31/10/2010 - 11:02

عكا تحتفي بالذكرى العاشرة لرحيل اكرم زعيتر

-

عكا تحتفي بالذكرى العاشرة لرحيل اكرم زعيتر
أحيت مؤسسة" الاسوار" للتنمية الثقافية في عكا ، داخل اراضي 48 ، ضمن احتفالية خاصة ليلة امس، الذكرى العاشرة لرحيل المفكر والصحافي والدبلوماسي الفلسطيني أكرم زعيتر، بمشاركة كريمته رزان زعيتر التي حضرت خصيصا من عمان.

وبعد الترحيب شكرت مديرة مؤسسة الاسوار العكية حنان حجازي الباحثين د. مصطفى كبها ووديع عواودة المبادرين للندوة.

واستعرضت حجازي مسيرة زعيتر في الثقافة والصحافة والسياسة ولفتت الى انه ولد في نابلس عام 1909 ، وهو شقيق العلامة عادل زعيتر ووالدهما الشيخ عمر زعيتر رئيس بلدية المدينة.

واضافت" وكان الراحل اكرم زعيتر قد التحق بالجامعة الاميركية في بيروت ثم تخرج من كلية الحقوق في مدينة القدس وما لبث ان عمل في التدريس في عكا التدريس فيها بعد ثلاث سنوات لصالح العمل السياسي في اعقاب اندلاع هبة البراق عام 1929 وبعد مشاهدته اعدام المناضلين الفلسطينيين جمجوم وحجازي والزير في 17.06.1930. مثل زعيتر الاردن في الامم المتحدة وعين عام 1963 سفيرا لدى سوريا ثم ايران وافغانستان وفي عام 1966 عيِن وزيرا للخارجية الاردنية وفي عام 1967 اصبح عضوا في مجلس الاعيان الاردني ثم وزيرا للبلاط الملكي وفي عام 1971 عين سفيرا للاردن لدى لبنان واليونان.انتقل الى جوار ربه في11 ابريل/ نيسان عام 1996 في عمان".

وكان الصحفي الكاتب وديع عواودة قد قدم محاضرة حول التجربة الصحفية الرائدة للراحل اكرم زعيتر، فتطرق الى مشاركته في تحرير عدة صحف قبل النكبة، ودأبه على نشر مقالات عديدة في صحف مختلفة باسماء مختلفة، حض فيها الفلسطينيين على التصدي من اجل حماية الاوطان، والتصدي لممارسات الانتداب والحركة الصهيونية.

ولفت عواودة الى براعة يراع زعيتر الذي وظف في توجيه السهام الناقدة لكل ما هو معوج في المجتمع الفلسطيني، داعيا الى تمكين الجبهة الداخلية، واضاف " تحلت كتابات الراحل زعيتر بالجرأة والشجاعة النادرتين، فلم يتردد بالاشارة الى فضح سماسرة الارض باسمائهم، مثلما انه انتقد الزعماء الذين تراخوا في مواقف مختلفة كما حصل حينما حمل بشدة على من استنكف من القادة عن المشاركة في جنازة الشهيد عز الدين القسام في حيفا، ما دفع كافتهم الى المشاركة في حفل التابين.

واشار عواودة الى مساهمات زعيتر في الصحافة الفلسطينية قبل العام 48 من خلال توليه رئاسة تحرير صحيفة " مراة الشرق" و"الحياة" المقدسيتين اضافة الى كتابة مئات المقالات تحت مسميات مختلفة في صحف اخرى ك" الدفاع" و" الجامعة الاسلامية" اليافيتين، بث فيها الروح الوطنية في ابناء وطنه وحضهم على التحرك من اجل منع استلاب الوطن. كما استعرض تصدي زعيتر الى أخطاء المفتي الحاج امين الحسيني في اكثر من مناسبة، لافتا الى انه فضل عدم الانضمام الى المعارضة النشاشيبية مستبعدا اياها كبديل.

وقدم المؤرخ د. مصطفى كبها محاضرة بعنوان " اكرم زعيتر رجل الثقافة والفكر" توقف فيها عند منعطفات مسيرة الرجل وانجازاته في الكتابة الصحفية والتاريخ والنضال الوطني ضد الانتداب البريطاني والحركة والمشروع الصهيوني.

فقال : " إن الراحل كان مثالاً للمثقف الحق الذي كان مدركاً، تمام الإدراك، لدوائر إنتمائه وهويته وعمل جاهداً على صياغتها وتمريرها لأبناء جلدته من قراء وسامعين وطلاب ومفكرين وسياسيين. إذ كان شديد الإعتزاز بهذا الانتماء، مستعداً لبذل الغالي والنفيس في سبيل تجسيده ، فعلاً لا قولاً، يشهد على ذلك ميراثه الضخم من النشاط الوطني والعمل الصحافي والتربوي والسياسي. ولكن ذلك الاعتزاز لم يجعل منه إنساناً متعصباً، نافياً للآخر ومتجاهلاً له، بل كان دائم الاستعداد للحوار بحججه القوية وبراهينه غير المدفوعة وقد ميزت هذه الصفات أكرم زعيتر منذ دخوله المعترك العام في مطلع العشرينيات من القرن الماضي، مروراً بنشاطه التربوي والصحافي والسياسي في فلسطين والعراق والأردن وانتهاء بسنوات تقاعده وانكبابه على التوثيق والتأليف في غقدي حياته الأخيرين.

وكانت آفاق الوعي القومي لدى أكرم زعيتر أثناء دراسته الثانوية في كلية النجاح الوطنية في نابلس التي تتلمذ فيها على يد علمين من أعلام الفكر القومي العربي الحديث، محمد عزت دروزة وفريد زين الدين. وقد كان الأول عضواً بارزا في الجمعيات القومية العربية التي نشطت في نهاية الفترة العثمانية، أما الثاني فكان عضواً في النواة الأولى لحركة القوميين العرب التي نشأت في الجامعة الأمريكية في بيروت.

في العام 1924 توفي والده الشيخ عمر زعيتر وقد أثر هذا الحدث تأثيراً كبيراً على تفكير الفتى أكرم زعيتر ( كان عمره 15 عاماً في ذلك الوقت ) وعلى فلسفته في الحياة . وفي السنة التالية بدأ دراسته في الجامعة الأمريكية ولم تشأ الاقدار أن يكمل دراسته فيها بسبب اعتلال صحته واضطراره إلى رحلة استشفاء صعبة قضاها في نابلس ويافا والقدس. ولكن السنة الوحيدة التي قضاها في الجامعة الأمريكية كانت كفيلة ببلورة تفكيره القومي والسياسي وتطوير قدراته الخطابية والكتابية وذلك بعد تعرفه على أعلام مفكرين كنقولا زيادة وقسطنطين زريق وعلي ناصر الدين وآخرين.

بعد تماثله للشفاء عيّن مدرساً في المدرسة الهاشمية في نابلس التي درّس فيها سنة دراسية واحدة (1926 -1927 ) وفيها رأى عن كثب الزلزال الذي ضرب المدينة في ذلك العام وخلف 200 قتيل ودماراً هائلاً. إذ وصف موثقاً ساعة الزلزال حيث كان الطلاب ما زالوا في المدرسة وقال:" ولم نكد نخرج من المدرسة حتى رأينا بابها يتهدم وكان المرحوم أحمد البسطامي أستاذ العربية معنا وقد خرج من دون جبته وجواربه، فغامر آذن المدرسة بأن اقتحم المبنى وأحضر الجبة دون الجوارب فاضطر الأستاذ إلى السير من دونها.

كانت قمة العطاء التربوي لأكرم زعيتر أثناء عمله كمدرس في مدرسة في مدرسة عكا الثانوية للذكور (التي كانت تقع في حرم الجامع الجزار ) وقد عمل على تنمية الروح الوطنية لدى طلابه وإلهابها بالحماس.

واشار كبها ان زعيتر استطاع أثناء إقامته في عكا أن يعقد الصلات مع أقطاب الحركة الوطنية في حيفا أمثال رشيد الحاج إبراهيم وعز الدين القسام، وكتب في صحيفة اليرموك الحيفاوية تحت أسماء مستعارة. وقدم استقالته من العمل في سلك التربية في تشرين الثاني عام 1929 احتجاجاً على ممارسات البريطانيين ضد الطلاب الفلسطينيين، مفضلاً العمل في النشاط الوطني، فعمل محرراً لصحيفتي مرآة الشرق والحياة فكتب فيهما المقالات النارية المنددة بالسياسة البريطانية والملاحقة للعملاء وسماسرة الأراضي الشيء الذي جعل السلطات البريطانية تعتقله أكثر من مرة.

واضاف" اما قمة نشاطه في تصميم الرأي العام فكانت أثناء الإضراب الفلسطيني العام الذي بدأ في العشرين من نيسان عام 1936 حيث قام على تأليف اللجنة القومية في نابلس التي كانت أولى اللجان القومية في فلسطين، وكتب المقالات السياسية في الصحف المختلفة كفلسطين والدفاع واللواء والجامعة العربية والكرمل والجامعة الاسلامية.

بعد ذلك كان له الباع الطولى في النشاط القومي العربي العام حيث عمل في فريق ساطع الحصري الذي كان مسؤولاً عن جهاز التربية في العراق. كما وشارك في حركة رشيد عالي الكيلاني عام 1941 وكان مسؤولاً عن الدعاية فيها.

في مداخلته قال امير مخول مدير "اتحاد الجمعيات العربية- إتجاه" ان أكرم زعيتر كان خطيباً مفوهاً وصاحب حاسة مميزة في التوثيق التاريخ، تشهد على ذلك كتبه العديدة في هذا المجال عن وثائق الحركة الوطنية الفلسطينية وكتاب سيرته الذاتية " بواكير النضال".

واضاف" ترك المناضل النابلسي وخطيب الثورة وكاتبها ارثا نضاليا يُعد مرجعا هاما للحركة الوطنية الفلسطينية، واصدر سلسلة من الكتب في الاعلام والتاريخ .. وتطرق الى مساهمات الزعيتر في تأسيس حزب الاستقلال وعصبة العمل القومي في سورية واللجنة القومية في نابلس التي كانت اول من اصدرت دعوة للعصيان المدني وحمل السلاح قبيل الاضراب الكبير في العشرين من نيسان/ابريل 1936.

وشكرت كريمة الراحل رزان زعيتر القيمين على الامسية واستذكرت في كلمتها ما كتبه والدها عام 1929 في مذكراته، "بواكير النضال"، حول مغادرته عكا بعد ان اقام فيها سنتين وجاء فيها " غمرني العكّيون بلطفهم وبالغوا في تكريمهم اياي، وقد اقترب موعد مغادرتي بلدهم، فتنافسوا في الاحتفال بي معتبرينني ابن عكا البار. والواقع انني اعد السنتين اللتين قضيتهما في عكا احلى ايام ما مضى من عمري.. وقد تركتها ولكن قلبي ظّل يتلفت اليها".

يشار الى ان اكرم زعيتر اثرى المكتبة العربية بكثير من المؤلفات ابرزها " وثائق الحركة الوطنية الفلسطينية" و" يوميات الثورة الكبرى والاضراب العظيم و"يوميات اكرم زعيتر" و"من اجل امتي". وفي نهاية الامسية قدم رئيس مؤسسة "الاسوار" البروفسور ديب عكاوي مديرة الاسوار السيدة حنان حجازي درع المؤسسة للاستاذة رزان زعيتر.

التعليقات