أهالي الجولان يرفضون المجالس المحلية تحت الاحتلال

مرت سنوات طويلة على قضية السلطات المحلية وهي خارج التداول العام بسبب القرار بمقاطعتها من قبل الجولانيين منذ الاحتلال عام 1967، وذلك من منطلق رفض الاحتلال وقوانينه ومؤسساته والتزاما بـ"الوثيقة الوطنية"،

أهالي الجولان يرفضون المجالس المحلية تحت الاحتلال

صور من الجولان المحتل التقطت بعدسة "عرب 48"

مرت سنوات طويلة على قضية السلطات المحلية وهي خارج التداول العام بسبب القرار بمقاطعتها من قبل الجولانيين منذ الاحتلال عام 1967، وذلك من منطلق رفض الاحتلال وقوانينه ومؤسساته والتزاما بـ'الوثيقة الوطنية'، وطفت قضية المجالس المحلية على السطح مؤخراً، ودخلت دائرة الحوار العام بقوة لا سيما بعد بروز أشخاص من الجيل الجديد، يطرحون فكرة التعامل مع هذه المجالس، كونها المؤسسة العامة التي تدير حياة الناس والحاجة لتحسين مستوى الخدمات، ومن هذا المنطلق اختيار أشخاص ذوي نفوذ اجتماعي وكفاءات لتولي هذه المهمة، إلا أن هذا الطرح لا يحظى بالدعم الجماهيري.

أثار تعيين الدكتور الشاب سليمان بطحيش رئيسا لمجلس محلي قرية مسعدة في الجولان المحتل جدلا واسعا في أوساط الجولانيين حول السلطات المحلية، وبين هذا وذاك رصد موقع 'عرب 48'  آراء بعض ممثلي الجمهور الجولاني.

سلطة غير شرعية

قال فوزي أبو جبل إن 'التيار الوطني الديمقراطي في الجولان المحتل يتعاطى مع الوضع المركب للجولانيين ويفترض أن المتغيرات السياسية لها أثر كبير يلقي بظلاله على حياة الجولانيين. نحن رفضنا ونرفض فكرة المجالس في ظل الاحتلال رفضا مبدئيا، 95% من الجولانيين وأكثر لا يحملون الجنسية الإسرائيلية التي حاولت سلطات الاحتلال فرضها عليهم منذ الإضراب الشهير الذي دام ستة أشهر في العام 1982. ولا زال للغالبية موقف رافض لذلك'.

وأضاف أن 'الغالبية الساحقة من المواطنين يعتبرون أن السلطة المحلية هي غير شرعية، وهي أيضا غير منتخبة من المواطن بل معينة من قبل السلطات الإسرائيلية، ونرى هنا وجهين متناقضين فمن جهة لا يريدونها من حيث الموقف المبدئي ومن جهة فإن المتغيرات تجعل السكان يتعاطون معها من زاوية تقديم الخدمات ومن منطلق الحاجة لتطوير شروط حياتهم في مختلف المجالات، وهذا بدوره يخلق علاقة بين المواطن والسلطة المحلية'.

وأشار إلى أنه 'كان الموقف من المجالس المحلية في السابق عدم التعامل معها، ولربما أصبح اليوم مع الأحداث والتطورات السياسية من حولنا يجعل بعض المواطنين ينظرون إلى تحسين ظروف حياتهم واهتمامهم نحو الخدمات وتحسينها، ناهيك عن أن القانون الإسرائيلي يشترط على رئيس المجلس أن يكون حاملا الجنسية الإسرائيلية'.

وحول انعكاس ما يحصل في سوريا ودفعه المواطن الجولاني لقبول الجنسية الإسرائيلية والتعاطي مع مؤسساتها وقوانينها، قال أبو جبل 'ربما يجري المواطن هذه المقارنة بين ما يدور من تداعيات الأزمة السورية وبين وضعيته تحت الاحتلال مما قد يترك هذا آثار وتغيرات لدى البعض في التعامل مع واقعهم المعاش تحت الاحتلال وكأنها حالة دائمة، لكننا نرى أن الواقع متغير وعلينا أن نتمسك بقناعاتنا وإيماننا بالتغيير'.

أداة تطبيع

واستعرض الناشط وهيب الصالح بدوره تعيين الرؤساء وأداء السلطات المحلية في الجولان، قائلا لـ'عرب 48' إن 'موقفنا واضح وحازم ضد هذه السلطات، لا يهمنا من يكون هذا الرئيس أو ذاك، السلطات المحلية أداة من أدوات التطبيع تحت الاحتلال بهدف دمج الجولانيين بالواقع الإسرائيلي تمهيدا لتجنيسهم بالجنسية الإسرائيلية'.

وحول الخدمات، شدد بالقول، 'نحن نرى أنها تقدم خدمات للسلطات الإسرائيلية أكثر منها خدمات للمواطن، ناهيك عن أن هذه الخدمات من البنى التحتية والمؤسسات التعليمية والصحية والسكنية وغيرها هي من مهمات الاحتلال حسب القوانين والأعراف الدولية علما أن الخدمات التي تقدمها المجالس اليوم لا ترقى لأدنى أبسط احتياجات المواطن وبالتالي هذه المؤسسات لا تمثل الجولانيين وغير مرغوب بها.

هناك فئة قليلة راضية وموافقة على هذه المجالس بحكم مصالحها وارتباطها بالاقتصاد الإسرائيلي'.

خطة وطنية

واعتبر الناشط الحقوقي سلمان فخر الدين أن الظروف السياسية في المنطقة تعيق التوقف عند هذه القضية التي تعتبر قضية خدمات مدنية وهي قضية هامة بحيث يغرق الجميع في متابعة ما يجري من دمار في سوريا.

وقال لـ'عرب 48' إنه 'حقيقة ليس للجولانيين خطة وطنية لطرح هذه القضايا لأنها مسألة تحتاج إلى تنظيم وطني وهو غير موجود في الجولان، الملموس هو وجود جماهير موحدة ضد الاحتلال ولا يوجد أمامنا سوى الاعتراض على الاحتلال. الوثيقة الوطنية مقدسة وربما تحتاج إلى تعديل في ظل المتغيرات الكبيرة التي حصلت، لكن الظروف غير مناسبة الآن'.

ولفت إلى أنه 'ليس هناك حلول سحرية في ظل النقص الكبير في الخدمات لبلدات ينعدم فيها الكثير من الخدمات المدنية الحيوية في ظل الاحتلال مع التأكيد أن السلطات المحلية لا تمثل الجولانيين على المستوى السياسي والوطني. رئاسة السلطة المحلية كانت تاريخيا تقدم من المؤسسة الإسرائيلية كاستحقاق وبمثابة جائزة ترضية لمن يتعاون مع الاحتلال، واليوم تتعامل في مجال التنمية والخدمات المدنية وبدأ يدخل عليها عناصر شاذة. مع ذلك نستطيع التعايش مع هذا الحال الذي لا يخلو من الفاعلية والموقف السلبي من البلديات الأمر الذي يحتاج إلى تفكير وطني أعمق وأكثر نضوج'.

تضليل ومصالح شخصية

وشدد الناشط ناصر أبو شاهين من قرية بقعاثا على أن الحديث عن الخدمات المدنية هو كلام للتضليل وذرائع لتنصيب أصحاب المصالح.

 وقال لـ'عرب 48' إن 'مؤسسات الاحتلال في الجولان مفروضة على المواطنين، ونحن من حيث المبدأ نرفضها بشكل قاطع، ونرى أنه بعد الأوضاع المتردية في سوريا بدأ البعض يتعامل معها ليجد له مبرر نحو الأسرلة رغم أن الموقف الوطني الصادق يجب أن ينبع من المبدأ والانتماء الصادق للشعب والأرض بصرف النظر عن أي نظام. وبالنسبة لقضية الخدمات أؤكد أنه يوجد قانون دولي ينص على أن الدولة المحتلة عليها أن تقدم كل الخدمات مجانا للواقع تحت الاحتلال إلا أن إسرائيل مصممة على أن تتعامل مع الجولان وكأنه أرض تابعة لها'.

وأوضح أنه 'كان هناك خشية من البعض ممن لا انتماء لهم أن ينجروا وراء مصالحهم، ومن يقبل ذلك حتى لو كان صاحب تاريخ وطني فإن خطوته هذه مرفوضة لأنها تمس بمصالح أبناء شعبه'.

التعليقات