كتاب جديد للباحثة د. إنصاف محمد أبو أحمد

صدر مؤخرًا كتاب يُعالِج المشاكل الانضباطية والسلوكيّة في المجتمع العربي، للباحثة د. إنصاف محمد أبو أحمد، وهي من سكان مدينة الناصرة، وعملت سنوات في الإرشاد السلوكي في المدارس العربية.

كتاب جديد للباحثة  د. إنصاف محمد أبو أحمد

صدر مؤخرًا كتاب يُعالِج المشاكل الانضباطية والسلوكيّة في المجتمع العربي، للباحثة د. إنصاف محمد أبو أحمد، وهي من سكان مدينة الناصرة، وعملت سنوات في الإرشاد السلوكي في المدارس العربية.

ويُعتبر كتابها مثريًا ومهم جدًا، خاصةً أنّه يصدُر للمرة الأولى باللغة العربية.

عن كتابها الجديد والتحديات التي واجهت الباحثة: قالت د. أبو أحمد: "بدأتُ البحث في مجال الانضباطيّة والسلوكيّة، من خلال اطلاعي على قضية الطلاب والمعلمين والغيابات والاستخفاف بالتعليم واللغة العربية، وحقيقة، أنني لم أتخيّل أن أصل بهذا البحث إلى الدكتوراة، وكنتُ كلما اكتشفتُ شيئًا جديدًا في البحث والفحص أشعرُ بأهمية البحث أكثر فأكثر، وهكذا انطلقتُ للحصول على اللقب الثاني، وكنتُ قبل ذلك مدرِّسة في الإعداديات.

وتابعت: "كان هذا الاهتمام بالنسبة لي بمثابة تحدٍ، إذ لمستُ عالمًا مختلفًا سواء بالنسبة للطلاب أو حتى للمديرين، وشبهتُ المعلمين وما يجري في المدارس من قبل الطلاب، بـ"المعلمين الذين يواجهون المطرقة والسندان" ويقف الطالب في مكانٍ آخر، بينما لا يعرف المعلم عن الطالب، ولا يعرف الطالب عن المعلم أيضًا.

وأضافت أبو أحمد، "كان مهمًا بالنسبة لي إيجاد مراجع بالعربية، لكنني للأسف لم أنجح بالعثور على أي مصدر باللغة العربية، وعليه، اضطُررت الاعتماد على المراجع والمقالات بالعبرية والإنجليزية، ولاحقًا صدر الكتاب، وساهم في ترجمته الزميل ماهر عامر.

المثير للانتباه في موضوع التوجيهي الدراسي للطلاب وللمعلمين، هو تعاطي المعلمين والمديرين مع الكتاب الصادر بالعربية، وكأنه منافس للضالعين في مجالي التربية والتعليم، وسمعتُ من كثيرين، بينهم مديرو مدارس سألوني عن سر اختياري لموضوع المشاكل الانضباطية والسلوكيّة في مدارس المجتمع العربي، بعضهم وبعضهن تساءلوا عن سر رغبتي بخوض الصعوبات، بينما اعتبرتُ الأمر تحدٍ، إذ اخترتُ ركوب الأمواج، وواجهت صعوبة في تقُبل المديرين للكتاب الجديد، وللمعطيات المهمة التي تمّ التطرق إليها".

وتابعت، "أعتقد أنّ بحثي كان شاملاً، إذ قمتُ بالمقارنة ما بين القرية والمدينة، وبعض المدرسين لم يكونوا متعاونين معي للأسف، خوفًا من إدخال مُنتج جديد".

والأمر المُستهجَن الذي ظهر جليًا أمامي، شعور الطلاب أنّ هناك مُراقبة جاءت لتهددهم، بعضهم رأوا أنّني "جاسوسة"، لكن في النهاية أوصلتُ رسالتي من خلال الكتاب الجديد، ووضعته أمام الإدارات المدرسية.

وقالت د. أبو أحمد: إنّ هناك مديري مدارس يفضلون اختيار شخص يهودي لتقديم شرح حول المشاكل الانضباطية والسلوكيّة في مدارس المجتمع العربي، وتساؤلي الصريح: كيف يمكن أن يكون اليهودي بديلاً للعربي؟! علمًا أنّنا أمام تحديات خطيرة، خاصةً وأننا لا نستطيع إطلاق اسم قياديين على مديرين موجودين، ولا يعرف كثيرون أنّ الإدارة تختلف عن القيادة، علمًا أنّ الأكاديمية ليست سهلة، وفي هذا المجال يحصُد المقربون من المديرين الخيرات". وتعتقد أبو حمد أنّ هناك ضرورة لنفض جهاز التربية والتعليم وضرورة تعزيز مناهج التدريس.

وتابعت أبو أحمد: "لقد اعتمد بحثي الكمي والميداني على مقارنة ما بين القرية والمدينة في كلا الاتجاهات، أي بين البنات والشباب، وجاء الكتاب ليعطي إستراتيجيات تعليميّة بناءً على آليات بحث، شمل البحث استبيانات ومشاهدات داخل الصفوف، ولأوّل مرّة يكون الباحث متواجدًا في المدارس أثناء قيامه بالبحث، وكل كلمة صدرت في الكتاب عشُتها وكانت لها بصمة وتأثير في حياتي، وكان جُل اهتمامي تقديم إستراتيجيات للمعلمين، خاصةً أنّ المعلّم هو مَن يعمل في الحق، وهو من يتعامل مع الطلاب، ويذوت لديهم المعرفة وحب العلم أو العكس، بينما يسلم المعلمون الفجوة في الأجيال بين المعلمين الطلاب، وهذا الأمر يؤثر سلبًا على التعامُل والتفاهم والمعرفة، وتُعتبر الفوارق في السنوات فجوة يجب محوها من خلال التربية السليمة، وأقصد الفجوة التكنولوجية، صحيح أننا لا نشكك في قدرات المعلمين، فهؤلاء تعلموا وكافحوا للوصول إلى مرحلة التطور والتقدم، لكن للأسف لا تعطى للمعلمين الفرصة، بينما يتخلى الأهل عن إدارة السفينة، الأمر الذي يضُر بالطالب، ومن جهة ثانية فإنّ المعلمين يقعون تحت طائلة المناهج التعليمية. بينما يُصر المسؤولون في الوزارات على محاسبة المعلم إذا لم يحصل الطلاب على نتائج علمية مرتفعة. ولهذا تحولت مدارسنا إلى مصانع للعلامات، ويتوقع المعلمون أنّ هناك محاسبة في نهاية الفصول الدراسية.

في المقابل هناك تساؤل شرعي "مَن سيحتوي المعلم؟!" فهو إنسان لديه احتياجاته وطلباته، وللأسف نحنُ نوزع النصائح، بينما يُواجه المعلم صعوبة التعامل مع الطلاب وصعوبة التأثير والتوجيه للأهل أيضًا. وهنا من المفترض أن يُسأل المعلمون ما هي الاحتياجات المطلوبة في المدارس العربية؟ وقد لا يعرف كثيرون أنّ منظومة التعليم هي عبارة عن منظومة حماية لمجتمعنا الذي يفتقد للقيم وللتربية ويوشك على الانهيار، وعلينا أن نستبدل الأساليب الحالية بلغة الحوار والتفاهم وتبادُل الآراء.

وختمت أبو أحمد بالقول، إنّ الأهل تحولوا إلى صراف آلي، يعمل على مدار الساعة، وكأنّ العلاقة بين الأهل والتلاميذ علاقة مقايضة، وليست علاقة قُربى.

التعليقات