31/10/2010 - 11:02

للسياسة آلامها! (أسرانا – أيلي كوهين)/ رضوان الجوهري

للسياسة آلامها! (أسرانا – أيلي كوهين)/ رضوان الجوهري
كلنا أبناء الوطن الأم سورية، وكلنا ذو حق في التمسك بما يضمنه لنا دستورنا والمطالبة به بمنطقية الحدث والحالة والشكل. لكن كل ذلك مرهون بأي نوع من الممارسة قد سلكنا لإيصال ذلك أو تلك الفكرة.

باعتقادي الجازم ان أبواب الحوار مع قيادتنا في الوطن والممثلة بكافة مؤسساته مفتوحة أمام الجميع، فلماذا لا يكون هذا الشكل هو العنوان لنا؟ الطرح الإعلامي ليس هو البديل بل قد يسفر عن نتائج سلبية على آليات التنسيق وفهم العلاقة الصحيحة بين أبناء ارض محتلة وبين وطنهم وقيادتهم.

التساؤلات عديدة حول ما ورد في مقالة الصديق أيمن ابوجبل، باعتقادي هنالك مغالطات، بل قد تكون إخفاقات في طرح الفكرة وفي إدراكها السياسي المستقبلي. فهل نحن نعتبر أنفسنا "طرفا محايدا " فيما يجري؟ وهل واجبنا أن نكون "الوسيط" بين الوطن والاحتلال؟ نحن لسنا حياديين، بل ننتمي إلى وطن ودفاعنا عنه هو عنوان لا يمكن التفريط به وهو فقط المشرع.

لا يمكن أن نكون الوسيط لأجل طرح حلول ومخارج لقضية أيلي كوهين أو غيره. فهذا مطلب إسرائيلي ولا يجوز الوقوع بهذا الفخ الذي سيترك رواسب سياسية غير مفهومة وسلبية وتعرقل فهمنا لتوطيد وتطوير التواصل مع الوطن.

نحن جميعا نتوق شوقا لإطلاق سراح رفاقنا القابعين هنالك وسط دهاليز المعتقل، وكلنا ذو حق شرعي في الطلب من وطننا وقيادتنا العمل الدؤوب على إطلاق سراحهم. لكن ليس كل ما هو مرغوب وعاطفي ممكن سياسيا، فأخاديد العلاقات السياسية تفوق الشكل العاطفي. وإذا كنا نطرح أنفسنا أشخاصا ذوي تطلعات سياسية وعقلانية وذات طابع عام وليست عاطفية آنية ومؤقتة لمرحلة ما، علينا التعاطي بمنطق الممكن السياسي وليس بمنطق الرغبات وان كانت مؤلمة.

كما وان هنالك إخفاقات أخرى في طروحات أخرى. فقد طرح الجانب الإنساني في المقالة، فهل علينا كمواطنين سوريين دفع وطننا إلى المأزق الإنساني السياسي وكأنه لا يبالي بمواطنيه وخاصة بمرحلة تتعملق فيها الهجمة على الوطن سورية! فمن الأجدر لنا أن نحمل والوطن ذلك العبء لنتجنب سويا تلك الهجمة الشرسة علينا.

كما وورد بشان قضية " لم الشمل " وهنا أتساءل بمنطق السؤال المدرك للجواب: من الذي يعيق كل تلك الإمكانيات؟ أليس الاحتلال الذي يستغل ذلك لمكسب سياسي؟ فالوطن، وكلنا يعلم انه فتح أبوابه التعليمية والطبية وحتى الإنسانية أمام الجميع، وما أخرنا إلى الوطن إلا حراس الطرق إلى هناك، ومن هم هؤلاء الحراس؟ احتلال يسعى إلى كسب أي موقف سياسي على حساب قضايا إنسانية.

فأي طلب قد يكون ذلك الذي يدفع الوطن نحو تنازل سياسي ومبدئي بطبيعة الحال، ولأجل فكرة عاطفية ليس الوطن شريك في ألمها، وليس هو الذي وخزنا بذلك الألم، بل، قدر المستطاع سياسيا، يداوي تلك الحالة. كلنا يعلم بان الوطن ليس بحاجة إلى تفاح، لكنه خطى تلك الخطوة لبلورة شكل أخر من التواصل مع الأرض المحتلة ومسؤولياته اتجاهها.

نعم، لنا مطالب من وطننا الأم، وهذا شرعي جدا، ولكن علينا إدراك الأسلوب لطرح هذه المطالب. فالشكل المباشر هو الحل وليس الإعلامي الذي قد لا يعود علينا إلا بتشويش التطلعات المستقبلية.

كل ذلك يقودني إلى تحليل شرعي لما يمر في ذهني من مشاهد الأصوات التي تعلو ليس في افقها الصحيح. لماذا أثيرت الآن قضية أيلي كوهين بالشكل الذي أثيرت به وزج بها أسرانا دون علم بما يحدث ودون الأخذ بعين الاعتبار بان هذا الشكل وهذا الطرح لا يقبلونه ولا يمثلهم. أليس من المنطقي أن أتساءل حول الشكل الذي اتبع لإثارة هذه الحالة؟ أليس شرعي أن أتساءل من أثار أو أدرج أسرانا بقائمة مطالب أم وابنة أيلي كوهين؟ بكل الأحوال لست ألان في صدد الدخول بكل تلك التفاصيل، لكنني أود وبشدة لفت الانتباه، وان نقرأ الواقع الداخلي والخارجي بتمعن وان ندرك ان " التفاصيل!" ليست بتلك البساطة التي تم التحدث عنها.

علينا الدراسة المتأنية لكل شكل من التحرك الإعلامي والسياسي وغيره، وليس من خلال حماس مرحلة تتأجج فيها الكثير من العواطف. وهنالك الكثير من الأسرى الذين ذاقوا الآمرين وسط الزنازين ويعلمون تماما أي عذاب يمر كل يوم على رفاقنا الذين بذلوا الغالي لأجل الوطن. لكننا كذلك نعلم تماما ما يمكن أن يمثل أسرانا من طرح وأسلوب لقضيتهم وقضيتنا العادلة. وهنا لا أتكلم اعتباطا، بل إدراكا لذلك.

التعليقات