جديد مركز مدار: كتاب المفاهيم الصهيونية للعودة ووثيقة مؤتمر هرتسليا التاسع

جديد مركز مدار: كتاب المفاهيم الصهيونية للعودة ووثيقة مؤتمر هرتسليا التاسع
(*) رام الله- صدر حديثًا عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- مدار كتاب "المفاهيم الصهيونية للعودة: أساطير وسياسات ودراسات إسرائيلية" للأستاذ الجامعي الإسرائيلي غابريئيل بيتربيرغ، بترجمة عن الانكليزية أنجزتها سلافة حجاوي.
كما صدر عن المركز، في وقت سابق، العدد رقم 50 من سلسلة "أوراق إسرائيلية" تحت عنوان "إسرائيل في ظل متغيرات النظام العالمي والأزمة الاقتصادية". وهو يضم وثيقة مؤتمر هرتسليا التاسع- 2009 حول "ميزان المناعة والأمن القومي" في إسرائيل، والتي نشرت بالتزامن مع مرور أكثر من مئة يوم على تأليف الحكومة الإسرائيلية الجديدة، برئاسة بنيامين نتنياهو.
وتدور فصول كتاب "المفاهيم الصهيونية للعودة: أساطير وسياسات ودراسات إسرائيلية" (350 صفحة) حول محور الأسطورة التأسيسية الصهيونية المؤلفة من ثلاثة منطلقات هي: نفي المنفى؛ العودة إلى أرض إسرائيل (فلسطين)؛ العودة إلى التاريخ. ويجادل المؤلف، غابريئيل بيتربيرغ، بأن هذه الأسطورة هي قومية على نحو عنيد جدًا، وهي استعمارية- استيطانية، خاصة وقابلة للمقارنة، ومتشكلة بفعل التيارات الفكرية الأوروبية وواقع الصراع الاستعماري.
وفي هذا السياق يؤكد المؤلف أن الحقل الخاص بالدراسات المقارنة لقومية المستوطن أو للاستعمار، الآخذ في الظهور أخيرًا، يشكل الإطار الأكثر شمولية من أجل فهم الاستعمار الصهيوني لفلسطين ودولة إسرائيل والنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني. أمّا النصوص، التي يستعملها، فتمثل ثلاثة حقول مختلفة، هي السياسي- الأيديولوجي والأدبي والبحثي.
قدمت للكتاب د. هنيدة غانم، مدير عام مركز مدار، فأشارت إلى أنه "ينضوي تحت مظلة الدراسات اليهودية النقدية، التي ترفض الحل الصهيوني القومي للمسألة اليهودية، من جهة، وتعارض انصهار اليهود وذوبانهم في مجتمعاتهم، من جهة أخرى، وبدل ذلك تحاول هذه الدراسات استكشاف وطرح بديل تحرري لليهود، يكون في آن إنسانيًا ومتناغمًا مع خصوصيات الجماعات اليهودية من دون أن يقع في مطب الهويات القبلية. وللوصول إلى هدفه المنشود يعمد بيتربيرغ إلى التنقيب بالأدبيات الصهيونية الأيديولوجية وبما قاله أو كتبه رواد الصهيونية وآباؤهـا، ويكشف عن تناقضاتها البنيوية الداخلية ومغالطاتها التاريخية، بما في ذلك توليفاتها القومية، ويحلل الصهيونية من خلال تأطيرها تاريخيًا في سياق علاقتها بالحركات الاستعمارية والقومية الأوروبية. ويرى أن علاقتها بالموروث اليهودي هي علاقة انتقائية وأداتية هدفت إلى شرعنة الفكر الاستعماري بإعطائه طابعًا مسيانيًا مشوهًا".
وأضافت أن مؤلف الكتاب يقوم، بالتوازي مع القراءة النقدية للأدبيات الصهيونية، بطرح بديل لها هو "نموذج المنبوذ الواعي"، الذي وضعت ملامحه الفيلسوفة اليهودية النقدية حنه أرندت، من خلال إعطائه معاني تحررية وثورية بدل المعاني السلبية. و"تكون نقطة انطلاق المنبوذ الواعي هي أولاً الوعي بالنبذ بوصفه حالة اجتماعية، وثانيًا إمكان تحويله إلى أداة سياسية، وثالثًا الإصرار على أن هذا التحويل هو أداة إنسانية عالمية غير مقتصرة على فئة محددة، حتى لو كانت فئة بعينها هي التي عاشت تجربة النبذ دون غيرها".
ونوهت غانم باستفادة المؤلف من سعة إطلاعه على التاريخ الأوروبي والأدبيات الما بعد كولونيالية من أجل أن يؤسس تحليله للصهيونية باعتبارها حركة أوروبية استعمارية قومية، حتى لو كانت لها بعض الخصوصية، وحتى لو استمات روادها في إحياء أساطير يهودية تاريخية لتمييزها عن حركات استعمارية أخرى.


جاء العدد رقم 50 من سلسلة "أوراق إسرائيلية" تحت عنوان "إسرائيل في ظل متغيرات النظام العالمي والأزمة الاقتصادية". وهو يضم وثيقة مؤتمر هرتسليا التاسع- 2009 حول "ميزان المناعة والأمن القومي" في إسرائيل، والتي نشرت بالتزامن مع مرور أكثر من مئة يوم على تأليف الحكومة الإسرائيلية الجديدة، برئاسة بنيامين نتنياهو.
وكان أكثر ما طغى على أعمال هذا المؤتمر التاسع هو تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، وما تنطوي عليه من دلالات سياسية تتعلق، على نحو مباشر، بميزان القوى العالمية، وذلك في علاقة عامودية مع تسلم إدارة أميركية جديدة (برئاسة باراك أوباما) مهمات منصبها، على ما تتميّز به من مواقف مغايرة لمواقف الإدارة الأميركية السابقة.
ومن أبرز الموضوعات التي تناولها المؤتمر، بالإضافة إلى الأوضاع العالمية المستجدة: الساحة الفلسطينية في أعقاب عملية "الرصاص المصبوب"؛ تقويم الإستراتيجيا السورية؛ المواجهة الأمنية وسياسة إسرائيل في الساحة العالمية وفي الحيّز الإقليمي؛ الإستراتيجيا الإيرانية الإقليمية- تداعياتها والمواجهة الدولية لها؛ الولايات المتحدة في عهد أوباما- مغزى التغيير؛ إسرائيل والشعب اليهودي؛ كفاءة الحكم في إسرائيل؛ أزمة الميـاه؛ وغيرهــا...
كما يضم هذا العدد ورقتين من أوراق المؤتمر المذكور: الأولى حول مسألة اللاجئين، والتي كانت أحد المحاور الجديدة في جدول أعماله، والثانية حول صورة أوضاع البحث والتطوير في إسرائيل.
وجاء في كلمات التقديم، التي كتبها محرّر هذه السلسلة أنطوان شلحت، أن بعث موضوع "اللاجئين اليهود من الدول العربية" يندرج في إطار نشاط إسرائيلي واسع النطاق في هذا المضمار داخليًا ودوليًا، ويعكس سعيًا محمومًا إلى تأكيد أن "مشكلة اللاجئين" ليست مقتصرة على الفلسطينيين حصرًا. وإن بيت القصيد هنا هو إضفاء الشرعية على جريمة تطهير فلسطين عرقيًا من سكانها الأصليين في العام 1948. وقد عملت المؤسسة الإسرائيلية، منذ سنوات مبكرة، في هذا الاتجاه من خلال الادعاء أن اليهود في الدول العربية "كانوا ضحايا ممارسات ترحيل مماثلة" للممارسات التي ارتكبت بحق الفلسطينيين.
من ناحية أخرى أشير في التقديم إلى تنويه الوثيقة بـ "ضرورة أن تواجه إسرائيل، خلال الوقت الحالي، تشكيلة واسعة من التهديدات الأمنية ذات المستويات المختلفة، علما أن التهديد المركزي هو التهديد النووي المتنامي في إيران. كذلك على إسرائيل أن تستمر في تطوير البنى التحتية والإصلاح الاجتماعي، وأن تشق طريقها في الوقت ذاته في ساحة دولية متعددة الأزمات، تجسد متغيرات في ميزان القوى العالمية وتتأثر بالأزمة الاقتصادية الحادة".
تجدر الإشارة إلى أن مؤتمر هرتسليا هذا يعتبر، منذ بدء انعقاده في العام 2000، بمثابة التئام لـ "العقل الجماعي الإستراتيجي المدبّر" للدولة الإسرائيلية، علمًا أن هناك من بات يرى فيه منصة مهمة لإسماع الآراء ذات القدرة الفعلية على أن تملي أجندة عامة. ويعود جزء كبير من الاهتمام به، من جهة، إلى مكانة رئيس المؤتمر ومؤسسه، البروفسور عوزي أراد، والذي تسلم، عقب تأليف حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية الحالية (في نيسان 2009)، منصب مستشار شؤون الأمن القومي لدى رئيس الحكومة، ورئيس "هيئة أركان الأمن القومي" (التسمية الجديدة لـ "مجلس الأمن القومي" الإسرائيلي)، ويعود من جهة أخرى إلى ماهية وشمولية الموضوعات الآنية والإستراتيجية، التي تتخلل وتسم أوراق العمل والمناقشات والأفكار والتوصيات، التي يتم تداولها في أعمال المؤتمر، ويُصار إلى إجمالها في تلخيصات ووثائق تصدر عنه. وعادة ما يكون في عداد المشاركين في أعمال المؤتمر رئيس الحكومة وكبار الوزراء ورؤساء وقادة المؤسسة العسكرية والأمنية والأكاديمية وغيرهم، بالإضافة إلى كبار الضيوف الأجانب.

التعليقات