16/11/2018 - 22:33

كيف يعملُ رئيس الوزراء التقدميّ بأثيوبيا على المساواة بين الجنسيْن؟

شملت آخر موجة من إصلاحات أحمد المُستمرة، الاعتراف بالقائدات الأثيوبيات، فقد اتخذ خطوات من أجل ضمان تمثيل النساء في الخارطة السياسية الأثيوبية. ولقد رأينا ذلك بشكل خاص، عبر الإجراءات الجديدة المذهلة التي قام بها خلال الشهر الماضي.

كيف يعملُ رئيس الوزراء التقدميّ بأثيوبيا على المساواة بين الجنسيْن؟

رئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد (أ ب)

في ما يلي ترجمةٌ خاصّة بـ"عرب 48" وبتصرُّف

 

منذ أن تسلم آبي أحمد، منصب رئيس وزراء أثيوبيا من هيليماريام ديسلجن، في آب/ أبريل عام 2018، تمر الدولة الأفريقية بموجة متسارعة من الإصلاحات السياسية. وحتى الآن، باستثناء "حوادث" العنف العرقيّ المؤلمة في بعض مناطق أثيوبيا، فإن أقل ما يُمكن به وصف التغييرات التي تقوم بها الإدارة الجديدة، بالمثيرة. 
تحت قيادة أحمد، توصلت أثيوبيا لاتفاقية سلام تاريخية مع جارتها إريتريا. وفي الداخل، أطلقت إدارته سراح جميع المعتقلين السياسيين، في ذات الوقت الذي وعدت فيه بتغيير بعض أقسى قوانين الدولة.

إضافة إلى ذلك، تعهد رئيس الوزراء الجديد، بتحويل الاقتصاد المُدار على يد الدولة، عن طريق تقديم مُقترح لخصخصة المشاريع التي تملكها الدولة بشكل جزئي. فتفتحُ بذلك الخصخصةُ المجالَ أمام فرص جديدة للمنافسة، وجمع التمويلات لبرامج التنمية الأساسية في أثيوبيا.
وشملت آخر موجة من إصلاحات أحمد المُستمرة، الاعتراف بالقائدات الأثيوبيات، فقد اتخذ خطوات من أجل ضمان تمثيل النساء في الخارطة السياسية الأثيوبية. ولقد رأينا ذلك بشكل خاص، عبر الإجراءات الجديدة المذهلة التي قام بها خلال الشهر الماضي.
 وتراوحت هذه الإجراءات بين التعيينات الوزارية للنساء وحتى اختيار امرأة لرئاسة البلاد، ورئيسة للقضاة ومسؤولة إعلامية لمكتب رئيس الوزراء. وجميعها تجديدات غير مسبوقة في أثيوبيا، وعلى مستوى القارة أيضا.

الوزيرات
عيّن أحمد في 19 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، مجلسا وزاريا متوازنا بين الجنسين، إذ يتضمن المجلس اليوم 10 وزيرات من بين 20 بالمجمل. ووُصف هذا الاعتراف بدور النساء في السياسية الأثيوبية، على أنه خطوة رائدة تتحدى الثقافة السياسية الأبوية السائدة في الدولة.

وبمقارنة المجلس الوزاري الذي اختاره أحمد، بذلك الذي اختاره سلفه ديسلجن، نجد أن المجلس الوزاري الذي اختاره الأخير، تضمن أربعة نساء فقط من أصل 34 وزير. واستطاع أحمد أن يُنجز أكثر من التوازن الجندري المطلوب في المجلس الوزاري، فقد قلل من عدد وزرائه أيضا. 

وعبر تعيين أحمد للنساء في مجلسه الوزاري، يكون قد أوفى بوعده لأنه سوف يضع المرأة في قلب ومقدمة أجندة الإصلاح الذي يتبعها. 

وكان أحمد ناشد في خطاب تعيينه في آب/ أبريل الماضي، النساء لاتخاذ موقعهن الطبيعي في القيادة عبر قوله: "لا معنى لهويتنا الوطنية دون اشتراك المرأة الأثيوبية، وعندما نرفض الاعتراف بالنساء التي بنت دولتنا وخدمتها وساعدتها بالوقوف على قدميها، من المستحيل أن نؤسس نهضة وطنية ناجحة".

الرئيسة المرأة
بعد مرور أسبوع فقط على تعيين أحمد لمجلسه الوزاري، أجمع المجلس الأعلى في البرلمان الأثيوبي، خلال جلسة مشتركة، على تعيين سهلي زودي، رئيسة للبلاد. 

سهلي زودي أول رئيسة امرأة لأثيوبيا (رويترز)

وتشغل زودي الآن، منصب رابع رئيس للبلاد منذ أن صعدت الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية الأثيوبية إلى السلطة عام 1991، وهي المرأة الأولى التي تُعيَّن بهذا المنصب.

وشغلت زودي منصب المدير العام للشؤون الأفريقية في وزارة الخارجية الأثيوبية، وخدمت في ما بعد في الأمم المتحدة. وفي منصبها الأخير، كانت زودي الممثلة الخاصة لأمين عام الأمم المتحدة لدى الاتحاد الأفريقي، وهي أول امرأة تشغل هذا المنصب في المنظمة أيضا.

ومع أن دور منصب الرئيس الأثيوبي يُعتبر صوريًّا، إلا أنه من المتوقع أن تلعب زودي دورا أساسيا في مساعي أحمد الإصلاحية. ويأتي تعيينها في وقت تحتاج فيه البلاد، لنفوذ قوي وموحد للتعامل مع التوترات العرقية التي أعاقت إدارة أحمد الناشئة.
وبما أنه يُفترض برئيس الدولة أن يكون غير حزبي، فإن زودي بأفضل وضع ممكن للتوسُّط بين قوى المعارضة، كما أن عملها كممثل ووسيط للأمم المتحدة في صراع جمهورية أفريقيا الوسطى يمنحها بعض الأفضلية.

رئيسة العدل
كان أحد التطورات الكبيرة التي طرأت على الساحة السياسية في أثيوبيا، تعيين المحامية والناشطة السابقة في مجال حقوق المرأة، ميازا أشنافي، بمنصب قاضي القضاة (رئيسة المحكمة العليا). ومن المتوقع أن تضع أشنافي، النظام القانوني المتأزم في البلاد، على المسار الصحيح.

وقبل تعيينها بهذا المنصب، أسَّست أشنافي مؤسسة "النساء المحاميات"، والتي ناضلت من خلالها من أجل حقوق المرأة الأثيوبية. كما أنها شغلت منصب قاضية في المحكمة العليا، ومستشارة في لجنة كتبت الدستور الأثيوبي، بالإضافة إلى أنها ساهمت في بناء أول مصرف للنساء في البلاد، واسمه "إنات". 
وتُعرف أشنافي من خلال حكمها في قضية لاختطاف طفلات من أجل الزواج، وحظر حكمها ظاهرة اختطاف الفتيات وإجبارهن على الزواج. 

وبفضل هذه الإنجازات أُشيد بأشنافي، بسبب دخولها إلى المنصب مع هذا السجل الحافل بالكفاءة والخبرة ذات الصلة لهذا الدور.

وحتى زمن ليس بالبعيد، كان نظام القضاء في أثيوبيا من أكثر الأنظمة قمعا من بين نظرائه في العالم، وحاز ائتلاف الاستبداد الحاكم على السيطرة الكاملة عليه. وأُصدرت تقارير كثيرة كشفت التعذيب والقسوة التي مارسها نظام السجون في أثيوبيا لأعوام طويلة. 

ومن سجون أوغادين سيئة السمعة في إقليم أثيوبيا الصومالي، وصولا إلى مناطق السجون الشهيرة في ميكلاوي، وكاليتي وكيلينتو؛ كانت القصص المرعبة عن الأهوال المُرتكبة، أمرا شائعا.
وبفضل تدابير الإصلاح التي اتخذها أحمد وإدارته الجديدة، تم تشكيل لجنة لدراسة القوانين للنظر في الإطار القانوني الأثيوبي. ومن المتوقع أن تدعم هذه اللجنة أشنافي ونوعية نشاطها القضائي في بلد معروف تاريخيا بقوانينه الرجعية.

المستقبل يبعث على الأمل
امتدت خطوات أحمد لتوسيع مجال المساواة بين الجنسين لتشمل مكتب رئيس الوزراء مع تعيين بيليني سيوم، الذي أُعلن عنه مؤخرا، وهي شابة اشتهرت بعملها في تمكين المرأة، بصفتها المتحدثة باسم رئيس الوزراء في المكتب الإعلامي الجديد. وبصفتها المسؤولة الإعلامية، ستعمل سيوم على جلب الصحافيين المحليين والأجانب لتقييم مشاريع أحمد بشكل دوري.
وبشكل عام، أظهرت الأسابيع الأربعة الأخيرة، ارتفاعا كبيرا في مكانة المرأة الأثيوبية (سياسيا)، ورغم أن الموارد المُتاحة لهن ما زالت شحيحة، إضافة إلى التحدي الذي سوف يواجهُهُنَّ في هذه المناصب التي أدارها الرجال تاريخيا، إلا أن الأثيوبيين يتوقعون من النساء أن يقدمن الكثير.  
 

 

التعليقات