جديد "كلمة" للترجمة: "الكاتب والآخر" لكارلوس ليسكانو

أصدر مشروع "كلمة" للترجمة التابع لهيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة الترجمة العربية، كتاب "الكاتب والآخر"، لأحد أبرز أدباء الأوروغواي، كارلوس ليسكانو، وقد نقلته عن الإسبانية نهى أبوعرقوب.

جديد

أصدر مشروع "كلمة" للترجمة التابع لهيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة الترجمة العربية، كتاب "الكاتب والآخر"، لأحد أبرز أدباء الأوروغواي، كارلوس ليسكانو، وقد نقلته عن الإسبانية نهى أبوعرقوب.

يُعدّ هذا العمل أطروحة روائية حول استحالة الكتابة، وتأمّلاً عميقًا وحميميًّا أنجزه الكاتب بعد عدة سنوات من "الجفاف" الأدبي، فمن ذلك الفراغ - الهاوية، ومن صحراء الفكر تلك، استطاع ليسكانو أن يبدع نصًّا رائعًا مؤثرًا وبالغ الشعرية.

كلّ كاتب ابتكار

ينطلق الكتاب من مقولة أساسية: هي أنّ " كلُّ كاتبٍ ابتكار، ثمّة فرد هو واحد، وذات يوم يبتكر كاتبًا ويصبح خادمًا له، ومنذ تلك اللّحظة، يعيش كما لو كان اثنين.. على من يريد أن يكون كاتبًا أن يبتكر الفرد الذي يكتب، أو الفرد الذي سيقوم بكتابة أعماله، إنّ الكاتب، قبل أن يبتكره الخادم، لا وجود له".

يحملنا ليسكانو فى رحلة جذابة، وجريئة، وساخرة أحيانًا لتسليط الضوء على هذا "الآخر" الذي لا يكف عن ابتكاره ولا يستطيع التخلص منه أو التوحد فيه، ويعرض استراتيجيات مختلفة للتعامل اليومي معه، في محاولة للعثور على الانسجام الذي قد تمنحه إياه يومًا ما قوّة الكتابة: "الكاتب دومًا اثنان: ذلك الذى يشتري الخبز، والبرتقال، ويجري الاتصال الهاتفيّ، ويذهب إلى عمله، ويدفع فاتورة الماء والكهرباء، ويحيي الجيران؛ والآخر، ذلك الذي يكرّس نفسه للكتابة. الأوّل يسهر على حياة المبتَكَر العبثيّة والانعزاليّة. إنّها خدمة يؤدّيها بكلّ سرور، لكنّه سرور ظاهريّ فقط؛ لأنّ التّوق إلى الاندماج يظلّ موجودًا. فأن تكون اثنين ليس أسهل من أن تكون واحدًا".

الأدب والحياة شيء واحد

ومن خلال بوح حميميّ وشفاف عن علاقته بالكلمة وعن صعوبة الانتظار أمام الورقة البيضاء، وفيما يشبه خطابا ميتافيزيقيا، يرسم ليسكانو بورتريهًا ذاتيًّا صادقًا ولاذعًا، وينشطر في لعبة مرايا مدهشة ومطوّلة بينه وبين "آخره"، لعبةِ تأملٍ ذكية يطرح من خلالها أسئلة لا تنضب حول إيمانه بالأدب وحول مهنة الكتابة، وبين الاعتراف بالعجز والسّعي الدائم للمطلق، يكتشف ليسكانو أن "الأدب مركز حياته"، وأنّ الأدب والحياة شيء واحد، وأن استحالة الكتابة تغدو استحالة عيش؛ كلّ ذلك بإيجاز وبساطة وشفافية بالغة، وقدرة نادرة على النقد الذاتي، ونبرة حميمية وصادقة ّ تستدعى تواطؤ القارئ وتعاطفه.

وأثناء هذا الإبحار العميق في ذاته، يتناول ليسكانو في فصول الكتاب التّسعة والثمانين، القصيرة والمكثّفة، موضوعات تكررت في أعماله السابقة، مثل السجن، والتعذيب، والوحدة، وعلاقته باللّيل والزمن، وبعضًا من ذكرياته وقراءاته الأثيرة، لكنّها لا تحضر هنا لذاتها، بل لتعينه في تفسير تحولّه إلى كاتب، فـ"الكاتب والآخر" ليس سيرة ذاتيه، بل سيرة روحية وأدبية لذلك الشاب ذي الاثنين وعشرين ربيعًا، الممتلئ بالأوهام، والذي أصبح معتقلاً سابقًا في سن الخامسة والثلاثين، ونجا من جحيم التعذيب ليواجه مهمةَ إعادة بناء ذاته عبر الكتابة.

قصصي وكاتب مسرحي وشاعر

يعدّ المؤلف أحد أبرز أدباء الأوروغواي المعاصرين؛ ولد في مونتيفيديو عام 1949، عاش أحد عشر عامًا في السويد قبل أن يعود إلى بلاده، شغل منصب نائب وزير التعليم والثقافة، ويعمل حاليًّا مديرًا لمكتبة الأروغواي الوطنيّة.. تتنوع أعماله بين الرواية والقصّة والشعر والمسرح، منها: "الطريق إلى إيثاكا" - رواية (2005)، "عربة المجانين" - رواية (2006)، "ذكريات الحرب الأخيرة" – رواية (2007) وغيرها.

حاز ليسكانو العديد من الجوائز أهمها: "جائزة الجمهور" – مهرجان لييج (فرنسا) 2008، و"جائزة المسرح وزارة الثقافة في المسرح" – الأروغواي 2002، و"جائزة بلدية مونتيفيديو" 1996. كما عُرضت أعماله المسرحية في الأرجنتين، وكولومبيا، وفرنسا، وسويسرا، وكندا، والولايات المتحدة، وترجمت رواياته إلى عدّة لغات عالمية.

مترجمة الكتاب: نهى أبو عرقوب، من مواليد دورا الخليل/فلسطين، حاصلة على درجة البكالوريوس في اللغات الحديثة من جامعة اليرموك- الأردن، تعمل في حقلي التدريس والترجمة، وتسهم بترجماتها الأدبية عن اللغتين الإسبانية والفرنسية في عدد من الدوريّات والصحف الأردنية والعربية، ولها العديد من الكتب المترجمة.

التعليقات