جمعية المرأة وكيانها تصدر كتابها العربي: المرأة وكيانها: الموجه في قضايا الصحة الجسد والجنسانية 2011

"تملكين جسدا واحدا فقط. انظري إلى يديك، رجليك، بطنك، أغمضي عينيك واشعري بالهواء الذي يدخل ويخرج من جسمك، هذا الجسم الذي به ولدت، سيرافقك مدى الحياة. تمعّني في النساء الحقيقيات اللواتي حولك ولاحظي التنوع الكبير. نحن طويلات أو قصيرات، صاحبات عيون بنية، زرقاء، عسلية أو خضراء... لون البشرة مختلف من فاتح إلى غامق..ألوان شعرنا لا حد لها. فكري في معنى أن نعيش معظم الوقت داخل جسم لسنا راضيات عنه أو سعيدات به. فكري في الهاجس والوقت والموارد التي نبذلها لهذا الموضوع، وفي خيبة الأمل التي نشعر بها نتيجة كل هذه المشاعر"

جمعية المرأة وكيانها تصدر كتابها العربي: المرأة وكيانها: الموجه في قضايا الصحة الجسد والجنسانية 2011
"تملكين جسدا واحدا فقط. انظري إلى يديك، رجليك، بطنك، أغمضي عينيك واشعري بالهواء الذي يدخل ويخرج من جسمك، هذا الجسم الذي به ولدت، سيرافقك مدى الحياة. تمعّني في النساء الحقيقيات اللواتي حولك ولاحظي التنوع الكبير. نحن طويلات أو قصيرات، صاحبات عيون بنية، زرقاء، عسلية أو خضراء... لون البشرة مختلف من فاتح إلى غامق..ألوان شعرنا لا حد لها. فكري في معنى أن نعيش معظم الوقت داخل جسم لسنا راضيات عنه أو سعيدات به. فكري في الهاجس والوقت والموارد التي نبذلها لهذا الموضوع، وفي خيبة الأمل التي نشعر بها نتيجة كل هذه المشاعر".
 
هكذا يبدأ الجزء الأول من كتاب "المرأة وكيانها" الذي صدر في هذا الشهر. هذا الكتاب هو ثمرة عمل جماعي مثابر من البحث والحوار، جمع المقابلات وتدوينها، صياغة النصوص ومراجعتها وتدقيقها. وقد جاء كتاب "المرأة وكيانها" نتاجا لمسار استغرق بضعة سنوات، قامت خلاله مجموعة كبيرة من النساء بعمل فريقي متميز، سعيا للمساهمة في عملية الارتقاء بمستوى الوعي الصحي للنساء الفلسطينيات في إسرائيل.
 
 التجربة مستوحاة من الكتاب الأصلي الذي أُصدر في أمريكا لأول مرة في بداية السبعينيات بعنوان: Our Bodies Ourselves"" والذي أسهم في تعزيز وعي النساء لحقوقهن في تلك المرحلة التاريخية التي كانت تخوض بها النساء معارك نضالية من أجل التحرر ولتحقيق العدالة الاجتماعية والحقوق المتساوية للمرأة.
 
لقد بذلت المشاركات في إنتاج الكتاب جهودا جبارة من أجل إصداره بنسخته العربية التي اعتمدت على رؤية نسوية نقدية وجريئة عكستها شهادات النساء، تأملاتهن ورؤيتهن الخاصة لكل ما يتعلق بصحة أجسادهن وجنسانيتهن. شاركت بالعمل عشرات من النساء، من خلفيات مجتمعية وثقافية متعددة، ومن مختلف التخصصات في المجالات المهنية كالطب، علم النفس، التربية، العمل الصحي، الإرشاد الجنساني، علم الاجتماع والنوع الاجتماعي، إدارة الأعمال، الترجمة وغيرها من التخصصات. 
 
رغدة النابلسي هي إحدى القائمات والمحررات اللواتي عملن بجهد لكي ننال هذا الكتاب، وهي اليوم تحضر لرسالة الدكتوراه في موضوع الخدمة الاجتماعية، تعمل أيضا في مجال التغيير المجتمعي والتمكين النسوي وناشطة سياسية. تقول:" عندما نتحدث عن صحة النساء والنهوض بصحتهن فإننا نتحدث عن حق أساسي من قضايا حقوق الإنسان، بما في ذلك زيادة وعي النساء والفتيات بحقوقهن، مسؤولياتهن وبمعرفتهن حول أجسامهن وصحتهن وجنسانيتهن.
 
هذا الكتاب العربي جاء من أجل إرساء واقعٍ مغايرٍ أكثر إنصافًا للمرأة الفلسطينية وصحتها ومكانتها. فعلى الرغم من التقدم النسبي للخدمات الصحية المقدمة للنساء في إسرائيل – مقارنة مع باقي دول المنطقة – تشير المعطيات إلى تدني المستوى المعرفي لدى النساء عموما، مما يعيق عملية تواصلهن مع أجسادهن، ويحد من مداركهن تجاه السلوكيات السليمة المطلوبة لتعزيز صحتهن الجسدية والنفسية. ثم أنّ الافتقار لمصادر المعلومات يكرس عدم معرفة النساء لحقوقهن الإنجابية والجنسانية، مما يتناسب طرديا مع مستوى الرفاهية الصحية التي تتمتع بها النساء.
 
وبما أن الواقع الصحي له ارتباط وثيق مع الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، فانعكاساته أشد على المرأة الفلسطينية في إسرائيل، كونها الأفقر اقتصاديا والأقل حظا في فرص العمل والأكثر تهميشا في الساحة السياسية، كما تشير جميع المعطيات الرسمية (جهاز الإحصاء المركزي ووزارة الصحة الإسرائيلية). إن الهدف من هذه المبادرة هو إرساء واقعٍ مغايرٍ أكثر إنصافًا للمرأة وصحتها. 
 
من هنا، كان لا بد من طرح توجهات بديلة، منبثقة من رؤية نسوية تقدمية، تهدف لخلق حيز إنساني جديد وعادل يرتقي بمستوى الرفاهية الصحية والعدالة الاجتماعية والقانونية المتعلقة بصحة النساء، فجاءت جمعية "المرأة وكيانها" في عام 2005 كمبادرة لتحقيق هذا الهدف ومن أجل التغيير العادل.
 
بالتوازي مع النسخة العربية من الكتاب، قامت جمعية المرأة وكيانها بإصدار الكتاب العبري الذي يتناول قضايا الصحة للمرأة اليهودية.
 
منذ تأسيسها، تسعى جمعية "المرأة وكيانها" من خلال عملها الدؤوب إلى المساهمة الفعالة في عملية تغيير النظرة الدونية والنمطية السائدة في المجتمع والمتعلقة بأجساد النساء وصحتها ورفاهيتها والتي أسهمت المؤسسات الطبية تحديدا، في تعميقها، بل إلى تذويتها من قبل النساء أنفسهن. 
 
ويتيح الكتاب، بنسخته العربية، فضاءات التعرّف على الجوانب المتعددة لصحة المرأة، بما فيها الحقوق الجسدية والمسؤولية الفردية والجمعية تجاهها، كما يمنح القارئات والقراء فرصة للتأمل العميق في الخيارات المتاحة للفتيات والنساء لضمان الاستفادة القصوى من الخدمات الصحية القائمة. والكتاب العربي، الذي يضمّ بين صفحاته عشرة أجزاء، يتناول الجوانب الصحية المختلفة الخاصة بالنساء وبمستويات متعددة كالصحة الجسدية، الصحة النفسية، تصوُّر الجسد، الجهاز التناسلي الانثوي، الدورة الشهرية والوعي للخصوبة، الأيدز، الأمراض المنقولة جنسيا، الجنس الآمن، سن الأمان، إبطال الحمل، تسييس صحة المرأة والحقوق الصحية. أما الفصل الأخير فيندرج تحت عنوان التنظيم من أجل التغيير وكل جزء يحوي توثيقا لمقابلات وتجارب للنساء الفلسطينيات في البلاد من مختلف الاجيال والمناطق. كتبت الأجزاء بشكل يحافظ على صياغة واضحة وسلسة وسهلة القراءة من حيث اللغة وطرح المضمون. 
 
ضمن الفصول المختلفة من الكتاب نقع على مواضيع تتعلق بالحقوق المتعلقة بجهاز الصحة العامة المقدمة من الدولة، وتسييس صحة المرأة ، فحوص طبية وأبحاث وغيرها من الأمور التي تهم المرأة الفلسطينية لارتباطها بالصحة الجسدية والنفسية والبيئية وربطها مع واقع المرأة والمجتمع الفلسطيني. وهنا تكمن أهمية هذا الكتاب، كونه محاولة فعلية لتقليص الفجوة المعرفية ولتطوير نظرة إيجابية معاصرة للجسم الأنثوي ومكانة المرأة، فهو بمثابة أداة تمكين لقدرات النساء في التصدي للدور النمطي للجهاز الصحي العام ولسياسات المؤسسات المختلفة في قمع حقوق المرأة العربية.
 
تقوم جمعية "المرأة وكيانها" بدورٍها في عملية التغيير الفعلي من خلال ورشات العمل التفاعلية مع مجموعات الفتيات والنساء، وخصوصا "المهمشات" مجتمعيا، لمنحهن فرصة إضافية للتحاور المباشر والتأمل العميق في قضايا حساسة ومعرفة حقوقهم ومطالبتها.
 
عربية منصور، إحدى المحررات، وهي ناشطة اجتماعية وسياسية، تعمل اليوم في مجال التوعية المجتمعية، وفي معرض حديثها عن الكتاب ومشاركتها في إصداره تقول: "إن مشاركتي في تحرير هذا الكتاب جاءت ضمن شراكة نسوية مع رفيقات درب من أجل واقعي الشخصي كامرأة وواقع النساء العربيات، ومن منطلق إيماني بالارتباط ما بين الشخصي والسياسي. كتاب "المرأة وكيانها" هو تجربة تسلط الضوء على واقع المرأة العربية في مجال "المحظور والعيب". أستمدُّ محاولة الكسر وإعادة البناء من جديد من المثل العامي" انكسر الشر". هناك من بَنى هذا الشر وهناك من يحاولن بناء الخير بقراءة ورؤية جديدة تتيح لكل فرد امرأة ورجل مكانًا محسوسًا وملموسًا. نحن هنا في كسر الكسرات لخلق مسميات جديدة لاحتياجات إنسانية كانت، ولا تزال، محرّمة حسب النص المتعارف عليه. هذا الكتاب بالنسبة لي هو بمثابة دعوة لتطوير النصوص ولتحرير المعرفة الشخصية كجزء من بناء المعارف الجمعية.
 
نبيلة مناع وهي رئيسة شريكة "لجمعية المرأة وكيانها"، من مجال التربية، تتحدث عمّا دفعها لتكون جزءًا فعالًا من أجل إنجاز هذا العمل فتقول: "لقد قمت بهذا العمل من منطلق مسؤوليتي تجاه ابنتي، أختي، وصديقاتي وكل امرأة عربية تبحث فيها عن مساحة تتخبط فيها حائرة وبحرية مفتشة حول ما يروي رغبتها لمعرفة ما يحدث لذاتها، جسدها وروحها.
 
وننهي بكلمة من إحدى تجارب النساء: "جسدي هو بيتي.. هو قلعتي التي أواجه بها العالم وهو السند الذي أستمد منه قوتي وثقتي بنفسي.. جسدي هو هويتي التي أنسجم وإياها .. أنا جسدي .."
 
يشار إلى أن جمعية المرأة وكيانها ستقوم بتنظيم احتفال لإصدار الكتاب وذلك بتاريخ 12/12/2011، في مسرح السرايا في يافا (المسرح العربي-يهودي) ما بين الساعة الخامسة والنصف وحتى الساعة الثامنة والنصف.

التعليقات