14/01/2024 - 18:33

قضيّة جنوب إفريقيا ضدّ إسرائيل: دعوة إلى التحرّر من الغرب الإمبرياليّ

ترسل جنوب إفريقيا، من خلال قضيتها أمام محكمة العدل الدولية، رسالة مفادها أن القبول بقيادة الولايات المتحدة للعالم يعني قبول ذبح عشرات الآلاف من الفلسطينيين والتطهير العرقي لمئات الآلاف غيرهم...

 قضيّة جنوب إفريقيا ضدّ إسرائيل: دعوة إلى التحرّر من الغرب الإمبرياليّ

مظاهرة مؤيّدة لفلسطين أمام محكمة العدل في لاهاي(Getty)

أصبح العنف المنظم الذي يقتل آلاف المدنيين الفلسطينيين «ضرورة» من وجهة نظر العالم الغربيّ، وتراهن إسرائيل على أن حربها على غزة تقع ضمن معايير ما يعتبر مقبولًا في أروقة السلطة في الغرب الإمبريالي، حيث تعمل مصطلحات مثل «الأضرار الجانبية» على تلميع النسخة الحالية من مذابح الحقبة الاستعمارية بحق الأشخاص ذوي البشرة البنية في غزة ضمن حملة لإخماد غضب السكان الأصليين وإخضاعهم. يُعود مبدأ الوحشية «الضرورية» لقرونٍ من السعي لفرض الهيمنة الغربية والمحافظة عليها، سواء كان ذلك على يدِ المستعمرين الأوروبيين، أو المستوطنين الأميركيين الذين قضوا على السكان الأصليين، أو عندما ضرب الجيش الأميركي الفيتناميين أو الأفغان أو العراقيين لإخضاعهم لإرادة واشنطن. وهو ما تجسد فيما قالته وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، كونداليزا رايس، عندما طلبت من لبنان أن يبتسمَ، وأن يتحمّل الموت الجماعي الذي يتعرض له والذي أحدثه الغزو الإسرائيلي عام 2006 باعتباره بعضًا من «آلام ولادة الشرق الأوسط الجديد».

واعترف صامويل هنتنغتون، منظّر القوى الغربية، وصاحب كتاب «صراع الحضارات» بذلك عندما قال: «لم يكن تفوّق الغرب على العالم بتفوق أفكاره أو قيمه أو دينه (التي لم تتحول إليها إلا قلّة من الحضارات)، بل بتفوقه في تطبيق العنف المنظم. وكثيرًا ما ينسى الغربيون هذه الحقيقة، أما غير الغربيين فلا ينسوْن ذلك إطلاقًا».

بدا فلاديمير زئيف جابوتنسكي، مؤسس الحركة الصهيونية التصحيحية التي كانت القوة المهيمنة في السياسة الإسرائيلية طوال المدة الأكبر من العقود الخمسة الماضية، مدركًا تمامًا للنقطة التي أوضحها هنتنغتون بعد نصف قرن. كان كتيب جابوتنسكي المؤثر والذي نُشر عام 1923 تحت عنوان «الجدار الحديدي» بمثابة دعوة غير عاطفية لحمل السلاح لأولئك الذين يسعون لبناء دولة عرقية يهودية في فلسطين والحفاظ عليها: «إننا نسعى لاستعمار بلد ضد رغبات سكانه، أي بالقوّة، وسنواجه الكثير من الأمور غير المرغوب فيها؛ بسبب هذه الحتمية البديهية».

إن العنف الذي تُمارسه إسرائيل هو النوع نفسه من العنف الذي جعل الغرب القوة المهيمنة في النظام الدولي. وترتكز إسرائيل على النظام الاستعماري الغربي لتبرير الوحشية التي تمارسها في قطاع غزّة، وتصفه بأنه عنفٌ مؤسف، لكنه ضروري للدفاع عن حدود «الحضارة» ضد «البربرية»، وهو من مبادئ القوى الغربية الراسخة، وهو المبدأ ذاته التي تطالب فيه إسرائيل الغرب بدعمها في حملتها ضد قطاع غزّة. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أنه في محادثات دبلوماسية وبيانات عامة، استشهد المسؤولون الإسرائيليون «بالأعمال العسكرية الغربية السابقة في المناطق الحضرية التي يعود تاريخها إلى الحرب العالمية الثانية وحتى حروب ما بعد 11 سبتمبر ضد الإرهاب [...] للمساعدة على تبرير حملتها ضد حماس، التي تودي بحياة الآلاف من الفلسطينيين».

آثار القصف الإسرائيلي في غزة (Getty)

لكن تهمة الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب إفريقيا إلى محكمة العدل الدولية على أمل وقف الحملة الإسرائيلية تأتي بمثابة تذكير بملاحظة هنتنغتون بأن غير الغربيين لم ينسوا قط كيف صُنع الغرب، كما أنهم ليسوا على استعداد لقبول امتيازاته. ويرى الكثيرون في الجنوب العالمي في العنف الذي تمارسه إسرائيل صدى للوحشية والإذلال التاريخي الذي تعرضوا له على أيدي القوى الغربية.

لا تتقدم جنوب إفريقيا لمواجهة إسرائيل فحسب، فما فعلته يعد تحديًا لإرادة الولايات المتحدة، الداعم الرئيس لإسرائيل، الذي يمنع بقوة أي محاولات لإخضاع إسرائيل للمساءلة أمام القانون الدولي. ومن خلال رفع دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية، فإن جنوب إفريقيا تقول للعالم إنه لا يمكن الوثوق بالولايات المتحدة وحلفائها في وقف حملة الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل.

لقد كان نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا الصديق الإيديولوجي والحليف الأقرب لإسرائيل. تحترم جنوب إفريقيا ما بعد الفصل العنصري الآن الالتزام الأخلاقي الذي وضعه الرئيس الراحل نيلسون مانديلا، بألا يهدأ لها بال حتى تتحرر فلسطين. كما أن عملها يعني ضمنًا وراثة المسؤولية الأخلاقية لقيادة المجتمع المدني العالمي إلى العمل ضد الفصل العنصري، وهو ما يستمد من تجربته الخاصة في النضال بتحريض من التضامن الدولي.

إن الملايين الذين يحتجّون في شوارع العالم يخبروننا أن قسمًا كبيرًا من المجتمع المدني يقف إلى جانب الفلسطينيين. ومع ذلك، فإن معظم الحكومات التي لا تدعم بشكل مباشر إجرام إسرائيل فشلت في التحرك. وليس من الصعب معرفة السبب. تقوم إسرائيل بقصف المدنيين وتجويعهم، وتدمر عمدًا وسائل بقائهم على قيد الحياة، وتتصرف بثقة راسخة بأن الذخائر الأميركية التي تسقطها على الأمهات والأطفال في غزة سوف تستمر في التدفق، بينما توفر واشنطن لها الغطاء السياسي. لقد تحركت جنوب إفريقيا لمحاولة كسر السلبية التي فرضتها الولايات المتحدة، وقدمت مثالًا على العمل المستقل من جانب الجنوب العالمي لوقف جرائم الحرب التي وافق عليها الغرب.

وعندما واجه مانديلا، الذي أطلق سراحه من السجن في عام 1990، تحديًا في الولايات المتحدة بشأن علاقته مع زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، أوضح بأدب، وبحزم للمؤسسة الأميركية أن «أعداءكم ليسوا أعداءنا»، وهو مبدأ عدم الانحياز الذي أقره مانديلا، ويحمل شعلته ورثته الآن.

نيلسون مانديلا وياسر عرفات (Getty)

توجد، بطبيعة الحال، حدود لقدرة حكومات العالم الثالث على الوقوف في وجه الولايات المتحدة وأوروبا، وأهمها مركزية الأسواق المالية العالمية التي يديرها الغرب في قدرة هذه الحكومات على الحكم. تواصل بقاء الاقتصاد العالمي غير المتكافئ والفظيع، والذي بناه النهب الاستعمار الغربي، حتى بعد إنهاء الاستعمار السياسي، على هيئة علاقات ملكية خاصة مقننة، والتي أعطت في الأساس للولايات المتحدة وأوروبا حق النقض ضد الاستقلال السياسي للمستعمرات السابقة. وحتى اليوم نرى هذا النفوذ مع مصر تحت الضغط لاستيعاب عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين الذين تعرضوا للتطهير العرقي في غزة، مقابل شطب 160 مليار دولار من ديونها الوطنية.

على الرغم من موقعها التبعي في النظام المالي العالمي، بدأت جنوب إفريقيا في مقاومة المطالب الجيوسياسية للولايات المتحدة، وأبرزها رفضها، بالتنسيق مع معظم بلدان الجنوب العالمي، الوقوف إلى جانب الناتو في حرب أوكرانيا. وربما يعكس هذا تراجع قوة الولايات المتحدة مقارنة بآخرين، والاستقلال الاقتصادي المتنامي للقوى المتوسطة. ولكن القرار الذي اتخذته جنوب إفريقيا بالتوجّه لمحكمة العدل الدولية يفتح آفاقًا جديدة باعتباره تحديًا جيوسياسيًا للولايات المتحدة. لأنه عندما تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية، لا يمكنك تجنب الحقيقة، على الرغم من أنها قد تكون غير معلنة، وهي أنك تدين فعليًا الولايات المتحدة كشريك.

النتيجة الطبيعية لنقطة هنتنغتون حول الذاكرة غير الغربية على شكل مجموعة من لحظات العنف المنظم الناجح للشعوب غير الغربية ضد القوى الغربية التي لا تقهر ظاهريا، وهو ما يُلهِم المقاومة في جميع أنحاء الجنوب العالمي. وقد سلط بانكاج ميشرا الضوء على هذا النمط في تأثير هزيمة اليابان لروسيا الإمبراطورية عام 1905 على المثقفين بدءًا من سون يات سين وجواهر لال نهرو ومصطفى كمال أتاتورك ودو بويز: «لقد استخلصوا جميعًا الدرس نفسه من انتصار اليابان: الرجال البيض، غزاة العالم، لم يعودوا لا يقهرون».

وشعرت بلدان الجنوب العالمي بموجة مماثلة من الإلهام عندما هزم الثوار الڤيتناميون الجيش الاستعماري الفرنسي في ديان بيان فو في عام 1954. ومرة أخرى عندما هزموا الأميركيين الذين حلوا محل فرنسا. أو عندما طردَ الثوار الكوبيون الملتحون الدكتاتور المدعوم من الولايات المتحدة وقاوموا الجهود الرامية إلى استعادة النظام القديم. اكتسب الجيل الجنوب إفريقي الذي قاد انتفاضة سويتو عام 1976 ضد حكومة الفصل العنصري المزيد من الجرأة بعد مشهد إجبار جيش بريتوريا الذي كان يفترض أنه لا يقهر، على الانسحاب من أنغولا على أيدي القوات الكوبية وقوات الحركة الشعبية لتحرير أنغولا. وكان لانتصار حزب الله في عام 1999 في حرب العصابات التي دامت خمسة عشر عامًا لإجبار إسرائيل على الانسحاب من جنوب لبنان تأثيرًا ملهمًا مماثلًا على الفلسطينيين وجيرانهم، وهلمّ جرًّا.

من مظاهرة مؤيّدة للفلسطينيّين في روما (Getty)

سوف يلاحظ الكثيرون أنه بينما دمرت إسرائيل جزءًا كبيرًا من قطاع غزة وتواصل قتل مئات المدنيين كل يوم، إلا أنها فشلت في تدمير القدرة القتالية لحماس. وحذرت صحيفة نيويورك تايمز من أن «الشكوك تتزايد حول قدرة إسرائيل على تفكيك حماس»، بل إنها صارت أبعد عن تحقيق هدفها، حيث أدت تصرفات إسرائيل إلى جعل الحركة أكثر شعبية من أي وقت مضى بين الفلسطينيين وفي جميع أنحاء المنطقة العربية، في حين أضعفت القادة المتحالفين مع إسرائيل والولايات المتحدة.

قال المنظم السياسي الفلسطيني فادي قرعان إن الهجوم الإسرائيلي يُضعف في الواقع من صورتها «الرادعة»، وأضاف «لقد شهدنا تحولًا هائلًا في منظور الناس حول الجيش الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كان يُنظر إليه على أنه قوة متقدمة مرعبة لا يستهان بها، وأنه ويتمتع بمستوى لا يمكن كسره من التفوق. ويُنظر إليه الآن على أنه جيشٌ ضعيف وهش للغاية، ويوجد اعتقاد سائد حاليًا أنه سيكون من السهل هزيمته إذا لم يحصل على دعم أميركي غير محدود». ويرى قرعان أن اعتماد إسرائيل على القصف الجوي وقصف المراكز السكانية الحضرية «يُنظر إليه على أنه التكتيك الأكثر جبنًا لجيش يخشى القتال "وجهًا لوجه" مع ميليشيا لا يتجاوز حجمها عُشر حجمه، وتمتلك 1% من موارده، ومُحاصرة منذ 17 عامًا. تحدث التوغلات البرية الإسرائيلية من خلال الدبابات المحصنة بعد القصف الجوي والمدفعي المكثف، إلا أنه ما يزال يفشل في تطبيق سيطرته على أي من الأراضي في القطاع».

إن تكتيكات العقاب الجماعي التي تتبعها إسرائيل ومدى وطبيعة العنف الذي ترغب القوى الغربية في ممارسته ضد الشعب الأسير والمستعمر في غزة هي أيضًا بمثابة تذكير للأشخاص الذين كانوا مستعمرين سابقًا وأحفادهم حول كيفية صنع الغرب.

تتوقع إسرائيل تفهّم ما تفعله في العواصم الغربية بسبب تقاليد «العنف الضروري» للهيمنة الإمبريالية الغربية، مما يوحي تقريبًا أنه من معاداة السامية حرمان إسرائيل من الحق في التصرف في أوائل القرن الحادي والعشرين بطرق فعلتها القوى الأوروبية والولايات المتحدة في القرنين التاسع عشر والعشرين.

وهنا تجدر الإشارة إلى ملاحظة للمؤرخ البريطاني الراحل توني جودت حول عواقب تأخر إسرائيل في اللعبة الاستعمارية الاستيطانية:

آثار القصف الإسرائيلي في غزة (Getty)

باختصار، المشكلة مع إسرائيل ليست، كما يُقال أحيانًا، أي أنها «جيب» أوروبي في العالم العربي، بل في أنها وصلت بعد فوات الأوان. لقد استوردت مشروعًا انفصاليًا مميزًا من أواخر القرن التاسع عشر إلى عالم قد تجاوز هذه المشاريع، ودخلنا إلى عالم الحقوق الفردية، والحدود المفتوحة، والقانون الدولي. إن فكرة «الدولة اليهودية»، أي الدولة التي يتمتع فيها اليهود والديانة اليهودية بامتيازات حصرية ويُستبعد منها المواطنون غير اليهود إلى الأبد، تعود لزمان ومكان آخرين. ينطوي وجود إسرائيل على مفارقةٍ تاريخيَّة.

ويضيف آدم توز، كاتب العمود في صحيفة فاينانشيال تايمز:

إن الإسرائيليين هم المجموعة الأخيرة من الأوروبيين (أو ذوي الأغلبية الأوروبية) الذين يُمارسون الاستيلاء الجماعي للأراضي غير الأوروبية، بتبرير لاهوتيّ، وبادّعاءات التفوق الحضاري والقومية. وبطبيعة الحال، ما تزال عمليات الاستيلاء على الأراضي متواصلة في جميع أنحاء العالم طوال الوقت، إلا أن المشروع الإسرائيلي أصبح في أيامنا متماسكًا بشكل فريد وغير اعتذاري بشكل فريد باعتباره مثالًا على الإيديولوجية الاستعمارية الاستيطانية «الكلاسيكية».

تشن إسرائيل حربًا استعمارية كلاسيكية لإخماد وإخضاع السكان الأصليين الذين يقاومون الاستعمار، في الوقت الذي يكشف فيه باقي مواطني العالم تاريخ الغرب الطويل من العنف والاستعباد، ويطالبون فيه بالعدالة وبإعادة ترتيب علاقات القوة العالمية. لقد أصبح الدفاع عن فلسطين اختصارًا لذلك النضال العالمي لتغيير الطريقة التي يُحكم بها العالم. لقد كشفت غزة عن النفاق الأساسي لـ «النظام الدولي القائم على القواعد»، الذي وضعه بايدن، وهو نظام نفاقيّ يضفي الشرعية على ممارسة العنف ضد الفلسطينيين المستعمرين ويمكِّن إسرائيل في انتهاكاتها المنهجية للقانون الدولي. قد تتسامح القوى الغربية مع الحملة العسكرية الإسرائيلية، ومع نظامها للفصل العنصري، لكن مواطني الجنوب العالمي لا يتسامحون معهما.

طالبت واشنطن، في لحظة هيمنتها أحادية القطب في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، المجتمع الدولي بالسيطرة الاحتكارية على الملف الإسرائيلي الفلسطيني، وكانت النتيجة «عملية سلام» قامت فيها إسرائيل بتوسيع وتعميق احتلالها العنصري بلا هوادة، في حين أغلق المسؤولون الأميركيون أي نقاش حول تقييد إسرائيل من خلال ترديد شعارات فارغة عن «حل الدولتين» الذي قد يتعرض للخطر إذا أجبرت إسرائيل على الامتثال للقانون الدولي. لقد انتهى هذا العالم.

ترسل جنوب إفريقيا، من خلال قضيتها أمام محكمة العدل الدولية، رسالة مفادها أن القبول بقيادة الولايات المتحدة للعالم يعني قبول ذبح عشرات الآلاف من الفلسطينيين والتطهير العرقي لمئات الآلاف غيرهم.

تقاوم الولايات المتحدة بقوة المبادرات مثل الالتماس الذي رفعته جنوب إفريقيا إلى محكمة العدل الدولية، تمامًا كما تستخدم بشكل روتيني حق النقض ضد أي جهد يبذله مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتقييد الانتهاكات الإسرائيلية المنهجية للقانون الدولي. إن الإجراء القانوني الذي اتخذته جنوب إفريقيا يكسر الهيمنة الأميركية التي تشل قدرًا كبيرًا من المجتمع الدولي عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاسبة مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية. وتمثل قضيتها دعوة واضحة للجنوب العالمي لتحدي القيود المفروضة على المشاركة الدولية التي وضعتها واشنطن. إذا كانت بلدان الجنوب العالمي تريد وقف شلال الدم والتطهير العرقي، فلا يمكنها الاعتماد على شريك إسرائيل في الولايات المتحدة لتحقيق ذلك.

قد يكون الإعداد لهذا التحدي الجيوسياسي هو الضرورة الملحة الكارثية لوقف جرائم إسرائيل، ولكن سواء نجح ذلك أم لا، فإن قضية محكمة العدل الدولية قد تمثل فصلًا جديدًا في التحول بعيدًا عن الهيمنة الأميركية والعالم الذي يدار وفقًا لقواعد تضفي الشرعية على جرائم الحرب من خلال ارتكاب جرائم حرب التي تمارسها الولايات المتحدة أو حلفاؤها.

** نُشرت هذه المادّة في موقع "ذا نيشن".

التعليقات