31/10/2010 - 11:02

كذبة الـ93% وسخرية الإعلام الحر/ حسن عبد الحليم

كذبة الـ93% وسخرية الإعلام الحر/ حسن عبد الحليم
أجمع أكثر من باحث فلسطيني أن جدار الفصل العنصري حال استكماله في منطقة القدس والأغوار(تتكتم السلطات الإسرائيلية على مخططه) سيبقي ما يقارب 55% من مساحة الضفة الغربية فقط داخله. وجدار الفصل كما بات معروفا هو الحدود الدائمة للدولة الفلسطينية حسب المخططات الإسرائيلية. وحسب مراكز الأبحاث الفلسطينية يقتطع الجدار 13% من أراضي الضفة الغربية ويبقي القدس التي تعتبر 10% من الضفة الغربية، وغور الأردن الذي يشكل 30% من مساحة الضفة الغربية خارجه.
وكانت إسرائيل أعلنت عن منطقة الأغوار مؤخرا منطقة عسكرية مغلقة وتفصلها عن باقي أجزء الضفة الغربية ببوابات وحواجز ويدور الحديث عن مخططات تستهدفها ستظهر في المستقبل القريب.

بالتالي فإن خطة أولمرت التي تحدثت عن دولة فلسطينية على 93% من الضفة الغربية مع عدم تقديم خرائط تبينها، وعلى ضوء استثناء القدس وغور الأردن، تعتبر كذبة كبيرة ودجل ليس له مثيل وتلاعب بالكلمات وتحايل على الحقائق، وتعني قيام دولة فلسطينية مشوهة مجزأة على 93% مما تبقى، أي على 93% من أقل من 55% من أراضي الضفة الغربية، وبكلمات أخرى- على أقل من 12% من فلسطين التاريخية التي تشكل المناطق المحتلة عام 1967- 22% منها فقط. مع العلم أن كل واحد بالمئة من أراضي الضفة الغربية يعادل مساحة مدينة تل أبيب وفقًا لما صرح به رئيس الليكود بنيامين نتنياهو مؤخرا.

أما فيما يتعلق بقانون الإخلاء والتعويض الذي يدفع نائب رئيس الوزراء، حاييم رامون، لإقراره، فهو يلقي بمزيد من الضوء على المخططات الإسرائيلية، إذ أن الحديث يدور عن إخلاء حوالي 70 ألف مستوطن فقط من بين 450 ألفا. أما الباقي فسيتم تجميعهم في ال7% الكاذبة أي في ال45% التي تبقت من الأراضي المحتلة عام 1967.
بعد كل عملية فلسطينية تعبر عن رفض القمع والتضييق وممارسات الاحتلال في القدس المحتلة، يشوه الإعلام الإسرائيلي الحقائق ويتجاهل عمدا أو بتأثير المفاهيم الموروثة والمكتسبة الأسباب الحقيقية والدوافع من وراء تلك العمليات، ويبحث في كل الأسباب ما عدا الأسباب الحقيقية، ويبحث عن دوافع ليس لها علاقة بممارسات الاحتلال.

العملية الأخيرة، التي وقعت مساء الاثنين الماضي، والتي أطلق عليها «عملية الدهس»، وبغض النظر عن التفاصيل والحقائق، وجد الإعلام الإسرائيلي «تفسيرا مبدعا» لدوافعها، بالتأكيد ليس الاحتلال والاستيطان والتضييق وإغلاق سبل المعيشة وامتهان كرامة الفلسطينيين والحقوق المصادرة والتهميش، بل غير ذلك، في اتجاه آخر لا يخطر على بال. فصباح يوم الثلاثاء تناقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية نبأ استقته من الأجهزة الأمنية الإسرئيلية مفاده أن منفذ العملية وهو شاب فلسطيني(19 عاما) من جبل المكبر في القدس، نفذ العملية بسبب رفض ابنة عمه لطلب خطبته لها، أي «تطيير زعل»!
عينت الحكومة الإسرائيلية عضو حزب العمل الصهيوني غالب مجادلة وزيرا للثقافة والعلوم ليعكس صورة مزيفة عن الديمقراطية الصهيونية ولاستخدام هذا التعيين دعائيا في وجه الحقائق التي تكشفها الحركة الوطنية داخل الخط الأخضر في المحافل العربية والدولية حول زيف ديمقراطية الكيان الصهيوني. ومن غير المستبعد أن لا يعود مجادلة إلى منصبه في الحكومة الجديدة التي كلفت ليفني بتشكيلها، إذ لا يعقل أن تكون ليفني بالغباء الذي يقودها إلى وقف مشروع متكامل لأسرلة ثقافة فلسطينيي الداخل.

يمكن القول أيضا أن تعيين مجادلة مرتبط بذهنية صناع القرار الإسرائيليين بقضية أخرى وهي قرار ملاحقة الدكتور عزمي بشارة وتلفيق تهم أمنية له بعد أن عجزوا عن تصفيته سياسيا، ليكون مجادلة الوجه الآخر لـ «العرب الصالحين» وعرضه على أنه يمثل الواقع العربي.

يسعى الوزير العربي الأول، كما أحبوا أن يطلقوا عليه، إلى خلق «ثقافة عربية إسرائيلية»، و«عرب إسرائيليين» منقطعين عن واقعهم وتاريخهم وثقافتهم، واعترض غاضبا، خلال افتتاحه نشاطا ثقافيا في بلدة عربية على أقوال أحد الحضور الذي عرف نفسه بأنه فلسطيني وصححه بأنه عربي إسرائيلي، فتراجع «المثقف» معتذرا عن استخدام كلمات لا تروق للوزير.

يمسك مجادلة بعصب حساس في تكوينتنا الثقافية، ويستخدم أنجع سلاح وهو تمويل المؤسسات الثقافية. ويدأب على زيارة تلك المؤسسات بكثرة ويفتتح أعمالها ويقص الشريط ويستقبل بحفاوة مثل وزير حقيقي وتتغلغل ثقافته شيئا فشيئا وتكتسب شرعية، وهنا تكمن الطامة.
لا يكون النقد نقدا إذا لبس أثواب العفة وأخفى تحتها الأحقاد والضغائن والمصالح، بل يكون مساهمة في تخريب الثقافة والذوق العام وإرخاء العنان لغرائز بدائية. وهذا النقد لا يسهم في التطور بل يحمل الثقافة السياسية إلى سراديب مظلمة ولا يعول عليه.
لا يكون النقد نقدا إذا كان مدفوعا بنزعات أو غرائز أو «مال» أو طلبا لجاه أو للتزلف لجهات أخرى ولا يعول عليه.
كل ناقد ينتقد من أجل النقد أو ليقول «أنا هنا» هو ظاهرة ركيكة عابرة ولا يعول عليه.
لا يشترط بالناقد أن يكون محايدا، ولكن توجيه النقد للخصوم يجب أن يكون مبنيا على حقائق.
كل نقد لا يهدف إلى الإصلاح أو لتحسين وضع ما أو التعاطي مع حالة لها تأثير على المصلحة العامة أو على القضية الوطنية هو ليس نقدا ولا يعول عليه. وكل ناقد لا يضع نصب عينه النهوض بالأداء السياسي ورفع سقف الثقافة السياسية هو ليس ناقدا ولا يعول على نقده.
كل ناقد يواجه التطرف بتطرف لا يسهم في الإصلاح بل يؤجج الأجواء ويعود بنتائج عكسية، ويضع الطرف الآخر في حالة دفاع عن النفس والتمترس في تطرفه بل ربما يزيده تطرفا. وهذا النقد هو من النوع التدميري، والناقد هو من النوع المدمر.
كل ناقد هو محل انتقاد لا يعول على نقده ولا يؤخذ على محمل الجد. وهو يحاول بالنقد إخفاء عوراته والانتقال من الدفاع إلى الهجوم.
كل نقد لا ينطلق من الهم الوطني هو ليس نقدا ولا يعول عليه؛ وكل ناقد يطرح بدائل أسوأ من القائمة هو مشروع تخلف ولا يعول على نقده..

التعليقات