كتاب جديد يوثّق "معجم الأطباء والصيادلة الفلسطينيين" منذ القرن 18

أصدر الباحث، د. محمد عقل، مؤخرا كتابا "يسرد حكاية الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان الفلسطينيين الذين عملوا في فلسطين في العهدين العثماني والبريطاني".

كتاب جديد يوثّق

غلاف الجزئ الأول من الكتاب

أصدر الباحث، د. محمد عقل، مؤخرا كتابا بعنوان "معجم الأطباء والصيادلة الفلسطينيين 1748- 1948"، والذي "يسرد حكاية الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان الفلسطينيين الذين عملوا في فلسطين في العهدين العثماني والبريطاني".

وأوضح عقل أنّ "معظم هؤلاء كانوا من أبناء الذوات والأثرياء ما مكنهم من الالتحاق بالجامعات ومعاهد الطب في إسطنبول وبيروت وبعض الدول الأوربية. لقد بذل هؤلاء جهودًا مباركة في معالجة مرضاهم، ولكن أكثرهم لم يتخصص في فرع واحد من الطب، كما فعل الطبيب اليهودي المهاجر القادم من ألمانيا. أكثرهم خصص يومًا واحدًا في الأسبوع لمعاينة الفقراء والمحتاجين ومعالجتهم، وإعطائهم الدواء بلا مقابل لكنهم ابتعدوا عن الوصول إلى القرى البعيدة، ما اضطر أهلها إلى التوجه إلى الأطباء اليهود الذين يعيشون في المستعمرات اليهودية القريبة من محل سكناهم".

وأضاف أنه "في فترة الانتداب البريطاني حاول الأطباء والصيادلة الفلسطينيين تنظيم أنفسهم من أجل الدفاع عن حقوقهم. في سنة 1933 عقد أول مؤتمر للأطباء الوطنيين في حيفا، في سنة 1934 أقيمت الجمعية الطبية في يافا، لكن لم يجر تنظيم فعلي لجميع الأطباء العرب إلا في سنة 1944 حين عقد مؤتمر الأطباء العرب في القدس الذي تمخض عن إنشاء الجمعية الطبية العربية الفلسطينية. في نفس السنة أقيمت جمعية الصيادلة العرب في فلسطين. في سنة 1947 أقيم الهلال الأحمر الفلسطيني".

وقال إن "شغل الأطباء الفلسطينيين الشاغل كان منع الأطباء اليهود الألمان من السيطرة على أمور الطب في فلسطين. لقد طالبوا مرارًا وتكرارًا بعدم منح الأطباء الألمان رخصًا لمزاولة مهنة الطب، ولكن حكومة الانتداب لم تلتفت إلى هذه المطالبة وواصلت منح الرخص. لقد مس ذلك بمصدر رزق الأطباء العرب وبعض الأطباء اليهود الوطنيين".

وأضاف أنه "عمل كثير من الأطباء الفلسطينيين في دائرة الصحة، وبعد العصر في عيادتهم الخاصة. بذلك ضمنوا لقمة عيشهم. كان الجهاز الصحي لدى اليهود مستقلاً، فلهم مستشفياتهم وأطباؤهم، كما أنهم استغلوا المستشفيات الحكومية التي تديرها دائرة الصحة لعلاج مرضاهم. ناهيك عن حكومة الانتداب سمحت لهم بفتح 30 مستشفى خصوصيًا لاستيعاب الكم الهائل من الأطباء اليهود القادمين من ألمانيا وأواسط أوروبا. بينما لم تمنح هذه الحكومة رخصًا للعرب سوى لمستشفى عربي خصوصي واحد هو مستشفى الدكتور فؤاد إسماعيل الدجاني في يافا الذي افتتح سنة 1933 واستمر في أداء رسالته العلاجية حتى سقوط يافا في عام 1948".

وتابع: "ورفضت منح رخصة لمشروع مستشفى السيدة أمينة الخالدي في القدس، ومشروع مستشفى الخضرا في غزة بحج واهية تتعلق بملكية الأراضي، ولما استوفيت الشروط اللازمة كان الانتداب البريطاني قد شارف على الانتهاء".

وقال إنه "بين الأطباء الفلسطينيين كان من تخصصوا في فرع الجراحة في الجامعات الأوروبية، نذكر منهم الدكتور نايف حمزة الذي عمل في المستشفى الحكومي في حيفا ونال شهرة عالية لدرجة أن الناس أطلقوا على المستشفى المذكور اسم مستشفى الدكتور حمزة، والدكتور توفيق كنعان وهو من الرواد، والدكتور فؤاد إسماعيل الدجاني، صاحب المستشفى الخصوصي".

وذكر أن الأطباء الفلسطينيين "مثل الدكتور فؤاد دعدس، والدكتور حمدي التاجي الفاروقي والدكتور صدقي ملحس والدكتور أحمد الطاهر وغيرهم؛ عالجوا جرحى الثورة الفلسطينية الكبرى سنة 1936-1939، رغم الرقابة الصارمة، وضمدوا جراح المناضلين في حرب سنة 1947-1948. حيث بذل الدكتور محمد زهدي الدجاني، مدير مستشفى الدجاني بيافا، وطاقم المستشفى من أطباء وممرضات جهودًا جبارة في سبيل إنقاذ حياة الكثيرين من المناضلين. كما بذل أطباء حيفا مثل الدكتور ميشال جبارة جهودًا كبيرة في إسعاف الجرحى حيث أقام مستشفى للطوارئ".

وأكد أن "حكومة الانتداب انتهجت تجاه دائرة الصحة سياسة التخفيضات المتواصلة في الميزانية. في سنة 1920/1921 بلغت نسبة مصروفات دائرة الصحة 9.6% من مجمل مصروفات الحكومة، بينما في سنة 1937-1938 بلغت النسبة 3.1% وبقيت هذه النسبة متدنية حتى نهاية فترة الانتداب. ملخص القول إن مجمل مدخولات حكومة الانتداب من الضرائب وغيرها كان دائمًا أعلى من مجمل الخارج (المصروفات)، فهي ربحت على حساب الفلسطينيين".

وذكر أن "حكومة الانتداب استولت على المستشفيات التي كانت بحوزة البلديات، وجعلتها مستشفيات حكومية. بينما بقيت المستشفيات التبشيرية خارج صلاحياتها. قامت حكومة الانتداب ببناء مستشفى حكومي على الطراز الحديث في حيفا سنة 1938، لكن المستشفيات الحكومية الأخرى بقيت تعاني من الاكتظاظ وعدم النظافة وقلة الأدوية".

وقال إن "الجمعية الطبية العربية الفلسطينية طالبت بأن تقوم حكومة الانتداب بإرسال طبيب فلسطيني كل سنة للخارج للاستكمال ولكن هذه الحكومة لم تفعل شيئًا في هذا المجال".

وتوجّه البيان للقارئ بالقول: "عزيزي القارئ، ستجد في هذا الكتاب تراجم للأطباء وأطباء الأسنان والصيادلة الذين عملوا في فلسطين مرتبة حسب اسم العائلة ثم الاسم الشخصي. وقد بذلنا جهودًا جبارة في جمع المعلومات عنهم من الصحف لعدم توفر المصادر الكافية. كان الأطباء من الرجال باستثناء بعض النساء مثل الدكتورة سلوى حبيب خوري العتقي ابنة كفر ياسيف في الجليل، والدكتورة شارلوت سابا ابنة يافا التي كانت أول طبيبة فلسطينية تتخصص في الأمراض النسائية. في الجزء الأول من هذا الكتاب قدمنا بحوثًا عن مسيرة الطب في فلسطين ولم ننس أن نربط بين تاريخ الطب عند العرب وبين ما كان في عهد الانتداب".

التعليقات