16/05/2019 - 22:39

أمور غريبة تحصل في مضيق هرمز.. أهي الحرب؟

لا تُنذر هذه الخطط بصراع عسكري وشيك، لكن يُقال إن ترامب أعاد إخبار بعض الأشخاص بـ"مزحته" المتعلقة ببولتون (سيدخلنا في حرب)، لكنه أطفى على حديثه المزيد من الجدية هذه المرة، خصوصا وأن بولتون يزيد الضغط الذي يأخذ أحينًا صيغًا عسكرية

أمور غريبة تحصل في مضيق هرمز.. أهي الحرب؟

(أ ب)

في ما يلي ترجمة خاصّة بـ"عرب ٤٨":


قال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عندما نصب جون بولتون، مستشاره للأمن القومي، ساخرا، إن الأخير سوف "يُدخلنا (الولايات المتحدة) في حرب". ومن السهل رؤية المنطق من وراء تصريحه. فعندما خدم بولتون تحت إمرة جورج بوش الابن، صاغ معلومات استخباراتية حول السلاح السوري والكوبي، وضغط بشدّة من أجل اجتياح العراق.

وبعد مغادرته الطاقم الحكومي، اقترح بولتون قصف إيران من أجل إحباط برنامجها النووي، ومع عودته إلى البيت الأبيض مؤخرا، يبدو أنه يسير باتجاه الحرب مرة أخرى.

بولتون هو الذي أعلن في الخامس من أيار/ مايو الجاري، أن الولايات المتحدة أرسلت حاملة طائرات ومجموعة من القاذفات إلى الخليج العربي، وليس ترامب. وجاء ذلك استجابة لمعلومات استخباراتية لم يُكشف عنها، حيث ادعى مسؤولون لم يكشفوا عن هوياتهم، أن إيران ووكلائها كانوا يخططون لتنفيذ هجمات ضد القوات والمصالح الأميركية (أو حلفاء الولايات المتحدة) في المنطقة.

وفي التاسع من أيار/ مايو، استعرض بولتون خطط حرب تم تحديثها بناء على طلبه، تدعو إلى إرسال 120 ألف جندي للشرق الأوسط في حال قيام إيران بهجمات عسكرية أو إعادة تفعيل برنامجها للأسلحة النووية، بحسب ما كشفته صحيفة "نيويورك تايمز".

ولا تُنذر هذه الخطط بصراع عسكري وشيك، لكن يُقال إن ترامب أعاد إخبار بعض الأشخاص بـ"مزحته" المتعلقة ببولتون (سيدخلنا في حرب)، لكنه أطفى على حديثه المزيد من الجدية هذه المرة، خصوصا وأن بولتون يزيد الضغط الذي يأخذ أحينًا صيغًا عسكرية ضد فنزويلا.

ويخشى البعض من أن بولتون يبحث عن استفزاز إيران، مضيفا أصداء مشؤومة للأحداث الأخيرة في المنطقة. ففي 12 أيار/ مايو، ضُربت أربع ناقلات نفطية بـ"هجمة تخريبية" في الفجيرة التابعة للإمارات.

ورغم أن تفاصيل الواقعة لا تزال غامضة، غير أن المسؤولين الإماراتيين والسعوديين والأميركيين، يزعمون أن السفن الأربع (سفينتان سعوديتان، وواحدة إماراتية وأخرى نرويجية)، تعرضت لتفجير أدى إلى ثقوب بلغ حجمها ما بين المتر ونصف المتر والثلاثة أمتار، بالقرب من الحدود البحرية. ونُقل عن مسؤولين أميركيين رفضوا الإفصاح عن هوياتهم، أن إيران أو وكلائها هم الجناة المحتملين، دون تقديم أدلة على ذلك.

وتقع الفجيرة خارج مضيق هرمز الإستراتيجي، مباشرة، وهو عبارة عن "نقطة اختناق" رئيسية هدد مسؤولون إيرانيون بإغلاقها إذا ما تعرضت بلادهم لهجمات أميركية.

ولم يتوقف الغليان عند هذا الحد. فقد قالت السعودية في 14 أيار/ مايو، إن محطتين لضخ النفط تعرضتا لهجوم نجم عنه ضرر محدود، لكن الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق كثيرة في اليمن، أعلنوا مسؤوليتهم عن التفجير، وهددوا بهجمات أخرى مماثلة.

ويحارب الحوثيون التحالف الذي تقوده السعودية ضد اليمن، المدعوم من الولايات المتحدة، والذي يدعم الحكومة اليمنية "المعترف بها دوليا برئاسة عبد ربه منصور هادي". وتتهم السعودية والولايات المتحدة، جماعة الحوثي، بأنها أداة بيد إيران. لكن هذا اتهام مبالغ به على الرغم من تلقي الجماعة دعما إيرانًا يشمل إمدادها بالأسلحة.

وتقع المنشأتان اللتان تعرضتا للهجوم على بعد أكثر من 700 كيلومتر شمالي الحدود اليمنية، ومن المحتمل أنهما أصيبتا جرّاء غارة نُفذت بطائرات مسيرة بعيدة المدى استحوذ عليها الحوثيون العام الماضي.

ويسلط الحادثان الضوء على ضعف إمدادات الطاقة الخليجية، وبالتالي، الاقتصادات الخليجية. فترتبط الفجيرة بحقول أبو ظبي النفطية بخط أنابيب. أما محطتي الضخ السعوديتين اللتان تعرضتا لهجوم، هما جزء من "خط الأنابيب الشرقي الغربي"، والذي ينقل النفط الخام من حقوله في الشرق إلى الموانئ في غربي البلاد. ويهدف كلا الخطين إلى مساعدة المنتجين على تجاوز مضيق هرمز.

ولدى إيران سجل من الأعمال "التخريبية" ودعم الميليشيات المتحالفة معها في المنطقة، بما في ذلك مهاجمة الشحن البحري. فعلى سبيل المثال، عطلت "حرب الناقلات" مع العراق، الشحن الدولي في ثمانينات القرن الماضي، حيث هوجمت أكثر من 500 سفينة. وبعد مرور أربع سنوات على ذلك، وفي أعقاب تعرض سفينة أميركية لضربة جرّاء اصطدامها بلغم بحري إيراني، أجرت الولايات المتحدة أكبر هجوم لها ضد إيران، دمرت فيه منصتين نفطيتين، وأغرقت فرقاطة إيرانية (سفينة حربية). وبعض الأشخاص في البيت الأبيض، ينظرون بإعجاب إلى ذاك الاستعراض للقوة.

لكن توقيت ما حدث في الفجيرة، وسرعة الاتهام الأميركي لإيران، أثار انتباه البعض. وكتب الباحث المخضرم بالسياسات الخارجية، ماكس بوت، أن بولتون "قد يكون يحاول استفزاز إيران لتضرب أولا". واستذكر هو وآخرون حادثة خليج تونكين، وهي مناوشات بحرية غامضة نفذتها الولايات المتحدة عام 1964 كذريعة لتوسيع نطاق تدخلها في فيتنام.

وحاول بعض المسؤولين تهدئة الأمور، حيث دعا السفير الأميركي في السعودية، جون أبي زيد، وهو أحد قادة القوات الأميركية السابقين في الشرق الأوسط، في 14 أيار/ مايو، إلى "تحقيق شامل لفهم ما حدث (ولماذا حدث)" في "الهجومين". عندئذٍ فقط، كما قال، ينبغي على الولايات المتحدة أن "تأتي بردود معقولة أقل من الحرب". ويصر أبي زيد على أنه ليس من مصلحة أميركا أن تدخل بصراع عسكري.

ومع ذلك، يشعر المسؤولون الأوروبيون بالقلق، وفي 13 أيار/ مايو، قال وزير الخارجية البريطاني، جيريمي هانت، إنه "قلق جدا من خطر نشوب صراع عن طريق الصدفة مع تصعيد غير مقصود". وحدث ذلك بعد لقاء قصير جمعه بوزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، الذي تلقى استقبالا فاترا من نظرائه الأوروبيين في بروكسل.

وفي 14 أيار/ مايو، سحبت إسبانيا، متأثرة بخشيتها من اضطراب محتمل في المستقبل القريب، سفينتها الحربية من مجموعة حاملة الطائرات الأميركية المتجهة نحو الخليج. وقال الميجر جنرال كريستوفر غيكا، الضابط البريطاني الأول في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد "داعش"، إن "هناك تهديدا متزايدا من القوات المدعومة من إيران في العراق وسورية".

ويلوم الكثير من الأوروبيين الولايات المتحدة، بتصاعد حدّة التوتر مع إيران. فقد سحب ترامب العام الماضي، بلاده من الاتفاق النووي الذي كان من شأنه أن يكبح جماح إيران النووية بمقابل تسهيلات اقتصادية.

ويبدو الآن، أنه عازم على تقويض ما تبقى من الاتفاقية من خلال فرض عقوبات لشل إيران. وفي الثامن من أيار/ مايو، قال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إن إيران ستلغي بعض التزاماتها في إطار الصفقة، ممهلا الدول الأخرى الموقعة على الاتفاق، وهي بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والاتحاد الأوروبي، مدة 60 يومًا لتحديد كيفية تخفيف الضغط الاقتصادي الذي تتعرض له البلاد.

وإذا لم تتمكن هذه الدول من ذلك، ستشعر إيران بالحرية في تخصيب اليورانيوم بمستويات أعلى من أي وقت مضى، الأمر الذي سيقصر طريقها إلى إنتاج المواد الانشطارية لصنع قنبلة نووية.

أما ترامب، فيشدد الخناق على إيران تارة، ويخففه تارة أخرى، فبعد إعلان روحاني قال إنه يتوجب على إيران أن تدعوه لإجراء محادثات مباشرة (يُذكر أن روحاني رفض العديد من العروض المماثلة).

وبعد الحادث الذي وقع في الفجيرة، قال ترامب: "ستكون مشكلة بالنسبة لإيران إذا حصل شيء ما (تصعيد)". لكنه قال إن خطط الحرب لإرسال عشرات الآلاف من الجنود إلى الخليج، هي أخبار مزيفة، مؤكدا "لم نخطط لذلك. نأمل ألا نضطر للتخطيط لذلك"، لكنه أضاف "إذا فعلنا ذلك، فسنرسل قوات أكثر بكثير من ذلك".

 

التعليقات