"مشارف" (العدد 23): استقطاب‮ ‬لمحاور‮ ‬فنيّة‮ ‬تجادل‮ ‬الواقع‮ ‬بالإبداع

تعود‮ ‬الفصليّة‮ ‬الثقافيّة‮ ‬الفلسطينية‮ ‬الصادرة‮ ‬في‮ ‬حيفا،‮ “‬مشارف”‬‮ ‬في‮ ‬عددٍ‮ ‬جديد،‮ ‬زاخر‮ ‬بمختلف‮ ‬الفنون‮ ‬الأدبيّة‮ ‬النقديّة‮ ‬الراقية،‮ ‬كما‮ ‬عهدها‮ ‬قراؤها‮. ‬في‮ ‬هذا‮ ‬العدد،‮ ‬تستهلّ‮ ‬المجلة‮ ‬موادّها،‮ ‬بوعدٍ‮ ‬وولاء‮ ‬من‮ ‬هيئة‮ ‬التحرير‮ ‬الملتزمة،‮ ‬بمناسبة‮ ‬إطلالة‮ ‬سنة‮ ‬جديدة‮ ‬على‮ ‬شرفاتها‮. ‬يتمحور‮ ‬هذا‮ ‬الولاء‮ ‬بالتخصيص‮ ‬حول‮ ‬كل‮ ‬ما‮ ‬هو‮ ‬جادّ‮ ‬وملتزم‮ ‬من‮ ‬الموقف‮ ‬المتجلّي‮ ‬بالكلمة،‮ ‬شعرًا‮ ‬ونثرًا،‮ ‬فتقول‮ ‬في‮ ‬مستهلّها‮: “‬سبق‮ ‬لنا‮ ‬في‮ ‬سياق‮ ‬آخر‮ ‬أن‮ ‬تطرّقنا‮ ‬إلى‮ ‬الرهان،‮ ‬الذي‮ ‬آلت‮ “‬مشارف” ‬على‮ ‬نفسها‮ ‬أن‮ ‬تتجوهر‮ ‬فيه‮ ‬منذ‮ ‬عودتها‮ ‬المتجدّدة‮. ‬ويمثل‮ ‬فيما‮ ‬يمكن‮ ‬اعتباره‮ ‬ولاء‮ ‬للنصّ‮ ‬الراقص‮ ‬في‮ ‬وهج‮ ‬الضوء،‮ ‬مع‮ ‬مراعاة‮ ‬الاستعاذة‮ ‬بالله‮ ‬من‮ ‬أية‮ ‬إيحاءات‮ ‬مغرضة‮ ‬لكلمة‮ ‬ولاء”.‬

وتنفيذًا‮ ‬لهذا‮ ‬الرهان‮ ‬الجادّ‮ ‬الذي‮ ‬تخوضه‮ “‬مشارف” ‬بكل‮ ‬ما‮ “‬أُوتيت‮ ‬من‮ ‬فنون”‬،‮ ‬تستقطب‮ ‬في‮ ‬هذا‮ ‬العدد‮ ‬الجديد،‮ ‬العديدَ‮ ‬من‮ ‬المحاور‮ ‬الرئيسيّة‮ ‬في‮ ‬مجالاتها،‮ ‬فتخصّص‮ ‬لقرائها‮ ‬الزوايا‮ ‬التالية‮: ‬شعر،‮ ‬نصوص،‮ ‬ثقافة‮ ‬عبريّة،‮ ‬رؤى،‮ ‬شهادَة،‮ ‬حوَار‮ ‬وغياب‮.‬
في‮ ‬زاويتها‮ “‬شِعْرْ”‬،‮ ‬تقدِّم‮ ‬لنا‮ ‬مشهدًا‮ ‬شعريّا‮ ‬غني‮ ‬المناخات‮ ‬و?انوراما‮ ‬من‮ ‬الكلمات‮ ‬يقف‮ ‬وراؤها‮ ‬شعراء‮ ‬يختلفون‮ ‬بأوطانهم،‮ ‬لكنهم‮ ‬يتحدون‮ ‬بموقفهم‮ ‬من‮ ‬الكلمة‮. ‬زمرة‮ ‬المشاركين‮ ‬في‮ ‬هذه‮ ‬الزاوية‮ ‬تتكوّن‮ ‬من‮ ‬كل‮ ‬من‮ ‬الشعراء‮: ‬عبد‮ ‬المنعم‮ ‬رمضان‮ (‬المصريّ‮)‬،‮ ‬وسام‮ ‬هاشم‮ (‬العراقيّ‮ ‬المقيم‮ ‬في‮ ‬الدنمارك‮)‬،‮ ‬نوال‮ ‬نفّاع‮ (‬فلسطينيّة‮ ‬تقيم‮ ‬في‮ ‬بيت‮ ‬جنّ‮) ‬ومارك‮ ‬ديلوز‮ (‬الفرنسيّ‮).‬
يهدينا‮ ‬الشاعر‮ ‬المصري،‮ ‬عبد‮ ‬المنعم‮ ‬رمضان،‮ ‬ستّ‮ ‬قصائد‮ ‬جديدة‮ ‬له،‮ ‬تتأمّل‮ ‬الإنسانيّ‮ ‬وتسعى‮ ‬نحو‮ ‬استكشاف‮ ‬الجوهر‮: ‬

‮”‬طفولة‮ / ‬
فوق‮ ‬طاولة
كانت‮ ‬الكلمات‮ ‬القديمة
مصفوفة
والهويّة
والكتب‮ ‬العربيّة
والماء
والظلّ
والحرث
كان‮ ‬الجميع‮ ‬يعانون‮ ‬مثلي‮ ‬القطيعة
لكنه
حين‮ ‬مرّر‮ ‬فوق‮ ‬السجاجيد
رجليه
أقبل‮ ‬مضطربًا
تتأخّره‮ ‬أُمه
ثم‮ ‬أسند‮ ‬كفًا‮ ‬على‮ ‬جذع‮ ‬طاولتي
فانحنت‮ ‬كلّ‮ ‬أشجارها
الهويّة
والكلمات‮ ‬القديمة
والكتب‮ ‬العربيّة
وادّحرجت
مثل‮ ‬شمس‮ ‬كساها‮ ‬الغمامُ‮.. ‬إلى‮ ‬آخره
وحين‮ ‬انحنيت
أُنظّف‮ ‬آنيتي‮ ‬والهواء
من‮ ‬الكسر‮ ‬العالقات‮ ‬به
كان‮ ‬يصرخ‮:‬
تاتا
وكنت‮ ‬أُرتّب‮ ‬حاشيةً
عن‮ ‬بقاء‮ ‬العربْ”.‬

مشترك‮ ‬آخر‮ ‬في‮ ‬هذا‮ ‬المشهد‮ ‬هو‮ ‬من‮ ‬تعرّفه‮ “‬مشارف” ‬على‮ ‬أنه‮ “‬شبّ‮ ‬شاعرًا‮ ‬ورحّالاً‮ ‬غصبًا‮ ‬عنه”‬،‮ ‬الشاعر‮ ‬الفرنسيّ‮ ‬مارك‮ ‬ديلوز‮. ‬قام‮ ‬أنس‮ ‬الحكيم،‮ ‬من‮ ‬?اريس،‮ ‬بتقديم‮ ‬ترجمات‮ ‬ممتازة‮ ‬لخمس‮ ‬قصائد‮ ‬لديلوز‮ ‬خصّ‮ ‬المجلّة‮ ‬بها‮. ‬تلامس‮ ‬قصائد‮ ‬هذا‮ ‬الشاعر‮ ‬الحسّ‮ ‬العالي‮ ‬لمن‮ ‬ينتمون‮ ‬إلى‮ ‬وطن‮ ‬اسمه‮ ‬العالم،‮ ‬خالقةً‮ ‬معه‮ ‬حوارًا‮:‬

‮” ‬أي‮ ‬حطام‮ ‬هذا‮ ‬العالم
عاجز‮ ‬عن‮ ‬إيقاف‮ ‬هطول‮ ‬المطر‮..‬
وعبثًا‮ ‬أُنادي‮ ‬لأمنع‮ ‬غياب‮ ‬الشمس‮..‬
نظرتي‮.. ‬صمت‮ ‬موسيقيّ‮..‬

شعراء‮ ‬رفيعون‮ ‬كالنبيذ‮ ‬الفاخر‮..‬
يتكدّسون‮ ‬في‮ ‬الأقبية‮..‬
والغبار‮ ‬يتراكم‮ ‬على‮ ‬كتفيهم‮..‬
مثل‮ ‬مشلح‮ ‬شفّاف‮: ‬رداء‮ ‬من‮ ‬الوهم‮..«.‬
في‮ ‬نصوصها،‮ ‬يجتمع‮ ‬كل‮ ‬من‮ ‬الكتّاب‮: ‬حميد‮ ‬العقابي‮ (‬عراقي‮ ‬مقيم‮ ‬في‮ ‬الدنمارك‮)‬،‮ ‬فؤاد‮ ‬ميرزا‮ (‬عراقي‮ ‬يقيم‮ ‬في‮ ‬الولايات‮ ‬المتّحدة‮)‬،‮ ‬علي‮ ‬مصباح‮ (‬تونسيّ‮ ‬مقيم‮ ‬في‮ ‬برلين‮) ‬ومحمّد‮ ‬علي‮ ‬طه‮ (‬فلسطينيّ‮ ‬من‮ ‬ميعار‮ ‬يقيم‮ ‬في‮ ‬كابول‮ / ‬الجليل‮). ‬

يشكّل‮ ‬هؤلاء‮ ‬الكتّاب‮ ‬في‮ ‬نصوصهم‮ ‬النثريّة‮ ‬تناغمًا‮ ‬فكريًا،‮ ‬على‮ ‬الرغم‮ ‬من‮ ‬اختلاف‮ ‬الموضوعات‮ ‬والأشكال‮ ‬الكتابيّة،‮ ‬حيث‮ ‬يسعى‮ ‬جميعهم‮ ‬نحو‮ “‬أعماق” ‬المكان،‮ ‬كلّ‮ ‬وفق‮ ‬أصله‮. ‬فنقرأ‮ ‬مشاركة‮ ‬حميد‮ ‬العقابي،‮ ‬بشظاياه،‮ ‬قصصه‮ ‬القصيرة‮ ‬جدًا‮ ‬التي‮ ‬عنونها‮ “‬شظايا‮ ‬المرآة”:‬

‮” ‬وهم/
عوليس‮ ‬العائد‮ ‬من‮ ‬وهمه‮ ‬جلس‮ ‬واهن‮ ‬الخطى‮ ‬يعيد‮ ‬ترتيب‮ ‬الماضي،‮ ‬يمحو‮ ‬ويضيف،‮ ‬ويستبدل‮ ‬سنة‮ ‬بسنة‮ ‬ومكانًا‮ ‬بمكان،‮ ‬يزيل‮ ‬الغبار‮ ‬عن‮ ‬فضّة‮ ‬الذكريات‮ ‬ليحبّ‮ ‬امرأة‮ ‬بلا‮ ‬ذاكرة‮. ‬ولأوّل‮ ‬مرة‮ ‬بعد‮ ‬سهد‮ ‬طويل‮ ‬أخذته‮ ‬سِنَةٌ،‮ ‬وحينما‮ ‬استيقظ‮ ‬أحسّ‮ ‬بورم‮ ‬في‮ ‬روحه،‮ ‬وراح‮ ‬يكبر‮ ‬ويكبر‮ ‬حتى‮ ‬صار‮ ‬امرأة‮ ‬حبلى‮ ‬بالوهم‮ ‬والغبار”.‬

يطلّ‮ ‬علينا‮ ‬القاصّ‮ ‬الفلسطيني،‮ ‬محمّد‮ ‬علي‮ ‬طه ذو‮ ‬الأصل‮ ‬الميعاريّ‮ ‬والذي‮ ‬يقيم‮ ‬في‮ ‬كابول‮ ‬الجليل،‮ ‬بفصل‮ ‬أوّلي‮ ‬من‮ ‬رواية‮ ‬قيد‮ ‬الكتابة،‮ ‬تحت‮ ‬عنوان‮ “‬الجرّة”. ‬اسم‮ ‬الفصل‮ ‬هو‮ “‬مصطفى‮ ‬بلّوط‮ ‬ينتسب”. ‬يسرد‮ ‬هذا‮ ‬الفصل‮ ‬بداية‮ ‬أحداث‮ ‬القصّة،‮ ‬إذ‮ ‬يحاول‮ ‬مصطفى‮ ‬جابر‮ ‬بلّوط‮ ‬سبر‮ ‬غور‮ ‬جذوره‮ ‬وتفكيك‮ ‬لغز‮ ‬المكان‮ ‬والانتساب‮ ‬إليه‮. ‬يكتب‮ ‬طه‮ ‬بأُسلوب‮ ‬يعتمد‮ ‬على‮ ‬السخرية،‮ ‬ككثير‮ ‬من‮ ‬قصصه‮ ‬الأُخرى،‮ ‬ويجابه‮ ‬الواقع‮ ‬الصارخ‮ ‬بصراخ‮ ‬أقوى‮ ‬منه‮ ‬له‮ ‬أصل‮ ‬راسخ‮ ‬مثل‮ ‬مصطفى‮ ‬جابر‮ ‬بلّوط‮.‬

في‮ ‬زاوية‮ ‬الثقافة‮ ‬العبريّة،‮ ‬اختار‮ ‬الشاعر‮ ‬الفلسطينيّ‮ ‬والمترجم‮ ‬سلمان‮ ‬مصالحة،‮ ‬مناقشة‮ ‬أعمال‮ ‬الشاعر‮ ‬العبريّ‮ ‬المُشْكِل‮ ‬أهارون‮ ‬شبتاي‮. ‬عن‮ ‬إشكاله‮ ‬يقول‮ ‬مصالحة‮: ”‬شبتاي‮ ‬هو‮ ‬واحد‮ ‬من‮ ‬الشعراء‮ ‬الإسرائيليين‮ ‬المعاصرين‮ ‬المثيرين‮ ‬للجدل‮. ‬مضامينه‮ ‬الشعريّة‮ ‬متعدّدة‮ ‬وهي،‮ ‬من‮ ‬جهة،‮ ‬تشمل‮ ‬العاديّ‮ ‬الشخصيّ‮ ‬الذي‮ ‬يبوح‮ ‬بتجارب‮ ‬حياتيّة‮ ‬لا‮ ‬تختلف‮ ‬كثيرًا‮ ‬عن‮ ‬يوميّات‮ ‬وتجارب‮ ‬الأفراد‮ ‬في‮ ‬كلّ‮ ‬مكان،‮ ‬وحتّى‮ ‬التعبير‮ ‬عن‮ ‬التجارب‮ ‬المغرقة‮ ‬في‮ ‬الفردانيّة‮ ‬والإيروسيّة‮ ‬دون‮ ‬أن‮ ‬يجد‮ ‬حرجًا‮ ‬في‮ ‬استخدام‮ ‬الألفاظ‮ ‬المباشرة‮ ‬الدارجة‮ ‬على‮ ‬ألسنة‮ ‬الناس‮ ‬في‮ ‬الحديث‮ ‬اليوميّ،‮ ‬في‮ ‬الشارع‮ ‬وفي‮ ‬غرف‮ ‬النوم”.‬

تتميّز‮ ‬كتابة‮ ‬هذا‮ ‬الشاعر‮ ‬بجرأتها‮ ‬على‮ ‬المجابهة،‮ ‬والوقوف‮ ‬أمام‮ ‬الواقع‮ ‬العنيف‮. ‬لا‮ ‬يأبه‮ ‬شبتاي‮ ‬بتقريع‮ ‬العسكرة‮ ‬الإسرائيليّة‮ ‬ومؤسّساتها‮. ‬تتجلّى‮ ‬الخلفيّة‮ ‬العميقة‮ ‬لهذا‮ ‬الشاعر‮ ‬في‮ ‬توظيف‮ ‬الأسطرة‮ ‬عبر‮ ‬أشعاره‮ ‬المختلفة‮ ‬التي‮ ‬تتأرجح‮ ‬على‮ ‬مستويات‮ ‬عدة‮ ‬كالسياسيّ‮ ‬البحت‮ ‬والفردانيّ‮ ‬المحبّ‮ ‬بجهتيه‮: ‬الروحانيّة‮ ‬والإيروسيّة‮. ‬يعمل‮ ‬شبتاي‮ ‬محاضرًا‮ ‬في‮ ‬جامعة‮ ‬تل‮ ‬أبيب،‮ ‬في‮ ‬قسم‮ ‬نظريّة‮ ‬الأدب‮ ‬العامّ،‮ ‬حيث‮ ‬يدرّس‮ ‬الشعر‮ ‬والأدب‮ ‬اليونانيّ‮ ‬القديم‮. ‬إسهاماته‮ ‬بارزة‮ ‬إذ‮ ‬ترجم‮ ‬حتى‮ ‬الآن‮ ‬قسمًا‮ ‬لا‮ ‬يستهان‮ ‬به‮ ‬من‮ ‬روائع‮ ‬المسرح‮ ‬الشعريّ‮ ‬الإغريقيّ‮.‬

ينتقي‮ ‬الشاعر‮ ‬سلمان‮ ‬مصالحة‮ ‬مجموعة‮ ‬من‮ ‬القصائد‮ ‬مترجمًا‮ ‬إياها،‮ ‬من‮ ‬العبريّة‮ ‬إلى‮ ‬العربيّة،‮ ‬ناجحًا‮ ‬في‮ ‬خلق‮ ‬صورة‮ ‬مصغّرة‮ ‬شاملة‮ ‬تكشفنا‮ ‬على‮ ‬عالم‮ ‬هذا‮ ‬الشاعر‮.‬


تستحضر‮ “‬مشارف” ‬النصّ‮ ‬الأخير‮ ‬الذي‮ ‬كتبه‮ ‬المبدع‮ ‬الكبير‮ ‬إدوارد‮ ‬سعيد‮ ‬في‮ ‬مجلة‮ “‬?راند‮ ‬ستريت” ‬الصادرة‮ ‬في‮ ‬نيويورك‮. ‬وبعد‮ ‬حصولها‮ ‬على‮ ‬إذن‮ ‬خاصّ‮ ‬بترجمة‮ ‬المقالة،‮ ‬قامت‮ ‬هيئة‮ ‬تحرير‮ “‬مشارف” ‬بنقل‮ ‬النصّ‮ ‬إلى‮ ‬العربيّة،‮ ‬ودمجته‮ ‬مع‮ ‬معرض‮ ‬إميلي‮ ‬جاسر،‮ ‬التي‮ “‬طلبت‮ ‬من‮ ‬فلسطينيين‮ ‬مقيمين‮ ‬في‮ ‬المنافي،‮ ‬لا‮ ‬يستطيعون‮ ‬الدخول‮ ‬إلى‮ ‬فلسطين،‮ ‬أن‮ ‬يرسلوا‮ ‬لها‮ ‬طلباتهم‮ / ‬أُمنياتهم‮ ‬الشخصيّة‮ ‬لكي‮ ‬تقوم‮ ‬بتنفيذها‮ ‬بدلاً‮ ‬منهم‮. ‬ثم‮ ‬قامت‮ ‬بتوثيق‮ ‬ذلك‮ ‬بالصور”.‬

دمج‮ ‬هذا‮ ‬الملفّ‮ ‬ما‮ ‬بين‮ ‬العمل‮ ‬الإبداعي‮ ‬الخاصّ‮ ‬بمعرض‮ ‬إميلي‮ ‬وما‮ ‬بين‮ ‬تعليق‮ ‬إدوارد‮ ‬سعيد‮ ‬عليه‮ ‬جنبًا‮ ‬إلى‮ ‬جنب‮. ‬يحاور‮ ‬العملان،‮ ‬النصيّ‮ ‬والصوريّ،‮ ‬جدليّة‮ ‬المكان‮ ‬المستحيل‮ ‬الذي‮ ‬لا‮ ‬مجال‮ ‬لاختراقه،‮ ‬فهو‮ ‬يفرض‮ ‬على‮ ‬الفلسطينيين‮ ‬أن‮ ‬يكونوا‮ “‬محاطين‮ ‬بالقيود‮ ‬ووصاية‮ ‬العقليّة‮ ‬البيروقراطيّة‮ ‬الحديثة‮ ‬قوانين‮ ‬وقصاصات‮ ‬ورق‮ ‬تسمح‮ ‬لك‮ ‬بالذهاب‮ ‬إلى‮ ‬مكان‮ ‬ما‮ ‬أو‮ ‬تمنعك‮ ‬من‮ ‬الذهاب‮ ‬إليه”.‬

في‮ ‬شهادة‮ ‬هذا‮ ‬العدد،‮ ‬يبدع‮ ‬الشاعر‮ ‬الفلسطيني‮ ‬الغّزاويّ‮ ‬أحمد‮ ‬يعقوب‮ ‬بإسهابه‮ ‬عن‮ ‬مشهد‮ ‬الاجتياح‮ ‬الإسرائيليّ‮ ‬لغزّة‮. ‬فيصنع‮ ‬من‮ ‬الموقف‮ “‬الحرج” ‬نصًا‮ ‬يتيه‮ ‬وسط‮ ‬الإعصار‮ ‬العاتي،‮ ‬إعصار‮ ‬الطائرات‮ ‬التي‮ ‬يكتب‮ ‬عنها،‮ ‬ويوثّق‮ ‬لَكَمَاتها‮ ‬البربرية،‮ ‬التي‮ ‬لا‮ ‬تأبه‮ ‬على‮ ‬حدّ‮ ‬تعبيره‮ ‬من‮ ‬قصف‮ ‬فندق‮ ‬قيد‮ ‬التشييد،‮ ‬كما‮ ‬لا‮ ‬تأبه‮ ‬لأنين‮ ‬الأطفال‮. ‬يستحضر‮ ‬يعقوب‮ ‬فلسفة‮ ‬متناثرة‮ ‬في‮ ‬واقع‮ ‬متشظٍّ،‮ ‬ويستجلب‮ ‬الكتّاب‮ ‬الشعراء‮ ‬والناثرين،‮ ‬الأحياء‮ ‬منهم‮ ‬والأموات،‮ ‬مثل‮ ‬خليل‮ ‬حاوي‮ ‬وحسين‮ ‬البرغوثي‮ ‬وسركون‮ ‬بولص،‮ ‬معتمدًا‮ ‬على‮ ‬نصوص‮ ‬لهم‮ ‬محاورًا‮ ‬إياها‮ ‬بمونولوجه‮ ‬المطوّل‮. ‬في‮ ‬هذا‮ ‬النصّ‮ ‬الملاذ،‮ ‬يصنع‮ ‬يعقوب‮ ‬من‮ ‬هوّة‮ ‬الواقع‮ ‬السحيقة‮ ‬مادة‮ ‬للإبداع،‮ ‬وبذا،‮ ‬يتغلّب‮ ‬كباقي‮ ‬مبدعي‮ ‬فلسطين‮ ‬على‮ ‬الاحتلال‮.‬
‮‬زاوية‮ “‬حوار” ‬في‮ ‬هذا‮ ‬العدد‮ ‬مخصّصة‮ ‬لمقابلة‮ ‬أخيرة‮ ‬مع‮ ‬الكاتب‮ ‬المغربيّ‮ ‬محمّد‮ ‬شكري،‮ ‬قبيل‮ ‬وفاته‮ ‬بفترة‮ ‬وجيزة‮ ‬جدًا‮. ‬عبر‮ ‬هذه‮ ‬المقابلة،‮ ‬التي‮ ‬أجراها،‮ ‬في‮ ‬طنجة،‮ ‬الكاتب‮ ‬المغربيّ‮ ‬ياسين‮ ‬عدنان‮. ‬كانت‮ ‬محاورة‮ ‬ملخّصة‮ ‬لسيرة‮ ‬رجل‮ ‬غنيّ‮ ‬بالتجارب‮ ‬المفرطة‮ ‬في‮ ‬الواقعيّة‮ ‬والتي‮ ‬تجلّت‮ ‬في‮ ‬أدبه‮ ‬الصريح،‮ ‬الذي‮ ‬ارتاح‮ ‬بعضهم‮ ‬بتسميته‮ ‬إياه‮ ‬بالفضائحيّ‮.‬

يدلي‮ ‬محمّد‮ ‬شكري‮ ‬عبر‮ ‬هذه‮ ‬المحاورة‮ ‬بآرائه‮ ‬دون‮ ‬أن‮ ‬يهاب‮ ‬أي‮ ‬شخص،‮ ‬كعادته‮ ‬على‮ ‬إلقاء‮ ‬الصراحة‮ ‬بالوجه‮. ‬يعبّر‮ ‬شكري‮ ‬عن‮ ‬غضبه‮ ‬واستيائه‮ ‬وأرقه‮ ‬من‮ ‬طنجة‮ ‬الوطن،‮ ‬يتحدّث‮ ‬عن‮ ‬غربته‮. ‬يتكلّم‮ ‬عن‮ ‬موته،‮ ‬وبأي‮ ‬طريق‮ ‬يفضّله‮. ‬وعن‮ ‬جدلية‮ ‬الجنس‮ ‬التي‮ ‬هاجمه‮ ‬الكثير‮ ‬بسببها‮ ‬يقول‮: “‬أنا‮ ‬لا‮ ‬أملك‮ ‬مؤسسة‮ ‬للتهييج‮ ‬الجنسي‮ ‬هدفها‮ ‬مساعدة‮ ‬المصابين‮ ‬بالعجز‮ ‬الجنسيّ‮. ‬أنا‮ ‬كاتب‮ ‬ملعون‮ ‬وإنسان‮ ‬عاش‮ ‬في‮ ‬الشارع،‮ ‬فهل‮ ‬يريدون‮ ‬مني‮ ‬أن‮ ‬أُرسل‮ ‬لهم‮ ‬الفراشات؟‮ ‬هذا‮ ‬غير‮ ‬معقول‮. ‬لقد‮ ‬أفرطت‮ ‬شخصيًا‮ ‬في‮ ‬المجون،‮ ‬وأسرفت‮ ‬في‮ ‬الإقبال‮ ‬على‮ ‬الّلذة‮ ‬بكل‮ ‬أشكالها‮. ‬لكن‮ “‬حياة‮ ‬الانحراف”‬،‮ ‬إذا‮ ‬جاز‮ ‬أن‮ ‬نستعمل‮ ‬هذه‮ ‬التسمية‮ ‬التي‮ ‬تعكس‮ ‬أحكامًا‮ ‬معيارية‮ ‬وأخلاقيّة،‮ ‬هي‮ ‬نتيجة‮ ‬خلل‮ ‬اجتماعي‮ ‬كبير‮ ‬يجب‮ ‬أن‮ ‬يُدَان‮. ‬ولا‮ ‬يكفي‮ ‬أن‮ ‬ندين‮ ‬الضحايا‮ ‬وحدهم”.‬

عن‮ ‬طنجة،‮ ‬هوس‮ ‬شكري‮ ‬الدائم،‮ ‬يصرّح‮ ‬هذا‮ ‬الكاتب‮ ‬عن‮ ‬عقد‮ ‬القران‮ ‬بينهما‮: “‬ولكن‮ ‬لي‮ ‬غيرة‮ ‬كبيرة‮ ‬على‮ ‬هذه‮ ‬المدينة‮. ‬وأنا‮ ‬مرتبط‮ ‬بها‮ ‬بعقد‮ ‬زواج‮ ‬كاثوليكي‮. ‬قد‮ ‬نفترق،‮ ‬لكننا‮ ‬لن‮ ‬نطلّق‮ ‬بعضنا‮ ‬أبدًا‮. ‬لهذا‮ ‬أقول‮ ‬دائمًا‮ ‬إنني‮ ‬لا‮ ‬أعتبر‮ ‬نفسي‮ ‬كاتبًا‮ ‬مغربيًا‮. ‬بل‮ ‬كاتب‮ ‬طنجاوي‮. ‬فأنا‮ ‬كاتب‮ ‬التاريخ‮ ‬المتجوّل‮ ‬لهذه‮ ‬المدينة‮ ‬ومؤرّخ‮ ‬مباءاتها‮ ‬الليليّة”.‬

كرّست‮ “‬مشارف” ‬في‮ ‬عددها‮ ‬الحاليّ‮ ‬المساحة‮ ‬الأكبر‮ ‬لرحيل‮ ‬العلامة‮ ‬الفلسطينيّ‮ ‬الأصل‮ ‬إدوارد‮ ‬سعيد،‮ ‬الذي‮ ‬استطاع‮ ‬أن‮ ‬يكون‮ ‬مندوبًا‮ ‬عربيًا‮ ‬في‮ ‬العالم‮ ‬أجمع‮. ‬حمل‮ ‬هذا‮ ‬المثقّف‮ ‬همّ‮ ‬العرب‮ ‬عامّة‮ ‬والفلسطينيين‮ ‬خاصة‮ ‬وطرحه‮ ‬طرحًا‮ ‬علميًا‮ ‬بحتًا،‮ ‬حتى‮ ‬صار‮ ‬مدرسة‮ ‬في‮ ‬أبحاثه‮ ‬القيّمة‮ ‬التي‮ ‬حازت‮ ‬على‮ ‬أعلى‮ ‬التقديرات‮. ‬استطاع‮ ‬أن‮ ‬يواجه‮ ‬بقامته‮ ‬الشامخة‮ ‬الكثير‮ ‬الكثير‮ ‬من‮ ‬الأصوات‮ ‬المعادية‮ ‬للحقّ‮ ‬العربيّ،‮ ‬أو‮ ‬على‮ ‬الأقلّ‮ ‬تلك‮ ‬التي‮ ‬تحاول‮ ‬الطمس‮.‬

في‮ ‬هذا‮ ‬الملفّ‮ ‬يتحدّث‮ ‬الكاتب‮ ‬الروائيّ،‮ ‬?روفيسور‮ ‬أنطون‮ ‬شمّاس،‮ ‬عن‮ ‬سعيد‮ ‬قائلاً‮: “‬كان‮ ‬إدوارد‮ ‬سعيد‮ ‬يصف‮ ‬نفسه،‮ ‬بكلمات‮ ‬الروائي‮ ‬الألماني‮ ‬?ينتر‮ ‬?راس،‮ ‬بأنه‮ “‬مثقّف‮ ‬غير‮ ‬مُنْتَدَب”. ‬فمع‮ ‬أنه‮ ‬كان‮ ‬يُعتَبر‮ ‬عادةً،‮ ‬وليس‮ ‬فقط‮ ‬من‮ ‬قبل‮ ‬مناهضيه،‮ ‬من‮ ‬المتحيّزين‮ ‬الأوفياء‮ ‬لنهج‮ ‬سياسي‮ ‬معيّن،‮ ‬إلا‮ ‬أنه‮ ‬لم‮ ‬يكن‮ ‬ذات‮ ‬يوم‮ ‬يرى‮ ‬نفسه‮ ‬من‮ ‬أنصار‮ ‬تحزّب‮ ‬بعينه،‮ ‬أو‮ ‬يشعر‮ ‬بأنه‮ “‬بالبيت” ‬تمامًا‮ ‬في‮ ‬مكان‮ ‬ما”.‬

‭ ‬يضيف‮ ‬حميد‮ ‬دباشي،‮ ‬الإيراني،‮ ‬رئيس‮ ‬كرسيّ‮ ‬لغات‮ ‬الشرق‮ ‬الأوسط‮ ‬في‮ ‬جامعة‮ ‬كولومبيا،‮ ‬قائلاً‮: “‬اليوم،‮ ‬لا‮ ‬شيء‮ ‬يهمني‮ ‬من‮ ‬الأُمور‮ ‬التي‮ ‬لا‮ ‬تعد‮ ‬ولا‮ ‬تحصى‮ ‬والتي‮ ‬تعلمتها‮ ‬من‮ ‬إدوارد‮ ‬سعيد‮ ‬أكثر‮ ‬من‮ ‬فصاحة‮ ‬صوته‮ ‬الحماسيّة‮ ‬كذلك‮ ‬الهيبة‮ ‬والثقة‮ ‬والشجاعة‮ ‬والاندفاع‮ ‬والاتزان‮ ‬في‮ ‬خطابه،‮ ‬التي‮ ‬من‮ ‬دونها‮ ‬لكان‮ ‬أبناء‮ ‬جيلي‮ ‬من‮ ‬المثقفين‮ ‬المهاجرين‮ ‬ظلوا‮ ‬تحت‮ ‬رحمة‮ ‬المرتزقة‮ ‬من‮ ‬الأكاديميين‮ ‬والصحافيين‮ ‬المتواطئين‮ ‬الذين‮ ‬أغرقوا‮ ‬قنوات‮ ‬وسائل‮ ‬الإعلام‮ ‬الجماهيريّة،‮ ‬وهم‮ ‬ينفثون‮ ‬علوم‮ ‬أمراضهم‮ ‬بلهجات‮ ‬عربيّة‮ ‬وفارسيّة‮ ‬أو‮ ‬جنوب‮ ‬آسيوية‮ ‬ثقيلة،‮ ‬ويتكلمون‮ ‬في‮ ‬الوقت‮ ‬ذاته‮ ‬بلهجة‮ ‬الجمع‮ “‬نحن” ‬المثيرة‮ ‬للغثيان‮ ‬والمنحازة‮ ‬إلى‮ ‬المهندسين‮ ‬المفلسين‮ ‬لهذه‮ ‬الإمبراطوريّة‮ ‬الضارية”.‬

أما‮ ‬الروائيّ‮ ‬إلياس‮ ‬خوري‮ ‬فيقول‮ ‬بدوره‮: “‬كتب‮ ‬إدوارد‮ ‬سعيد‮ ‬كثيرًا‮ ‬عن‮ ‬المنفى‮ ‬لأنه‮ ‬كان‮ ‬يسعى‮ ‬إلى‮ ‬تحرير‮ ‬المنفيين‮ ‬ومقاومة‮ ‬الظلم‮. ‬لذا‮ ‬ولدت‮ ‬فلسطين‮ ‬في‮ ‬العالم‮ ‬تحت‮ ‬قلمه‮ ‬وصارت‮ ‬وطنًا‮ ‬لكل‮ ‬اللاجئين‮ ‬والمنفيين‮ ‬والفقراء‮ ‬والشرفاء‮. ‬كأنما‮ ‬جسّد‮ ‬في‮ ‬سيرته‮ ‬وأعماله‮ ‬الوجه‮ ‬الآخر‮ ‬للوطن‮. ‬هناك‮ ‬داخل‮ ‬السجن‮ ‬الإسرائيلي‮ ‬كان‮ ‬محمود‮ ‬درويش‮ ‬وإميل‮ ‬حبيبي‮ ‬يصوغان‮ ‬لغة‮ ‬الوطن،‮ ‬وهنا‮ ‬في‮ ‬المنفى‮ ‬كان‮ ‬غسّان‮ ‬كنفاني‮ ‬يتلمّس‮ ‬حكايته‮. ‬وهناك‮ ‬في‮ ‬أمريكا‮ ‬كان‮ ‬يبنيه‮ ‬في‮ ‬وصفه‮ ‬ذاكرة‮ ‬الجريمة‮ ‬وحلم‮ ‬العدالة”. ‬

‭ ‬في‮ ‬هذا‮ ‬الملّف‮ ‬شارك‮ ‬أيضًا‮ ‬كلّ‮ ‬من‮ ‬الباحثة‮ ‬العراقيّة‮ ‬فريال‮ ‬جبوري‮ ‬غزّول،‮ ‬والباحث‮ ‬المصري‮ ‬هاني‮ ‬حلمي‮ ‬حنفي،‮ ‬والباحث‮ ‬الفلسطيني‮ ‬صقر‮ ‬أبو‮ ‬فخر،‮ ‬و?روفيسور‮ ‬عوديد‮ ‬بلبان‮ ‬المحاضر‮ ‬في‮ ‬جامعة‮ ‬حيفا‮.‬

تستكشف‮ ‬ثلّة‮ ‬الكتّاب‮ ‬هذه‮ ‬عوالم‮ ‬سعيد‮ ‬وتسلّط‮ ‬الأضواء‮ ‬على‮ ‬ميّزاته،‮ ‬كل‮ ‬من‮ ‬زاوية‮ ‬معيّنة‮ ‬ووفق‮ ‬وجهة‮ ‬نظره‮.‬
رئيسة‮ ‬تحرير‮ “‬مشارف” ‬سهام‮ ‬داوود‮. ‬هيئة‮ ‬تحرير‮ “‬مشارف« ‬ تضم‮: ‬الناقد‮ ‬أنطوان‮ ‬شلحت،‮ ‬دكتور‮ ‬سلمان‮ ‬مصالحة،‮ ‬دكتور‮ ‬محمود‮ ‬رجب‮ ‬غنايم،‮ ‬?روفيسور‮ ‬رمزي‮ ‬سليمان،‮ ‬الشاعر‮ ‬محمد‮ ‬حمزة‮ ‬غنايم‮ ‬و?روفيسور‮ ‬أنطون‮ ‬شماس‮. ‬ويتولى‮ ‬هشام‮ ‬نفاع‮ ‬مسؤولية‮ ‬سكرتير‮ ‬التحرير‮. ‬يصممها‮ ‬شريف‮ ‬واكد‮. ‬المجلة‮ ‬من‮ ٦٥٢ ‬صفحة‮.

‬عنوان‮ ‬المجلة‮ ‬الالكتروني‮:‬
masharef@netvision.net.il

العناوين‮ ‬البريدية‮ ‬والهاتفية‮:‬
P.O.Box 6370 Haifa 31063
Fax: 972-4-8233849
Phone: 972-4-8233478

التعليقات