31/10/2010 - 11:02

هشام الموعد من بيت التراث الى بيت الله/ نضال حمد*

-

هشام الموعد من بيت التراث الى بيت الله/  نضال حمد*

هالني اليوم سماع خبر رحيل الزميل "أبو العارف" هشام الموعد ، الباحث الفلسطيني ، أحد كتاب موقع الصفصاف،المقاوم بالموقف ، بالكلمة ، بالانتماء لكل فلسطين التي طالما حلم هشام بالعودة اليها رافعاً شارة النصر ، فاتحاً صفورية ، داخلاً اراضيها، دخول الفرسان فوق خيولهم الفلسطينية العربية الأصيلة. يرحل أبا العارف دون أن يكحل عينه بتراب صفورية ومياه الجليل، يمضي الى بيت الله ومن هناك انشالله الى أرض فلسطين المحررة ولو بعد حين.

يمضي مؤسس ورئيس بيت التراث الفلسطيني في مخيم اليرموك بدمشق بصمت ودونما ضجيج ، تاركاً خلفه آخر مقالة ارسلها الى موقع الصفصاف وهي بعنوان " عفواً أبو عرب". وصلت صباح الخميس أي قبل وفاته بساعات. ويتحدث فيها الزميل هشام كعادته عن الذين أداروا الظهر للآخرين، ولم يعد يكترثوا بهم بعدما اعتقدوا أنهم وحدهم من يحكم في الميدان.

يحضرني الآن يا ابا العارف خبراً قرأته قبل قليل عن كتاب فلسطينييون يريدون الدفاع عن كرامة القيادة الفلسطينية في منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية . كأنه بقيت لدى هؤلاء كرامة. وكأن الذين صنعتهم أوسلو من الكتاب أصحاب كرامات ، هؤلاء لديهم مكرمات من تلك القيادة ولا يوجد لديهم كرامات. لأنهم تخلوا عن حق العودة وعن المقاومة وعن فلسطين وقبلوا بموائد القيادات ومراكز عملهم التي تؤدي الخدمات للسلطان ولمشاريع شطب حق العودة وتضييع ارض فلسطين. بين هؤلاء وبينك وبيتك التراثي الفلسطيني يوجد شاسع كبير وفرق في كل شيء، أنت كنت تكتب لفلسطين وتبحث
عن وسائل لحفظ كرامتها وتراثها وتاريخها بينما هؤلاء كانوا يكتبون لأجل المال والجاه والسلطان.

هشام الموعد لم يكن ينتمي إلا لفلسطين ، لكل فلسطين ، هكذا كان وهكذا عرفناه وهكذا مضى .. لم يتخل عن حلمه بالعودة الى صفورية بلدة الآباء والأجداد ، لذا طالب ابناء شعبه لمواصلة المواجهة والمقاومة والوحدة من أجل النصر والعودة. ودعاهم لتثقيف الشباب الفلسطيني، وتطوير وعي وثقافة الأجيال الصاعدة من الجنسين ، وتطعيم هؤلاء بثقافة العودة والمقاومة. افتتح من ماله الخاص وبعرقه وجهده وتعبه ومواظبته بيت التراث الفلسطيني، وعمل على اتمامه ونجاحه جاهداً وبكل وقته وما ملك من مقدرات ، فجمع فيه كل شيء كان له علاقة بحياة الفلسطنييين في بلداتهم
الفلسطينية قبل سنة النكبة 1948 . فكان الداخل الى ديوانه أو بيته الفلسطيني يعتقد أنه في متحف للتراث الفلسطيني الخالص. هناك عرف البعض حكايات تراثية فلسطينية كانوا يجهلونها. وهناك تعرف الأطفال والشبيبة على المهباز والقمباز واشياء أخرى منوعة وعديدة كانت ملكاً كما فلسطين "المسلوبة" للآباء والأجداد

في ملتقى دمشق العالمي للدفاع عن حق العودة الذي جرى مؤخراً في العاصمة السورية وبحضور فلسطيني وعربي واسلامي وعالمي كبير ، كانت خيمة صفورية وهي جزء من بيت التراث الفلسطيني تلفت الأنظار من بعيد. وكان هشام يتحرك هنا وهناك ، يشد الزوار ويشرح لهم عن كل قطعة موجودة ومعروضة في الخيمة. يصب لهم القهوة العربية السادة. يطلعهم على الصور والرسوم والخرائط والشروحات التي اعتلت جدران خيمته أو بيته الفلسطيني التراثي الحقيقي.

كنا ننتظر قدومه في شهر مايو / أيار الى مدينة غوتيبورغ السويدية حيث يقام اليوم الوطني الفلسطيني في ذكرى النكبة الفلسطينية. وتحدثت عن هذا الأمر مع شقيقه ، صديقي وزميلي الناشط الفلسطيني المعروف محمد الموعد ، مؤسس أول لجنة عودة في اوروبا و في السويد. عضو لجنتي التنسيق والأمانة العامة لاتحاد الجاليات والفعاليات الفلسطينية في الشتات – أوروبا. والذي عمل و يعمل كما ابا العارف بلا كلل وملل. فكل شيء لأجل فلسطين ممكن ولا يوجد مستحيل لأجل وطن المستحيلات. كنا على أمل اللقاء مع هشام الموعد من جديد لكن الموت كان أسرع ، فأختطفه في وقت مبكر جداً.
ليترك بيت التراث الفلسطيني خلفه كهدية عظيمة لشعب فلسطين المطالب بالوفاء لهذه القضية والاستمرار بالمقاومة حتى العودة والتحرير.

وداعاً يا هشام والى لقاء على أرض فلسطين المحررة حيث سنعيد دفن كل شهداءنا وأمواتنا الذين مضوا في مخيمات وبلدان الشتات ..


زميلك نضال حمد : مدير موقع الصفصاف
www.safsaf.org

التعليقات