مركز "فاتح المدرس"في الجولان المحتل يقيم معرضه الأول

وائل طربية لعرب48: "ليس من الضروري دائما الابحار في التاريخ لاختيار الاسماء..بجوارنا اشخاص نعاشرهم ونعرفهم وهم جديرون بالتكريم والتخليد"

مركز

دشن مركز "فاتح المدرس للفنون والثقافة" في الجولان المحتل، مساء اليوم السبت، معرضه السنوي الأول لدورات الفنون التشكيلية التي يقيمها المركز بإشراف الفنان، وائل طربية.

ضم المعرض 60 عملا فنيًا هي نتاج دورة تعليمية شارك فيها طلاب من أعمار مختلفة، وهم :ربيعة ابو صالح، ريم الصفدي، ماجدة الحلبي، اسوان عواد، منال الصفدي، امين ابو جبل ، مرح عواد، لبنى الصفدي، نرمين الصفدي، نورا ابراهيم، ندى الصباغ و سلمى ابراهيم

وحضر جمهور كبير من أهالي بلدة مجدل شمس والقرى السورية المحتلة افتتاح المعرض الذي من المقرر له أن يستمر لمدة أسبوع ( يوميا من الساعة الثالثة ولغاية العاشرة مساء).

وجاء في " بطاقة تعريف " وزعت على الزائرين: " فاتح المدرس هو شاعر البؤساء وأديب النهايات الفجائعية ورسّام الأرض الحزينة، ولأجل ذكراه نهدي معرضنا هذا...".

يشار إلى أن العام 1952 كان شهد التجلي الأول لفن فاتح المدرس من خلال عرضه للوحته العمومية الشهيرة كفرجنة ــ المنجزة بالأوان الزيتية علي قماش قياس 70X50 سم، كان ذلك خلال المعرض السنوي الرسمي الذي اقيم في المتحف الوطني بدمشق، لتمثل اللوحة - بحسب محمد الجزائري -" مشهدا ريفيا من توأم ضيعة طفولته حربتا فلاحة تحمل على رأسها حصادها اليومي، ممسوحة الملامح بسبب تأجيج لهيب الشمس في الارضية، يتحد جذعها بجذع شجرة معمرة في قلب الارض البكر، في وحدة تصل حد الالتحام الذي لا يحتمل انفصاما، شحنت اللوحة بتقنية حادة التعبير، لم تكن بعد مألوفة في (التعبيرية السورية)، وذلك من خلال تراكم تضاريس المادة الصباغية وتوتر خطوط العناصر الموضوعة في عكس الشمس وبتضاد لوني هائل، مع عنف اللمسات العصبية التي مزقت اشكال الشجرة، ووضعت التكوين على اطراف فناء حدده المرسومة فاكتسبت هذه الشروط المأساوية تيارا انفعاليا جارفا مجبولا بطبيعة المادة والادوات التشكيلية نفسها. "وقد شكل هذا العمل الفني انعطافا تشكيليا ــ كما يرى النقاد والباحثون ــ ليس على مستوى مسيرة المدرس الرائدة، حسب انما بشهرة الفنانين السوريين من حلب الى دمشق ونالت الجائزة الاولي في التصوير.

بعد دراسته للفن التشكيلي في دمشق انخرط لست سنوات مضنية في دراسة الفن ومشاهدته عيانيا في ايطاليا (1954 ــ 1960) فتمرس بالتجليات الثقافية لسنوات الثورة تلك، وتمرس في استخدام وسائل تعبير جديدة تناسب ذلك النهوض الثقافي العارم ــ عالميا وعربيا ــ وبخاصة وانه اختار محترف المعلم (جنتلليني) مذ ذاك، فاتسمت اعماله بالذاتية والتفرد، وان انتهت الي الناس وهمومهم . ومنذ عودته من روما (عام 1961) عمل مدرساً لمادة التصوير بكلية الفنون الجميلة (المستحدثة تلك السنة) .حافظ فاتح المدرس على ارتباطه بمعبد محترفه، يستبطن مرسمه قلب دمشق القديمة، في قبو تحت الارض، يحفل ببصمات ازمان التأمل التشكيلي الذي يوفر عليه الضجيج الروحي الذي يعاني منه العالم الخارجي.

وعبر أحد الذين حضروا افتتاح المعرض الأول لمركز " فاتح المدرس " عن سعادته بتكريم هذا الفنان الراحل في الجولان المحتل عبر تسمية المركز باسمه وإقامة معارض لأعمال طلاب المركز على شرفه...".

وقال آخر : "هذه خطوة مشجعة وايجابية وتستحق التقدير والدعم من الجميع، فنحن بحاجة لأطر يشرف على إدارتها أشخاص أكفاء ذوو خبرة ...وتزداد أهمية هذا المركز في ظل الاحتلال والانقطاع القسري عن الأطر ذات الصلة في وطننا التي كان من المفروض أن تقوم برعاية هذه النشاطات والفعاليات ودعمها خاصة وأن سلطات الاحتلال تتعمد إهمال هذه الجوانب في المؤسسات التعليمية الرسمية لأسباب معروفة".

في حين أكد لنا زائر اخر أن أبناء الجولان "يحاولون قدر الإمكان الاعتماد على الذات رافضين التعاون مع الاحتلال وأجهزته، وذلك عبر خلق بدائل محلية تتلائم وإمكانياتهم المتواضعة.." موضحا أن مركز فاتح المدرس في الجولان "لا يملك حتى الآن مقرا خاصًا به ولا صالة عرض ملائمة..".

 

وحول المعرض وتدشين مركز "فاتح المدرس " المرتقب، كان لنا هذا الحوار "العاجل" مع الفنان، وائل طربية

- لماذا " فاتح المدرس" ؟

اختيار فاتح المدرس ليكون المركز على اسمه يرجع لعدة اسباب اولها الرغبة بالاخذ بنموذج عربي مهم محليا وعربيا . أما السبب الثاني فهو التعددية الثقافية في شخصية فاتح المدرس من الفن التشكيلي الى الموسيقى والشعر والقصة..فاتح المدرس هو فنان عربي سوري..فنان ممعن في المحلية التي اوصلته للعالمية...ونحن نرى ان لهذا النموذج اهمية خاصة واساسية في مشروع بناء اي هوية ثقافية محلية ... السبب الثالث يعود لاعتقادنا انه ليس من الضروري دائما الابحار في التاريخ لاختيار الاسماء..بجوارنا اشخاص نعاشرهم ونعرفهم وهم جديرون بالتكريم والتخليد... وهناك سبب اخر وهو شمولية فاتح المدرس وكونه نموذج للمثقف الحقيقي، نموذج انتماؤه للانسان وليس لسلطة اي كانت ولا لاي جهة ضيقة... واخيرا ، عبر اختيار اسم " فاتح المدرس " نقوم بتعريف اهل منطقتنا بتراثه وفنه، وهي ايضا فرصة للتعريف بباقي الفنانين العرب..

هل تتواصلون مع اطر مشابهة؟ ام ان المركز في طور البناء، ايضا على هذا الصعيد ؟

لم نخطو، بعد، كثيرا على هذا الصعيد ..ولكن من الهام هنا ان نذكر ان الاعلان عن " مركز فاتح المدرس" لا يعني اننا بدأنا العمل اليوم..ربما يجوز وصف الاعلان عن المركز بتحول في الشكل.. فمن ناحية المضمون كنا قد بدأنا منذ عدة سنوات، ويدرس حاليا في جامعة دمشق طلاب من خرجي الدورات السابقة كما وهناك عدد اخر يدرس في الجامعات والمعاهد في الداخل الفلسطيني..حتى الان لا توجد لنا علاقات رسمية ونأمل ان نتمكن من تثبيث هذا المشروع الهام والحيوي..

هل يجوز الحديث عن " حالة ثقافية-فنية خاصة" في الجولان المحتل؟

اعتقد ان واقعنا لا يتخلف كثيرا عن الحالة العربية بشكل عام، ولكن بالامكان القول اننا اقرب ما نكون بوضعنا الى الريف الفلسطيني في الداخل... من الصعب الحديث عن حالة فنية او ثقافية في اربع قرى صغيرة ولكن يجوز الحديث عن بدايات ورغبة بالارتباط بالحركة الفنية والثقافية في وطننا وامتنا العربية التي حرمنا منها على مدار عمر الاحتلال الاسرائيلي المتواصل لارضنا.

* * *

* "..... شمالي سورية ولدت. سموني فاتحاً لأحبّ وجوه الفلاحين والأعشاب الطيبة وأغاني الأطفال. عندما بدأت أدرس الأدب، جئت إلى (مارون عبّود) الكاتب والناقد اللبناني المعروف، فأعطاني مقدرةً أن أنظر إلى شجرة بلّوط وأحدّق في عينيها بلا خوف كالجبال. وعندما تعلمت ما هي الألوان، أصبحت سعيداً كالشيء الموجود دائماً. وهكذا ترى أنّ الاسم والتحدّيات المؤقتة لا قيمة لها، المهم في ((من أنت)) أن أحاول إدراك ((من أنا))! ((لو استطاع الفنان فهم العوامل النفسية المميزة لشعبه لاستطاع التوصل إلى هوية جمالية))... ((أنا لست تعبيريّاً في اتّجاهاتي التشكيلية ولست سريالياً ولست تجريدياً. أنا رسّام سوري عربي حديث، ارفض الأخذ بالمفاهيم المستوردة أو المسبقة الصنع، بكل بساطة أنا شاهد على جمال الأرض والإنسان، كما أنا شاهد على أحزان عصري))... ((لقد تسربت الوحوش الأسطورية إلى لوحاتي بعد أحداث حرب 1967، وازدادت حشودها وتدافعها مع الحرب الأهلية اللبنانية))...

* " كان ترحال فاتح المدّرس من حلب إلى بيروت إلى روما إلى باريس، وعودةً إلى دمشق في مطلع الستينات كمدّرس للفنون الجميلة. لم يكن مرسمه مكاناً لإنتاج اللوحات فقط، فقد حوّله على مدى عقود إلى بؤرة استقطاب للمفكرين والمثقفين والمبدعين، تلتقي أجيالهم المتتالية في حوارات قلّ نظيرها في الثقافة والإبداع والحياة."

* " تتجلى أهمية فاتح المدّرس الثقافية في أكثر من منحى. أولها، انفتاحه كفنان تشكيلي على أجناس الإبداع الأخرى، وانفتاحه كمثقف عربي على الثقافة العالمية، فقد حاور أهم المفكرين الغربيين أمثال (جان بول سارتر) الذي جمعته به صداقة لفترة طويلة في باريس. وثانيها، مساهمته في الإنتاج الإبداعي خارج ساحة التشكيل، والمقصود هنا أشعاره ومجموعته القصصية التي تحولت إلى فيلم سينمائي، وموسيقاه المرتجلة تأليفاً وعزفاً على آلة البيانو. وكان فاتح المدرّس من روّاد إعطاء القيمة التشكيلية في اللوحة المقام الأول، محرراً إيّاها من تبعيتها للكلمة، جاعلاً منها نصّاً تشكيلياً مستقلاً بذاته. وقد رثاه بول شاؤول قائلاً: ((خسرنا رسّام الشعراء وشاعر الرسّامين)).

* " فاتح المدرّس كان مشروعاً ثقافياً في إنسان واحد، ينتمي إلى الإنسان في المقام الأول، إذ يحلّق فوق ثقافة السلطة أيٍّ كانت. منح ثقله الثقافي الحداثة الفنيّة شرعيتها في مجتمع ما تزال علاقته بالفن بحاجة إلى جهد كبير في ميادين عدّة."

فاتح المدرّس هو شاعر البؤساء وأديب النهايات الفجائعية ورسّام الأرض الحزينة

ولأجل ذكراه نهدي معرضنا هذا...

 


انظر ايضا :

الوطن...بالريشة والكلمة / فاتح المدرس


اضغط على الصورة لتكبيرها

 

تصوير: حمد المقت

 

التعليقات