31/10/2010 - 11:02

رحيل الفنان اللبناني عارف نجيب الريّس

-

رحيل الفنان اللبناني عارف نجيب الريّس
نعى المجلس البلدي في مدينة عاليه وعموم اهالي المدينة ونقابة الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت، الفنانَ التشكيليَّ الدولي عارف نجيب الريس، أحد مؤسسي الحركة الفنية اللبنانية المعاصرة، والرئيس السابق لـ "جمعية الفنانين التشكيليين للرسم والنحت"، الذي وافته المنية في مدينته عاليه في لبنان، صباح أمس (الخميس). وسيقام للفنان الغائب الذي يعتبر من مؤسسي "سيمبوزيوم عاليه للرسم والنحت" حفل تأبيني في قاعة جمعية الرسالة الاجتماعية في عاليه ظهر اليوم.

ووزع المجلس والنقابة نبذة عن حياة الراحل ومسيرته الفنية الحافلة بالعطاءات محليا عربيا ودوليا، جاء فيها: عارف نجيب الريس من مواليد عاليه 1928، تلقى دروسه في الجامعة الوطنية عاليه، وفي مدرسة عينطورة حتى 1948. زاول الرسم بمساعدة والدته مستعملا الادوات التي كانت تستعملها من الالوان الزيتية. أقام أول معرض في صالة الوست هول في الجامعة الامريكية في بيروت بمساعدة الفنان الفرنسي جورج سير والناقد فيكتور حكيم.

لمناسبة انعقاد الاونيسكو في بيروت، وزيارة رئيس مؤسسة هكسلي ومدير قسم الفنون الجميلة الدكتور بيتر بيليو، انتقل المعرض الى صالة العرض في الاونيسكو، ولاقى نجاحًا كرسه فنانا مهنيا.

عام 1948 سافر الى افريقيا (السنغال) لمساعدة والده في تجارته، ومن هناك انتقل الى باريس لدراسة الفن. دخل اكاديمية الفنون الجميلة، وتركها بعد شهر لينتسب الى المحترف الحر للفنان فرنان بيجيه، ثم انتقل الى محترف اندريه لوت وهنري غنز للحفر وزادكين للنحت. بعد ذلك التحق بأكاديمية "غراند شوميير" للرسم، وبعد تلك الرحلة عاد الى افريقيا متفرغا لفن المرحلة الافريقية المميزة بصفائها.
خلال وجوده في باريس كان يزور المتاحف والمعارض الخاصة والعامة، للتعرف الى الحركة الفنية الباريسية المعاصرة التي كانت مقرا لهذه الحركة العالمية. وعاد الى لبنان فأقام معرضا في المركز الثقافي الايطالي وحصل على منحة دراسية في ايطاليا. انتقل الى فلورنسا ومنها الى روما، وبقي هناك خمس سنين متنقلا بين فلورنسا وروما مشاركا في المعارض الجماعية الرسمية والغاليريات الفنية.

شارك في مسابقة تمثيل لبنان في معرض نيويورك الدولي بمنحوتة "الفينيقي" وحاز جائزة المعروضات وحفظت المنحوتة في نيويورك. انتقل الى الولايات المتحدة للاطلاع على المتاحف ومواكبة الحركة الفنية هناك، واستمرت زيارته خمسة اعوام اقام خلالها العديد من المعارض، ثم انتقل الى المكسيك بدعوة رسمية واقام معرضا في نيويورك.

عقب أعوام خمسة انتاجا ومشاركة في بعض المعارض الجماعية في اميركا الشمالية، عاد الى لبنان ليستقر في محترفه في عاليه حيث ساهم في المعارض الرسمية في لبنان والخارج. وفي 1988 دعي الى المملكة العربية السعودية حيث انجز عددا من المنحوتات لتجميل ساحات مدينة جدة وشواطئها. وفي مدينة تبوك أنجز عددًا من الانصاب الجمالية لساحاتها، فضلا عن تآليف من الرخام لجامعة الملك عبد العزيز في الرياض، وخلال هذه المرحلة كان يتنقل بين ايطاليا والسعودية، لانجاز أعماله الفنية الكبيرة الاحجام. كما أنجز في السعودية أعمالا زيتية عن "النور والمدى الصحراوي" عرضها في بيروت، ووضع تأليفا لجدارية من "الاوبيسون" لمنظمة الاونيسكو في باريس. أقام معارض عديدة في السعودية ولبنان، وظل حتى وفاته يعمل في محترفه في مدينة عاليه.

عارف الريس من مؤسسي جمعية الفنانين التشكيليين في لبنان ومعهد الفنون الجميلة التابع للجامعة اللبنانية حيث مارس التعليم فيها لخمس وعشرين سنة، وشارك في مختلف النشاطات والمعارض الفنية في لبنان والخارج. وهو من مؤسسي الحركة الفنية اللبنانية المعاصرة، حاز وسام الارز من رتبة فارس وترأس جمعية الفنانين التشكيليين في لبنان وشارك في تأسيس سيمبوزيوم عاليه الدولي للنحت.
وقد كتب في رثائه نزيه خاطر من جريدة "النهار" اللبنانية:

خام وفج عارف الريس واستفزازي في روح صدامية وشرس وأكول. كأنه في اجازة من طفولة تسكنه باستمرار وتطل هنا وهناك مثل قنديل في عاصفة، وهي فيه مثل ظله حتى عندما يتمثل العنف بأقوى ملامحه.

وبسيط ووديع، وبريء اولا، واحيانا كأنه هنا للآخرين. وكرم على درب وان بدا كأنه يريد امرا. وكمن يمنع عن نفسه الراحة. محترف تأزم عارف الريس.

ملامح له يصعب تحديدها لأنها محملة في معظم الاحيان بالشيء وعكسه. بالقهقهة والانشداد، باللباقة والحدة، بالطراوة والعنف.

وجريء حتى التهور، محرض لا يخشى التخريب، ومتطرف بامتياز، اي من طينة الذين لا يهادنون. ودائما في الاماكن التي كأن لا أماكن بعدها، رحالة في جغرافيا مفخخة عارف الريس، ويرى كأن لعينه الف عين.

والغريب أنه كل ذلك وأشياء أخرى. وفيه أكثر من صورة لرجل مصنوع من رجال. متعدد، لكنه معقود على جذع صلب، كأنه يعيش زلزالا لعنف في ايقاع مزاجي فلا تجده مرة في مكان تركته فيه. كأني عرفت اكثر من عارف في عارف الريس، ولم اشعر يوما بأني اجهل الرجل.

وان فاجأني الفنان باستمرار كمن تسكنه رغبة حمراء في تفجــــــير رتابة لرجة ترافــــق المجريات مثل ظلالها. وغـــــرائزي الى انزلاقـــــــه الى شبه فــــوضى تفرقه في اجواء قصور حرية متفجرة. وتهجمي حتى مزاولـة شـــبه ارهــــــــاب ايـــجابي على من في حلقته. ويطل دوما على أصدقائه والآخرين كأنه فوق منصة.

ولم ينسَ عارف الريس يومًا انه حلم ذات مرة بمزاولة فنون كثيرة حتى كاد يصبح ممثلا ايمائيا، قبل ان يندمج في زخم شبه هذياني في المغامرة التشكيلية اللبنانية ثم العربية. وعلى امتداد نصف قرن رأيته يتحرك مثل زيح معقود على الغضب، ومشدود على الاتهام ومضغوط كوتر، اذ اعرف له رسوما تترك جرحا في العين، والوانا تذوب كالرغبات في الذاكرة، ليبدو منحازا بامتياز الى اشياء وصفتنا جميعا من الخمسينات الى اليوم، نحن الرحالة في وطن عربي وعدنا بكل شيء واعطيناه كل شيء، ونحاول اليوم ان نلملم صورتنا.

صورة رعيل من رموزه عارف الريس.

صورة رعيل آمن وواجه وكان له ان ينتصر.

التعليقات