18/04/2016 - 13:24

"جوى" تواصل رحلتها الموسيقية المتفردة

من حيفا إلى الكابري المهجرة شمالا إلى رام الله يواصل الفنان أكرم عبد الفتاح من قرية كوكب أبو الهيجاء الجليلية مشواره الموسيقي، ويخوض غمار حقل التأليف والتلحين الموسيقي من نوع متفرد في البلاد،

"جوى" تواصل رحلتها الموسيقية المتفردة

من حيفا إلى الكابري المهجرة شمالا إلى رام الله يواصل الفنان أكرم عبد الفتاح من قرية كوكب أبو الهيجاء الجليلية مشواره الموسيقي، ويخوض غمار حقل التأليف والتلحين الموسيقي من نوع متفرد في البلاد، قدّم خلال عروضه 11 مقطوعة موسيقية متميزة أبهرت الجمهور ولاقت اهتماما ونجاحا لافتا، يستعد لنقل هذه اللوحة الفنية الثقافية للمجتمعات الغربية في جملة عروض يطوف بها  لنقل لوحات فنية من مزيج الحضارات.

يحمل عمله الجديد عنوان 'جوى' وهي جملة من المقطوعات الموسيقية الأولى التي يصدرها هذا العام، ويعتمد هذا الألبوم الجديد على موسيقى آلاتية تصويرية (خالية من الغناء) تحمل كل واحدة منها فكرة وحكاية بأبعادها الإنسانية وبأداء وتصوير موسيقي إبداعي لافت.

وقال الفنان أكرم عبد الفتاح إن 'المشروع يحمل رؤية وأفكارا موسيقية ربما غير مألوفة، حيث تحمل كل نغمة فكرة موسيقية ورؤية لشكل عالمنا الروحاني، الإنساني والذهني'.

وأضاف لـ'عرب 48': 'أحاول إيصال الفكرة من خلال التجاسر على الوتر واستنطاق الآلة بالنغم التصويري لتلامس الذهن والروح خاصة في ظل هذا العالم المتوحش وما يشهده العصر من مآسي وكوارث إنسانية تدفع نحو المجهول، حاولت من خلال موسيقاي أن أصور الراهن والدهاليز القاتمة وأفول الشمس لنلفت لزوايا من الأمل والتفاؤل بإشراقة أخرى تنهي هذه المعاناة التي طالت على محبي الحياة'. 

وأكد أن 'هذا المزج الموسيقي الواسع مع موسيقيين من عالم الجاز و'البوب' والموسيقى العربية الكلاسيكية والغربية حاولت من خلالها تكوين موسيقى جديدة والخروج بلوحة فنية موسيقية تجمع بين عوالم من الثقافات الفنية الإنسانية وإبراز جسارة الآلة دون غناء'.

وتصف منال حجوج هذه المعزوفة وتقول: 'شدَّ الرِّحالَ، مِنَ الرِّمالِ الحارِقَةِ يَخطو نَحوَ اللانِهايةِ، يَحُثُّ القافِلَةَ لتَمشي أسرَعَ نَحوَ عالَمٍ آخرَ، عالَمٍ مَجهولٍ عالَمٍ مَريخِيٍّ... رَجُلٌ بِلِباسِ الصَّحراء يَلُفُّ عَمامَةً فَوقَ رَأسِهِ بثقةٍ يَرنو لِمُستَقبلٍ مُختَلِفٍ في كَوكَبٍ أحمَرَ... في المَريخِ'.

أما حول معزوفة 'هجرة' فقالت: 'صَمَتَت نَفسي وَتَناءَت عَن الآخرينَ، تَبحَثُ بَينَ الحينِ وَالآخر عَن مَدخَلٍ شاغِرٍ، مَدخلٍ لِتَحظى بِبعضِ الطَّمَأنينةِ فيهِ، لِتَشعرَ بالرُّوحانِيَّةِ، لِتَهرُبَ مِن ضَجيج العالَمِ، لِتَهجُرَ الجَميعَ وَتَدخُلَ لِسكونِ مُهجَتِها الَّتي ضَجيجُها ما هُوَ إلِّا خَفَقاتُ قلبٍ ثابِتةٍ... خَفقاتٌ تَجعل هِجرَتَها إلى الذَّاتِ أبهَجَ هِجرَة'. 

وحول 'نهاية الشمس' فقد قالت: 'خفُتَ نورُ الشَّمسِ وَبَدَأَ الظَّلامُ يَعُمُّ الأرجاءَ، لَمَعَتِ النُّجومُ لِلمَرَّةِ الأخيرَةِ وَسادَ الصَّمتُ تَهَيُبًا مِما سَيَأتي... عادَ وَنَظَرَ لأعلى عَلَّهُ يَلمَحُ بَصيصَ أمَلٍ أنَّها سَتَعودُ لتُشرِقَ منْ جَديدٍ، لكِنَّ الدُّجى لَفَّ المَكانَ بِسَوادِهِ، لِيُعلِنَ نِهايَةَ الشَّمسِ وَبِدايَةَ عَصرٍ مَجهولٍ دامِسٍ'.  

وواصلت حجوج وصفها لبقية المعزوفات حيث قلت إن معزوفة 'غُراطوس' هي 'بِمَشيَةٍ مُتَباهِيَةٍ تَهادى بَينَ الجَمعِ. يُحاوِلُ بِجُهدٍ أنْ يَكونَ كُلَّ شَيء عَدا حَقيقَتِه، يَبْسِطُ ريشَهُ المُنَمَّقَ بِفَخرٍ مُبتَذَلٍ، مُستَنكِرًا ذاتَهُ ظَنًّا أنَّ الجَميعَ سِواهُ أفضَل. لَمْ يَدْرِ قيمَةَ كَيانِهِ وَأنَّه بِتَقليدِ الآخرينَ يَغدو مُزَيَفًا ومُمَثلًا فاشِلًا باهِتًا. كَمْ أصبَحَ بَعيدًا عَنْ واقِعهِ لِيَضِلَّ في العَودَةِ إلَيهِ الآنَ.. فاستَحالَ غراطوس'.

أما حول مقطوعة 'أربع ملات' فقالت إن 'رائِحَةُ الزَّيتونِ، اللَّوزِ وَالعُشبِ النَّدِيِّ مَلَأتْ خَياشيمي. وَاخَذَتني مَعَها في رِحلَةٍ عَبرَ الزَّمَنِ. أخَذَتني لِأيَّامٍ وَلَّت مِن سِنين عِدَّة. لِذكرَيات الطُّفولةِ وَالأرضِ، حين تَتَحلقُ عائِلتي حَوْلَ موقدةٍ أُشعِلَتْ بِنارِ اللَّهفَةِ وَالاشتِياقِ لِغناءِ جَدِّي الشَّجيِّ، الَّذي يَرتَفِعُ بِسيمفونِيةٍ يَتَراقَصُ اللَّهَبُ عَلى إيقاعِها. أخَذَتني هذِهِ الرَّائِحَةُ لِأربعِ مَلّات... لوطني'.

وحول معزوفة 'لو' قالت إن 'فتحَ الدفترَ القديمَ المُهترئَ، نظَرَ فيه للمرَّةِ المئة في ذاكَ اليَومِ. أغلقَهُ ووضعَهُ أعلى الخزانةِ كي يَستمرَ في حياتِه قدمًا، إلّا أنَّه ضَعُفَ وفَتَحَهُ من جديد، قَرأ ذكرياتٍ بَعيدَةٍ لا زالت تَنقُشُ أوجاعَهُ مَرَّةً تِلو الأخرى. ذِكريات تَأبى التَّلاشي، فَتَعود لِتَظهر كَبُقعَةٍ على بِساطٍ أبيَضَ رافِضَةً الزَّوالَ مَهما تَعَرَضَت لِلفَركِ. تُعَذِّبُهُ وَتوجِعُهُ لِيَصرُخَ مُتَمَنِيًا لَو...'.  

وأشارت إلى أن 'موسيقى دروشت تطرقت للفكرة الصوفية... دُقَّتِ الطُّبولُ والدُّفوفُ في مُناجاةٍ لِلروحِ، فَتَمايل أصحابُ الطَّرابيش والتَّنانير الواسِعَةِ في لَوحات راقصَةٍ تَقليدِيَّةٍ. وَمن مَكانٍ مَجهولٍ صَدَحَ صَوتُ الغيتارِ مُناقِضًا جَوَ التَّأمُلِ المُهَيمِنِ،  لِيَزيدَ مِن سُرعةِ الرَّاقِصين شَذَلًا... لِتَتَفِقَ الاضدادُ في رَقصَةٍ صاخِبةٍ... دَروَشَت'.

وتابعت وصفها حول معزوفة 'هنا وهناك' قائلة إن 'تَلفُّني الِمياهُ الزَّرقاءُ من كُلِّ ناحِية، بوصَلتي تُشيرُ نَحوَ الوَطَنِ. وَأنا هُنا تَشُدُّني رَغبةُ الاستِكشافِ صَوبَ شَرقٍ مَجهولٍ بإيقاعاتِهِ، وَسَطَ اللامَكانِ أقِفُ حائِرًا... تارَةً أحِنُّ لِوَطَنٍ بِرائِحَةِ السَّروِ وَالصَّنوبَرِ... وَتارَةً أخرى تَأسُرني روائِحُ البَخورِ وَالزَّيْتِ وَالعَنبَرِ... نَكهَةُ الشَّرقِ وَأريجُهُ قاداني لِليابِسَةِ مُحَمَلًا بِتَوْقٍ وَوَجَلٍ، مَملوءًا بِنَشوَةِ الاكتِشافِ. رائِحَةُ التَّوابِل مَلَأتني بِذكرى بَعيدَةٍ لِمَنزِلٍ وَأمٍّ. أهذا هُوَ الوَطَن؟ حينَ تَأخُذُكَ روائِحهُ لِذِكرَياتٍ مَنسِيَةٍ. فَالشَّرقُ بَدا وَكأنَّهُ يَحضُنني بِألحانِهِ الشَّجِيَّةِ وَألوانِهِ البَراقَةِ. يَصنَعُ لي مِن لَآلِئِهِ عِقدَ مَحَبَّةٍ وَانتِماءٍ لِوَطَنٍ لَيسَ لي. فَكَيفَ لِوَطَنٍ كَهذا يُعانِقُ المُغتَربينَ بِحنانٍ وَدِفءٍ وَيَمسَحُ آهاتهُم بِلَمسَةٍ شَرقِيَّةٍ عَطوفَةٍ أنْ يَبكي حُزنًا وَأسىً؟'. ذِكريات قُبطانٍ غَربِيٍّ قَلبُهُ مَسكونٌ بِوَطَنين، هُنا وَهُناكَ'.

أما في قمة 'جوى' فقالت إنه 'حينَ رَآها تَقفُ هُناكَ في عُزلَةِ الرَّصيفِ، عَيناها مُختَبِئَةٌ خَلَفَ نَظرةٍ غائِمةٍ غارِقَةٍ بَعيدَةٍ لأميال، أرادَ احتضانها وَطَمأنتها أن الأمورَ سَتغدو أفضلَ. كيفَ لهُ أنْ يَشرَحَ لها كَمْ حُبُّها يَتَمَلَّكُهُ يَجرفهُ يَجعَلهُ مُنتَشيًا وأحمقَ أحيانًا... أنَّ شَغَفَهُ بِها أمرٌ خارجَ السَّيطَرة، فَتَختَلطُ مَشاعِرهُ لِشيءٍ لا يَستطيعُ تَفسيرَهُ. حُبٌّ جارفٌ أعمى، دونَ حُدودٍ واضحةٍ لِينْقلبَ طَورًا لألمٍ رَهيبٍ داكنٍ يُمزِّقَ نِياطَ قَلبِهِ... كَيفَ لهُ أنْ يَشرحَ هذا أبدا؟ فإنَّها لَيسَت قِصَّةَ حُبٍّ اعتِيادِيَةٍ... وَلا حِكايَةً مُزَخرَفَةً يَرويها فيلمٌ كلاسيكيٌّ... إنَّها جَوى'.

أما معزوفة 'حنظلة' فقد جاء فيها أنه 'في العاشِرَةِ أنا وَسَأبقى. ما دامَ الزَّيتونُ يعاني وَيَنزِفُ والتِّينُ لِغارِسِهِ مُشتاقٌ، وما دامت طُيورُ الهِجرَةِ تُعيقها حَواجِزَ أقيمت عالِيًا عاليًا في السَّماءِ، وجَيبي ما زالَ يَحملُ مِفتاحًا يَذَكرُني بِبَيتِ مِن طوبٍ. ما دامَ المَوجُ يَرتَفِعُ وَيَعصِفُ بِقَواربَ مَطاطِيَّةٍ تهَربُ مِن ظُلمٍ وَمَوت. في العاشِرَةِ سَأبقى... فأمُدُّ يَدي بَينَ الحينِ وَالآخر أكتُبُ بِطَبشورٍ مُتَكَسِرٍ عَلى جُدران شاهِقَةٍ أو أُلَوَّحُ بِعَلَمِ حُرِيةٍ لشعوب مُضطَهَدَةٍ، جُلَّ مُرادها سَلامٌ وَوَطَن... في العاشِرَةِ أنا وَسَأبقى... حَنظَلَة'.

اقرأ/ي أيضًا | الفنان رامي محمد: أغان بالفصحى تجسد أبعاد الواقع

ووصفت حجوج معزوفة 'بوابة الصحراء' بالقول 'مِن أعالي الجِبالِ الجَرداء يَنبَعِثُ لَحنٌ عَذْبٌ آسر، تَحمِلُهُ الرِّياحُ عَلى عَجلٍ لِيُلاطِفَ حَرارةَ رِمالٍ صَفراء حارِقةٍ، فَيملَأ السُّكونَ القاتلَ في تلكَ الصَّحاري الجَافَةِ، لِيَنشُرَ حَياةً أو شِبهَ حياةٍ في كُثبانٍ تَعِدُ بالضَّياعِ والهلاكِ. مِن هذهِ البُقعَةِ القاسيةِ العاريةِ وُلِدَت أوتارُ رَبابةٍ تُحاكي صُخورًا أحرَقَتها شَمسٌ مُلتَهِبَةٌ، تُناشِدُ عَظاءَةً تَزحَفُ بِثِقلٍ، تُفَجِرُ واحَةً موسيقِيَّةً وَسطَ اللاشيء... تَرسمُ حَياةً من الفَناءِ'.

التعليقات