31/10/2010 - 11:02

وزير الثقافة الهجينة../ راجي بطحيش

-

وزير الثقافة الهجينة../ راجي بطحيش
لا شك أن تعيين وزير عربي (أي وزير عربي) قد أثبت إشكاليته خلال فترة ولاية وزير الثقافة والرياضة مار مجادلة... وخاصة وإن كان في حقل غاية في الحساسية وجزء لا يتجزأ من معركتنا الوجودية على أرضنا...فإذا حاولنا تقييم أداء الوزير مجادلة في الفترة الأخيرة بالذات، فلا نخرج باستنتاج مضحك بحجة جهل وزير الثقافة بالثقافة، وحسب بل إن الموضوع أخطر من ذلك بكثير... فالوزير له أجندة مريبة ما، حاولنا التخلص منها في السنوات الأخيرة كفعاليات ثقافية وطنية بديلة..

يحاول الوزير خلق ثقافة عربية إسرائيلية تعيدنا إلى أيام فنون تلفزيون وصوت إسرائيل "البديعة" ومهرجان بيت الكرمة (السيئ الصيت) للثقافة العربية المؤسرلة... وهنا تكمن الخطورة ولا يجوز الاستخفاف بها أبدا.

فوزير ثقافة يهودي- يمينيا كان أو يساريا (وبسبب الانغلاق الحضاري الذي فرضه يهود هذه الديار على أنفسهم بتطلعهم الدائم نحو الغرب) لن تهمه مضامين ما يدعمه مما يقدم عربيا، وهو أصلا وافتراضيا لن يبذل جهدا في التدخل في محاولة تشكيل ثقافة لا تعنيه أصلا وقد يكون (على الغالب ) من محتقريها.. وهو يكتفي بذلك بالتوقيع على توزيع أموال الوزارة (الشحيحة أصلا عربيا) على ما يتقدم، ويترك المهام البيروقراطية لذلك للموظفين المتوسطين والصغار في الوزارة الذين هم جهلة أصلا ولا إستراتيجية واضحة (للسلب والإيجاب) لهم.

ولا شك وبما أن الإبداع يحتاج إلى ضخ أموال غير مشروط كي يتحقق، فإن السنوات الأخيرة (قبل عهد مجادلة) قد شهدت مزيجا من الثقافة البديلة الفلسطينية المستقلة، والتي تتلقى دعمها من جهات رسمية و\أو غير رسمية متحايلة على الانسداد الثقافي للآخر.

ولكن ومن يتابع هوامش الأخبار أخيرا في الصحف يلاحظ أن الوزير ممعن في تشكيل مشهد ثقافي- فني من خلال هدر أموال دافعي الضرائب على أمسيات "الفن العربي الإسرائيلي الأصيل" مستجلبا لذلك مطربات ومطربي الأعراس من الدرجة العاشرة وما فوق... وفرق الرقص على شاكلة "سلمى" و"لوسي" و"دينا" وبالطبع من تقديم "نجوم" وإعلاميو صوت إسرائيل بالعربية... إضافة إلى إطلاق نجوم (ميغاستارز) على هواة أمثال جورجيت أبو نصار- نوفي (من هذه؟).

والملاحظ أنه وفي هذه الأمسيات يهتم الوزير (ويا سبحان الله) أن تكون الصور الرئيسية الملخصة للحدث (الجلل) صحفيا هي صورته وحرمه حضورا في الصف الأول.... فيما يشبه "المخترة" حرفيا...

ولا يكتفي الوزير بذلك، بل هو يضع يديه أيضا على الأدب والأدباء من خلال إعادة تشكيله المهين لجائزة التفرغ.. والتي كانت حتى الآن (أو هكذا تعامل معها المعنيون فيها) بمثابة نوعا من استعادة حقوق مالية تحت تسمية "التفرغ" دون أي التزام أخلاقي تجاه الجهة المانحة... ولكن هذا العام (وفي العام السابق أيضا) لا شك أن هذه الجائزة (الإشكالية أصلا) أخذت منحى خطابيا خطيرا يصب وإن بشكل غير مباشر في محاولة التأسيس لأدب عربي محلي إسرائيلي (موال) ويحتفل بوسطيته الفنية علنا... ولا شك أن الأسماء التي تقاسمت الغنائم في السنتين الأخيرتين (نوعيتها وقيمتها أو انعدام قيمتها) تشهد على ذلك.

إذا هو نمط جديد وأخطر من كل ما سبق... لأنه يستمد قوته من مبدأ – أنا المختار- إذا هذه الأموال صارت لي وسأوزعها كما يروق لي أو بالأحرى (هكذا أعتقد) يروق لأسيادي...

التعليقات