17/12/2011 - 23:29

وصف بالكارثة: حريق المجمع العلمي المصري يأتي على ثروة تاريخية وحضارية منذ 1798

أتت النيران على محتويات المجمع العلمي المصري، أحد أقدم الجهات العلمية في القاهرة، والذي أنشأته الحملة الفرنسية عام 1798، بقرار من قائدها نابليون بونابرت. واشتعلت النيران مساء أمس الجمعة في المبنى الأثري الذي يقع في نهاية قصر العيني، ويطل على ميدان التحرير، الذي شهد اشتباكات بين ألوف المحتجين وقوات الجيش، بعد قيام قوات الشرطة العسكرية بفض اعتصام مئات النشطاء في شارع مجلس الشعب، الذي يوجد فيه مقرا مجلس الوزراء ومجلس الشعب، وقد أسفرت الاشتباكات عن سقوط تسعة قتلى وإصابة أكثر من 300 آخرين.

وصف بالكارثة: حريق المجمع العلمي المصري يأتي على ثروة تاريخية وحضارية منذ 1798

أتت النيران على محتويات المجمع العلمي المصري، أحد أقدم الجهات العلمية في القاهرة، والذي أنشأته الحملة الفرنسية عام 1798، بقرار من قائدها نابليون بونابرت.

واشتعلت النيران مساء أمس الجمعة في المبنى الأثري الذي يقع في نهاية قصر العيني، ويطل على ميدان التحرير، الذي شهد اشتباكات بين ألوف المحتجين وقوات الجيش، بعد قيام قوات الشرطة العسكرية بفض اعتصام مئات النشطاء في شارع مجلس الشعب، الذي يوجد فيه مقرا مجلس الوزراء ومجلس الشعب، وقد أسفرت الاشتباكات عن سقوط تسعة قتلى وإصابة أكثر من 300 آخرين.

ويضم المجمع العلمي عشرات الألوف من الكتب والمخطوطات والوثائق، وقال مواطنون وضباط لصحفيين حاولوا الدخول إليه، إنه معرض للانهيار في أي وقت.

وقد أجمع علماء مصريون على أهمية المجمع لذاكرة المصر وتاريخها الحديث، ولتراثها الحضارلي والعلمي، وأوصوا بجرد محتوياته والعمل على إنقاذ ما تبقى وترميمه.

متظاهرون ينقذون مخطوطات نادرة ويسلمونها للجيش

وقال موقع ميدان التحرير، إن مجموعة من المتظاهرين قامت بمحاولة إنقاذ ما تبقى من متحف المجمع العلمي، ونجحوا فى إخراج العديد من الكتب النادرة، والموسوعات، وبعض الوثائق التاريخية الموجودة في داخله، وتسليمها إلى أفراد القوات المسلحة المتواجدة في شارع الشيخ ريحان، أمام الجامعة الأمريكية.

وذكر عدد من المتظاهرين الذين اشتركوا في محاولة إنقاذ التراث العلمي المصري، أن المجمع بدأ في التصدع، وسقطت بعض أجزاء من السقف الداخلي للمبنى عليهم في الداخل، مما يؤكد أن هناك بدء انهيار في المبنى أو تصدع به .

وقد قامت مجموعة من المتواجدين على سطح المبنى بإلقاء الحجارة على المتظاهرين، ظنا منهم أنهم يسرقون المتحف، وردوا عليهم بهتافات "برا برا حرامية حرامية"، حيث تبادل بعض المتظاهرين إلقاء الحجارة معهم .

زجاجات المولوتوف

أما محمد الشرنوبي، أمين عام المجمع العلمي المصري، فقد قال إن الحريق شب في المبنى نتيجة إلقاء زجاجات المولوتوف، وإنه أتلف كل محتوياته تماما، والتي تمثل تراث مصر القديم.

وأضاف الشرنوبي في تصريح لقناة النيل الإخبارية، اليوم السبت: "كل المؤلفات والمقتنيات منذ عام 1798 حتى اليوم أتلفت تماما جراء الحريق، مضيفا أن هذا المبني الأثري يضم حوالي 200 ألف كتاب"، و24 جزءا لكتاب "وصف مصر"، لا توجد بأي مكان في العالم، بالإضافة إلى كونه مبنى أثريا.

وتابع أمين عام المجمع العلمي قائلا: "إن احتراق هذا المبنى العريق بهذا الشكل، يعني أن جزءا كبيرا من تاريخ مصر انتهى"، مشددا على ضرورة الكشف عن المسئولين عن هذا الحريق.

وقال الشربوني في وقت سابق من اليوم، إن قوات الأمن تحاول إطفاء الحريق، ولكن المعتصمين يحاولون منعهم من ذلك، مما أدى إلى إصابة العديد من قوات الأمن، مشيرا إلى أن النيران لا تزال مشتعلة بالمبنى.

ثلث ثروة مصر

وتساءل بحزن شديد: "ماذا يريدون من هذا المبنى وليس به غير الكتب"، وقال: "حرام عليكو، اعرفوا مصر فيها إيه."

من جانب آخر، استغاثت عفاف غانم، زوجة رئيس المجمع العلمي المصري، بالجميع لإنقاذ المجمع، قائلة: "حرام تلت ثروة مصر يضيع ."

وتساءلت فى اتصال هاتفى لقناة النيل الإخبارية، ظهر اليوم السبت: "لمصلحة من يتم إحراق تراث وتاريخ؟ ولماذا لم يتم تأمين هذا المبنى العريق بعد وقوع الأحداث أمس؟"

وأشارت إلى أن زوجها، محمود حافظ، رئيس المجمع، فى العناية المركزة الآن، مؤكدة أنه لو كان قد رأى هذا المشهد لأصيب بصدمة شديدة، وأضافت قائلة: "اتقوا الله في مصر وتاريخها."

 أسسه نابليون بونابرت

الجدير بالذكر أن المجمع العلمي المصري أنشأ في القاهرة في 20 أغسطس/آب عام 1798، بقرار من نابليون بونابرت، وهو مبنى أثري عتيق من معالم مصر؛ وكان مقر المجمع فى دار واحد من بكوات المماليك فى القاهرة، ثم تم نقله إلى الإسكندرية عام 1859، وأطلق عليه اسم "المجمع العلمي المصري"، ثم عاد للقاهرة عام 1880، ويقدم المجمع أبحاث ودراسات عن أحداث مصر التاريخية ومرافقها الصناعية.

وكان للمجمع المصري أربع شعب، هي: الرياضيات، والفيزياء ، والاقتصاد السياسي ، والأدب والفنون الجميلة،  وفي عام 1918، أصبح مهتما بعلم الآثار، والأدب والفنون الجميلة، والعلوم الفلسفية والسياسة، والفيزياء و الرياضيات، والطب والزراعة والتاريخ الطبيعي.

وبالمجمع المصري مكتبه تضم نحو 40.000 كتاب من أمهات الكتب، أهمها على الإطلاق كتاب "وصف مصر"، وله مجلة سنوية ومطبوعات خاصة.

لماذا يحرس البرلمان ولا يحرس المجمع

وأكد د. عماد أبو غازي، وزير الثقافة السابق، وأستاذ الوثائق في قسم المكتبات والوثائق والمعلومات بجامعة القاهرة لـ "بوابة الأهرام"، أن المجمع قيمة علمية كبيرة، ويضم مكتبة من أهم المكتبات المتخصصة في تاريخ مصر، وبها تراث لا يمكن تعويضه، فهو مجهود 200 عام، لذا فهو خسارة لا تعوض، وإحراقه جريمة لن تغتفر ولن يغفرها التاريخ لمن ارتكبها، وأضاف قائلا: "أتعجب من أن النيران نشبت به منذ أمس، ولم يتحرك أحد لإطفائها، فكان يمكن حماية المبني والوثائق."

وقال د.محمد عفيفي، رئيس قسم التاريخ بجامعة القاهرة، إن المبنى كان يمكن إنقاذه بوسائل متعددة، مثل الطائرات التي يمكن أن تطفئ نيرانه، لأن هناك تاريخا وحضارة بلد تم تخريبها، مثلما حدث في الأيام الأولى من ثورة يناير للمتحف المصري، والسرقة التي تعرض لها رغم إنكار زاهي حواس لتلك السرقة، والمشكلة الأكبر، أن الإدارة في مصر لا تحترم الثقافة ولا الحضارة.

وأوضح عفيفي أن معظم الوثائق ترجع إلي فرنسا، ويمكن بعد الحريق أن تطالب بحقها، كما أن المشكلة لا تتمثل في المبني، لأنه يمكن ترميمه، والمشكلة الأكبر في الوثائق والنسخ النادرة من الكتب والدوريات، وكان علي الأمن بدلا أن يحرس مبنى البرلمان، أن يحرس مبنى مثل المجمع العلمي، ولابد الآن من عمل جرد للوثائق ومعرفة المتبقي والمحترق، كما أنه من الممكن أن يكون تعرض للسرقة وقت الحريق.

أهم 100 عالم مصري في عضويته ومخطوطات ووثائق لا نسخة ثانية منها

وأشار د.خالد عزب، الباحث في الوثائق، إلي أهمية المجمع، مؤكدا أنه يضم في عضويته أهم 100 عالم مصري في مجالاتهم، وتعرضه للحريق في وقت مثل هذا، له دلالة سيئة على مصر، ومكتبته تضم نوادر المطبوعات الأوروبية، والتي يوجد منها نسخ نادرة علي مستوى العالم، والتي لا تخص المصريين فقط، كما يضم كتب الرحالة الأجانب، ونسخ للدوريات العلمية النادرة منذ عام 1920، والتي يمكن ألا يكون لدينا في مصر نسخ أخرى منها، وهذا يفتح أمامنا موضوعا آخر حول تأمين مثل تلك المباني الأثرية، والتي تضم وثائق نادرة.

وأضاف عزب أن الخطورة تكمن في الجمعية الجغرافية المجاورة للمجمع، والتي تحتوي على كنوز تتعدى 6 مليارات جنيه، بخلاف المتحف الإفريقي، والتي تحتوي علي تراث يرجع إلي القرن السابع عشر، من خرائط وكتب، وتعد الجمعية من أقدم 6 جمعيات جغرافية علي مستوى العالم ،وهي الوحيدة خارج أوروبا وأمريكا، وإذا تعرضت هي الأخرى للتلف، فنحن أمام كارثة لا يمكن وصفها
.

التعليقات