"نبوءة السقا": السياسيون وقصص الحب وأمل ضئيل بالثورة

تدور أحداث الرواية في بلدة "عجايب" الإريترية، في فترة من تعاقب الاحتلالات قبيل وبعد الحرب العالمية الثانية، من احتلال إيطالي إلى احتلال إثيوبي، أيام الإمبراطور هايلي سلاسي، وإلحاق البلاد بإثيوبيا الكبرى وإعطاء السكان نوعا محدودا من الحكم

"نبوءة السقا": السياسيون وقصص الحب وأمل ضئيل بالثورة

في رواية 'نبوءة السقا' للكاتب السوداني حامد الناظر، التي تتناول ثورة الإريتريين على النظام الإمبراطوري الإثيوبي وحكم الإثيوبيين لهم، نوع من الإدانة للسياسيين واستغلالهم لكثير من الأمور، بما في ذلك أحلام التغيير وقصص الحب، وذلك لخدمة مصالحهم كما فيها نوع من أمل أخير ضئيل في الثورة وإن لقيت الهزائم والنكسات.

تدور أحداث الرواية في بلدة 'عجايب' الإريترية، في فترة من تعاقب الاحتلالات قبيل وبعد الحرب العالمية الثانية، من احتلال إيطالي إلى احتلال إثيوبي، أيام الإمبراطور هايلي سلاسي، وإلحاق البلاد بإثيوبيا الكبرى وإعطاء السكان نوعا محدودا من الحكم الذاتي والحق في انتخاب ممثلين عنهم، يرسلونهم إلى مجلس النواب الكبير في أديس أبابا.

ويروي لنا حامد الناظر عن المعتقلين السياسيين من اليساريين، ويسرد علينا قصة الثورة التي منيت بنكسات وهزائم وسلط عليها الاحتلال الإثيوبي الإمبراطوري رجال القوات الخاصة، ويقص علينا ما يصفه بأنه أعمال قتل وإحراق للقرى وإتلاف للأملاك من مزروعات ومواش وغير ذلك انتقاما من الثوار.

ويكتب الناظر، بقدر كبير من الشاعرية والعمق وإن كان باختصار شديد، للمراحل المختلفة والروابط بينها بما يوضح أمورا عديدة يبدو أنه يعتبرها من المسلمات، مما يجعل القارئ يحاول أن يتكهن بمجرى الأحداث على الرغم من أن الرواية كبيرة الحجم، ورغم استغراق المؤلف أحيانا في تفاصيل أخرى. كما أن النهاية جاءت سريعة وفي قدر كبير من الرومانسية المتوقعة.

جاءت الرواية في 253 صفحة متوسطة القطع، وصدرت عن دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع في بيروت والقاهرة وتونس.

وحامد الناظر كاتب وصحفي سوداني مقيم في الدوحة بقطر، وهو مذيع ومقدم برامج في عدد من المحطات التلفزيونية والإذاعات. وحازت روايته 'فريج المرر' على جائزة الشارقة للإبداع العربي وجائزة 'فودافون' قطر سنة 2014.

ومسرح الرواية هو بلدة 'عجايب' التي شهدت الانقسامات الحديثة فيها وقيام قوتين، إحداهما الأوتاد وهم السادة المسيطرون تقليديا، في ما يشبه الإقطاع القديم، بل يصل أحيانا كما يرد في الرواية إلى حد العبودية.

أما القوة الأخرى فهي قوة الأحفاد، الذين برزوا منذ مدة ليست بالطويلة وأخذوا في استرجاع حقوقهم ومكانتهم شيئا فشيئا بعد حالة استعباد فعلي.

الخوف سيطر على الأوتاد الذين استمروا في المكابرة وعدم التنازل. وكادت الأمور في أكثر من حال واحدة تصل إلى حد نشوب حرب أهلية طاحنة بين الجماعتين، إذ قتل أشخاص وجرح آخرون.

وكان الناظر محمد يقود الأوتاد، بينما يقود جماعة الأحفاد فرج السقا، الشخصية الجذابة المؤثرة والداعية الدائم إلى السلام والـ 'لا عنف'.

من ناحية أخرى ترتكز الرواية على قصتي حب، واحدة رئيسية ربطت حسناء القرية فاطمة بخطيبها محمود، الذي التحق بالثوار وغاب خمس سنوات وجاءت الأخبار أنه قتل لكن أمه أصرت على نفي خبر موته. أما قصة الحب الأخرى فهي بين الأستاذ إسماعيل والحسناء فوزية، لكن الأستاذ المدرس في مدرسة القرية حكم عليه بالسجن سنوات بسب نشاطه اليساري.

بعد شيوع خبر موت محمود قرر الأحفاد تزويج فاطمة بالمأمور وهو ممثل الحكومة والحاكم للبلد. خدعوا فاطمة بوصفهم له، بينما كان هو، نتيجة الحرب، شبه كسيح وبعين واحدة فضلا عن عمره المتقدم.

وارتضت فاطمة، بسبب موت محمود المزعوم، أن تتزوج المأمور كما خطط زعماء حزب الأحفاد، ليحظوا بدعم الحكومة في معركتهم مع الأوتاد. ولم يلبوا الطلب السري من خصمهم الناظر محمد، بأن يتزوجها هو لإحلال السلام بين الجماعتين.

اكتشفت فاطمة الحقيقة عن المأمور. وقبل العرس عاد محمود، وسعت فاطمة إلى لقائه سرا، لكنه رفضها ودفعها عنه إذ رأى أنها تخلت عنه.

وفاطمة التي اعتبرت منقذة لشعبها بقبولها الزواج، انتحرت بعد رفض محمود لها وتحولت عند الناس إلى شبه قديسة. أما الأستاذ فقد قالت له فوزية إن عمله في التدريس لا يسمح له بإعالة عائلة ففهم الرسالة.

وتتوالى المفاجآت في الرواية، ويجرى انتخاب الناظر محمد في البرلمان الجديد، كما جرى تعيين صديقه فرج السقا عضوا في مجلس الشيوخ، وذهبا معا إلى أديس أبابا لافتتاح البرلمان ومقابلة الإمبراطور.

ومحمود، الصديق الحميم ورفيق الأستاذ إسماعيل، يزوره مودعا، ويبلغه أنه في غمرة هذا النفاق والظلم ولأنه لم يبق له أحد، قرر الالتحاق بالثورة المتهاوية، والتي تبقى مع ذلك الأمل الوحيد، ودعه ومضى.

اقرأ/ي أيضًا |"ريكامو" تحصد جائزة الإبداع لمعرض تونس الدولي للكتاب

وجاءت الأخبار أن قوة من الكوماندوس قادمة إلى البلدة، ولن تبقي فيها شيئا فقرر السكان الهرب، أما الأستاذ إسماعيل الثائر قرر البقاء ولو وحيدا في القرية، ومواجهة مصيره... فدخل بيته وأغلق الباب وجلس منتظرا النهاية.

التعليقات