مجلة جدل تناقش السيرورات السياسيّة والاجتماعيّة والنفسيّة للنكبة

-

مجلة جدل تناقش السيرورات السياسيّة والاجتماعيّة والنفسيّة للنكبة
صدر هذه الأيام العدد السابع من مجلة "جدل" الالكترونية. يتناول العدد الحالي النكبة الفلسطينية من جوانب لم يتم التطرق اليها سابقا، حتى بعد مرور 62 سنة على النكبة.

ويحاول العدد الحالي تقديم مساهمة متواضعة لفهم السيرورات السياسية والاجتماعية والنفسية للنكبة بشكل جدلي. تتجاوز المواد المنشورة في هذا العدد الدراسات التقليدية للنكبة، وتحاول تعلم دروس النكبة المختلفة أيضا من خلال فحص مسؤولية القيادات والنخب العربية والفلسطينية، دون الاكتفاء بحصر المسألة بالمعاناة والظلم وإدانة الصهيونية.
يذكر أن "جدل" هي مجلة الكترونية دورية تصدر عن مدى الكرمل، المركز العربي للدارسات الاجتماعية التطبيقية، وتصدر مرة كل شهرين، باللغات الثلاث: العربية، العبرية والانجليزية.

ويتضمن العدد الحالي مقالا تحليليا بقلم البروفيسور مروان دويري (المحرر الضيف للعدد الحالي)، وثلاث وجهات نظر بمشاركة كل من: النائب السابق عصام مخول، الباحثة فاطمة قاسم والباحث مصطفى قصصي. وكذلك مقالة معلوماتية بقلم المؤرخ جوني منصور.

يتساءل بروفيسور دويري في مقالته التحليلية عن معنى استعمال مصطلح "النكبة" بخصوص أحداث 1948، وعن المسؤولية الذاتية. كما يبحث فيما فعلته النكبة بالإنسان الفلسطيني وفي الجوانب الاجتماعية للنكبة وتأثيرها على الأسرة الفلسطينية. وفي بداية مقاله يكتب "رغم هول النكبة، باعتبارها أكبر جريمة اقتُرِفت في المنطقة في القرن العشرين، فإنّ البحث عن مصادر عنها يؤدّي إلى توثيقات وتحليلات سياسيّة لأحداثها ولإحياء ذكراها ولكثير من الإنتاج الأدبيّ حولها، ولا يجد إلاّ القليل من التحليلات أو الدراسات الاجتماعيّة والنفسيّة لهذه الكارثة. يصبح هذا النقص مستهجَنًا حين نعرف أنّ التطرّق إلى العلاقة بين علم النفس والمحرقة في أوروبا يَرِدُ في 5,210,000 مصدر إلكترونيّ، معظمها تُحلّل حالة الضحيّة اليهوديّة والمعتدي النازيّ. لا شكّ أنّ لهذه المصادر دَورًا في تعاطف العالم مع اليهود وإسرائيل، وربّما في "تفهُّم وتسامح" العالم مع الممارسات العدوانيّة لإسرائيل. لعلّ هذا العدد من "جدل" يفتح باب البحث الاجتماعيّ والنفسيّ للنكبة".

ويؤكد بروفيسور دويري أن مقالته عبارة عن محاولة أولية لتقديم رؤية منظومية لسيرروة النكبة وإثارة بعض الأسئلة التي تتطلب البحث المتعمق. ويقول "الأمر يتطلب الخروج عن حدود القوالب السائدة القومية والأيديولويجة، والاتّصافَ بالجرأة على بحث جوانب قد تقع ضمن التابو وطنيًّا. وهنا أجدني على اتّفاق تامّ مع تعريف إدوارد سعيد للمفكّر وللمثقّف الذي يجرؤ على "الطعن في المعايير والأعراف السائدة" والخروج على "التشكيلة الجماعيّة"، ويستطيع "تمثيل المعاناة الجماعيّة لأبناء شعبه" لا من منطلق تعصّبيّ شوفينيّ، بل من منطلق أخلاقيّ يعتمد القيم الإنسانيّة العالميّة بصورة مثابرة، ولا يستحوذ انفراديًّا على دور الضحيّة، ولا يتسامح مع الممارسات اللا أخلاقيّة لبعض فئات شعبه".

في باب وجهات النظر يتناول القيادي في الحزب الشيوعي والنائب السابق عصام مخول التحول الذي حصل في التعامل مع النكبة: الانتقال من عقلية الهزيمة والعجز، إلى عقلية الصمود والمواجهة. فهو يكتب في هذا السياق "في المحصّلة، إنّ تاريخ القضيّة الفلسطينيّة في العقود الستّة الماضية، وبرغم الصعوبات والتعقيدات الآنيّة، هو تاريخ الانتقال من نفسيّة النكبة إلى نفسيّة الصمود والتصدّي والمواجهة، وإعادة صياغة المشروع الوطنيّ الفلسطينيّ وثوابت الحلّ العادل، بشكل جدليّ واقعيّ، والانتقال من حالة الارتباك أمام المؤامرة على حقوق الشعب الفلسطينيّ القوميّة، إلى موقع الهجوم، وفضح عناصر المؤامرة ومركّباتها الثلاثة: الإمبرياليّة، والصهيونيّة، والرجعية العربيّة".

أما الباحثة فاطمة قاسم فتحلل السيرورات الاجتماعية للنكبة وتأثيرها على المباني الحمائلية ودور الأسرة الفلسطينية. وتقول الباحثة "ما زالت ذكريات الألم والرعب تترك بصماتها على روتين حياة العائلة الفلسطينيّة حتّى في هذه الأيّام. شدّد الرجال الرقابة على النساء، وقلّصوا مساحات حرّيّاتهنّ.

النساء بدورهنّ يعملن على تحدّي بعض من هذه القيود البطركيّة. حالات كتلك التي تُسمّى "القتل على خلفيّة شرف العائلة" تشكّل مثالاً على هذا الصراع الجندريّ. ممارسات كهذه أصبحت أكثر انتشارًا منذ أن فُقد الوطن، وبسبب تعاظم التوتّرات، وعلى خلفيّة الاحتكاك مع المجتمع الإسرائيليّ اليهوديّ، وتُهدّد بفرض مزيد من التفكّك في حياة العائلة الفلسطينيّة. قد يفسَّر غياب النقاش الأكاديميّ العلنيّ في هذه القضايا، إلى جانب صمت المثقّفين والقيادات الدينيّة من جميع الطوائف في المجتمع الفلسطينيّ، قد يفسَّر بأنّه مشارَكة في جرائم القتل هذه. ثمّة ضرورة لاستقصاء هذه المسألة المصيريّة".

الأخصائي النفسي مصطفى قصقصي يتناول النكبة من خلال النصوص الأدبية التي يقول أنها ساهمت في "الترميم النفسي للذات الجماعية". كما يقول أن أدبيات النكبة لم تصل بعد إلى عمق التجربة، ولم تقدم معرفة جديدة قادرة على استيعاب المستجدات في الستين سنة الأخيرة.

المؤرخ جوني منصور يتناول الأحداث المفصلية في التاريخ الفلسطيني منذ الحرب العالمية الأولى وانتهاء الحكم التركي في فلسطين، الانتداب البريطاني ووعد بلفور والثورات الفلسطينية ضد الاحتلال البريطاني، ثم قرار التقسيم وقيام الدولة اليهودية وما تبعه من جرائم وعمليات تهجير، ثم تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، فمجازر أيلول الأسود وصبرا وشاتيلا، والانتفاضة الأولى وحتى يومنا هذا.

يمكن الإطلاع على جميع مواد هذا العدد من "جدل" باللغة العربية على الرابط التالي:

http://jadal.mada-research.org/?LanguageId=2

التعليقات