"بينما ينام العالم": رواية تروي حكاية أربعة أجيال فلسطينية

"بينما ينام العالم"، اسم أول رواية للكاتبة الفلسطينية سوزان أبو الهوى، والتي كتبتها باللغة الانجليزية، وتتناول فيها رحلة أربعة أجيال من عائلة فلسطينية، وكيف تحولت حياتهم المسالمة إلى مأساة في الشتات، بعد ترحيلهم قسرا عن قريتهم عقب إعلان تأسيس إسرائيل عام 1948.

"بينما ينام العالم"، اسم أول رواية للكاتبة الفلسطينية سوزان أبو الهوى، والتي كتبتها باللغة الانجليزية، وتتناول فيها رحلة أربعة أجيال من عائلة فلسطينية، وكيف تحولت حياتهم المسالمة إلى مأساة في الشتات، بعد ترحيلهم قسرا عن قريتهم عقب إعلان تأسيس إسرائيل عام 1948.

وفي عمل الكاتبة سوزان أبو الهوى، يتداخل التاريخي بالروائي، فإنه على الرغم من أن الشخصيات متخيلة، فإن فلسطين ليست كذلك، ولا الأحداث ولا الشخصيات التاريخية في هذه القصة.

"عائد إلى حيفا" وإدوارد سعيد

كما أن فكرة الرواية تعود إلى رواية الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني "عائد إلى حيفا"، عن طفل فلسطيني عثرت عليه أسرة يهودية في منزل استولت عليه عام 1948 وتولّت تربيته.

وكانت أبو الهوى قد نشرت مقالاً عن ذكريات طفولتها في مدينة القدس، ثم تلقت تهنئة من عضو اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حنان عشراوي، التي شجعتها على كتابة سيرة ذاتية، وكان لها دور بارز في إكسابها الثقة بنفسها في كتابة الرواية.

وتقول أبو الهوى إنها قابلت المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد مرّة واحدة، وكان له أثر كبير في صنع هذه الرّواية.
ولدت سوزان أبو الهوى لأسرة فلسطينية من لاجئي حرب 1967، التي استولت خلالها إسرائيل على هضبة الجولان السورية، وقطاع غزة، والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية الفلسطينية، ثم انتقلت للعيش في الولايات المتحدة.

وجاء في تعريف المؤلفة التي تعيش في ولاية بنسلفانيا، أنها حصلت على شهادة في الطب الحيوي، ثم أنشأت مؤسسة ملاعب فلسطين المكرسة لدعم حق أطفال الفلسطينيين في اللعب.

من الإنجليزية إلى العربية، والتحضير لفيلم سينيمائي

وترجمت الفلسطينية سامية شنان تميمي رواية أبو الهوى إلى العربية، وتقع في 479 صفحة متوسطة القطع، وأصدرتها دار "بلومزبري - مؤسسة قطر للنشر"، التي سجلت على الغلاف الأخير أن الرواية أحد أكثر الكتب مبيعا في المملكة المتحدة، ويجري حاليًّا إنتاجها كفيلم سينمائي.

وتبدأ الرواية بتمهيد عنوانه جنين 2002، كانت بمثابة نافذة سحرية أعادت البطلة إلى وطن لم تكن قد عرفته قط، ثم تسجل المؤلفة في السطور الأخيرة للكتاب أنها سافرت إلى مدينة جنين عندما سمعت تقارير تفيد بوقوع مذبحة في ذلك المخيم للاجئين، والذي كان قد عزل عن العالم وأغلق في وجه الصحافيين والعاملين في مجال الإغاثة، بوصفه منطقة عسكرية مغلقة بواسطة الجيش الاسرائيلي عام 2002.

وتقول أبو الهوى حول ذلك: ألهمتني الأمور المرعبة التي شاهدتها لكي أروي هذه القصة، وقد استقيت إلهامي من صمود أهالي جنين وشجاعتهم وإنسانيتهم، حيث قدرت تقارير الأمم المتحدة وقوع 58 قتيلاً فلسطينيًّا.

حسن الفلسطيني وآري بيرلشتاين الألماني

وتبدأ أحداث الرواية عام 1941 قبل النكبة، وفي هذا العام توثقت صداقة بين الفتى الفلسطيني حسن وفتى ألماني اسمه آري بيرلشتاين، وهو ابن أستاذ ألماني فرَّ من طغيان الحزب النازي في بلاده واستقرّ في القدس، حيث استأجر بيتًا صغيرًا يملكه وجيه فلسطينيّ.

ولكن آري بيرلشتاين يغادر قبيل إعلان دولة إسرائيل لدراسة الطّبّ، ويقول: "الوضع سيئٌ جدًّا يا حسن، لدى الصّهاينة كمّيّاتٌ كبيرة من الأسلحة. لقد جندوا جيشا هائلا من اليهود، الذين يصلون على متن السفن كل يوم... لديهم عربات مدرعة بل طائرات... سوف يستولون على الأراضي. لقد شنوا في جميع أنحاء العالم حملة تدعو فلسطين أرضًا بلا شعب.. سوف يجعلونها وطنًا قوميًّا لليهود."

إشارات تاريخيّة

وتعتمد المؤلّفة في نهاية الرّواية على أحداث وإشارات ووقائع تاريخيّة، منها ثورة 36 ومحاولات إقناع الرّئيس الأمريكي الأسبق هاري ترومان، الذي تولى الحكم بين عامي 1945 و1953، بالاعتراف بدولة يهودية في فلسطين ودعمها، وكيف تغير اسم البلاد بعد خروج قوات الاحتلال البريطاني في مايو/آيار 1948 من فلسطين إلى إسرائيل، وما تلا ذلك من أحداث، منها أنّ قرًى سويت بالأرض على يد قوات من الجيش الاسرائيليّ.

كما تسجّل الرّواية اغتيال السّويديّ الكونت فولك برنادوت، وهو الوسيط الدولي الذي عينته الأمم المتحدة لاقتراح حل للصراع، حيث اغتيل على أيدي إرهابيين يهود في سبتمبر/أيلول 1948.

وذلك بعد أن اقترح وضع حدٍّ للهجرة اليهودية، وقال: "ستكون جريمة ضد مبادئ العدالة الأساسية إن حرم الصّراع هؤلاء الضحايا الأبرياء من حقّ العودة إلى ديارهم، في حين أنّ اليهود المهاجرين يتدفقون إلى فلسطين بالفعل.

شعر

والرواية التي تستعرض تاريخ الصّراع، وصولا إلى عام 2003، تتوسل بالتاريخ وتستعين بالوثائق وصفحات من كتب، منها صعود فلسطين وسقوطها للأمريكي نورمان فنكلشتاين، إضافة إلى شعر عربي منذ امرئ القيس حتى توفيق زياد ومحمود درويش.

إلا أن سنوات الشتات وتوالي أجيال لم تحل دون مزيد من الحنين، فقد ظل مخيم جنين للاجئين، كما كان رقعة من أرض مساحتها كيلومتر مربع واحد، مستأصلا من الزمن ومحبوسا في ذلك العام الذي لا نهاية له عام 1948.

التعليقات