31/10/2010 - 11:02

مخرج فلسطيني تجذبه دموع الفراق لتغيير مهمته في مخيم رفح

-

مخرج فلسطيني تجذبه دموع الفراق لتغيير مهمته في مخيم رفح
الدموع الساخنة التي سالت من مآقي ثلاث فتيات فلسطينيات في مدينة رفح جنوبي فلسطين حزنا علي فراق شقيقهن الذي قضي شهيداً علي أيدي قوات الاحتلال الاسرائيلي في المجزرة الدموية التي نفذها الجيش في مخيم رفح في تشرين الاول (أكتوبر) 2003، كان لها الحظ الوافر في الفوز في مسابقة دولية للتصوير تراعها هيئة الإذاعة والتلفزة البريطانية (البي بي سي).

الصورة التي تظهر فيها الفتيات الثلاث اللواتي لم يتجاوزن العاشرة من أعمارهن، تظهر الأسي واللوعة علي وجوه الفتيات الباكيات بحرقة لحظة وصول خبر استشهاد شقيقهن لهن الذي نزل علي الأهل كالصاعقة.

كانت عدسة كاميرا المخرج الفلسطيني الشاب عبد الرحمن الحمران تنجذب لوحدها نحو الفتيات الثلاث، فقادته العدسة إلي النحيب المنبعث من زاوية بيت لاجئ صغير في المخيم المدمر، فتدفعه صدق الدموع الحارة بقوة، وتحرك مشاعره الجياشة نحو الفتيات.

قصة الصورة، وأصحابها،نستعرضها مع المصور عبد الرحمن الحمران، الذي شارك للمرة الأولي في مسابقة للتصوير، وكان له فيها الفوز بالمرتبة الأولي وفق تصويت المتابعين لموقع البي البي سي الالكتروني، الذي يعكف فريق من الخبراء علي اختيار صورة من بين اثني عشر صورة أخري في نهاية الشهر الجاري علي مستوي العالم.

كنت مع فريق إنتاج تلفزيوني محلي لتصوير المشهد الأخير من فيلم لاجئون التوثيقي، الذي يروي معاناة اللاجئ الفلسطيني داخل مخيمات اللجوء المنتشرة في قطاع غزة، كان المطلوب أن يحتوي المشهد علي لقطات من ارض الواقع مع من عايشوا هجرة اللجوء الأولي في العام 1948، وإذا بنا نجد أنفسنا أمام صور مؤلمة مؤثرة لم تكن في الحسبان هذا ما يقوله الحمران عن صورته الفائزة.

ويضيف الحمران : كانت كل الكاميرات لدي الفريق المكون من أربعة أشخاص، جاهزة للتصوير، فالاجتياح يحتم علينا الاستعداد لأي طارئ، والتقاط أي صورة ؛ وما أكثر الصور التي تقابلك وأنت تمشي في أزقة المخيم، فأينما حركت عدسة الكاميرا كانت هناك قصة مأساوية لصورة حقيقية تنقل واقع المعاناة التي يحياها الشعب الفلسطيني، بأطفاله ونسائه ورجاله ،بشيبه وشبابه.

ونحن نسير في شوارع المخيم الذي زرعته قوات الاحتلال بالموت والدمار، اتخذنا القرار بتغيير المهمة، والانتقال السريع نحو تسجيل مشاهد المجزرة التي طالت كل منزل في المخيم المثخن بالجراح، فانتقلنا من بيت شهيد إلي بيت آخر، ومن بيت مدمر إلي آخر، ومن شارع إلي شارع، نوثق هذه المجزرة التي استشهد فيها عشرة فلسطينيين خلال ساعات معدودة انقلب فيها كل شيء في حياة سكان المخيم.

يقول الحمران : كان المشهد لحظة التقاط الصورة مؤثراً ؛ الجدة تتربع وسط النسوة يواسين أم الشهيد في غرفة صغيرة من غرف البيت تحبس دموعها بصبرها، فيما الأم المكلومة تستقبل المعزيات بوجهها الباعث علي الحزن العميق علي فراق ابنها، وهناك في زاوية الغرفة تجلس الفتيات الثلاث بتراص دقيق، دون ترتيب مسبق، يبكين فراق الشقيق، ويتفجعن علي فراقه المفاجئ بعد دقائق من مداعبته لهن.

ويقول الحمران : لم أجد في أرشيفي المتواضع، الذي اجمع فيه المئات من الصور منذ سنوات قليلة، لم أجد تلك الصورة التي تعبر عن السعادة في ارشيفي الخاص، ويضيف، الصور تعكس الواقع المعاش، هذا هو حال الشعب الفلسطيني، تسكنه حالة من الحزن والأسي والألم منذ عشرات السنين.
إلا أن الحمران يؤكد هنا أن المصور الفلسطيني الذي استطاع نقل معاناة شعبه، مأساته للعالم، ما زالت تقف أمامه عقبة بنادق قوات الاحتلال التي ما منعته يوماً من نقل جرائم الاحتلال وتوثيقها، ويضيف، كلفت عملية النقل المصورين حياتهم، وعرضتهم لخطر الموت الذي يلاحقهم كل لحظة.

جدير بالذكر أن الحمران يعمل مخرج تلفزيوني في شركة خاصة في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة منذ سنوات تخرجه من الجامعة قبل ثلاثة أعوام، إضافةً إلي أنه من مؤسسي جمعية المسرحيين المتحدين في محافظة رفح.


علي البطة/القدس العربي

التعليقات