"المركز العربي" يصدر كتابا عن تاريخ العرب من مرج دابق إلى سايكس-بيكو

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب جديد "العرب: من مرج دابق إلى سايكس بيكو (1916-1516) - تحولات بُنى السلطة والمجتمع: من الكيانات والإمارات السلطانية إلى الكيانات الوطنية"

غلاف الكتاب "العرب: من مرج دابق إلى سايكس بيكو (1916-1516) - تحولات بُنى السلطة والمجتمع: من الكيانات والإمارات السلطانية إلى الكيانات الوطنية"

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب جديد "العرب: من مرج دابق إلى سايكس بيكو (1916-1516) - تحولات بُنى السلطة والمجتمع: من الكيانات والإمارات السلطانية إلى الكيانات الوطنية"، ويضم بين دفّتيه بحوثًا منتقاة من التي قدمت في مؤتمر عقده المركز بالعنوان نفسه في بيروت، في 21 و22 نيسان/ أبريل 2017، ضمن مؤتمره السنوي للدراسات التاريخية.

يتألف الكتاب (1280 صفحة بالقطع الوسط، موثقًا ومفهرسًا) من مقدمة بعنوان "من الدعوة للبحث إلى الاستجابات الممكنة" لوجيه كوثراني، ومحاضرة افتتاحية بعنوان "الدولة العثمانية وأوروبا" ألقاها مدير فرع المركز في بيروت، خالد زيادة، إضافة إلى 36 فصلًا، وُزّعت على سبعة أقسام.

من المؤتمر السنوي للدراسات التاريخية، 2017

في مسألة الخلافة العثمانية

جاء القسم الأول بعنوان "في مسألة الخلافة العثمانية: متى وكيف؟"، ويتضمن أربعة فصول. الأوّل يبحث "في إشكالية نسبة الخلافة إلى السلطنة العثمانية: بين التاريخ والأسطورة"، ليساهم كوثراني في تفكيك قصة الخلافة ونسبتها إلى الأسرة العثمانية، مشددًا على خلو المصادر المعاصرة للسلطانَين سليم وسليمان من ذكر خبر تنازل آخر خليفة عباسي عن الخلافة للسلطان سليم؛

أما الفصل الثّاني فقد كتبه أحمد إبراهيم أبو شوك، حول "الخلافة العثمانية في نصف قرنها الأخير (1874-1924): صراع السلطة وجدل المصطلح"، متعقّبًا مصطلح الخلافة واستخداماته في الربع الأخير من القرن التاسع عشر ومطالع القرن العشرين؛ فيما يركز نور الدين ثنيو في الفصل الثالث، على سقوط الخلافة .. وبداية الإشكالية القوميّة؛

ويختم الفصل الرّابع الذي أعدّه صاحب عالم الأعظمي الندوي، بحديثه عن أن مسألة الخلافة أثارت حراكًا لافتًا، وربما أوسع، بين مسلمي الهند، فكان لها تأثيرها الحراكي في نشوء حركة الخلافة، كما يرى أن هذا الحراك ترك نمطًا معينًا من العمل السياسي حاول مسلمو الهند السير عليه قبل استقلال الهند وبعده.

التاريخ العثماني والتواريخ العربية: المشرق والجزيرة

ويضم القسم الثاني، "التاريخ العثماني والتواريخ العربية المحلية في المشرق العربي والجزيرة"، ستة فصول. ويقدم فيه سيّار الجميل إعادةً للرؤية في أبعاد تكوُّن هذا التاريخ؛ فتاريخ العرب في العهد العثماني ليس تاريخًا عثمانيًا، بل تاريخ العرب الذين احتفظوا بشخصيتهم الاجتماعية والحضرية والثقافية.

ثم يشرح صبري فالح الحمدي في الفصل السادس، "أشراف مكة والعلاقة بالدولة العثمانية عبر التأريخ الحديث"، إشكالية العلاقة المركبة بين الأمير الشريف والسلطان، حيث يخترق مجال هذه العلاقة تجاذبات يقوم حراكها على التنافس بين الأمراء، من جهة، ومداخلات الولاة الوسطاء في جدة ومصر وبلاد الشام، من جهة أخرى.

ثم تتخصص الفصول الأربعة التالية في دراسة حالات منتقاة من المنطقة المبحوثة، يبدؤها حسين بن عبد الله العَمري في الفصل السابع، "اليمن: ولاية عثمانية (1289-1337هـ/ 1918-1872م" في حديثه عن اليمن، ويعالج فيه دور الإصلاح والمقاومة بقيادة الإمام المنصور بن يحيى حميد الدين وابنه يحيى، حيث يعتبر اتفاق دعّان في عام 1911 ممهّدًا لاستقلال ولاية اليمن في آخر الحرب العالمية الأولى. ثمّ يتناول ناصر بن سيف بن عامر السعدي في الفصل الثامن نشأة الدولة في عُمان، مؤرخًا ومركّزًا على دراسة التحولات السياسية والاجتماعية في العهد العثماني.

جرت دراسة العراق الفصل التاسع، "الدولة الوطنية العراقية في عام 1921: جذور التأسيس العثماني"، حيث يقول فيه جميل موسى النجار إن تشكيل البريطانيين للدولة الوطنية العراقية لم يكن مصطنعًا لحدود سيادة وطنية، أي إفرازًا لسايكس - بيكو، بل كان ذلك مخاضًا لولادة دولة تكونت جغرافيتها السياسية في الرحم العثماني واتضحت معالمها في العهد الأخير من عهود الحكم العثماني في ولايات بغداد والبصرة والموصل. وأخيرًا وفي العراق أيضًا، يدرس نهار نوري في الفصل العاشر، نزعات البزوغ الهوياتي الجنيني الذي رافق حقبة الإدارة العثمانية لولايات العراق تاريخيًا.

التاريخ العثماني والتواريخ العربية: البلدان المغاربية

وينتقل القسم الثالث لتناول البلدان المغاربية بتناول "التاريخ العثماني والتواريخ العربية المحلية في البلدان المغاربية"، ويتضمن ستة فصول؛ جاء أولها عن الجزائر في الفصل الحادي عشر، ويطرح فيه ناصر الدين سعيدوني نظرة جديدة إلى إشكالية السيادة الجزائرية من خلال تجاوز التعارض المصطنع وبين الخصوصيّة.

أما لطفي بن ميلاد في الفصل الثاني عشر، يطرح قراءة جديدة في جذور الاتصال ومواقف السلطة والنخبة، فيعالج إشكاليات السياسة العثمانية المبكرة في المتوسط عمومًا، متسائلًا عن حقيقة التدخل العثماني في غرب المتوسط وهدفه.

في حين يتناول عبد الحي الخيلي في الفصل الثالث عشر، "أزمة المركز العثماني وإرهاصات تأسيس الدول المستقلة في البلدان المغاربية بين القرنين السابع عشر والتاسع عشر"، موضحًا أن الحماية العثمانية لشمال أفريقيا في الصراع العثماني – الإسباني لم تكن العامل الممهد للسيادات الوطنية، بل أزمة السلطة المركزية وبداية التراجع الفعلي للعلاقة بين الباب العالي والولايات المغاربية.

ثم ينتقل محمد المريمي إلى الحديث عن البلاد التونسية في الفصل الرابع عشر، ويعالج فيه إشكالية الانتقال السياسي في تونس من دولة حفصية استقرت أكثر من ثلاثة قرون تحت حُكُم أرستقراطية حفصية، إلى دولة البايات الذين أسسوا حكمًا شبه وطني.

أما المغرب فدرسه أنيس عبد الخالق محمود في الفصل الخامس عشر، يفترض فيه أن الدولة العثمانية لم تكن لديها خطة أو نية واضحة لضم المغرب، بل كان كل ما تسعى إليه تحقيق أحد أمريْن: أن يخضع المغرب السعدي لسلطتها طوعًا، أو إقامة نوع من التحالف الذي يضمن احتواء المغرب وولاءه في ظل صراعها مع إسبانيا والبرتغال.

ويخلص صالح علواني في الفصل السادس عشر إلى أن الدول المغاربية بدأت تتشكّل مع نهاية القرن السادس عشر في رحم الصراعات والمبادلات مع الضفة الشمالية للبحر المتوسط، وفي ظل الحضور الفاعل للسلطنة العثمانية وتأثيره في تشكيل التاريخ الحديث لكيانات مثل الإيالتين التونسية والجزائرية.

غلاف الكتاب

"عثمنة" واستقلال وتغلغل غربي

يأتي الحديث عن علاقة الغرب بالدول العربية في القسم الرابع، "جدل العلاقة بين العثمنة والاستقلال والتغلغل الغربي"، وفيه سبعة فصول. بدأه محمد مرقطن في الفصل السابع عشر، "الرحالة الغربيون والاكتشافات الأثرية في فلسطين والتمهيد للمشروع الصهيوني (1800–1914)"، بعرض المادة التاريخية التي تحتويها كتب الرحّالة والدوافع الحقيقية وراء رحلاتهم إلى فلسطين.

ثم ينتقل ليث مجيد حسين في الفصل الثامن عشر، للحديث عن التغلغل الألماني عبر مشروع سكة حديد برلين - بغداد – البصرة، ويقدم دراسة مركزة اعتمادًا على الوثائق الألمانية.

في حين جاء الفصل التاسع عشر، عن التغلغل الألماني أيضًا وفيه يحاول أمجد أحمد الزعبيد أن يربط ما بين الاستشراق الألماني والتغلغل السياسي - الاقتصادي مركّزًا على محاور من شأنها الاستدلال على خدمة الاستشراق للمصالح الألمانية من خلال صورٍ ومفاهيم وأنماطٍ من التفكير حول الشرق ودراسات حول المسألة الشرقية.

وفي الإطار ذاته جاء الفصل العشرون، "الاستشراق والسياسة: أرمنيوس فامبيري والدولة العثمانية - مقاربة تاريخية"، لزكريا صادق الرفاعي ويثير فيه إشكالية الدور الذي يقوم به بعض المستشرقين في خدمة السياسات الكولونيالية.

ودرست فدوى عبد الرحمن علي طه في الفصل الحادي والعشرين، كيف استطاعت بريطانيا محاصرة الحضور العثماني والنفوذ المصري في السودان بدءًا من عام 1921 حتى انتهى الأمر بانفرادها في حكمه، مستخدمةً أساليب سياسية وعسكرية ودبلوماسية، لا سيما بعد القضاء على ثورة المهدي.

وفي السودان أيضًا، تحدّث قيصر موسى الزين في الفصل الثاني والعشرين عن "التحولات بين التعريب الثقافي والتتريك العثماني في سياق سياسي متغير في أطراف العالم العربي: حالة السودان في الفترة 1504–1885".

وختمت أمل غزال هذا القسم في الفصل الثالث والعشرين، بطرحها أبعادًا تتعلق بالتأريخ للحراك السياسي في بلاد المغاربة، كضرورة إيجاد سردية واحدة تربط بين الاحتلال الإيطالي لطرابلس الغرب عام 1911 ومجريات الحرب العالمية الأولى، وإعادة الاحتلال الإيطالي اهتمام الناشطين السياسيين المغاربة، وتحديدًا في الجزائر وتونس، بمسألة الاتحاد العثماني.

السلطنة والمجتمع الأهلي العربي

في حين جاء القسم الخامس للحديث عن ما يمكن تسميته المجتمع الأهلي العربي، بعنوان "السلطنة العثمانية ومسائل من المجتمع الأهلي العربي"، في أربعة فصول. يبدأ فاضل بيات في الفصل الرابع والعشرين، بتقديمه رؤية جديدة في ضوء الوثائق العثمانية عن أنماط الزعامات العربية وأساليب التعامل معها.

وقدّمت فاطمة الزهراء قشي في الفصل الخامس والعشرين، "السلطة العثمانية والزعامات القبلية والحضرية في إيالة الجزائر (القرن السادس عشر-القرن الثامن عشر)"، معالجةً دقيقة وتفصيلية للعلائق الوظيفية بين مشايخ العرب والأسر النافذة والعلماء في الجزائر.

أما جوزيف أبو نهرا في الفصل السادس والعشرين، فاستعاد التأريخ لمسيحيي الشرق في العهد العثماني، من خلال التعريف بنظام الملل وتطوره، واختلاطه بنظام الامتيازات والحماية.

وختم علي إبراهيم درويش في الفصل السابع والعشرين، "الصراع العثماني - الصفوي وتأثيره في الشيعة في البلاد الخاضعة للعثمانيين"، بتقديمه فهمًا تاريخيًا للصراع العثماني - الصفوي الملتبس بالصراع المذهبي والمستخدم للخطاب الديني سلاحًا في المواجهات الدموية والمعارك العسكرية بين الطرفين.

الإصلاح والتنظيمات

ثم يأتي القسم السادس، "الإصلاح والتنظيمات وأحوال ثقافية"، وفيه خمسة فصول. يشرع مهند مبيضين في الفصل الثامن والعشرين، "الإصلاح العثماني للبلاد العربية في أدب اللوائح: لائحة عبد الرحمن بن إلياس المدني نموذجًا"، في الحديث عن أن التنظيمات بصيغة دعوات إصلاح لم تبدأ مع خط كلخانة (1839) أو في القرن التاسع عشر، بل بدأت بوصفها دعوات في رسائل وبيانات ولوائح مع أواخر القرن السادس عشر ومطالع القرن السابع عشر.

وفي الإطار ذاته، يتساءل يحيى بولحية في الفصل التاسع والعشرين، عن دور المشرق في صوغ المدونات الإصلاحية التي شهدها المغرب في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.

ثم ينتقل حماه الله ولد السالم في الفصل الثلاثين، إلى تحليل الجوانب الذاتية في تجربة محمد علي ودورها في إفشال إصلاحاته ومقارنتها بمثيلتها العثمانية، إضافة إلى البحث في نتائج كلتيهما مع الإشارة إلى عناصر الاختلاف والاتفاق بين التجربتين.

أما محمد الأزهر الغربي في الفصل الحادي والثلاثين، "خير الدين التونسي والمسألة الاقتصادية"، فيتميز من غيره من الباحثين الذين عالجوا إصلاحات خير الدين التونسي من زاوية سياسية وثقافية، بطرحه الجانب الاقتصادي في كتابه أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك.

ويختم سيمون بدران في الفصل الثاني والثلاثين، "المملكة الدستورية العثمانية وتداعياتها على طلائع الفكر الدستوري العربي"، بربطه فكرة الدسترة وثقافتها لدى النخب التركية والنخب العربية، بمشروع التنظيمات العثمانية بوصفها سابقات ممهِّدة ومؤسِّسة، ومدخلًا لتمحيص دستور 1876.

ما بعد العثمانية

وأخيرًا القسم السابع يتحدّث "مآلات جديدة ما بعد العثمانية: سايكس - بيكو كموضوع إشكالي"، عن الظروف التي جاءت فيها اتفاقية سايكس – بيكو وما بعدها، وفيه أربعة فصول. يبدأ محمد جمال باروت في الفصل الثالث والثلاثين، بوصف سايكس - بيكو بأنها جزء من تحولات في مسارٍ أدى إلى لوزان وإلى نشوء الدولة في المشرق العربي.

أما ياسر جزائرلي في الفصل الرابع والثلاثين، فيرى أن اتفاقية سايكس - بيكو لم تكن وليدة الحرب العالمية الأولى؛ فخسارة العثمانيين الحرب جعلت هذه الاتفاقية ممكنة، وهي امتداد للأفكار التي قدّمها الخطاب الأوروبي بعد أن أصبح ضعف الإمبراطورية العثمانية واضحًا عقب حملة نابليون على مصر.

في حين يتحدث بلال محمد شلش عن انعكاسات سايكس - بيكو فلسطينيًا في الفصل الخامس والثلاثين، ويرى فيه أن التحلل من الاتفاقية التي لم تحدد مصيرًا واضحًا لفلسطين دافع أساسي لدعم بريطانيا مساعي الحركة الصهيونية لاتخاذ فلسطين وطنًا قوميًا لليهود.

وتختم هذا القسم، والكتاب كذلك، مونية أيت كبورة في الفصل السادس والثلاثين، "الهوية واليوتوبيا في ما بعد سايكس - بيكو: قراءة في الخطابين القومي والإسلاموي"، بقراءتها صورة سايكس - بيكو في الخطابين القومي والإسلامي قراءةً أركيولوجية جينيولوجية ترتكز على مفهومي الهوية واليوتوبيا.

التعليقات