في محاولة تعريف نفسي كأنثى

في محاولة تعريف نفسي كأنثى، أُصابُ بالقلق. السّؤال وحده، عندما يرتبط بكوني امرأة تكتب أو امرأة تُبدع أو امرأة فلسطينيّة، يبدأ بخلق مشكلة تواصل. هويتي لم تكن يومًا مرتبطة بأعضائي الفيزيولوجيّة، ولا كذلك أدوات تواصلي مع الحياة والآخرين، وهنا أتكلم عن الكتابة أو التّصوير الفوتوغرافيّ.

كوني أنثى لم يكن أبدًا أحد المشاكل التي تحدد هويتي أو علاقتي مع الكون، ولم يكن أداة لتمثيل نفسي في سياق معين دون غيره، الهويّة لدي تبدأ من عائلتي مرورًا بالأماكن التي عشت فيها، بالإضافة إلى اللغة والذّاكرة البصريّة والوجدانيّة التي أحملها من كل هذه العناصر، بالتالي الأسئلة الوجوديّة المتعلقة بالهويّة دائمًا ما ترتبط بمشكلات أكبر من التساؤل عن حدود جسدي الأنثويّ.

خاصة كأنسان فلسطينيّ نشأ في المنفى وتنقل إلى أماكن أخرى، لم أتعرض لأي اضطهادٍ سابقًا بسبب كوني أنثى داخل عائلتي، ولكني لا أنفي تعرضي له داخل المؤسّسة الاجتماعيّة. أعتقد أن ما تعرضت له في طفولتي، وما أتعرض له الآن، ينطبق عمومًا علينا جميعًا، مؤسسات التّعليم المهترئة وثقافة الطلائع في بلاد البعث لم تكن تستثني أحدًا ومنها تبلور مجتمعٌ كاملٌ منخرطٌ في عقليةٍ مضطهدة واحدة، ذكورًا وإناثًا.

عمل فنّيّ لسمارة سلّام

وعندما أستخدم جسدي في داخل صوري الفوتوغرافيّة، ذلك أن جسدي هو جزء من وجودي وهذا مختلف تمامًا عن علاقة نوع الجسد، وجسدي هو أداة تعبير يمشي متكاملًا مع الفكرة والمفهوم والإشكاليّة التي يطرحها عقلي والجسد لا يمثل إشكالية بحد ذاته.

في إحدى المرات وجدت نفسي، صدفةً، أمثل نساء المتوسط في أحد المعارض الفنّيّة، وفجأة، أيضًا، عملوا على توريطي بلقاء مع الجمهور للحديث عن المرأة العربيّة في السّنوات الأخيرة. أجبت على الأسئلة بعفويّة مطلقة وبعدها توجهت نحوي إحدى النّساء وعانقتني بشدّة وهي تبكي، وفهمت لاحقًا، بعد التّرجمة، أنها كانت تقول لي إني امرأة قوية. كل ما حدث في ذلك الوقت كان يدفعني للتساؤل لأول مرة، صراحة، حول موضوع المرأة وكل استغلال ثقافيّ أو ماديّ تحت هذا العنوان، والأهم هو استغلال المرأة بحد ذاتها في مثل هذه الشّعارات.

- صورة الخبر الرئيسيّة، هي الصّورة التي حصلت سمارة سلّام على جائزة عنها من مؤسّسة نساء المتوسط

*فنانة ومصورة فوتوغرافيّة

>>  عودة لملف يوم المرأة