل ونواياها الحسنة المعدومة.

إن إعادة المسيرة الفلسطينية إلى مسار أفضل يتطلب من السلطة الفلسطينية إعادة النظر في مسيرتها واتفاقاتها مع إسرائيل التي تتنكر لها بكرة وأصيلا حتى لو تشدقت بالتزامها بها وتغنت بشعار «السلام» الذي فقد معناه ولبس ثوبا من المكر والخداع. والتوسع الاستيطاني وتهويد القدس الذي يسير بوتيرة محمومة خير دليل على ذلك، هذا إلى جانب استمرار تقطيع أوصال الضفة الغربية بالحواجز، وخنق الاقتصاد الفلسطيني(العدوان على غزة والحصار استثناء فهو يلقى تأييدا من بعض الأقطاب الفلسطينية المريضة)، والهجمات المتكررة على المدن الفلسطينية.

مفتاح المصالحة بيد السلطة الفلسطينية، حينما تعاد لحركة "فتح" الأصيلة قدرتها على اتخاذ القرار، وصياغة استراتيجيات النضال، وإعادة بناء الحركة الوطنية الفلسطينية على أسس جديدة، ونبذ تجار القضية وسماسرتها.


التعليقات