22/03/2017 - 21:32

لينين ما زال حيًّا في أميركا اللاتينية!

ستعقد جمهورية الإكوادور في الثاني من نيسان/ أبريل، الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، وهي من أبرز الانتخابات التي ستحدث في أميركا اللاتينية منذ الفوز غير المتوقع لدونالد ترامب في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت.

لينين ما زال حيًّا في أميركا اللاتينية!

ترجمة خاصة: عرب 48

ستعقد جمهورية الإكوادور في الثاني من نيسان/ أبريل، الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، وهي من أبرز الانتخابات التي ستحدث في أميركا اللاتينية منذ الفوز غير المتوقع لدونالد ترامب في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت.

قد تُخطئ استطلاعات الرأي، ولكنها تشير حتى الآن إلى أن رئيس الإكوادور القادم سيكون لينين مورينو، المُقعد على الكرسي المتحرك ، والذي يَعِدُ بالاستمرار بالأجندة التقدمية لرئيس البلاد السابق رفاييل كوريا. إنها أخبار جيدة، وتشير إلى أن تأثير ترامب قد يرتد لصالح اليسار في أميركا اللاتينية، ليقف أمام اليمين النيوليبرالي المتحفِّز، والذي يحكم الآن في البرازيل والأرجنتين.

منذ أقل من عقد، تصاعد ما عُرف بـ'المد الوردي' في القارّة، عندما حُكِمَت أميركا اللاتينية من قِبَل ممثلين للجناح اليساري التقليدي، عضو اتحاد التجارة في البرازيل، وأنصار لاهوت التحرير في الباراغواي، وبيروني في الأرجنتين، والمتبنّون للاقتصاد الكنزي في الإكوادور، وطبيبة نسوية في تشيلي، و(في السابق) ماركسي ثوري في الأوروغواي، والناشطون الفلاحون المناصرون للسكان الأصليين في بوليفيا (وقد كان يوجههم عاملُ منجم تروتسكيّ التوجه)، وقوميّ في الهندوراس، وعسكريّ شعبوي يساري في فنزويلا. لقد كان طيفاً يسارياً كاملاً، خاصة إذا ما كنا كرماء وضمَّنا أيضاً ستالينيّ كوبا.

عندما فاز باراك أوباما بالانتخابات الرئاسية الأميركية في عام 2008، حاول زعماء أميركا اللاتينية الترحيب به واستقباله في 'البانثيون' اليساري، متخيلةً أنّ نصره انتصار لإرث حركة الحقوق المدنية الأميركية واستكمال لصورة الأميركيين الذين يحكمهم اليسار المتمرد. ولكنّ إدارة أوباما تبنّت موقفاً رافضاً، وجعلت هيلاري كلينتون في موقع المناور العسكري لتعزل فنزويلا (بما في ذلك دفع مسار الخصخصة لصناعة البترول في المكسيك، واستهدفت إضعاف نجاح هوغو تشافيز إلى حين موته في عام 2013، وإعادة رسم سياسة النفط) بالإضافة إلى شرعنة الانقلابات العسكرية في باراغواي وهندوراس والبرازيل مؤخراً.

أوجز مارك ويزبروت من حزب الشعب مؤخراً الانجازات العديدة لإدارة رفاييل كوريا السابقة. لقد تجاوزت كيتو (عاصمة الإكوادور) كساد أسعار النفط بصعوبة ولكنها لا تزال أفضل حالاً من كاراكاس (عاصمة فنزويلا)، بالإضافة لتحقيق العديد من المكاسب الاجتماعية خلال فترة الازدهار. إذا ما انتصر لينين مورينو في شهر إبريل/ نيسان المقبل، فسيتمكن من وقف اندفاعة اليمين.ستُعقد الانتخابات الكبيرة القادمة في تشيلي في نوفمبر/ تشرين الثاني من هذا العام، وفي المكسيك في تموز/ يوليو، وها هو التيار اليساري المتمرد المعادي لترامب يسير بخطى واثقة حتى الآن.

وفي حال تفوق مورينو على خصمه المحافظ – كما تشير الاستطلاعات إلا أنه سيتفوق عليه بفارق 10 نقاط – سيضاف نمط جديد للبانثيون التقدمي: حيث يعدّ مرينو، والذي خسر سيقانه في عام 1998 عندما أُطلِقت عيارات نارية على ظهره في حادث اختطاف سيارة في كيتو، من الناشطين في حركة حقوق المعاقين، فبحسب موقع PRI، 'في عام 2006، انتُخِب مورينو كنائب للرئيس، في فترة كان من النادر رؤية أشخاص مقعدين في المناصب العامة. يُعامل الناس المقعدين في المناطق الرفيية كمنبوذين أو يُحبسون في الحظائر والمداجن'.

ولكن مورينو حاول تغيير كل ذلك، فقط انتشرت الطرق المنحدرة المخصصة للمقعدين في جميع أرجاء الإكوادور، كما يحصل الأشخاص ذوو الإعاقات الشديدة على 300$ كراتب شهري من الحكومة. كما ساهم مورينو بوضع قانون يُجبِر الشركات الإكوادورية على تخصيص ما نسبته 4% من الوظائف للأشخاص ذوي الإعاقات.

وفي خطاب سابق له، تعهَّد مورينو بأن الحكومة ستصل لجميع الأشخاص ذوي الإعاقات المحتاجين للمساعدة، وهذه الخطوة بمثابة ثورة على حد تعبيره.

وتتضمن هذه الثورة توفير أطراف اصطناعية مجانية لفقراء الإكوادور، وبعضها يتم بناؤه في أجنحة خاصة داخل المستشفى الحكومي في كيتو. يقول المسؤولون الحكوميون أن هذا البرنامج هو الأول من نوعه في أميركا اللاتينية'.

وأوردت صحيفة 'غارديان' أنه، بينما كان يعمل مورينو كنائب رئيس لكوريا، 'أصبحت الإكوادور إحدى أكثر الأمم تقدماً في أميركا اللاتينية فيما يتعلق بتقديم المساعدات المالية والتقنية والمهنية للأشخاص المعاقين'.

حيث ازداد إنفاق الدولة في هذه المجالات من 2 مليون دولار في العام إلى 150 مليون دولار. كما يتم فحص الأطفال الرضع لضمان تقديم الرعاية الصحية المبكرة لهم، كما يتوجَّب على جميع أرباب العمل في الإكوادر تخصيص 4% على الأقل من المهن للأشخاص المعاقين.

تشير البيانات الحكومية أن هناك 197 ألف شخص من ذوي الإعاقات الحركيّة قد تلقوا العلاج وتم تزويد 430289 منهم بكراسٍ متحركة وفرشات خاصة وعكازات وحفَّاظات وغيرها من المواد، وتلَّقى 17876 منهم سماعات أذن، وحصل 4000 شخص على أطراف صناعية (يتم تصنيعها اليوم في الإكوادور). كما يوجد برامج لتزويد المعاقين بصرياً بنصوص وحواسيب على نظام بريل'.

مرة أخرى تقود أميركا اللاتينية الطريق، ومع استمرار التقدميين في أميركا بالقتال في سبيل ترجمة ذلك في انتخابات 2016، يُظهر الإكوادوريون كيف يمكن صنع ائتلاف يقف في وجه النيولبيرالية. وبالإضافة إلى ذلك، وبحكم عدم وجود أي إنسان صاحب قلب في الولايات المتحدة يمكن أن يسعى لشنّ حملة لقطع الوجبات التي تصل لكبار السن أو لإيقاف تمويل ميدان البحوث الطبية، ستكون الإكوادور على وشك انتخاب رئيس مستعد للسعي نحو تحقيق وعد كلّ من فرانكلين روزفلت والثورة الروسية. ولد موريني في 19 آذار/ مارس من عام 1953، بعد 14 يوم فقط من مقتل جوزيف ستالين، وهو ما يمكن أن يفسّر سبب تسميته بلينين، لتشريف الوعد الأصلي لثورة ضائعة.

الاسم الثاني للينين هو – ولك أن تتخيل – فولتير. ما زالت أميركا اللاتينية تحمل الراية الحمراء للتنوير الثوري. ومثل والد هوجو تشافيز، كان والد مورينو معلماً في مدرسةٍ ريفية عامة، وهي مهنة استمرت في تجسيد اشتراكيي أميركا اللاتينية (الـ 43 طالباً من النشطاء المكسيكيين الذي اختفوا لأكثر من عامين مضوا كانوا يتدربون ليصبحوا معلمين في الأرياف)، واضعين المصلحة العامة المشتركة نصب أعينهم بدلاً من النهب الشخصي والفساد.

إذا كان ترامب أقرب للنموذج المثالي للناهب، فإن لينين فولتير مورينو يمكن أن يكون النموذج المعياري لحامل الإصلاح الشعبي. وإذا كان ترامب على ما يبدو لا يعبِّر عن الفرح إطلاقاً، ويسعى بدلاً عن ذلك نحو السيطرة والتملك، فإن موريني يسير على سيمفونيّة بيتهوفتن التاسعة 'أنشودة الفرح'، فقد اعتمد على تعلّم الضحك ليساعده ذلك على التعافي من صدمة خسارته لرجليه، كما قام بتأليف عددٍ من الكتب عن الفوائد العلاجية للمتعة، كما في كتابه 'الفكاهة: النظرية والممارسة'.

يكتب لينين، 'نحن نُفضّل الضحك على السلطة' ويضيف 'ونحن نستعمل الفكاهة للسخرية من المتغطرسين، ومن السياسيين الذين يخدعوننا'. في هذه الأيام السوداء، قد يكون هو لينين ما نحتاجه.

التعليقات