31/10/2010 - 11:02

تشييع أحمد زكي يسدل الستار على مشهد "حليم" الأخير

-

تشييع أحمد زكي يسدل الستار على مشهد
تحوّلت جنازة النجم السينمائي المصري، أحمد زكي، اليوم (الاثنين)، في القاهرة إلى مظاهرة حبّ وتقدير لما كان يمثله من قيمة في نفوس المواطنين الذين رأى بعضهم أنّ من واجبه أن يأتي إلى القاهرة من الأقاليم للمشاركة في تشييعه.

وشارك في وداع الفنان الذي توفي أمس (الأحد) أكثر من 15 ألف مواطن، جمعهم "ميدان جامع مصطفى محمود"، الذي خرج منه الجثمان متجهًا إلى قبره في مقابر مدينة "السادس من أكتوبر"، غربي القاهرة، ليكون قريبًا من سعاد حسني، التي شاركها بعدد من الأفلام.

وبدا الميدان الذي تدفق إليه المواطنون أقربَ إلى الدوائر المتداخلة. فمن بعيد اصطفت عربات الأمن وشكّل رجال الشرطة سياجًا يحول دون وصول الناس إلى الدائرة الأخرى التي خصصت لسيارات الوزراء الذين شاركوا في الجنازة، أما الدائرة الأكثر ضيقا حول المسجد فكانت مخصصة للإعلاميين والفنانين.

وبمجرد خروج الجثمان الذي لُفّ بعلم مصر من المسجد تحركت الجماهير في مشهد أقرب إلى الموجات المتلاحقة، وأسرع رجال الأمن لتأمين وصول الوزراء إلى سياراتهم لإخراجهم من وسط الزحام.

وشارك في تشييع الجنازة وزير الثقافة، فاروق حسني، ووزير الإعلام، أنس الفقي، وأمين عام رئاسة الجمهورية، زكريا عزمي، مندوبًا عن الرئيس المصري، حسني مبارك.

وتحرك الجثمان ببطء لحرص كثير من المواطنين على الوصول إليه حتى كبار السن الذين قال بعضهم "مع السلامة يا ابني". وأمام سيارة الجثمان سارت الممثلات المصريات نادية الجندي وهالة صدقي وإلهام شاهين ولبلبة، التي كانت آخر من ألقى من زملاء زكي نظرة الوداع على النعش.

وقبل بدء التشييع أعلنت شركة "غودنيوز" المنتجة لفيلم "حليم" أنها ستقوم بتصوير جنازة الممثل المصري الراحل وإضافتها إلى مشهد تشييع المطرب الراحل عبد الحليم حافظ، في الفيلم الذي غيّب الموتُ زكي عن تصوير مشاهده الأخيرة.

وقال صاحب الشركة المخرج عادل أديب إنّ الجهة المنتجة لفيلم "حليم" اتخذت هذا القرار بناءً على وصية أحمد زكي, ولأنّ تخليد الجنازة في الفيلم سيكون بمثابة تكريم للفنان الذي فارق الحياة قبل أن يتمّ حلم عمره بإكمال المشاهد المتبقية من الفيلم والتي لم تتجاوز 10% منه.

وأوضح المخرج عادل أديب أنّ أحمد زكي أوصى قبل وفاته بأن تشيع جنازته من مسجد "عمر مكرم" في "ميدان التحرير" بالقاهرة إلى قبره, غير أنّ الظروف الأمنية حالت دون ذلك. وقال أديب الذي أخرج لزكي قبل سنوات فيلم "هستيريا" إنّ زكي صوّر معظم مشاهد دوره في فيلم "حليم"، وأهمها مشهدا البداية والنهاية وهما أغنيتا "رسالة من تحت الماء" و"قارئة الفنجان".

وأضاف أديب المشرف على إنتاج الفيلم الذي كتبه محفوظ عبد الرحمن ويخرجه شريف عرفة أنّ المتبقي من الفيلم مشاهد قليلة جدًا عبارة عن خلفيات لأغاني عبد الحليم في شوارع بيروت وباريس والمغرب.

وقد رحل أحمد زكي صباح أمس (الأحد) إثر صراع استمر أكثر من عام مع مرض سرطان الرئة الذي انتشر في جميع أجزاء جسمه وأصابه في أيامه الأخيرة بعدة جلطات دماغية.

وفور سماعهم الخبر هرع العشرات من نجوم السينما المصرية إلى مستشفى "دار الفؤاد" لإلقاء نظرة أخيرة عليه وتعزية ابنه الوحيد هيثم, ومن هؤلاء محمود عبد العزيز ومنى زكي ويسرا ورغدة ومحمد هنيدي وكريم عبد العزيز.

على الصعيد الرسمي وجه الرئيس التونسي، زين العابدين بن علي، برقية تعزية إلى نظيره المصري، مبارك، إثر وفاة النجم المصري الشهير. وثمّن بن علي في البرقية "إسهامات هذا الفنان الكبير المتميزة في خدمة الثقافة وإثراء السينما العربية".

وسادت موجة من الحزن أوساط الساحة الفنية والشارع التونسي. كما تصدر النبأ أخبار الإذاعات التونسية التي خصّصت برامج وشهادات عن حياة الراحل وطغت أغاني عبد الحليم حافظ الحزينة على أغلب البرامج الإذاعية. وكانت تونس التي يحظى فيها أحمد زكي بإعجاب كبير، كرّمته عام 2002.

واعتبر نقاد سينمائيون النجمَ السينمائيَّ المصري أحمد زكي من أبرز الفنانين الذين خرجوا من "أحراش المجتمع"، ليمنحوا فنّ التمثيل أهمية ترجع إلى طبيعة الشخصيات التي اختار تمثيلها، فضلا عن إبداعه الشخصي في طريقة الأداء.

وقال الناقد السينمائي كمال رمزي إنّ أداء زكي يعد إضافة لفن التمثيل مُشيرًا إلى أنّ تفوقه على معظم الممثلين المصريين يرجع إلى قدرته على الإبداع الشخصي والجدية والحرص على الإلمام بتفاصيل الشخصية قبل أن يؤديها بطريقة رفيعة المستوى تنتمي إليه وحده؛ "فعندما قدم شخصية الدكتور طه حسين شعرنا بأنّ جسد زكي تحوّل إلى آذان وكانت ملامح وجهه تجسيد للعزيمة والعناد معًا".

وأضاف أنّ زكي قدّم في أفلامه بانوراما لشخصيات تعطي تفاصيل واضحة لخارطة المجتمع المصري خلال ربع القرن الأخير "من الأحراش إلى القمة كانت أدواره معرضا شديد الثراء والصدق بفضل عينيه اللتين تجيدان تجسيد وتلخيص اللحظة المركبة، كما في المشهد الأخير من فيلم "ناصر 56"، وهو خطبة ناصر في الأزهر؛ فنظرة عيني زكي وهما تكادان تدمعان تعبّران عن الخوف والتصميم والشعور بغموض المستقبل وقوة الإرادة أيضا".

التعليقات