حكاية يستشهد بطلها في منتصف الطريق!!

-

حكاية يستشهد بطلها في منتصف الطريق!!
عن مؤسسة الهدف للنشر والتوثيق، صدر مؤخراً وفي طبعة فاخرة، كتاب تذكاري مكرس لإحياء ذكرى القائد الكبير جورج حبش، الذي يحتل في المخيلة الفلسطينية مكانة «الأيقونة» على حد تعبير (أيقونة أخرى) هو الشاعر محمود درويش، الذي يقول في شهادته عن (الحكيم): «كانت بنيته الفكرية والأخلاقية الواضحة شديدة الإحكام والتماسك والعناد، تمتع بكاريزما قيادية نادرة تستعصي على التفكيك».

رجل كهذا، جدير بالكثير من الكتب ولا شك، ولكن هذا الكتاب هو سعي من رفاق الراحل الكبير، لنوع ٍ من تخليد ذكراه، عبر ما يقوله الآخرون عنه، والآخرون هنا، رفاق درب، أصدقاء ونقاد، ومحاورون صاغوا كلماتهم بهدوء ما بعد صدمة الرحيل، لتأتي شهادة حق، شهادة ضمير لرجل كان ضميراً، وكان مقاتلاً في سبيل الحق.

وقد جاء الكتاب في خمسة أبواب، أضيفت إليها مقدمة وملحق السيرة الذاتية، وملحق صور.

الكلمة الأولى كانت للوريث، حامل الراية، راية جورج حبش وأبو علي مصطفى، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القائد الأسير أحمد سعدات الذي قال: «إن أردت أن تتعرف على شخصية وهوية جورج حبش، فأنت في الواقع تبحث عن هوية أمة في فكر الرجل، وفي وجدانه وعواطفه، بل تبحث عن إضاءات في ظلام الأمة وعن حركة قومية جسدت خيار وآمال أمة بأكملها».

والكتاب كما يقول سعدات «حكاية يستشهد بطلها في منتصف الطريق الشاق وثمة من سأل: هل من بطل آخر يقتفي آثار ذلك الثائر المتحد مع الوطن والتاريخ... لعل سيرة جورج حبش، تكون محفزاً لولادة أبطال جدد يكملون الطريق ويختمون الحكاية كما حلم جورج حبش واشتهى!!

الباب الأول، كُرِّس لأصدقاء جورج حبش، شهادات لشخصيات عربية ومرجعيات وطنية، قامات كبيرة، تروي شهادات عن جورج حبش.

فيقول عنه الرئيس أحمد بن بلة: «كان الوجه الأنصع لفلسطين والرمز البارز لشعبها، كان ثورياً كاملاً».
ويقول الرئيس علي ناصر محمد: «لا تستطيع الألوان المختلفة والرؤى المتفاوتة والقيم غير الموحدة أو غير المتماسكة أن تغير فيه شيئاً».

وتتوالى شهادات الرئيس سليم الحص، والوزير محسن بلال، والدكتور أحمد الخطيب، والسيد سامي شرف، ود. أنيس الصايغ، والدكتور كلوفيس مقصود، وغيرهم كثر..

وفي الباب الثاني، يقدم الكتاب رؤية في مسيرة الحكيم، عبر شهادات مفكرين وأكاديميين عرب، فتقرأ شهادة نصير عاروري، وحليم بركات، وفضل النقيب، وأسعد أبو خليل، وفيصل دراج، وعزمي بشارة، ومحمد صالح المسفر، وغيرهم الكثير..!!

الباب الثالث، شهادات في جورج حبش الإنسان كما تراه عيون أدباء وشعراء وفنانين.. فتقرأ شهادة والياس خوري، وإبراهيم نصر الله، ومحمد ملص، وغيرهم..

لننتقل بعدها إلى الباب الرابع حيث حديث الرفاق وأخوة الدرب..
نبدأ مع معن بشور، إلى خالدة جرار، فنجاح واكيم، وعبد الرحيم ملوح، وصلاح صلاح وآخرون كثر..
لننتقل إلى أصداء الرحيل المفجع في الباب الخامس، حيث يسجل الكتاب مختارات من الصحافة العربية والعالمية.. بقلم طلال سلمان، وعبد الباري عطوان، وفيحاء عبد الهادي، وبلال الحسن، وحلمي موسى وغيرهم..

وفي حديث الذكريات، في ملحق الصور، نطالع شذرات من مسيرة حبش وكفاحه السياسي عبر صور تمثل مختلف مراحل حياته واللحظات التي جمعته مع شخصيات محورية وأساسية.. مثل الشهيد ياسر عرفات، والشهيد أبو علي مصطفى، والقيادة السوفياتية، العقيد معمر القذافي، والرئيس علي ناصر محمد، والرئيس الراحل حافظ الأسد، والشهيد كمال جنبلاط، والرئيس العراقي حسن البكر، والرئيس فيدل كاسترو، إضافة لصور عائلية مختلفة..

أخيراً.. هذا الكتاب الجدير بالاقتناء والذي أتى في 365 صفحة من القطع الكبير، هو مجرد رقم تذكاري، حتى لا يتحول ـ ولن يتحول ـ جورج حبش إلى مجرد صورة على حائط.. لأن فلسطين، ببساطة، لن تعدم بطلاً جديداً يكمل الحكاية.. وينهيها إلى الانتصار.. إلى حلم جورج حبش.

التعليقات