21/09/2017 - 16:16

أطفال الربيع العربي في مسلخ الديكتاتور

عشت في القاهرة منذ حوالي أربع سنوات – قبل وبعد انقلاب 2013 العسكري – تدور ذكرياتي حول مقاهي وسط البلد الرخيصة والرثة، حيث الكراسي المهترئة، والنوادل العتيقين ذوي النعال المتسخة، والخراطيم الراكدة لأنابيب المياه التي تمر حول الطاولات مثل الأفاعي.

أطفال الربيع العربي في مسلخ الديكتاتور

(رويترز)

(ترجمة خاصة: عرب 48)

سيدخل ياسين محمد عامه الـ23 في غضون بضعة أيام، وسيمضي يوم ميلاده كما أمضاه خلال السنوات السبع الأخيرة من حياته في مصر: في السجن.

إذا رأيتم ياسين كما رأيته، فمن غير المرجح أن تخمِّنوا أنه مسجون يضرب ويعذب ويصعق كهربائيًا.

عشت في القاهرة منذ حوالي أربع سنوات – قبل وبعد انقلاب 2013 العسكري – تدور ذكرياتي حول مقاهي وسط البلد الرخيصة والرثة، حيث الكراسي المهترئة، والنوادل العتيقين ذوي النعال المتسخة، والخراطيم الراكدة لأنابيب المياه التي تمر حول الطاولات مثل الأفاعي.

هنا، وفي إحدى الليالي، اجتمع المحاربون القدامى الحقيقيين للثورة ودخَّنوا وتحدثوا، برفقة فناني الغرافيتي، ومُلهَموا التمثيل، والموسيقيين، وطلاب الطبقة الوسطى المرهقين في الضواحي، وبعض أفراد الشرطة السابقين الكسالى.

في "وسط البلد" في القاهرة، حيث المقاومة الرثة لمحاولات إصلاح الأنظمة المتوالية، لم تكن أراض عقارية بقدر ما تعكس واقع السلطة. في مساحاتها المفتتة، تقل سلطة العادات، ولكن تدعِّمها هروات الشرطة في العادة.

يمكن أن تندمج الطبقات الاجتماعية هنا، يرخي الشباب شعرهم الطويل، وتشرب النساء العزباوات الجعة القديمة. إن المعنى من الوجود هناك فاقد للمعنى في ذاته، لأنه بإمكانك أن تتخيله مكانًا مختلفًا تمامًا في وقت الليل، متحررًا من الضغوطات والقمع: في يوم يمكن أن ترحل فيه الشرطة عن المكان.

كان ياسين يأتي إلى هناك بشكل دائم تقريبًا، في هذه البيئة المتداعية. لا يذهب للمنزل كثيرًا، ويعود ذلك جزئيًا لوجود تفويض دائم لاعتقاله. يبدو ياسين بمظهر صبياني صغير الحجم بعيون لامعة وابتسامة مستمرة، ويحب أن يضحك بينما يسخط الآخرون. كانت فيه سمة من سمات البراءة إلى درجة جعلت بعض الثوريين الكبار يعتبرونه كنوع من الطوطم، رمزٍ للأمل، جاذب للحظ الجيد عندما تواجه همجية القوات الأمنية.

في بعض الليالي، يقوم أحمد حرارة، وهو ناشط أعمى، بجمع الناس من المقاهي، حيث تقوده ذراع صديقه ببطء. خسر حرارة إحدى عينيه بخرطوش الشرطة في رابع أيام الثورة، 28 كانون الثاني/ يناير، 2011 (جمعة الغضب)، وتوجهت الطلقات المطاطية للقوات الأمنية على العين الأخرى في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، خلال المظاهرات ضد الطغمة العسكرية في شارع محمد محمود. (كانت الشرطة تتعمد التصويب على عيون المتظاهرين، فهم يفضلون أن يكونوا مواطنين بلا أعين). كان حرارة أكبر بـ 15 سنة من ياسين. ولكنهم يحيون بعضهم البعض بكثير من الاحترام، كالمحاربين الأقوياء، حيث لا يمكن رؤية كل جروحهم التي على أجسادهم.

 60000 سجين سياسي اليوم 

هناك حوالي 60000 سجين سياسي اليوم في ظل الدكتاتورية المصرية. أصبح ياسين واحدًا منهم قبل حوالي السنة، في تشرين الأول/ أكتوبر 2016، حيث يقضي محكوميته في سجن وادي نطرون في الصحراء الغربية. تحكي قصته قصة مصر خلال السنوات السبع الأخيرة.

وبصراحة، لا أعرف الكثير عن خلفية ياسين الثورية أو تاريخ عائلته. كان ياسين ولدًا من أبناء الطبقة الوسطى، في دولة تقترب فيها الطبقة الوسطى – المنحدرة من الأُسَر المتعلمة والمهنية – من مستوى "الفقر". في الفترات بين مراحل السجن، عمل ياسين في وظائف غريبة، فقد عمل في متجر للمفروشات، وكان يتحدث عادةً حول رغبته بالسفر، ولكنه لم يحظى بفرصة لذلك.

أعرف أن ياسين كان في عمر 16 سنة عندما تم اعتقاله أول مرة. كان ذلك في عام 2010، قبل بضعة أشهر من بداية الثورة. فكما يصفها، حين كان يجلس في مقهى قبل سنوات، شاهد شرطيًا يقوم بضرب طفلٍ بعمر 10 سنوات. (تلقي الشرطة انتباهًا كبيرة للتعليم الأخلاقي للأولاد) وتدخل لإيقافه. قام شرطيان فيما بعد بتعذيب ياسين بوحشية، وأمضى حوالي الشهر في السجن. "بعد هذا الإذلال"، كما قال لصحفي قبل بضعة سنوات، "شعرت ببعض الفتور من فكرة التعرض للضرب".

ثقل الدولة على كاهلك

كان في حاجة لذلك. فقد جاءت الثورة في كانون الثاني/ يناير 2011. وظل ياسين يُعتَقلُ مرارًا وتكرارًا. كانت الاحتجاجات المتزايدة في مصر تعبيرًا عن الحق في الاحتجاج ذاته. وبقيت حكومات ما بعد الثورة متشنجةً حيال ذلك. ردت تلك الضغمة العسكرية التي استولت على السلطة من مبارك على هتافات المظاهرات بالرصاص والدبابات، ولم تستعمل جماعة الإخوان المسلمين مليشياتها الخاصة، فلم تكن تسيطر على القوات الأمنية خلال فترة حكمها القصيرة. وظَّفت حكومة عبد الفتاح السيسي، الجنرال السابق، كلا الأسلوبين، ودعمتها بأشد التدابير القمعية ضد المظاهرات، وهو ما لم تشهد مصر مثلها فيما مضى.

واليوم، في حال اجتمعت مجموعة للتظاهر السلمي في أي مكان عام، فمن الممكن أن تحصل على ثلاث سنوات أو أكثر من السجن، أو أن يتم قتلهم. (فشيماء الصباغ، وهي شاعرة ومحامية وناشطة وأم، تم إطلاق النار عليها من قبل الشرطة وقتلت بينما كانت في طريقها لوضع الأزهار في ميدان التحرير في عشية الذكرى الرابعة للثورة). وبالنسبة لياسين، كان الصراع على الفضاء العام هو موضع الشعور الأعمق بالحرية، الأمل بحلول يوم تستطيع فيه التحرك كما تريد من دون الشعور بثقل الدولة على كاهلك، أي حرية إمتلاك الجسد.

في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، بعد خمسة أشهر تقريبًا من استيلاء السيسي على السلطة بانقلاب عسكري، تم اعتقال ياسين خارج مجلس الشورى، البرلمان المصري الراضخ. حيث اجتمع مئة وخمسين شخصًا للاحتجاج على سن قانون جديد ضد التظاهر، والاستمرار في إخضاع المدنيين للمحاكمات العسكرية.

اعتقلت الشرطة العشرات منهم، وسُحِبَت النساء لمراكز الشرطة، ومزقوا ثيابهم عن أجسادهم، وتم إمساك ياسين – بحسب ما أكد محاميه والمتظاهرون الآخرون – عندما كان يحاول الدفاع عنهن.

وتم اعتقاله مرة أخرى بعد أشهر من ذلك في مظاهرة أخرى ضد حكم العسكر، حيث نادوا لتحرير السجناء. وقال أن القوات الأمنية قد عذَّبته في ذاك الوقت بوضع الأقطاب الكهربائية على عضوه الذكري. وضعوه في السجن لمدة 42 يومًا. وتم الاعتداء عليه جنسيًا. عندما شاهدته بعد خروجه المؤقت، كانت يداه ترتعشان من دون أن يتحكم بها. أحد أصدقائي، وهو متظاهر موسمي أيضًا، صرخ على ياسين في مقهى قائلًا: "لماذا تستمر في إقحام نفسك في ذلك؟ توقف! ما زلت طفلًا!" وبدلًا من ذلك، شارك ياسين في إضراب عن الطعام للاحتجاج على احتجاز الآخرين. وخلال محاكمة له في هذا الخريف، حكم عليه القاضي بالسجن 17 عامًا.

أمضى ياسين أكثر من عام، بين سجن طنطا –الذي يدعوه بـ"المسلخ" – وسجن طرة، حيث معسكرات العمل التي يديرها العسكر للمعتقلين السياسيين. أخبر الصحفيين لاحقًا أنه حاول قتل نفسه، ولكن أخبره زميله في السجن أن يعدل عن ذلك. وفي أيلول/ سبتمبر 2015، تم إخلاء سبيل كجزء من عفو عام رئاسي سنوي.

في شهر كانون الثاني/ يناير الذي يليه، شارك في مظاهرة أخرى في قلب القاهرة، داعيًا مرةً أخرى لإخراج المتظاهرين المعتقلين. وتم اعتقاله مرة أخرى، وفي هذه المرة، بحسب محاميه مختار منير من المؤسسة المصرية لحرية الفكر والتعبير، تم احتجازه هناك لمدة ثلاثة أشهر قبل أن يتم تركه.

أخشى من أن يقول الناس أنني أستمتع بالعيش في السجن

واستمر ياسين بالمشاركة بالمظاهرات الأخرى، واحدةٌ منها في نيسان/ أبريل 2016 ضد قرار الرئيس السيسي التنازل عن جزيرتين مصريتين في البحر الأحمر للمملكة العربية السعودية، وهي مكافأة من أحد الأنظمة القليلة التي عبَّدت الطريق للدكتاتورية بالدعم المالي الذي قدمته. قامت الشرطة بتعذيبه مرة أخرى، ثم أخلت سبيله مرة أخرى بينما تُركت القضية ضده مفتوحة.

وبعد ذلك، قام ياسين بالتخفي. كان ينشر باستمرار على حسابه في موقع "فيسبوك"، يحاول أن يوضح ما يعنيه أن تكون ناشطًا في مصر تحت نظام وحشي أشد مما كان عليه نظام مبارك. كتب في منتصف عام 2016: "أعلم أنكم ترونا فرحين وضاحكين، وبعضنا يعمل، وبعضنا يدرس، وبعضنا الآخر ناجحون في حياتهم، ولكننا نكذب على أنفسنا جميعًا. والحقيقة أننا مرهقون ولم نعد نشعر بقدرتنا على إنجاز أي شيء، وأن إمكانياتنا تقبع في أفكارنا البريئة. نحن خائفون... ولكننا غير قادرين على قول أننا متعبون، لأنه من الصعب على المرء أن يغير مبدأه الخاص".

وفي فيديو نشره هذا الصيف، يبدو فيه متعبًا ومرتجفًا، قال: "لا تدعوني بالبطل، أنا لست كذلك، أنا أريد أن أكون شخصًا عاديًا يعيش حياةً عادية. أنا معزول وخائف، لا أستطيع رؤية أسرتي حتى". وأضاف: "يمكنني أن أسلم نفسي، ولكن أخشى من أن يقول الناس أنني أستمتع بالعيش في السجن".

في تشرين الأول/ أكتوبر 2016، سلم ياسين نفسه أخيرًا للشرطة. ووقع عليه حتى الآن حكمين صعبين مفروضين غيابيًا: سنتين من العمل الشاق للتظاهر دفاعًا عن المعتقلين، وخمسة سنوات للتظاهر ضد تسليم الجزر. قبل ستة أسابيع، تلقى محاميه الحكم مع وقف التنفيذ. من المرجح أن يبقى ياسين في السجن لعام آخر.

ابتلع الدكتاتور العسكري شباب مصر

ومع مرور السنوات، يبدو أن ياسين يكبر ليصبح شكله أكثر طفولية، بالي الجسد بسبب القوانين الصارمة للتوحش المصري. فلن يحتاج بعد الآن أن يثب رجولته مرة أخرى. لهذه الحساسية تحديدًا أشعر بالقلق، وليس فقط بسبب مصيره القانوني بل ما يواجهه بشكل يومي.

ومن حين لآخر، يقوم بتهريب رسائل لخارج سجنه الصحراوي لأصدقاءه كي ينشروها على حسابه في فيسبوك. حيث كتب في إحدى المنشورات في شهر أيار/ مايو: "أكره أشعة الشمس، أزيح عيني عنها، كي لا أقع في حبها". أصبحت صفحته مغلقة الآن.

ابتلع الدكتاتور العسكري السيسي شباب مصر. تم إفناء جيل بأكمله، ضاع بالكامل. غادر معظم أصدقائي البلاد، أو أنهم يحاولون الخروج، والذين بقوا توقفوا عن قتال جهاز الدولة وبدأوا بقتال اليأس. لقد مات الأمل في مصر. لقد تخفت وراء الذكريات، ولكن بقي بصيص في إرث الأشخاص من أمثال ياسين، الذي أظهر قدرته على الوقوف أمام قوة قاهرة، وحده كشاب وحيد بعمر الـ16.

خلال ذلك، أغلقت الشركة معظم مقاهي وسط البلد حيث ألتقى المنشقون ذوي الشعر الطويل، بالتوازي مع إغلاق مؤسسات المجتمع المدني وحجب المواقع الإلكترونية الإخبارية.

اختطَفَت القوات الأمنية وقتلوا المنشقين. وعزز الفقر من حجم المأساة السياسية. في عام 2016، ساعدت الولايات المتحدة وأوروبا في فرض قرض من صندوق النقد الدولي على مصر. تتضمن شروطها التقشفية تخفيضًا هائلة لقيمة العملة، في دولة تعتمد على الواردات من أجل البقاء. خلال العام الماضي، استمرت المواد الغذائية والأدوية بالاختفاء من الرفوف. إحدى الأسواق الآيلة للسقوط، تتضمن الآن على مجموعة من الخردة والنفايات التي تقذفها المطاعم، وهذا كل ما تستطيع توفيره العديد من العائلات.

انتهازية أوباما عمياء ووقحة ومذهلة

وسط الحنين الأميركي الترامبي للزمن الماضي، من المهم أن نتذكر أن إدارة أوباما، ذات الخطاب المتعقل، لم تلقي أي اهتمام لحقوق الإنسان في مصر، ولم تعمل إلا على تقديم الدعم المفتوح لأي نظام تعتقد بقدرته على تحقيق الاستقرار. وقد غفرت بشكل ضمني عن كل الاعتقالات أو حالات القتل الذي يتطلبه هذا الاستقرار المزعوم.

كانت انتهازية أوباما عمياء ووقحة ومذهلة، ومثلت خيانة واضحة للمصريين الذين قاتلوا من أجل الحرية. حيث تشبث بعدم وصف انقلاب السيسي العسكري بالانقلاب، متحديًا ناشطي حقوق الإنسان والحقائق الجلية. وصنع بعض التأخيرات البسيطة في توصيل الأسلحة الفتاكة لمصر، مع إنجاز "تجميد" قصير المدى. ولكن لم يتم المساس بالـ 1.3 مليار دولار السنوية التي كانت تعطيها الولايات المتحدة كمساعدات للجيش المصري، وهو من اضطهد واستغل البلاد.

حيا دونالد ترامب الرئيس السيسي وقواته الأمنية باستمرار، قائلًا بأن الدكتاتور "يبذل جهدًا مميزًا". ولكن، علق الدبلوماسيون الأميركيون 300 مليون دولار من سلة الهدايا السنوية لمصر. وبالطبع، لا تمتلك إدارة ترامب أي سياسة خارجية، فهي تمتلك ريبةً خارجية وولعًا خارجيًا، تذمر قاتم مدعَّم ببعض الصراخ، كالسكران الذي يصل إلى حافة الخطر.

كانت أسباب هذه الاقتطاعات غامضة وغير واضحة. فقد ألمح المسؤولون في وزارة الخارجية عن مخاوف غير محددة متعلقة بحقوق الإنسان، في حين أشار المحللون من الخارج إلى أنهم يعاقبون الجيش المصري على تعاونه مع كوريا الشمالية. أسرع جاريد كوشنر فورًا إلى القاهرة ليؤكد على السيسي، وحادث ترامب الديكتاتور هاتفيًا ليظهر "حرصه" على "التغلب على كل العقبات"، وهو ما ينبهنا إلى أن هذه الاقتطاعات ما هي إلا مجرد تأخيرات على نمط أوباما، والتي يمكن استعادتها بسرعة. ومع ذلك، يُظهر هذا الحدث أن السخاء الأميركي على مصر يمكن أن يتغير، وأن مداعبة التوحش يمكن أن تتوقف.

لا أزال أصرخ

وضع بعض أعضاء الكونغرس من كلا الحزبين مسألة حقوق الإنسان في مصر كأولوية: باتريك ليهي وكريس مورفي من الديمقراطيين، وجون ماكين وليندزي غراهام من الجمهوريين. ولكن بعد عقود من الأضرار التي أحدثتها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، فمن الحمق أن نفترض قيام هذه الدولة بـ"إنقاذ" مصر. ولكنها تستطيع على الأقل أن تحرم الجيش من بعض المال والأسلحة التي تستخدم لإزهاق أرواح شعبها.

أصبح مشهد ما بعد الربيع العربي مربكًا جدًا بحيث يصعب فهمه بالنسبة لكثير من الأميركيين. وخلال ذلك، يهدد ترامب بقلب الموازين، متشبعًا بالصراع الداخلي، ويطالب بتخفيض الانعكاسات العالمية لسياسة الولايات المتحدة (إلا إذا بقيت الحرب النووية معلقة).

أشعر عادةً بأنني واحد من تلك الأحلام التي ترسل تحذيرًا عاجلًا، ولكن يتعطَّل لساني عند الحديث حول ما يحصل. ومع ذلك، لا أزال أصرخ من أجل مصر، لأنني أدين لياسين محمد بشيء بسيط أعطانيه: الأمل.

التعليقات