"مطعان" العبرية تحتفي بالشيخ إمام والأدب العربي...

-

كلمة "مطعان" العبريّة، تعني شُحْنَة، وهو اسم المجلّة العبريّة الصّادرة من مدينة يافا، والتي تعرّف نفسها على أنّها "شحنة للتفكير وللنشاط (السّياسيّ)"، في محاولةٍ منها لاستقصاء المناطق المشحونة حدَّ التّوتّر، إذ أنّها تعرضها من وجهة نظر مغايرة وبعيدة عن سوقيّة الخطاب اليمينيّ المتفشّي. وفي العدد الأخير (17) لدوريّة مطعان الأدبيّة-الفكريّة، ثمّت حَيِّزٌ جماليّ يحتفي بالأدب العربيّ الحديث المترجم للعبريّة.

يقوم بتحرير المجلّة، الكاتب اليافاويّ، يوسي غرونوفسكي، خَلَفًا لمؤسّسها الشّاعر اليساريّ الرّاحل مكسيم جيلان، ومن توّجه جيلان المؤسّس أخذت المجلّة طابعها اليساري المعارض للمنهجيّة العنصريّة الإسرائيليّة. العدد الجديد مُهدًى "للشبان، الذين هم عضو من جسد يافا، للاجئ، للمهاجر، للرحّال، للشاعر، للصياد اليافيّ الذين يسيّبون المياه من تحت قاربه، ولكلّ من يشعر نفسه غريبًا، بالمعنى العميق لهذه الكلمة، في كلّ مكان آخر، حيث الطّموح إلى الحريّة يجري في دمه، مهدًى هذا العدد".

زَيَّنت هذا العدد صور "فسيفساء يافاويّة"، وهي نتاج ورشة تصوير للنساء في يافا 2010، ومن بين المصوّرات المشاركات في المشروع: سوسن نابلسيّ، أليس عبد، سارة فعنونو، سهراب أبو لسان، نيطع سسوبير، هالة سلامة، أمل جربوع وأُخريات. صُوَر من عدسة نسائيّة تلتقط بحساسيّة مرهفة أجواء يافا، وجمالها الطّالع من كآبة الواقع.

احتفاء بالأدب العربيّ

وفي زاوية الحوارات الأدبيّة نشرت المجلة حواراً أجراه الرّوائيّ كمال الرّياحي مع الرّوائيّ علاء الأسواني، وهو حوار مطوّل أدبيّ – سياسيّ عن أعمال الأسوانيّ، يحتوي على العديد من التّصريحات الأدبيّة المهمّة. قامت الكاتبة ريم غنايم بترجمته الى العبرية.

وشارك الباحث شاحر عجمي بملفّ عن الثّنائيّ أحمد فؤاد نجم والشّيخ إمام، استعرض فيه مميّزات التّضافر بين الشّاعر والمغنّي-الملحّن؛ تلا هذه المقالة قصيدة "كلب السّتّ" ترجمتها للعبريّة ريم غنايم. وتحت ذات الملفّ الذي يُعْنى بالأدب العربيّ الحديث قامت غنايم بترجمة قصائد للشاعر العراقيّ الألمانيّ خالد المعاليّ (أُريد أن أختفي)، والشّاعر التونسيّ يوسف رزوقة ("لغاية في غابة"، "داخل البيت، خارجه"). أمّا غنايم فقد شاركت بثلاث قصائد من نتاجها: "تدوين لنشأة الرّسولة"، "لنهاراتكِ المصلوبة"، "انصداع"، صدرت باللغتين العربيّة والعبريّة.

يشارُ إلى أنّ الأعمال الأدبيّة المترجمة للعبريّة ظهرت بنصّها العربيّ أيضًا، الأمر الذي مَنَحَ المجلّة طابعًا آخر أضفى لونًا جديدًا على جماليّة المجلّة.

على الغلاف الخلفيّ للمجلّة نجد قصيدة أحمد فؤاد نجم "إذا الشّمس غرقت في بحر الغمام"، باللغتين العربيّة والعبريّة. يافا وبحرها يغطّيان الغلاف (الأماميّ والخلفيّ)، أمواج تمتدّ من البرّ للبحر، ومن البحر للبرّ، أمواج تنكسر عليها ومضات من ذكريات خَلَت، محتارةً لكآبة الواقع الرّاهن ليافا.

تَصَدَّرَت العدد الأعمال الإبداعيّة لكتّاب عرب ويهود، قصائد، كُتِبَت غالبيّتها بالعبريّة (أودي لزار، دفيفد مور، رحيل سبيلة، بوريس غيروس، يونتان كوندا والشّاب اليافاويّ محمّد الأغواني – من محّرري المجلّة)، وقد اشترك الأغواني، كاتب عربيّ من سكّان يافا، يكتب وينشر بالعبريّة بأربع قصائد: "تصبح على خير"، "وفقط تبقى الذّكريات منهم"، "أعلام كثيرة"، "موت سريريّ".

شارك الشّاب اليافاويّ، رافد مصالحة، بحوار أدبيّ أجراه معه محمّد الأغواني، تمحور حول حبّه ليافا والصّعاب الجمّة المتواجدة في الحياة اليوميّة اليافاويّة، إذ يسرد مصالحة قصّة حبّ أفشلتها الأجواء الاقتصاديّة والاجتماعيّة المتردّية التي تسود يافا.

شارَك الكاتب والممثّل المسرحيّ، نسيم زوهر، إسرائيليّ من مواليد الإسكندريّة، شاركَ بمقطع عنوانه "روحة بلا رجعة" (ترجمة شريدي جبارين ونسيم زوهر)، وهو مقطع مأخوذ من مسرحيّة يعرضها زوهر نفسه، بالعربيّة والعبريّة.

الشّاعرة آيات أبو شميس شاركت بقصيدتين بالعبريّة.

ومن الأدب الرّوسيّ، فقد اختار رومان فاتر (من محرّري المجلّة) ثلاث أساطير روسيّة للأديب والفنّان الرّوسيّ رادي فوغودين (1925-1993) ليترجمها للعبريّة، وقد اشتهر فوغودين بأعماله الأدبيّة للأطفال. الأساطير المترجمة هي: الحيّة والطّفلة، الحيّة والشّاب، الحيّة والعجوز.

شارَك الشّاعر اليساريّ ماتي شموئيلوف، بقصّة "بغداد خاصّتي"، والتي أهداها لزميله الشّاعر الشّابّ ألموغ بِهار. شموئيلوف هو شاعر شابّ عراقيّ الأصل، يستحضر في قصّته ذكريات وأجواء بغداد، أمّه التي لم يرها، والتي تشكّل موتيفًا في كتاباته الشّعريّة والأدبيّة عمومًا.

وفي ملفّ القصّة – النّثر تختتم العدد قصّة "حكاية ناصيف" الجزء الثّاني، لكاتبها يوسي غرونوفسكي – محرّر مطعان.

التعليقات